الأربعاء، 11 مايو 2011

هل من مصلحة الغرب سقوط نظام الأسد في سوريا؟

هل من مصلحة الغرب سقوط نظام الأسد في سوريا؟

هل من خلفيات لتصعيد الغرب للهجته إزاء سوريا؟ وهل يريد حقا إسقاط نظام الأسد أم الدفع به إلى الإسراع في عملية الإصلاح؟ للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها حاورت دويتشه فيله نبيل ميخائيل أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن.


مع تصاعد الموقف في سوريا ولجوء السلطات إلى استخدام العنف ضد المتظاهرين صعدت بعض الدول الغربية من لهجتها إزاء النظام السوري، بل وسعت بعض الدول الغربية إلى التهديد بفرض عقوبات على النظام السوري ومطالبة المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم إزاء دمشق. وزير الخارجية الألمانية غيدو فيسترفيله طالب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بإعطاء رد واضح على العنف في سوريا، في حين قالت بريطانيا إنها تعمل مع الإطراف الدولية لتوجيه رسالة قوية إلى النظام السوري، وذلك بعد ساعات من إعلان الولايات المتحدة أنها تدرس جملة خيارات من بينها فرض عقوبات على سوريا. وإن كان جايكوب سوليفن مدير الاستراتيجي السياسية والمستشار القريب من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون قد قال في وقت لاحق "بالنسبة إلى الخيارات حيال سوريا، نركز حتى الآن على المجالين الدبلوماسي والمالي".
كل هذه التحركات تطرح جملة من التساؤلات يجيبنا عنها البروفسور نبيل ميخائيل، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة جورج واشنطن الأمريكية.
كيف تقيم الموقف الدولي مما يحدث في سوريا، وهل من خلفيات جعلت هذا الموقف الدولي أكثر حزما؟
نذكر أن الرئيس الأمريكي باراك اوباما عودنا على التأخر في اتخاذ قرارات بشأن التطورات الدرامية التي تحدث في المنطقة العربية بصفة عامة، وسوريا بصفة خاصة، ويعزو البعض ذلك إلى أن رؤية أمريكا وبالأخص رؤية أوباما شخصيا إلى الرئيس السوري بشار الأسد على أنه عامل استقرار في معادلات السلام والحرب الصعبة والمعقدة في منطقة الشرق الأوسط. لكن يبدوا أن تلك الرؤية بدأت تتغير. فمن المتوقع أن تفرض الولايات المتحدة نوعا من العقوبات الاقتصادية تركز على تجميد بعض الأرصدة الخاصة بعدد من المسؤولين والزعماء السوريين في البنوك الأمريكية، يأتي هذا بالرغم من أن اوباما لم يصرح بأي موقف يطعن في شرعية النظام السوري رغم استخدامه العنف في قمع الحركات الاحتجاجية.
ولكن ما جدوى هذه العقوبات؟ هل بإمكانها التأثير على نظام الأسد؟
الجدوى من هذه العقوبات هي محاولة إقناع النظام السوري بتغير موقفه من حركة الاحتجاجات، والإصغاء إلى مطالب الجماهير والقيام فورا بإصلاحات اقتصادية وسياسية وديمقراطية تؤدي إلى استقرار الأوضاع في سوريا.
ومن المتوقع أن لا يتأثر النظام السوري بتلك العقوبات، كما يجب القول أن النظام السوري لديه العديد من الحلفاء، بداية من إيران وصولا إلى لبنان ومرورا بالفلسطينيين وبعض الجماعات في العراق، فإذا استطاعت سوريا تكثيف علاقاتها التجارية مع حلفائها قد يؤدي هذا إلى تخفيف وطأة العقوبات عليها.
ولكن هل ستنجح هذه العقوبات في تغيير مسلك النظام السوري؟
يرى المراقبون في واشنطن، حيث تصدرت أخبار سوريا معظم الصحف الأمريكية سيما صحيفتي الواشنطن بوست ونيويورك تايمز، أن النظام السوري سيستجيب بصورة بطيئة أو غير إيجابية للضغط الأمريكي. ولكن هناك قضية هامة تتمثل في أن الموقف في سوريا يزداد قتامة، حيث تتدخل قوى الأمن لقمع حركة الاحتجاج، فربما التغيير الوحيد الذي سيأتي كنتيجة غير مباشرة لهذه العقوبات هو صعود نفوذ القوات المسلحة، والتي يمكنها أن تحسم الأمر هناك.
ولكن إلى أي مدى يمكن أن يكون هناك إجماع دولي لإصدار قرار من مجلس الأمن يقضي بفرض عقوبات على النظام السوري؟
الولايات المتحدة لا تريد إعادة تجربة ليبيا في سوريا، حيث نجد انقساما بين حلفاء أمريكا الأوروبيين والعرب تجاه اتخاذ خطوات أكثر حزما بشأن نظام القذافي، في الوقت الذي لا تريد فيه واشنطن الإطاحة بالعقيد الليبي. كما أن أي إجماع أوروبي أمريكي بشأن سوريا سيصطدم حتما بفيتو روسي، خصوصا وأن لموسكو علاقات قوية بنظام دمشق، هذه العلاقات المبنية على أسس اقتصادية وسياسية. وبذلك ستصطدم الرؤية الأمريكية نحو سوريا بالدبلوماسية الروسية.
كما أن محاولة الولايات المتحدة تفعيل الملف السوري في على المستوى الدولي قد تؤدي إلى نتيجة عكسية، بمعنى أنه سيخلق نشاطا دبلوماسيا روسيا مكثفا تجاه التعامل مع الأزمة في دمشق.
هل هذا يعني أننا سنشهد عقوبات منفردة من قبل بعض الدول على نظام الأسد؟
هذا السيناريو محتمل جدا، لكن يجب الإشارة إلى إن الموقف الروسي لم يتبلور بعد، لكن في حال طرح الأمر على مجلس الأمن قد يتبلور هذا الموقف بوضوح، وسيؤدي الصدام الروسي الأمريكي إلى خلق مبادرة دبلوماسية مشتركة توضح كيفية التعامل مع نظام دمشق، لكن ما هو مؤكد لحد الآن فإن موسكو لن تسمح لواشنطن بالتعامل مع الملف السوري منفردة.
مع تصعيد لهجة المجتمع الدولي تجاه نظام دمشق، هل سيغامر الغرب في سوريا كما غامر من قبل في ليبيا؟
قد يغامر الغرب في سوريا، لكن يجب أن تكون هذه المغامرة حاسمة، بحيث لا يتكرر الوضع الليبي، وإلا سيكون مصير سوريا الانقسام، وستكون درعا مقرا للثورة وقد تكون دمشق مقر للنظام الحاكم، فالحسابات الغربية ستأخذ في عين الاعتبار علاقة سوريا بالعالم الخارجي وبالذات مع روسيا، مع الحرص على عدم إعادة تجربة ليبيا. لكن الكل يستبعد أن يكون هناك أي تدخل عسكري من طرف الناتو أو الولايات المتحدة لإرغام الأسد على ترك السلطة أو حتى الاستجابة لمطالب السوريين.
هذا الجواب يجرني لطرح السؤال التالي: هل الغرب يريد إسقاط نظام بشار الأسد؟
اعتقد أن هناك انقسام، ففي حين تحبذ أوروبا التغيير ترى إدارة باراك اوباما أن النظام السوري عامل يؤدي إلى نوع من الاستقرار الإقليمي وبالذات في قضية الصراع العربي الإسرائيلي، فمن غير المعروف ما إذا كان النظام الجديد الذي سيحكم سوريا في حال سقوط الأسد سيسعى إلى حرب جديدة مع وإسرائيل، وكيف سيتعامل هذا النظام الجديد مع لبنان وحزب الله؟ وكيف سيؤثر ذلك على تعامل سوريا مع بعض الكتل السياسية في العراق والأراضي الفلسطينية؟
ومن خلال كل ذلك نرى تباين في الرؤى بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إذ قد تطالب أوروبا بتغيير النظام، فيما قد تطالب الولايات المتحدة نظريا بتغيير النظام مع التركيز على أن تكون سوريا عامل استقرار في خضم المتغيرات الجيواستراتيجية المعقدة في الشرق الأوسط.
وكيف كيف ترى مستقبل الحلف الإيراني السوري وما يدور في فلكه من منظمات؟
إيران ستساند بالطبع نظام الأسد، وستقدم له الدعم والمساعدة الاقتصادية والأمنية، وسيستمر هذا الدعم باعتبار أن هناك مصالح عميقة بين الطرفين، لكن كل شيء متوقف على ما يدور في الساحة السورية، بمعنى كيف سيعبر الشعب السوري عن مطالبه وكيف سيستجيب النظام لهذه المطالب.
الغرب يدين بقوة ما يحدث في سوريا، ويلوح بعقوبات ضد نظامها، لكنه يتغاضى بعض الشيء عن ما يحدث في اليمن وما حدث ويحدث في البحرين. هل نستطيع القول أن هناك سياسة الكيل بمكيالين؟
الثورات العربية تيار مهم في التغير الذي تشهده المنطقة، وقد فاجأ هذا التيار الجميع. فالأوربيون والأمريكيون يشاهدون ما يحدث في الشرق الأوسط بشغف، وهم لا يملكون حلولا لهذه التطورات، أما بالنسبة إلى تعاملهم مع احتجاجات البحرين واليمن فذلك مبني انطلاقا من ظهور بعض المبادرات الإقليمية التي تحاول تطويق تلك الأزمات. إذ أن مجلس التعاون الخليجي وبالذات السعودية قامت بمبادرات دبلوماسية، وهو ما جعل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يعطيان دور الريادة إلى الحلول الإقليمية، ومن هنا فإن الأمر يتعلق بتقسيم العمل لا بسياسة الكيل بمكيالين.
أجرى الحوار/ يوسف بوفجلين
مراجعة: عبده جميل المخلافي

مزيد حول الموضوع

ليست هناك تعليقات: