الجمعة، 20 مايو 2011

مؤامرة اختيار "نبيل العربي" أميناً عاماً..!!

مسامير وأزاهير 244 ... مؤامرة اختيار "نبيل العربي" أميناً عاماً..!!


بقلم:سماك العبوشي


التاريخ: 2011-05-19



مَنِ ِالساذج منـّا ذاك الذي ستنطلي عليه تلك الرواية التي رددتها الأنباء بأن "التوافق العربي!!" كان قد أزاح الدكتور نبيل العربي عن وزارة الخارجية المصرية ليتبوأ منصب أمين عام جامعة الدول العربية!؟، ومَنْ ناقص عقل وبصيرة منا ليقتنع هكذا وببساطة شديدة بأن "قرار التوافق العربي" ذاك قد جاء لهاجس عربيّ قوميّ عروبيّ يقصد منه تصحيح الأوضاع البائسة للجامعة العربية وتحريك ملف جمودها وفي ظل مرحلة بالغة الدقة والتعقيد!؟، وأن انتخاب الدكتور نبيل العربي قد كان تقديراً من الأنظمة العربية لمصر في عهدها الجديد الذي بدأ مع ثورة 25 يناير المجيدة، وأن الاختيار ذاك قد جاء حباً وتقديراً لشخص الدكتور نبيل العربي الذي وصف بالدبلوماسي المخضرم صاحب التجربة العريضة والمشرفة!؟.

أقسم بالله ثلاثاً أنني – كما غيري- لن أصدق بنوايا "التوافق العربي" تلك ولا غاياته المعلنة، فما جاء اختيار الدكتور نبيل العربي ليكون أميناً عاماً لجامعة الدول العربية (كما أعلن) لسجله المهني الدبلوماسي المشرف الذي لا غبار عليه ولا شك فيه، إلا أن ما يتصف به الدكتور نبيل العربي من نبل ومبدئية ونهج عروبي صادق وسليم كانت السبب المباشر باستبعاده عن وزارة الخارجية المصرية أولاً، ولتحجيم دوره وتعطيل إرادته العربية بمنصب أمين عام جامعة الدول العربية ثانياً!!، في مؤامرة مبيتة خبيثة أراها قد حيكت خيوطها بتوجيه من الدوائر الغربية والصهيونية وبمساندة قطرية مفضوحة من خلال أدائها بإتقان تام للعبة المنافس البديل للدكتور مصطفى الفقي تمهيداً لما سمي بـ "التوافق العربي!!"، وذلك من أجل ضرب عصفورين بحجر واحد، يتمثل الأول باستبعاد الدكتور نبيل العربي عن منصب وزير خارجية مصر الذي حقق خلال فترة وجيزة الشيء الكثير كان آخرها تحقيق المصالحة الفلسطينية، فيما يتمثل العصفور الثاني بتهميش دوره وتعطيل قدراته في منصبه الجديد كأمين عام "للجثة العربية الهامدة!!" المسماة بجامعة الدول العربية!!.
قيل بالأمثال العربية، لو عرف السبب لبطل العجب، ولعل العجب مما جرى من مؤامرة لاستبعاد الدكتور نبيل العربي من وزارة الخارجية المصرية وتكليفه بمهام أمين عام جامعة الدول العربية سيزول تماماً لو استحضرنا جميعاً حقيقة ما تراه الدوائر الصهيونية بشخص الدكتور نبيل العربي، فهي لطالما قد صنفته ووصفته بإعلامها الصهيوني بأنه "رجل معادي لإسرائيل"، فكيف لا يوصف الرجل بهكذا وصف:
1. وقد انتقد بشدة اتفاقية تزويد الغاز المصري للعدو الصهيوني بثمن بخس قد حرم شعب مصر من مدخولات قومية هو بأمس الحاجة إليها، وتنويهه بأن القضاء المصري قد وقف ضد صفقة بيع الغاز بينما أصرت الحكومة في النظام السابق على تنفيذ تلك الصفقة المشبوهة، كما وقد "تجرأ!!" فطالب الكيان الصهيوني بدفع فروق أسعار الغاز المصري المصدر إليه منذ عهد المخلوع حسني مبارك!!.
2. وبما صرّح به مستنكراً مستهجناً سياسة نظام مصر السابق وممارساته تجاه قطاع غزة الممالئة للكيان الصهيوني والمذعنة للإرادة الأمريكية، يضاف لذلك وعده بقرب إعادة فتح معبر رفح بشكل دائم أمام الفلسطينيين للتخفيف من معاناتهم جراء الحصار الصهيوني الغربي الظالم المفروض عليهم براً وبحراً وجواً منذ أكثر من ثلاث سنوات خلت، مما زاد من هواجس ومخاوف الكيان الصهيوني!!.
3. أليس هو القائل بإحدى تصريحاته الصحفية وأقتبس نصاً:"لقد أحسست بالمهانة من الموقف المصري المذل والمشين إزاء العدوان الإسرائيلي الإجرامي على أهلنا وأحبائنا في قطاع غزة الذي استمر 23 يوما دون أن تتحرك خلاله مصر العروبة والإسلام كما يجب أن تتحرك"!!... انتهى الاقتباس!!.
4. وقد انتقد مواقف كثيرة للنظام السابق خاصة موقفه من المصالحة الفلسطينية استجابة لرغبات "إسرائيل" وأمريكا، مما أصاب القضية الفلسطينية بالشلل والإهمال والاستمرار في الانقسام!!.
5. ما جرى على لسانه وأكثر من مرة عن طموحه لتفعيل دور مصر العروبي والأفريقي ليأخذ حجمه الطبيعي وما يتناسب وثقل مصر ووزنها الدولي!!.
لا أستبعد أبداً لو وصفت بعد مقالي هذا بالتشاؤم المفرط وأن نظرية المؤامرة قد أحكمت قبضتها علينا وعلى تفكيرنا، إلا أننا نرد على مرددي هذه النغمة والاتهامات الموجهة لنا بأدلة ملموسة لا تخفى على أحد، فمنصب أمين عام جامعة الدول العربية كان رهينة بسياسة الأنظمة العربية الخانعة الذليلة، وأن حجم الحركة المتاحة والمسموحة لأمين عام جامعة الدول العربية محدود لعدم امتلاكه الصلاحيات اللازمة لاتخاذ قرارات مصيرية، وأنه ينفذ ما يقرر له ويملى عليه، ولعل خير دليل على ذلك حجم الإنجاز الهزيل الذي حققه الدكتور عمرو موسى للأمة العربية طيلة السنوات العشر لولايته، وحجم المهانة والذل الذي شعرنا به ونحن نرى الأمين العام السابق يقف مكتوف اليدين سليب الإرادة إزاء ما كان يجري في الساحة العربية عموماً وإزاء ما يجري في المشهد الفلسطيني وتحديداً أثناء مجازر قوات الاحتلال الصهيوني في غزة إلا من عبارات الشجب والاستنكار في مؤتمرات ولقاءات صحفية!!، وكيف أنه لم يمارس لغة الشجب والاستنكار على أقل تقدير إزاء إقامة الجدار الفولاذي على الحدود الفاصلة بين غزة ومصر في عهد مبارك!!، فهل يعقل بما عرف عن أكثرية قادة أنظمتنا العربية من انبطاح وامتثال للإرادة الأمريكية أن يسمحوا للدكتور نبيل العربي بأن يخرج عن إرادتهم تلك ليقضّ عليهم مضاجعهم ويقلـّب عليهم مواجعهم ليغير أسلوب إدارتهم للجامعة العربية!؟، وأجيب واثقاً مدركاً ما أقوله، لا وألف لا ورب الكعبة، فقادة أنظمتنا العربية العتيدة في غنى عن كل وجع الرأس ذاك، بل ويكفيهم بؤساً وألماً ورعباً ما يرونه يومياً من ربيع التغيير العربي التي لاحت بوادره في الأفق، ولا ننسى أخيراً ما قاله الزعيم الراحل عبدالناصر "اتفق العرب على ألا يتفقوا"!!.

كلمة أخيرة أهمسها بصدق ومحبة في أذن أمين عام جامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي:
يكفيك سيدي الكريم فخراً بأن من اختارك وزيراً لخارجية مصر هم شباب الثورة والتغيير في مصر العروبة بعد الإطاحة بالنظام الفاسد السابق، كما ويكفيك زهواً أنك قد استحوذت على مشاعرنا وأحاسيسنا ودخلت إلى قلوبنا سريعاً بما حققته لمصر العروبة أولاً ومن مصالحة فلسطينية ثانياً رغم قصر فترة استيزارك، ولقد كان أملنا في أن تقود خارجية مصر العروبة لتكمل مشوار ما ابتدأت به من تغيير للسياسة الخارجية المصرية وإعادة دورها الريادي في المنطقة، إلا أننا وبرغم أسفنا ذاك فإننا نبارك لك منصبك الجديد هذا، ولا أشك لحظة واحدة بأنك لن تدخر وسعاً لخدمة أمتنا العربية وانتشالها من وحلتها، لكنني أستحلفك برب العزة والجلال العزيز القدير، بأن تضع مصلحة أمتك العربية أمام ناظريك كل وقت وكل حين، في كل خطوة تخطوها، في حلك وترحالك، وألا تكون أسيراً ورهينة لاملاءات قادة الأنظمة العربية وسياساتهم، وأن تقود جامعتنا العربية نحو التغيير الشامل أسوة بما جرى في مصر العروبة على أيدي شبابها، وأن يكون ضميرك حاضراً وقائداً لك، ولا تدع ضميرك تقوده أنظمتنا العربية التي أوجعت لنا رؤوسنا بممارساتها وإذعانها فسببت لنا مآسينا، وتذكر جيداً بأننا قد قرفنا ترديد شعارات الشجب والاستنكار التي قد صدّعت لنا رؤوسنا طويلاً قد جرت على لسان سلفك في أمانة الجامعة العربية عند كل ممارسة وحشية صهيونية أو تدليس ونفاق غربي يمالئ الكيان الصهيوني، فإن أحسست يوماً ما، عاجلاً كان أم آجلاً، بعدم قدرتك على العطاء والبذل بما يخدم أمتك العربية ويرفع من شأنها وقدرها بين شعوب البسيطة، فلا تتردد بأن تعلن عن انسحابك من منصبك، معلناً على الملأ الأسباب التي دفعتك لذلك، كي تبقى مرفوع الرأس بيننا، مهيب الجانب عزيز النفس، نقي الضمير والوجدان، تماماً كما رأيناك حين كنت وزيراً لخارجية مصر ما بعد الثورة والتغيير!!.

سماك العبوشي
simakali@yahoo.com
18 / أيار / 2011

ليست هناك تعليقات: