الأحد، 1 مايو 2011

القبائل الليبية تجتمع على الاطاحة بنظام القذافي

القبائل الليبية تجتمع على الاطاحة بنظام القذافي
محمد حميد الصواف
شبكة النبأ: واحدة تلو الاخرى باتت اغلب القبائل الليبية تنضم الى قوافل المطالبين بإسقاط نظام القذافي الدموي، بعد ان افتضحت حقيقته بشكل لا يقبل الجدل او الشك، حيث سقطت معظم مدن الدولة الليبية التي يتسم مجتمعها بطابع قبلي تحت سيطرة ابناء القبائل العربية والامازيغية المنتشرة هناك.
وتعد القبائل الليبية من اكثر الشرائح الاجتماعية ثقلا في البلاد، على الرغم من سعي القذافي طيلة فترة حكمه اضعاف دورها، واثارة الشقاق بينها في سياسة فرق تسد لتشديد قبضته على الاوضاع.
الاهمال والقبلية والتاريخ
فقد كانت المظالم والاضطهاد من الاسباب الرئيسية التي أذكت التمرد على الزعيم معمر القذافي في شرق ليبيا وهي منطقة ذات تاريخ في التمرد على السلطة.
ويقول خبراء أنه أثناء حكمه المستمر منذ أربعة عقود كان القذافي يحابي قبائل في طرابلس والمنطقة المحيطة بها على حساب المناطق الشرقية حيث تقع معظم موارد النفط الليبية والتي فقد السيطرة عليها.
وقال ابراهيم محمد أحد سكان مدينة بنغازي حيث احتفلت الحشود بما يأملون ان يكون نهاية لحكم القذافي لهم "بنغازي يجب ان اتكون عاصمة شرق ليبيا لكنها لم تشهد اي تطوير على الاطلاق."
ويسيطر متمردون مناهضون للقذافي على أراض تمتد من الحدود مع مصر حتى بنغازي على الاقل -- وهي نفس المنطقة التي قاد فيها عمر المختار المقاومة للسيطرة الايطالية في العشرينات وحيث واجه القذافي تمردا في التسعينات.
وقال عبده سالم محمد العاطل عن العمل انه يخرج الى الشوارع للاحتجاج على "الشيطان" القذافي منذ عام 1975. وقال انه "ادخل السجن اربع مرات."
ولا يزال سكان بنغازي مرعوبين بسبب موت اقاربهم الذين قتلوا في سجن في طرابلس عام 1996. وعرضت صور القتلى في بنغازي. بحسب رويترز.
وامتد التمرد حتى طرابلس حيث يتشبث القذافي بالسلطة في مواجهة عصيان بين بعض المسؤولين وانتقادات دولية بشأن محاولاته لسحق الانتفاضة. وقتل 1000 شخص على الاقل.
وقال سعد جبار وهو معلق وخبير في الشؤون الافريقية ان المنطقة الشرقية كانت تمثل دائما صداعا مستمرا للاستعمار الايطالي ومختلف الحكام ومنهم ملوك ليبيا والقذافي.
وأضاف ان شرق ليبيا كان دائما أكثر تأثرا من الاجزاء الاخرى في البلاد بالاحداث في مصر التي ساعد التمرد على رئيسها حسني مبارك في تشجيع التمرد على القذافي. ويحكم القذافي ليبيا منذ عام 1969 أو طوال معظم الفترة التي أعقبت الاستقلال.
وتشعر القبائل في الشرق بالاستياء من محسوبية القذافي والامتيازات التي وهبها الزعيم الليبي للذين يتمركزون في طرابلس والمناطق المحيطة بها.
وقالت كلير سبنسر رئيسة برنامج الشرق الاوسط بمؤسسة تشاتام هاوس في لندن "انهم يشكون من التوزيع غير العادل للموارد."
وأضافت "انه تركيز الشبكات القبلية للقذافي في طرابلس الذي شجع الاستثمار والمحاباة هناك على حساب بنغازي."
وأفراد قوات الامن الليبية في الشرق من بين الذين تمردوا على القذافي وانتماءاتهم القبلية زايدت على اي ولاء للزعيم الذي يتمسك بالسلطة في طرابلس.
وقال ديرك فانديفال وهو خبير في الشؤون الليبية بكلية دارتموث بالولايات المتحدة "القذافي اعتقد دائما ان هناك أشخاصا في شرق ليبيا في بنغازي وأجدبية وغيرها لا يمكن الوثوق فيهم وغير موالين له بدرجة كبيرة."
وأضاف "تذكر ان ليبيا تكونت بطريقة مصطنعة في عام 1951 والمناطق في ذلك الوقت كانت برقة حيث توجد بنغازي الان وطرابلس (القديمة) حيث توجد طرابلس الان ولا توجد أوجه شبه تذكر بينهما."
وقال "منذ البداية كانت توجد قضايا تتعلق بالشراكة وهذا الامر زاد أكثر مع اكتشاف مزيد النفط ... في المحافظتين."
مصير القذافي
من جهة اخرى كان القول الفصل للنخبة العسكرية القوية في تحديد مصير الثورة في كل من مصر وتونس.. لكن في ليبيا فان التركيبة القبلية المركبة هي التي يمكن أن يكون بيدها تحديد مآل الاحداث هناك.
يقول خبراء إن العقيد معمر القذافي اعتمد منذ زمن طويل على قبيلة القذاذفة الصغيرة التي ينتمي اليها في ضخ العناصر إلى النخبة من الوحدات العسكرية وضمان أمنه الشخصي وأمن حكومته. لكن من غير المرجح أن يكون هذا كافيا لتأمين البلاد.
والأهم من ذلك القبائل الاكبر التي تم دمجها في حكمه مثل قبيلة ورفلة التي يقدر عدد أفرادها بنحو مليون من بين أكثر من ستة ملايين نسمة هم سكان ليبيا. وتشير بعض الشائعات الى أن ضراوة الحملة القمعية التي شنها القذافي على شعبه ربما تكون قد دفعت بالفعل زعماء قبليين لتحويل ولاءهم.
وأصدر هذا الاسبوع أعضاء بارزون في قبيلة ورفلة بيانات يرفضون فيها القذافي وحثوه على مغادرة ليبيا.
وقالت عاليا براهيمي رئيسة برنامج شمال افريقيا في كلية لندن للاقتصاد "في ليبيا النظام القبلي هو الذي سيكون في يده توازن القوى وليس الجيش."
وأضافت "أعتقد أنه ستكون هناك انشقاقات من بعض القبائل الرئيسية ان لم يكن هذا قد حدث بالفعل. يبدو أنه فقد السيطرة بالفعل على شرق البلاد حيث لم يكن يحظى بالشعبية قط ولم يتمكن من تعزيز سلطاته بشكل كامل."
ويضم شرق ليبيا الجزء الاكبر من احتياطي النفط في البلاد. وقال مراسل لرويترز يوم الثلاثاء ان قوات القذافي تخلت فيما يبدو عن مواقعها على الحدود مع مصر والتي أصبحت الان في أيدي رجال مسلحين بالهراوات وبنادق الكلاشنيكوف يقولون انهم معارضون لحكمه.
ولم يتضح على الفور لحساب من يعمل هؤلاء أو ما اذا كانوا يعملون لحساب أي جهة. وفي حين أن نمط الحياة القائم على الرعي والشكل القبلي تراجع في ليبيا في مواجهة عمليات التحول الى الحضر التي مولتها أموال النفط فيقال ان هياكل السلطة التقليدية ما زالت قوية تحت السطح الظاهر.
في مصر وتونس اتضح أن الجيش هو الذي يمثل أكبر قوة سياسية مما سهل تخلي كل من حسني مبارك وزين العابدين بن علي عن منصبه بسبب احجام الجيش عن اطلاق النار على المواطنين. لكن الوضع في ليبيا مختلف تماما.
ظلت ليبيا غير منفتحة على العالم الخارجي لفترة طويلة والتفاصيل المتاحة عن المزيج المركب للولاءات والانتماءات قليلة للغاية. ويتفق خبراء بصفة عامة على أن جزءا من استراتيجية القذافي للابقاء على السلطة هي الاحتفاظ بقبيلته في المناصب الحيوية.
ويقول بعض المحللين ان أفرادا من أسرته لديهم تشكيلات عسكرية خاصة بهم. وكانت قبيلة القذاذفة تتألف أساسا من الرعاة البدو لكن النظام الملكي السابق في ليبيا قام بتهميشهم لكن سمح لهم بالانضمام للقوات المسلحة والشرطة.
ويقول نعمان بن عثمان الذي كان قد ساعد على قيادة تمرد اسلامي مسلح ضد القذافي في منتصف التسعينات وهو على دراية بالفكر الرسمي ان القذافي يعمل منذ زمن طويل على اضعاف الجيش النظامي للحيلولة دون تحوله الى قاعدة قوة منافسة.
وكتب في بحث قدم الى مركز كويليام البريطاني للابحاث حيث يعمل خبيرا في مكافحة التشدد "تتمركز القوة بدلا من ذلك لدى سلسلة من التشكيلات الامنية.. تعززها مجموعات من المرتزقة الافارقة الاجانب التي ظلت بدرجة كبيرة تدين بالولاء لاسرة القذافي."
وقال بن عثمان ان القوة المسلحة الفعلية موجودة لدى وحدات أمنية خاصة تدين بالولاء للاسرة واللجان الثورية. وقال ان وجود مرتزقة أفارقة نتاج سنوات من العلاقات التي بناها القذافي في افريقيا.
وبعد صعود القذافي في المؤسسة العسكرية حاول فيما يبدو اضعافها حتى لا يهدده قادة منافسون. والجدير بالذكر أنه ألغى كل الرتب التي تأتي بعد رتبة العقيد.
وتعهد "الكتاب الاخضر" الذي ألفه القذافي ويتضمن فلسفته السياسية ونظام الحكم بانهاء القبلية لكن خبراء يقولون انه زادها ترسخا في واقع الامر.
وقالت عاليا "ألغى القذافي عددا كبيرا من الهياكل العسكرية القبلية الاقدم لكن من المرجح ألا تواجه مشكلات كبيرة في العثور على السلاح... الانشقاق عن الجيش سيكون عاملا أساسيا في هذا الامر."
وقالت ان وحدات من الجيش بدت عازفة عن استخدام القوة المفرطة ضد المواطنين. وسرت شائعات عن أن القذافي اضطر للاعتماد على طيارين مرتزقة من الصرب لقصف المناطق المدنية خلال هجمات استهدفت مقاتلين اسلاميين في التسعينات.
ويقول البعض ان الاستراتيجية القبلية للقذافي قامت على مبدأ فرق تسد وانه لجأ الى شراء ولاءات زعماء قبائل بارزين من جماعات رئيسية. وهم يقولون انه في السنوات القليلة الماضية بدأت السيطرة تتداعى وربما تسرع الاحداث التي وقعت مؤخرا من وتيرة هذا الامر.
واذا تمكن القذافي من اقناع قبائل بالبقاء على ولائها له يعتقد أغلب الخبراء انه سيحاول تسليحها بشكل مباشر ما يزيد من مخاطر صراع عرقي قد يمزق البلاد وترسل موجات من اللاجئين غلى الدول المجاورة ويهدد امدادات النفط.
ويتهم معارضون القذافي بجلب مرتزقة من أماكن أخرى في افريقيا وربما يكونون من المحاربين القدامى بالحروب الاهلية في منطقة الساحل وغرب افريقيا.
وقال جيف بورتر وهو محلل لشؤون شمال افريقيا ويساهم بالبحث في مؤسسة ويكيسترات للاستشارات في مجال المخار السياسية "هناك الكثير من الاسلحة في البلاد والقذافي لديه قبائل سلحها قبل ذلك وتؤيده." ومضى يقول "يمكن أن نشهد ما يشبه الحرب الاهلية في لبنان.. فترة طويلة من العنف واراقة الدماء."
اهمية دور القبائل
وفي كلمته التي بثها التلفزيون الحكومي الليبي، لوح سيف الاسلام، ابن الزعيم الليبي معمر القذافي، بعواقب دخول بلاده في دوامة حرب اهلية في حال استمرت الاحتجاجات على نظام حكم ابيه، بالقول ان "القبائل ستتقاتل فيما بينها في الشوارع".
لكن الى اي حد يمكن ان يكون هذا سيناريو واقعي، وكم من تلك التلويحات تدخل في اطار التخويف والترهيب، وما هو الدور الذي تلعبه القبائل في المجتمع الليبي، وماهي درجة النفوذ الحقيقي الذي يشكله زعماء القبائل.
وخطت ليبيا خطوات واسعة اجتماعيا واقتصاديا، والفضل يرجع الى حد كبير لعائدات الثروة النفطية الضخمة، لكن القبائل وزعمائها ظلوا يلعبون دورا في شكل المشهد الليبي ديموغرافيا.
فالنساء في ليبيا لهن الحق في العمل وارتداء ما يشأن من ملابس، كل حسب وضعها الاسري، ووصلت معدلات الاعمار في البلاد الى سبعين سنة او نحوها، وبلغ معدل دخل الفرد بحدود 12 ألف دولار سنويا، بحسب ارقام البنك الدولي، على الرغم من انه لا يتناسب مع دخل البلاد من الثروة النفطية مقابل عدد سكان صغير نسبيا وبما لا يزيد على 6,5 مليون نسمة.
كما ان الامية محيت تماما من المجتمع، وكذلك الحال بالنسبة لمشكلة الاسكان، الذي كان معضلة مزمنة في الفترة التي سبقت عهد القذافي، حيث كانت تتراكم بيوت الصفيح في العديد من مراكز المدن والريف الليبي في العهود السابقة. بحسب البي بي سي.
ففيما يرى الكثير ان وجود القبلية يعد عائقا امام تطور وحركة المجتمع، ومبدأ تكافؤ الفرص، وتطور المجتمع المدني، ما زالت اهمية القبلية سياسيا امرا غامضا ومرتبكا. فالكثير من الليبيين ما زالوا يشعرون بفخر الانتماء للقبيلة.
الا ان الواقع يشير الى ان الانتماء القبلي بدأ يهون ويضعف ويفقد اهميته السابقة مع تحسن التعليم والانتقال الى المدينة، وما تفرزه من سلوكيات وعقليات مختلفة، وهو ما يعني ابعاد الناس عن تراثهم القبلي التقليدي، وبالتالي اضعاف نفوذ القبلية.
وكان القذافي ومجموعته من "الضباط الوحدويين الاحرار" قد تعهدوا بالقضاء على النزعة القبلية فور وصولهم الى مقاليد الحكم في البلاد عام 1969.
وفي الاعوام العشرة الاولى من حكمه، تضاءل دور القبيلة بشكل ملموس وبدفع حكومي، وفي نفس الوقت تمكن القذافي من الاعتماد على دعم معظم الشعب الليبي. فرصيده السياسي آنذاك كان كبيرا، وبشكل عام كان يحظى بدعم الجيش.
لكن هذه الشعبية بدأت بالاضمحلال مع تخلي القذافي عن رفاقه في مجموعة الضباط الاحرار وابتعاده عنهم، ولم يبق منهم في المشهد العام الا عدد قليل، وشرع في الاعتماد اكثر فاكثر على القبيلة والصراعات القبلية من اجل تشديد قبضته على السلطة.
فلم يكن اذكاء روح الصراعات القبلية داخل القوات المسلحة من خلال اختيار هذه القبيلة وتفضيلها على الاخرى السبب الوحيد في استمرار سيطرة وتشديد قبضة القذافي على السلطة، بل كانت تلك الصراعات تعمل ايضا على تشتيت الانتباه عنه وعن نظام حكمه.
وفي الوقت الحالي بدت الصراعات والاحترابات القبلية واضحة داخل القوات المسلحة، حيث تتناحر قبيلة القذافي، قبيلة القذافه، مع قبيلة المقريحة، قبيلة عبد الباسط المقرحي المدان بتفجيرات لوكربي، وهي قبيلة قريبة من قبيلة الورفله، التي يعتقد ان تعدادها يبلغ قرابة مليون نسمة.
وفي المقابل ترتبط قبيلة الورفله بعلاقات قوية مع قبيلة الزنتان، من بلدة زنتان، التي تبعد نحو 120 كم الى الجنوب من طرابلس، وهي اولى المدن في غربي ليبيا التي تلتحق بالثورة ضد القذافي. اما بالنسبة لليبيين عموما من الضروري عدم المبالغة كثيرا باهمية دور زعماء القبائل، وتعظيم مكانتهم.
فدور هؤلاء يمكن ان يكون مهما في الحصول على وظائف والخدمات العامة، لكن على مستوى السلطة السياسية لا توجد للقبيلة اهمية يمكن الاعتماد عليها، اذ تتشكل معظم اللجان الثورية في نظام حكم القذافي، واجهزته الامنية، من افراد من قبائل مختلفة.
والليبيون في النهاية لا ينتبهون الى اهمية زعماء القبائل الا عندما يكون ذلك ملائما او مناسبا لهم، وهو ما يقيد اهمية هؤلاء ويجعلهم اقل مما قد يتصوره البعض او يبالغ بتقديره.
بل ان الامر قد يصل الى انه حتى في الخلافات الاسرية، وهو مجال يكون لزعماء القبائل فيه، عادة، دورا مهما، يظل نفوذ زعماء القبائل في ليبيا محدودا.
فما هي اذن الاهمية التي علقها سيف الاسلام القذافي خلال تحذيره من وقوع حرب اهلية بين القبائل الليبية في حال سقط النظام، وما هي اهمية اعلان بعض زعماء القبائل دعمهم للثورة ضد نظام القذافي، كما هو حال قبيلة الورفله.
والى اي حد يمكن ان تؤخذ تهديدات قبيلة الزويه في شرقي البلاد، التي هددت بقطع تصدير النفط من الحقول القريبة من مناطق نفوذها.
الجواب باختصار يفيد بان احتمالات الحرب الاهلية يمكن ان تتحول الى واقع فقط عندما يختار نظام القذافي القتال حتى النهاية، ويستمر في تجاهل سقوط القتلى من المدنيين، كما حدث خلال الايام القليلة الماضية.
وفي هذه الحالة، سيتحول القتال بين النظام ومن يدعمه من جانب، والقوات المناوئة ومن يدعمها من جانب آخر، بصرف النظر الى اي قبلية يكون الانتماء.
وفيما يتعلق بتصريحات زعماء القبائل، تعتبر اهمية القوة الميدانية، اي القوات على الارض، محدودة. فالحقيقة تقول ان عمال النفط، وافراد القوات المسلحة وعناصر اجهزة الدولة الاخرى، سيقررون ما سيفعلون على اسس فردية، بصرف النظر عن توجيهات او تصريحات زعماء قبائلهم.
لكن عندما يتصل الامر باخلاقيات النظام ومؤيديه، ستكون تصريحات زعماء القبائل مهمة، ففي المشهد العام يمكن لهؤلاء ان يعطوا انطباعا بان السلطة بدأت تفلت من ايدي النظام، وهو ما يعني مزيدا من التفتيف في حاجز الخوف الذي ضمن للقذافي بقاءه، واختفاء معارضيه، حتى الآن.
حقول النفط
من جهة اخرى قالت صحيفة قورينا في نسختها الالكترونية ان مجموعة من القبائل في منطقة الواحات بليبيا انضمت الى التمرد ضد الزعيم معمر القذافي وستدافع عن آبار النفط قرب المنطقة.
وهدد زعيم احدى هذه القبائل بقطع صادرات النفط عن الدول الغربية اذا واصلت السلطات الليبية سحق الاحتجاجات المناهضة للقذافي بعنف.
وقالت الصحيفة انها تلقت بيانا من ثلاث قبائل في منطقة الواحات جنوبي بنغازي -- وهي نقطة اشتعال للانتفاضة -- حث أيضا ضباط الجيش والشرطة في المنطقة على الانضمام الى "ثورة الشعب".
وقال ان القبائل هي الزوايا من واحة الجخرة والمجابرة من واحة جالو وقبيلة الاواجلة من واحة أوجلة.
ونقلت صحيفة قورينا عن هذه القبائل قولها في البيان انها تعلن بموجب هذا البيان انها انضمت الى الثورة المظفرة من يومها الاول وانها تؤكد ان منطقة الواحات كلها تؤيد ثورة 17 فبراير شباط ضد حكم معمر القذافي. وأضاف البيان ان شبان المنطقة سيحمون ويدافعون عن ابار النفط التي تحيط بالمنطقة.
وهدد الشيخ فرج الزاوي زعيم قبيلة الزوايا بقطع صادرات النفط عن الدول الغربية خلال 24 ساعة ما لم توقف السلطات ما أسماه قمع المحتجين.
ما هي حقيقة المرتزقة؟
من جانب آخر تشير العديد من التقارير الى ان الزعيم الليبي معمر القذافي يستخدم مرتزقة أجانب ضد شعبه في محاولته المستميتة للبقاء في السلطة.
وذكرت صحيفة الجارديان البريطانية في تقرير لها انه وفقا للتكهنات فان هؤلاء ينتمون الى دول عديدة مثل تشاد والكونغو الديمقراطية والنيجر ومالي والسودان وبعضهم من آسيا وشرق أوروبا.
وقال علي العيسوي السفير الليبي في الهند لوكالة رويترز للأنباء "انهم من افريقيا ويتحدثون الفرنسية وقد دفع وجودهم بعض وحدات الجيش الى الانضمام للشعب".
كما قال العيسوي لقناة الجزيرة "يقول الناس انهم افارقة سود وهم يتحدثون العربية وهم يقتحمون المنازل ويقتلون النساء والأطفال".
ونسبت رويترز لاحد سكان طرابلس العاصمة القول "يبدو ان القذافي ليس له حدود، اننا نعرف انه مجنون، ولكنها صدمة فظيعة ان نراه يلجأ الى المرتزقة ضد شعبه".
وقال صدام، البالغ من العمر 21 عاما وهو من مدينة البيضاء، ان المرتزقة قتلوا 150 شخصا في يومين. واضاف قائلا " لقد شاهدنا مرتزقة من تشاد وتونس والمغرب وكانوا يتحدثون الفرنسية ويهاجموننا ولقد اسرنا بعضهم وقالوا ان القذافي امرهم بالقضاء على المتظاهرين".
ويحيط الغموض بعدد هؤلاء المرتزقة الاجانب حيث يعتقد البعض انهم مقاتلون من الحروب الاهلية في غرب افريقيا.
وقال ابراهيم جبريل، وهو ناشط سياسي للجزيرة "ان بعضهم موجود في ليبيا منذ اشهر في معسكرات تدريب في الجنوب وكأنه كان هناك توقع بحدوث مثل هذه الانتفاضة، كما تم احضار البعض الآخر بسرعة مؤخرا".
ورجحت بعض التقارير ان يكون المرتزقة البيض من جيش جنوب افريقيا الذين تركوه بعد انتهاء الحقبة العنصرية فاصبحوا مطلوبين في مناطق الصراعات مثل افغانستان والعراق، ولكن لا يوجد دليل على وجودهم في ليبيا.
ويرى الخبراء ان القذافي لديه خيارات عديدة "فقد كانت له تقليديا شبكة من الجنود المهرة من كل أنحاء غرب افرقيا" وفقا لادمز روبرتس مؤلف كتاب "وانجا كوب" الذي يحكي عن محاولة الانقلاب الفاشلة التي قادها سيمون مان ومرتزقة اخرون ضد رئيس غينيا الاستوائية عام 2004. واضاف قائلا "هناك الكثير من الافارقة خصوصا من السودان الذين ذهبوا الى ليبيا من أجل المال".
ومازال المرتزقة سلاحا محتملا ضد المدنيين رغم الاتفاقية الصادرة عن الاتحاد الافريقي عام 1977 بانهاء عمليات المرتزقة في افريقيا. فقد استعان رئيس ساحل العاج لورا باجبو بالمرتزقة من مقاتلي الحرب الاهلية في ليبيريا لترويع المتظاهرين ضده.
وقال روبرتس "ان القذافي وغيره من الحكام الطغاة يميلون الى احاطة أنفسهم بمقاتلين موالين لهم والمرتزقة اكثر استعدادا لاطلاق النار على الشعب".
واضاف قائلا "وهم افضل تدريبا، ووحدات صغيرة يمكن الاعتماد عليها، وربما يكونون اكثر خبرة في خوض المعارك وبالتالي اقدر على مواجهة الأسوا".
واكد ذلك ريد برودي من منظمة هيومان رايتس ووتش حيث قال "انه من الصعب ان تطلق النار على شعبك وفي مثل هذا الموقف يمكنك ان تعرف ميزة الاستعانة بالمرتزقة الذين يسهل عليهم ان يطلقوا النار على الشعب الليبي بالمقارنة مع الجنود الليبيين".
وبوسع القذافي ان يمنح المرتزقة ما يريدون اكثر من اي شيئ اخر وهو المال وقال سابيلو جوميو الباحث بمعهد الدراسات الأمنية في جنوب افريقيا "ان المرتزقة لا يدفعهم سوى الربح فطالما يكسبون المال فسيقومون بما هو مطلوب، واناس مثل القذافي لديهم المال".
ولكن بعض الخبراء ضد القفز الى الاستنتاجات في ليبيا التي يوجد من بين سكانها من هم سود البشرة ويمكن ان يخدموا في الجيش ويشمل هذا التشاديين الذين وقفوا الى جانب القذافي في الماضي في صراعاته مع تشاد وتمت مكافاتهم بالمنازل والوظائف والمواطنة الليبية.
وقالت منظمة غوث اللاجئين التابعة للامم المتحدة انها تلقت تقارير مقلقة حول انقلاب الليبيين ضد اللاجئيين الافارقة الذين يتهمونهم بانهم مرتزقة.
وقال الباحث ايساكا سوارا "في جنوب ليبيا هناك اناس اصولهم من جنوب الصحراء الافريقية ومنهم من يتحدثون الهاوسا وبعضهم دخل الجيش الليبي وربما كان هؤلاء من اوائل من تم الاستعانة بهم ضد المتظاهرين وهنا يكون اسهل على الناس الاعتقاد بانهم اجانب.
واضاف قائلا "بدأ الناس يتحدثون حول هذا الامر في اليوم الثالث، واعتقد ان القذافي لديه ما يكفي من المصادر قبل اللجوء الى المرتزقة ثم كم سيتطلب الامر من القذافي للاستعانة بالمرتزقة ونشرهم؟ ربما اسبوع، ولذلك استبعد وجودهم في تلك المرحلة المبكرة ولكن يمكن ان يحدث ذلك في حالة استمرار تمرد وحدات الجيش".
سكان بنغازي الغاضبون يدمرون ثكنة المرتزقة
في السياق ذاته دمر سكان بنغازي الغاضبون ثكنة مرتزقة أفارقة استخدمهم العقيد معمر القذافي في قتال محتجين على حكمه في مدينة بنغازي الشرقية.
وتحول المبنى الذي قال سكان من المدينة ان المرتزقة كانوا يقطنونه الى أنقاض وكتب على جدرانه المهدمة "ليبيا حرة" و " يسقط القذافي".
وقال محام في بنغازي ان لجنة أمنية شكلها مدنيون هناك بعد أن سيطروا على المدينة اعتقلوا 36 من المرتزقة القادمين من تشاد والنيجر والسودان استخدمهم حرس القذافي للقتال في المدينة.
واستخدمت الجرارات والحفارات في تدمير المبنى. وتفحم مركز شرطة قريب وبدت أثار الرصاص على جدرانه.
وقال عوض حسين سعدي (45 عاما) وهو واقف عند المبنى "حتى لو جاءوا بمرتزقة العالم كله سنقف هنا ونقاتل في بلادنا." وأضاف " الشعب الليبي يد واحدة." وتعهد سكان بنغازي عند المبنى بمواصلة القتال. بحسب رويترز.
وقال أحمد السويسي (40 عاما) أخصائي في علم الاحياء الدقيقة "العديد من الاشخاص هاجموا هذه القاعدة والجيش استخدم مدفعية ثقيلة... كثيرون قتلوا."
وأضاف "كل الناس في هذه المنطقة يكرهون القذافي ونحن مستعدون اذا عاود الهجوم. ليس لدينا بنادق لكننا مستعدون أن نموت."
وبعد أسبوع من العنف تخلصت بعده المدينة من سيطرة الحكومة بدأت بنغازي التي يسكنها نحو 700 الف نسمة والواقعة على البحر المتوسط تدير نفسها بنفسها عن طريق "لجان شعبية". وفي شرق ليبيا ترك العديد من أفراد الجيش الخدمة.
وقال ضابط شرطة ان الوضع أصبح امنا الان له ولزملائه للعودة الى الشوارع. وأضاف محمد هويدي (24 عاما) "لم نخرج من قبل لان الناس لم تكن تريد شرطة في الشارع. لكننا معهم ولا يمكننا تركهم."
وفي مدينة طبرق في شرق ليبيا أيضا قال أحد السكان ان القبائل لن تساند القذافي بعد الان. وقال رجل عرف نفسه باسم بريق "بعد مقتل ألف شخص لن تدعم أي من القبائل القذافي." وأضاف "لا نعرف من الذي سيحكم البلاد الان لكن الليبيين يجب أن يوحدوا صفوفهم. لا يجب ان يحكم أحد الشرق فقط أو الغرب."
وأحرق مبنى لوزارة الداخلية في وسط طبرق وكتب على أحد جدرانه "يسقط القذافي عميل الامريكيين." وكانت هناك هياكل 15 سيارة محترقة في ساحة المبنى.
وقال شاب عرف نفسه باسم مصطفى "كل هذا دفع ثمنه من أموال سرقت من الشعب واستخدمت في قمع الشعب." وأضاف "من قبل كنا نقتل اذا تحدثنا. الان نحن أحرار."
وفي أحد ميادين طبرق يقف نحو 30 رجلا يرتدون الملابس المدنية للحراسة قرب مبنى وزارة الداخلية المحترق. واقاموا خياما تقيهم من المطر.
وقال فتحي عاشور وهو طالب شاب ضمن المجموعة "سنذهب من هنا الى طرابلس لنقاتل اذا تطلب الامر."
وقال رجل كبير في السن يرتدي الزي التقليدي "الشعب سيسيطر على ليبيا كلها. القذافي لم يفعل شيئا للصغار لم يغير شيئا. لا يمكنه السيطرة على شعب ليبيا. نحن نصر على انهاء النظام. لو كان غير شيئا لما كان ذلك حدث لكننا نفعل ذلك من أجل صغارنا. انهم يحتاجون لمستقبل."
وقال علي الذي رفض الادلاء باسمه بالكامل "أنا ثوري... الشعب الليبي عانى الكثير الشعب صحا يوم 17 فبراير ... ليس هناك جيش حقيقة في ليبيا يجب أن تعلم ذلك فقط بضعة اشخاص يحمون نظام القذافي وأبنائه."

ليست هناك تعليقات: