الأحد، 14 أكتوبر 2012


لماذا تصر «حماس» على المنطقة التجارية الحرة في ظل الانقسام؟!
بقلم: وسام زغبر*
ان تكون معنا واما ان تكون علينا. هذا ما بدأت به حركة حماس هجومها على الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وأمينها العام نايف حواتمة، لحديث الأخير عن مخاطر اقامة المنطقة التجارية الحرة بين قطاع غزة ومصر في ظل الانقسام، وهذا لم يسر قادة حماس في غزة التي تريد ان تسرح وتمرح في القطاع كأنه ملك لها وليس جزءا من الدولة الفلسطينية دون درء مخاطر اجراءاتها الكارثية.
ففي حين يتفق الأمين العام للجبهة الديمقراطية نايف حواتمة مع نائب رئيس المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق على ضرورة تطبيق المصالحة ونبذ المحاصصة الثنائية بين «حماس» و«فتح»، تشن حركة حماس في غزة حملة شعواء ضد حواتمة تهدف إلى النيل من المشروع الوطني لانتقادها خطوة لا تعلم نتائجها وربما تتجاهلها حفاظا على مكاسبها الشخصية على حساب مصالح الشعب والوطن والقضية.
فالعقلاء يعون ماذا يتحدثون، ويؤكدون أهمية المنطقة التجارية الحرة في دعم الاقتصاد الفلسطيني في ظل تحقيق المصالحة والوحدة الوطنية بين شطري الوطن، وليس في ظل الانقسام بين غزة والضفة. فإسرائيل ما زالت تحتل قطاع غزة وتقيم منطقة عازلة على طول الحدود الشرقية والشمالية بطول 35 كيلو متر مربع وتواصل الحصار البري والبحري والجوي على القطاع، لذا هي تتحمل المسؤولية الكاملة عنه وفق اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.
ان مخاطر تلك المنطقة التجارية الحرة كارثية على المشروع الوطني الفلسطيني برمته في ظل غياب الوحدة بين شطري الوطن وتصب في مصلحة إسرائيل لاستغلالها في التخلص من عبء قطاع غزة وإلقاءه في وجه مصر وتعزيز سياسة الفصل بين الضفة والقطاع، وإلقاء ما تبقى من فتات الضفة الغربية في وجه الأردن بعد ابتلاع الجزء الآخر بالاستيطان والتهويد، للقضاء على فكرة الدولة الفلسطينية وتدمير المشروع الوطني الفلسطيني، وهذا هو المشروع الذي طرحه وزير الخارجية الاسرائيلي ايجال الون منذ اكثر من 30 عاما، وطبقه شارون في خطة الانسحاب احادي الجانب من غزة عام 2005 ويعمل نتنياهو على إكماله، وعلى ما يبدو ان حركة حماس لا تعي ذلك او تتجاهله حفاظا على مصالحها ومكاسبها.
فمشروع المنطقة التجارية الحرة في ظل الانقسام يتوافق مع مخطط إسرائيلي لإقامة دولة في غزة والذي أعده مستشار الأمن القومي الإسرائيلي غيورا ايلندا لضرب المشروع الوطني وقطع الطريق على إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، يهدف الى توسيع حدود قطاع غزة بإضافة 770 كيلو متر مربع من أراضي سيناء لاستيعاب الكثافة السكانية في القطاع وتوطين اللاجئين الفلسطينيين، مقابل سيطرة إسرائيلية على مساحات شاسعة في الضفة، وموافقة اسرائيلية على تعديل اتفاقية كامب ديفيد وتسليم مصر أراضي تخلق تواصل مع الأردن كذلك تبسط مصر سيطرتها على سيناء وتبني اقتصاد مصري قوي، في حين تستفيد الأردن بتحقيق تواصل مع الخليج وأوروبا إضافة الى مزايا اقتصادية كبرى والتخلص من مشكلة اللاجئين الفلسطينيين الذين سينتقلون الى دولة غزة.
وعلى ما يبدو ان قيادة حماس في غزة تنظر بعين واحدة وفق مصالحها دون الالتفات الى العائد السياسي من فكرة المنطقة التجارية الحرة في ظل الانقسام واستغلالها إسرائيليا. فمصر تعي جيدا مخاطر اقامة تلك المنطقة التجارية الحرة في ظل الانقسام لذا أبلغت خالد مشعل عبر وزير المخابرات العامة المصرية رأفت شحاته رفضها للفكرة وما أعلنه وصرح به رئيس الحكومة المصرية هشام قنديل، لخطر تلك المنطقة على الأمن القومي المصري أولاً وأضرارها على المشروع الوطني الفلسطيني ثانياً، وان منطقة التجارة الحرّة تأتي بعد المصالحة الفلسطينية وإنهاء الإنقسام كهدية من مصر للوحدة الوطنية وحكومة واحدة في الضفة وقطاع غزة.
ولكن من اللافت والمؤسف استمرار حركة حماس بممارسة الخداع والتضليل والذي بدى في مقال لـ "يوسف رزقة" مستشار اسماعيل هنية ان الاقتصاد والتجارة لا دخل لهما بالسياسة، فيجب التوقف عن اللعب بالمرادفات وتغييب العقول، فالعلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدول لن تتحقق في حال سوء العلاقات السياسية أو انعدامها. فاقامة المنطقة التجارية الحرة في وجود الانقسام ستلبي مخطط شارون الذي انسحب من قطاع غزة عام 2005 من طرف واحد والذي كرسته حركة حماس في اولى خطواتها بانقلابها على السلطة الفلسطينية في غزة عام 2007 والآن تخطو حماس الخطوة الثانية لإنهاء الكيانية الفلسطينية بإلقاء قطاع غزة في وجه مصر، وحينها سيخرج رزقة وزمرة حماس ويقولون قضاء الله شاء وقدر.
يوسف رزقة يواصل تجاهل البديل عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المأزومة في قطاع غزة، الناجمة عن حالات القتل اليومي من عمالة الانفاق ومشاكل الكهرباء وحالات الانتحار، وعدم ايجاد حلول لمشاكل الفقر والبطالة وعديد القضايا الاجتماعية، اضافة الى تعاظم ثروات فريق بعينه من اقتصاد الأنفاق أغلبيتهم محسوبين على حركة حماس والذين وصل عددهم لأكثر من 800 مليونيرا في غزة يتحكمون في كافة مناحي الحياة، بينما تكافح الأغلبية العظمى من ابناء شعبنا للحفاظ على حياتهم وعيشهم وكرامتهم. فالمطلوب اولا من قيادة حركة حماس التوقف عن طرح اقتراحات تدميرية للمشروع الوطني والتوقف عن كيل الاتهامات وممارسة الكذب والتضليل ضد قيادات الشعب الفلسطيني.
فحركة حماس عليها أن تسأل نفسها وتكشف عن مصير عشرات ومئات ملايين الدولارات التي تأتي لحماس من ايران وقطر والسعودية، ومن دول عربية وإقليمية أخرى، وعليها الافصاح عن مصير المساعدات والقوافل التي تأتي باسم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتتوقف عن توزيع الأراضي والعقارات في غزة لجمعيات وأفراد محسوبين على حركة حماس، ... الخ. ؟؟!!
ان البديل الأوحد للخروج من الأوضاع المأساوية التي خلفها الانقسام بتطبيق المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية بين جانبي الوطن وتبني استراتيجية وطنية بديلة، كذلك بناء جبهة مقاومة متحدة والعمل على وضع إستراتيجية دفاعية واحدة للقطاع لمواجهة العدوان الإسرائيلي ومخططاته الهادفة ضد المشروع الوطني الفلسطيني .
·        كاتب وصحافي فلسطيني- قطاع غزة
14/10/2012

ليست هناك تعليقات: