الأحد، 14 أكتوبر 2012


'يديعوت أحرونوت' عن وثائق أمريكية رسمية: نتنياهو وافق على الانسحاب الكامل من الجولان المحتل خلال مفاوضات سرية مع دمشق بوساطة واشنطن ووافق على مواصلة سورية علاقاتها بإيران
زهير أندراوس
2012-10-12

 
الناصرة ـ 'القدس العربي' كشفت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' العبرية في عددها الصادر الجمعة النقاب عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو أجرى ومنذ خريف العام 2010 ولغاية اندلاع الأزمة في سورية مفاوضات سرية جدا مع النظام الحاكم في دمشق بهدف التوصل إلى سلام بين الدولة العبرية وسورية.
وقال المحلل المخضرم في الصحيفة، شيمعون شيفر، الذي أورد النبأ الحصري، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، وخلافا لتصريحاته العلنية بأنه لن يتنازل عن الجولان العربي السوري، وافق على الانسحاب الكامل من الجولان المحتل، بما في ذلك العودة إلى حدود الرابع من حزيران (يونيو) من العام 1967، مقابل سلام كامل مع سورية يتضمن تبادل السفارات بين البلدين، ومن دون رهن ذلك بالتزام سوري بقطع العلاقات مع إيران، وقالت الصحيفة إنه من الجانب السوري شارك في المفاوضات وزير الخارجية، وليد المعلم، ولكن بحسب الوثائق الأمريكية، فإن الوسيط الأمريكي اجتمع إلى الرئيس السوري، د. بشار الأسد.
وقالت الصحيفة العبرية، التي أوردت النبأ على صدر صفحتها الأولى وبالبنط العريض، اعتمادا على وثائق أمريكية، إن نتنياهو انتدب للمفاوضات السرية الدبلوماسي الأمريكي فريد هوف الذي عمل سابقا في البحرية الأمريكية، ومشهور باختصاصه في ترسيم الحدود في المناطق المتنازع عليها، كما عمل مسؤولا للملف السوري واللبناني في إدارة أوباما، كما أنه قدم المساعدة لجورج ميتشيل، المبعوث الشخصي للرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في إطار مساعيه لدفع المفاوضات بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، مشددا على أن الدبلوماسي الأمريكي أنهى مؤخرا خدمته في البيت الأبيض وقام بنشر الوثائق التي اعتمدت عليها الصحيفة.
وساقت الصحيفة العبرية قائلة، نقلاً عن وثائق الدبلوماسي الأمريكي هوف، إن إدارة الرئيس باراك أوباما فوجئت من المرونة التي أبداها نتنياهو في المفاوضات ومن استعداده للانسحاب أكثر من أي رئيس حكومة إسرائيلي سابق، بمن فيهم رابين وباراك وأولمرت، وقالت الصحيفة إنه عندما أجرى باراك مفاوضات مع وزير الخارجية السوري آنذاك، فاروق الشرع في الولايات المتحدة الأمريكية، رفض التنازل عن جميع الأراضي التي احتلتها إسرائيل في عدوان العام 1967، في حين أن المفاوضات غير المباشرة التي أجراها رئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت، مع السوريين بوساطة تركية، لم تصل إلى حد النقاش على مسألة الحدود، كما أشارت الصحيفة إلى أنه في العام 1995 قام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، يتسحاق رابين، بإجراء مفاوضات مع السوريين، وأعرب عن استعداده للعودة إلى خطوط ما قبل الرابع من حزيران (يونيو) من العام 1967، ولكن مقتله أدى إلى وقف المفاوضات بين تل أبيب ودمشق.
وقال المحلل شيفر في سياق تقريره إن رئيس الوزراء نتنياهو قام بإدارة المفاوضات بشكل سري كاملة، وأخفى أمرها حتى عن وزراء حكومته وعن جهازي الموساد (الاستخبارات الخارجية والشاباك (جهاز الأمن العام)، وأن جلسات إدارة المفاوضات كانت تتم في مقره الرسمي في القدس الغربية وفي الفيلا التي يملكها في قيسارية، القريبة من مدينة حيفا.
ولفتت الصحيفة العبرية إلى أن وزير الأمن الإسرائيلي، إيهود باراك، كان الوزير الوحيد المطلع على هذه المفاوضات، كما أن المستشار العسكري لنتنياهو، الجنرال احتياط يوحنام لوكير، والجنرال احتياط البروفيسور عوزي أراد، الذي كان يشغل في ذلك الوقت رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، ومستشار نتنياهو للشؤون السياسية رون دورما، والمستشار العسكري لبراك مايك هرتسوغ كانوا الوحيدين على علم بهذه المفاوضات.
كما لفتت الصحيفة إلى أنه من الطرف الأمريكي فقد كان الرئيس أوباما ونائبه جوزيف بايدن والوسيط فريد هوف الوحيدين على علم بتفاصيل هذه المفاوضات. وقد وافق نتنياهو، بحسب ما أوردته الصحيفة، على الانسحاب حتى خط المياه على شاطئ بحرية طبرية، مشيرة إلى أن النظام السوري اشترط خلال المفاوضات أن تتم عملية الانسحاب في مدة لا تتعدي العامين، فيما كانت إسرائيل تفضل فترة أطول، لكن اندلاع الأزمة في سورية، في آذار (مارس) من العام 2011، أدت إلى وضع حدٍ لهذه المفاوضات السرية، على حد قول الصحيفة.
وعقب ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي على ما نشرته الصحيفة العبرية بالقول إن الحديث يجري عن مبادرة من بين مبادرات عديدة عرضها الأمريكيون على إسرائيل لكن الأخيرة رفضتها، وأن النشر في هذا التوقيت جاء لأسباب واعتبارات سياسية، في تلميح مباشر إلى الانتخابات القادمة في الدولة العبرية، التي ستجري في الثاني والعشرين من شهر كانون الثاني (يناير) من العام المقبل، جدير بالذكر في هذا السياق، الإشارة إلى أن صحيفة 'يديعوت أحرونوت' تتخذ موقفًا معاديا من نتنياهو، على خلفية النزاع التجاري القائم بينها وبين صحيفة 'يسرائيل هيوم'، الداعمة الرئيسية لنتنياهو.
في السياق ذاته، قالت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية باللغة العبرية (ريشيت بيت) الجمعة، نقلاً عن الوزير بدون حقيبة، ميخائيل إيتان، من حزب الليكود برئاسة نتنياهو، إنه لم تكن هناك أي مفاوضات بين إسرائيل وسورية، وتابع الوزير الإسرائيلي قائلاً إنه تجري بين الدول من حين لآخر اتصالات ومحاولات وساطة، ولكن من الواضح الآن أنه لا يوجد أية مفاوضات مع سورية.
وأضاف إيتان في معرض رده على سؤال الإذاعة العبرية إنه دائمًا كانت هناك جهات تحاول التوسط ونقل الرسائل من طرف إلى طرف، لافتا إلى أن الجمهور العريض لا يعرف دائما، وغالبية الاتصالات لا تصل إلى مرحلة جدية، واليوم بالتأكيد لا يوجد أية مفاوضات مع نظام الرئيس السوري الأسد، على حد قوله.

ليست هناك تعليقات: