عقلية طباخ عسكري
(المصدر: هآرتس-
يوئيل ماركوس:20/5)
(المضمون: من المهم ان يكون عند نتنياهو
خطة جريئة موثوق بها يقبلها الفلسطينيون والعالم الطامح الى السلام بقيادة الرئيس
اوباما).
عندما يشكو جندي
للطباخ العسكري ان الخبز جاف يجيبه الطباخ: اذا أردت خبزا من اليوم فاتِ غدا.
يُقدم الينا نتنياهو على الدوام خبز يوم أمس. لو أنه كشف عما يأتي به الى واشنطن
لكان وضعنا أفضل. العالم لا يجري بحسب ما يخرج من فمه بل بحسب أفعاله.
يرى العالم الدولة
الفلسطينية أمرا منقضيا. وقد أصبح متأخرا جدا أن يقول بيبي انه يوافق بشرط أن...
ومستعد بشرط أن. حُددت الحدود الامنية على طول غور الاردن عندما كان ليفي اشكول
يتولى رئاسة الحكومة وعندما كانت خشية من أن يغزو العراق اسرائيل. أما إثارة هذا
الطلب باعتباره شرطا الآن فهي طازجة كخبز السنة الماضية.
كانت خطبة بيبي في
الكنيست التي قامت على معطيات أعدها له مستطلع الرأي العام الشخصي، مبنية بصورة
كان يمكن الموافقة عليها ومعارضتها في الوقت نفسه. فمن تسيبي لفني الى تسيبي
حوطوبلي، كانت الخطبة "سخافة" كما عرّف ذلك مراقب ذلق اللسان. إن بيبي
الذي يُتوهم أنه يطمح الى السلام يجب عليه ان يفكر في غد لا في أول أمس. فعندما
يتحدث عن حدود آمنة معترف بها، أيدعي انه لا يفهم عندما تُحدد حدود دائمة آمنة
ستكون معترفا بها ايضا بطبيعة الامر؟ لسنا محتاجين الى أن "يعترف"
الفلسطينيون بدولة يهودية كما لا يحتاج أبو مازن الى تصديقنا أن النبي محمد عرج
الى السماء من الاقصى.
نعيش اليوم بخلاف
ايام فرانكو في اسبانيا وغزو ايطاليا اثيوبيا، في عالم يُظهر مشاركة في مراكز
تُعرض سلام العالم للخطر. ويعيش بيبي في عالم تقصف فيه الدول الاعضاء في حلف شمال
الاطلسي ليبيا. قال بوب سايمون الذي كان مراسل "سي.بي.اس" في اسرائيل
عشر سنين، وهو الآن نجم برنامج "ستون دقيقة"، قال في مقابلة صحفية بعد
زيارته هنا انه وجد اسرائيل التي أضاعت أمل التغيير. ستأخذ عزلتها في الازدياد.
"تخيلوا وضعا يغادر فيه سفراء اوروبا اسرائيل وينزلون في مدن الضفة"،
قال. هناك من يطلبون حلا مفروضا، يلخص سايمون، لكن اوباما لن يفعل ذلك لانه يطمح
الى أن يُنتخب لولاية ثانية.
ستكون زيارة
نتنياهو لواشنطن مكتظة بالأحداث. أمس كانت خطبة اوباما في الأمة، وبعد ذلك لقاء
اوباما مع بيبي، وبعد ذلك سيحضر كل واحد منهما مؤتمر "ايباك" السنوي وفي
النهاية سيظهر بيبي في مجلس النواب الامريكي. هناك الكثير من المادة الخلفية
للتلخيص في مطلع الاسبوع القادم، ومادة أقل لتخمين كيف ستنتهي هذه الزيارة.
أهم الأحداث هو
المحادثة بين اوباما وبيبي. هذه آخر فرصة لبيبي أن يحادث اوباما في الولاية
الاولى. فاذا لم يقنعه بأنه شريك في تسوية مع الفلسطينيين فسيعود الينا في الموسم
الثاني "اوباما توربو".
إن ما قد يبدو نصرا
تكتيكيا لبيبي سيكلف اسرائيل ضعضعة صدق العلاقات مع اوباما في الولاية الثانية. لو
كنت مستشارا غير مُسرب لأشرت على بيبي بما يلي: عندما تكون مع اوباما، فكر في
ايلول. إن التهديد بالاعتراف بدولة فلسطينية في حدود 1967 هو خبز السلام المتعفن
إلا اذا عمل اوباما في وقفه. فاذا اقتنع اوباما بنوايانا فانه يستطيع ان يقنع دول
اوروبا بألا تؤيد هذه المبادرة أو ربما يقنع أبو مازن بالتخلي عنها.
يجب على بيبي ان
يفكر ايضا في انه تتوقع في ايلول انتخابات في مصر، ولنا ولامريكا اهتمام مشترك في
ازالة مصر عن برنامج الاضطرابات في الشرق الاوسط والحفاظ على اتفاقات السلام معها
ومع الاردن. ونصيحة اخرى لبيبي: اذا كنت اعتقدت انه يمكن ربط الفلسطينيين في الخلف
على حساب تسوية ما مع سوريا فان هذا الحلم قد خُزن الآن. إن الاعتماد على قوة
الجيش الاسرائيلي، كما يردد وزير الدفاع المترف باللذات، غير كاف. فنحن نعرف رويدا
رويدا حدود القوة. أهم من ذلك الاعتماد على دبلوماسية حكيمة.
إن اتفاق حماس مع
حكومة أبو مازن مقلق، لكن لا يقل عن ذلك إقلاقا في نظرهم وجود وتأثير ليبرمان
واليمين المتطرف في حكومة بيبي. لكن عندما توجد قيادة تطمح الى السلام تقود ويتذوق
الجمهور طعم الحياة الطبيعية يصبح للاعتدال أمل.
إن هدر الوقت الذي
كتب عنه هذا الاسبوع توم فريدمان ليس عندنا فقط بل عند الفلسطينيين ايضا. من المهم
ان تكون في يد نتنياهو خطة جريئة موثوق بها، تكون خبزا طازجا قابلا للأكل من
الفلسطينيين والعالم الذي يطمح الى السلام برئاسة الرئيس اوباما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق