السبت، 27 أكتوبر 2012

لماذا الزواج بين أهل القدس والضفة الغربية مشكلة؟

 
فاتن أبوعيشة-القدس
 
لماذا الزواج بين أهل القدس والضفة الغربية مشكلة؟ عن هذه النقطة قال المحامي وكاتب العدل نجيب زايد "إنّ الزواج بين المقدسيين وضفة ما يقارب الممنوع حسب القانون الإسرائيلي الذي يعدلّ وفق وجهة نظر السياسة الإسرائيلية، كونه اعتبر سكان الضفة الغربية وقطاع غزة من الأساس سكان منطقة أو دولة معادية".
وعن تغيّر القانون في هذا الشأن، تحدث المحامي زايد بدءاً من عام 2002 حيث أصدرت الحكومة الإسرائيلية قراراً يلزم بمنع لمّ الشمل لأي زوجين سواء كان أحد الزوجين فلسطيني أو من أصل فلسطيني يحمل أي جنسية أجنبية، وكان هذا القرار قراراً عاماً يشمل جميع الفلسطينيين، حتى لو كان الفلسطيني من خارج البلاد أو من أصل فلسطيني يحمل أي جنسية أجنبية.
وتابع المحامي نجيب "في عام 2003 هذا القرار أخذ مفعول قانون في الكنيست الإسرائيلي وقلّص شريحة الفلسطينيين الممنوعة من الحصول على لمّ شمل بتحديد الفلسطينيين الذين لا يحق لهم الحصول عليه بسكان الضفة والقطاع"، وهذا يعني أن الفلسطينيين من خارج البلاد يمكنهم الحصول على لمّ شمل.
تحديد العمر كشرط للمّ الشمل
استمر منع تقديم طلبات لمّ شمل جديدة حتى عام 2005، فيما الطلبات القديمة قبل 2002 كانت سارية في المرحلة التي عليها، فمن كان معه ورقة إقامة استمر عليها وهكذا، إلى أن عدّل القانون في عام 2005 ليسمح بتقديم طلبات لمّ شمل جديدة في حال توفر شرط الجيل، بحيث يكون عمر المرأة 25 سنة فما فوق والرجل 35 سنة وما فوق.
في عام 2006 كان هناك محاولة للطعن في شرعية ودستورية هذا القانون للمحكمة العليا الإسرائيلية قدمته مؤسسة عدالة لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل، كان الرفض هو الرد، فالقانون ساري المفعول حتى الآن ويتم تجديده سنويا.
لبنان وسوريا وإيران والعراق وقطاع غزة... دول معادية
وأكمل المحامي زايد قوله "في عام 2007 تم تعديل القانون ليشمل دولاًمعاديةهي: إيران وسوريا ولبنان والعراق وفي عام 2008 أضيف قطاع غزة، فجمع الشمل يمنع منعاً باتاً فيما لو كان أحد الزوجين من هذه الدول التي أضيفت إلى لائحة الممنوعات حسب القانون الإسرائيلي". في المحصلة يترتب على أي زوجين مقدمين على مشروع زواج بين أهل الضفة والقدس أن يفحصا توفر شروط لمّ الشمل حسب القانون الإسرائيلي، إذا أرادا السكن داخل القدس أو الخط الأخضر عامة ليتمكنا من السكن في مدينة القدس بشكل قانوني.
خلفية تاريخية:
· لغاية عام 1991 لم يكن هناك حاجة لتصريح دخول إلى القدس لأهل الضفة الغربية.
· بعد عام 1991 كان هناك حاجة لإصدار تصريح فردي للدخول للقدس.
· حتى عام 1994 كان هناك تمييز على أساس جنسي في قضية لمّ الشمل، فكان يسمح للرجل المقدسي بتقديم طلب لمّ الشمل، فيما لا يسمح بذلك للمرأة المقدسية.
متطلبات لمّ الشمل وشروطه
وعن متطلبات لمّ الشمل أوضح المحامي زايد "يحتاج مقدِم طلب لمّ الشمل لتوثيق كامل بالأوراق على التواجد والسكن داخل القدس أو الخط الأخضر أو داخل إسرائيل، بحيث إذا كان الشخص يسكن بالإيجار يحتاج عقد إيجار خطي وليس شفهي وأوراق ضريبة (الأرنونا) وفواتير الماء والكهرباء، إضافة إلى اعتراف من التأمين الوطني على السكن، مفسراً "هذا معناه التوجه مباشرة للتأمين الوطني وفتح الملف للجباية من أجل دفع رسوم التأمين الوطني، كذلك يحتاج مقدم الطلب إلى تأمين صحي ساري المفعول، وفي حالة وجود أبناء تكون مدارسهم فضلاً عن تطعيمهم داخل القدس وهذا كله يصب في مصلحتهم فيما لو كان الهدف تسجيل الأبناء في الهوية".
وعن شروط تقديم طلب لمّ الشمل ذكر المحامي زايد أن أولها متمثل في إثبات أن مركز الحياة داخل إسرائيل (داخل القدس أو الخط الأخضر، وهو محصلة علاقة الإنسان بالمكان الموجود فيه، من سكن وعمل ودراسة وأهم عامل هو عامل السكن، وثاني هذه الشروط هو حياة مشتركة بين الزوجين، فيما الثالث هو عدم وجود مانع أمني أو جنائي لأحد الزوجين.
إما إقامة غير قانونية... أو الإقامة بعيداً عن الأسرة
ونوّه المحامي إلى أن شرط مركز الحياة هو شرط ذو حدين، فالداخلية الإسرائيلية تشترط على الأزواج أن يكون مركز حياتهم داخل القدس للحصول على لمّ الشمل، مع العلم أنه لو تم القبض على شخص لا يوجد معه تصريح داخل القدس تقدم ضده لائحة اتهام، عندئذٍ ليس أمام الأسرة سوى خيارين: أولهما تواجد أحد الزوجين بشكل قانوني مع الأبناء في القدس كونه يحمل الهوية الإسرائيلية في وقت يمنع تواجد الزوج الآخر، فيترتب عليه التواجد بشكل غير قانوني داخل القدس أو خيار الإقامة بشكل منفصل عن أفراد أسرته.
وعن شرط عدم وجود مانع أمني لأحد الزوجين أوضح المحامي زايد "يوجد بند في قانون عام 2003 يقرّ بأنه يحق لوزير الداخلية في حال حصل على جواب سلبي من المخابرات ضد صاحب الطلب أو أحد أفراد أسرته من الدرجة الأولى يحق له رفض طلب لمّ الشمل".
وفسر المحامي زايد "هذا معناه بأن ليس فقط المانع الأمني المباشر هو سبب رفض لمّ الشمل، بل أصبح المانع الأمني غير المباشر الذي يتعلق بأشخاص آخرين سبب للرفض"، واصفاً إياه بـ "عقاب جماعي" لجميع الأسرة على تصرف شخص معين قد يكون تصرف بدون علم صاحب الطلب، وهو قانون سارٍ إلى الآن.
ومن الجدير ذكره أن هذه القضايا يتم الرفض فيها على أساس معلومات سلبية تجمعها المخابرات، فلو أعطى أي شخص عميل تقريراً سلبياً عن شخص، هذا كفيل بتوقيف أو التأثير على معاملة لمّ شمله، موضحاً زايد "هي مجرد معلومات لا ترقى لمستوى الشبهات ولا ترقى لمستوى الاتهام في المحكمة، فالاتهام يمكن الدفاع عنه ويمكن إصدار حكم بالبراءة، لكن المعلومات لا يمكن الدفاع عنها ولا الطعن فيها".
ثغرة في القانون.. أمل في لمّ شمل
في عام 2008 تم فتح ثغرة في القانون على أساس فردي، من خلاله يمكن الحصول على الهوية الإسرائيلية لمقدمي طلبات لمّ الشمل قبل عام 2002 فقط. وأوضح المحامي زايد هذه الثغرة بقوله "من تم تأخيره بشكل غير شرعي دون وجه حق على يد الداخلية الإسرائيلية منذ تقديم طلب لمّ الشمل ولغاية الحصول على الموافقة على الطلب ومن ثم الحصول على الإقامة الأولى، وكان التأخير من قبل الداخلية سبباً لعدم الحصول على الهوية قبل عام 2002 يمكنه الحصول على الهوية الآن، واعترفت المحكمة الإسرائيلية بهذه الثغرة كسبب لإعطاء الهويات"، مشيراً إلى أن مجموعة كبيرة من الطلبات قدمت في سنوات التسعينات وحصلت على الإجابات فقط في آخر سنوات التسعينات أو خلال عامي 2000-2001، فإذا تم إثبات أن التأخير بسبب الداخلية وليس أصحاب الطلب يمكنهم الحصول على الهوية الإسرائيلية، وقد وصلت الحالات التي حصلت على الهوية من خلال هذه الثغرة إلى 15 حالة.
وكشف المحامي زايد عن معلومة غير رسمية تفيد بأن المخابرات الإسرائيلية متورطة في تجميد معاملات لمّ الشمل منذ نهاية عام 2001 أي قبل صدور قرار الحكومة بالتجميد، قائلاً "نهج المخابرات تمثل في دحر جميع أصحاب الطلبات الذين كانوا على وشك الحصول على الهويات، بما معناه أن أصحاب الطلبات الذين كان من المفترض أن يحصلوا على الهويات في عام 2001 كانت المخابرات تستدعيهم لمقابلة عادية ومن ثم ينتظر صاحب الطلب جواباً من قبلهم، ولم يحصل عليه لغاية 12-5-2002 وقت صدور قرار الحكومة بوقف وتجميد معاملات لمّ الشمل وقبله في 30-3-2002 تاريخ صدور قرار وزير الداخلية بحجة حدوث عملية تفجيرية منفذها حصل على لمّ شمل، فشكلت العملية حجة لهذا الإيقاف".
لمّ الشمل.. باب خلفي لحق العودة
وعن الهدف الأساسي وراء التقييد وصعوبة جمع شمل أسَرْ بين الضفة والقدس قال المحامي نجيب زايد "إن إتمام معاملات لمّ الشمل للعائلات الفلسطينية تشكل تهديداً ديمغرافياً على دولة إسرائيل، فإسرائيل تعتبر لمّ الشمل باباً خلفياً لحق العودة، كون التكاثر السكاني للفلسطينيين في مدينة القدس يعد مشكلة بالنسبة لهم، فهدفهم تحديد هذا الخطر الديمغرافي على دولة إسرائيل في ظل انتشار هذا النوع من الزواج بين الفلسطينيين".
ـ إحصاءات حول طلبات لمّ الشمل:
· عام 1993 قدم 650 طلب لمّ شمل.
· عام 1994 قدم 2550 طلباً.
· عام 1995 قدم 1800 طلب.
· منذ عام 1993 – 2002 كان هناك 140 ألف فلسطيني دخلوا إسرائيل على أساس قضية لمّ شمل.
في حال الحصول على لمّ شمل ولا يتوفر شرط الجيل، أشار المحامي نجيب إلى وجود لجنة تابعة لوزارة الداخلية لا تستقبل الجمهور، لكنها تبحث في حالات إنسانية خاصة، بحيث يتم منح جمع الشمل بغض النظر عن الجيل مثل الحالات المرضية أو حالة شخص لديه أبناء مقعدين وهو معيلهم ومرافقهم.
وفي حال عدم توفر شروط لمّ الشمل وكان الزواج بعد عام 2002 ولم تتوفر حالات إنسانية فالوضع وضع انتظار، يعلّق المحامي زايد: "الانتظار طويل لأن القانون أول ما سنّ كان لسنة ويتم تجديده سنوياً وهو قانون طوارئ، وكما هو معلوم في إسرائيل أن قوانين الطوارئ أكثر ثباتاً من القوانين الدائمة، فأنا لا أعلّق آمالاً على تغيير القانون في الفترة القريبة"، مع إشارة المحامي نجيب إلى أن قضية لمّ الشمل مثل أي قضية حقوقية أخرى تكلّف ما بين 2000 -5000 دولار لدى أي محامٍ.
منذ ثلاثة أشهر... للفلسطيني حق الاستماع!!
وفي حالة السجن الفعلي لأحد الزوجين يقول المحامي نجيب "السجن يشكل وسيلة إيضاح على أن معاملة لمّ الشمل ممكن أن يتم رفضها على أساس أمني، ونسبة نجاح هذه القضية تقلّ، لكن الشيء الأساسي أن الاعتراف بحق الاستماع للفلسطينيين يتيح إمكانية تقديم إثباتات أو دلائل تلغي هذا القرار أو تطعن في معلومات المخابرات من خلال إجراء جلسة استماع في الداخلية".
وقد تم الاعتراف بحق الاستماع من قبل المحكمة الإسرائيلية العليا بشكل قانوني في شهر آب 2009 بعد رفض جمع شمل حالتين تم التوجه فيهما إلى المحكمة المركزية للمطالبة بهذا الحق، فجميع من عليهم معلومات أو سجنوا لهم حق استماع في الداخلية من أجل الطعن في هذه المعلومات أو القرارات، وبالتالي فإن أي فلسطيني في القانون الإسرائيلي له حق الاستماع قبل إصدار قرار رفض لمّ الشمل، وأي قرار رَفضْ سابق صدر قبل حق الاستماع يعتبر لاغياً.
وقارن المحامي زايد عما كان يجري قبل الاعتراف بهذا الحق بقوله "قبل شهر آب 2009 كانت العملية عملية تعسفية تنطوي على تقديم تقرير سلبي عن شخص من قبل المخابرات للداخلية، وبالتالي الداخلية ترفض طلب لمّ الشمل دون أي نقاش ودون أي حق بالاستماع لأصحاب القضية".
أبناء العائلة الواحدة بين الضفة والقدس
وفي حال انقسام الأبناء بين هويتي الضفة والقدس، قال المحامي نجيب "كان نهج الداخلية أنّ أياً من الأبناء يحمل هوية ضفة هو بحاجة إلى لمّ شمل، كأن الابن أجنبي تابع للضفة حتى لو ولد داخل القدس، بغض النظر عما إذا كان رقم هوية الضفة شكلياً و لم يسكن في الضفة بتاتاً"، إلا أنه في شهر آب 2008 صدر حكم في المحكمة العليا يقضي بأن هؤلاء الأبناء الذين ولدوا في القدس وحاملين لرقم هوية ضفة شكلياً ومركز حياتهم داخل القدس يمكنهم عندئذٍ التسجيل في السجل السكاني والحصول على أرقام هويات دائمة من الداخلية الإسرائيلية بغض النظر عن جيل الأبناء، في حال تم إثبات أن مركز حياة الأبناء والأسرة ليس الضفة الغربية، مستثنين الأبناء في هذه الحالة فقط من قرار تجميد جمع الشمل.
وأحيانا ً الإنسان المقدسي يحتاج لعمل لمّ شمل لذاته في حال غيابه عن مدينة القدس، مفسراً المحامي زايد "القانون الإسرائيلي يعتبر سكان القدس غرباء دخيلين على القدس، بما معناه يسري عليهم قانون الدخول إلى إسرائيل، في وقت أن اليهودي في أي مكان في العالم لو ولد في أي مكان ولا يمت بصلة لإسرائيل يمكن دخوله حسب قانون العودة وحصوله بشكل تلقائي على جنسية إسرائيلية، بينما الفلسطيني الذي غاب عن البلد سنة واحدة وحصل على جنسية أجنبية مثلاً يمكن أن يفقد حق الإقامة في القدس".
بدون أوراق ثبوتية... قد تفقد حقك!!
وعن حياة الفلسطيني داخل مدينة القدس قال زايد "حياة الإنسان الفلسطيني داخل إسرائيل رخيصة، لدرجة أنه في حال عدم توفر الأوراق الثبوتية لحياته في القدس من عقد إيجار وفواتير ممكن أن يفقد الإنسان حقه، عندها يعتبر الإنسان أنه لم يثبت تواجده داخل القدس وعلى هذا الأساس يعتبر مركز حياته خارج إسرائيل وبالتالي يتم رفض لمّ الشمل".
وأشار المحامي نجيب زايد إلى أن هذه المطالب لا تطلب من أي إنسان يهودي لأجل تواجده داخل إسرائيل بناء على قانون العودة، فالقانون الإسرائيلي يعامل الإنسان الفلسطيني وكأنه إنسان مجرد من الحقوق ويتعامل معه على أساس إنساني وليس من منطلق حقوق مواطنة وإقامة.
وختم المحامي زايد حديثه بالتنويه إلى مشاكل وصعوبات أهل في تزويج بناتهن اللواتي لا تحملن هوية مقدسية في مدينة القدس، بحيث يتراجع الخاطب عن مشروع الزواج بعد علمه بمشكلة الفتاة في الهوية.
ويبدو أنه ليس فقط الإناث القاطنات في القدس اللواتي لم يحصلن على الهوية المقدسية هويتهن تشكل عنصر تراجع في مشروع زواجهن، فكذلك الإناث المقدسيات حيث "القدس والمسجد الأقصى وبناء أسرة مقدسية في قلب القدس" غايتها... "والبقاء شوكة في حلقهم بين أسوار القدس وفي أكنافها".... "وظروف القدس أبناؤها فقط من يعرفون حاجتها لوجودهم فيها"... هذا بعض ما قالت فتاة مقدسية كان يحاول شاب ضفاوي طلبها للزواج خلال سنتين مرددة تلك الجمل... فهل هذا التقارب والتنافر بين أهل القدس والضفة ستظل مدينة القدس وهويتها الواقعية تفرّقهم إلى أمد طويل؟؟!!...ـ










ليست هناك تعليقات: