كتب:محمد جودة
رئيس التحرير
في الوقت الذي كانت فيه وسائل الاعلام المحلية والعربية والعالمية تسلط ضوئها علي الفلسطينيين اللذين انتظروا سنوات عجاف لإنهاء كابوس الانقسام وطي صفحته السوداء من خارطة الشعب الفلسطيني ،وفي وقت توافدت فيه كافة القوي الوطنية والاسلامية الي العاصمة المصرية القاهرة للتوقيع علي اتفاق المصالحة ،هذه الوفود الذي جاء موعد تجمعها بالقاهرة تزامناً مع اليوم العالمي للصحافة، جاءتنا اخبار تفيد بالاعتداء علي الصحفي زكريا التلمس من قبل أمن حماس في غزة.
هذا الحدث والفعل الأحمق من قبل مرتكبيه انما يدلل علي مدي العنجهية التي يقوم بها بعض الأفراد التابعين لهذه الاجهزة واللذين علي ما يبدو غير مرتاحين أو متقبلين فكرة المصالحة بين الحركتين ،لاسيما وأنه في ظل الحديث عن ضرورة تهيئة الأجواء لانجاح المصالحة لاستعادة اللحمة والوحدة الوطنية ،يستوجب ممارسات علي الارض تعكس صدق النوايا لهذه العملية هذا من ناحية ،ومن ناحية أخري فإن حماس وحكومتها المقالة طوال سنوات سابقة كانت تتغني بحرية الرأي والصحافة وحماية الصحفيين من خلال الأقوال وليس من خلال الأفعال ،والمؤشرات والدلائل علي ذلك كثيرة ،والتي كان اخرها ما شهدناه يوم 15 أذار من حراك شعبي لانهاء الانقسام ،وما فعلته حماس واجهزتها الامنية بالصحفيين والاعلاميين في غزة من ملاحقة واعتداء ومصادرة لأجهزتهم وتكميم لأفواههم .
فالسياسة المبنية علي خداع الرأي العام واختلاق الاكاذيب والذرائع والحجج لتبرير الافعال لدي حماس هي منهجية باتت واضحة ومكشوفة لممارساتها وأخطائها في كل مرة وكل حدث، ولذلك لا يمكن أن نتحدث عن مصالحة ونحن بداخلنا ندرك اننا نخادع الاخرين ،ولايمكن أيضا ان نتحدث عن حماية حقوق الصحفيين في غزة ونحن مارسنا ولا زلنا عليهم القمع والارهاب حتي في أكثر اللحظات التي تتطلب منا بذل مزيد من الجهود من اجل مصلحة شعبنا العليا وليس من اجل مصلحة فئوية ضيقة ولعينة لذاتنا.
كيف يمكن أن نتحدث عن مصالحة حقيقية ونحن لازلنا نمارس شهواتنا الخاصة والذاتية،وكيف يمكن أن نصافح بعضنا ونأخذ بعضنا بالقبلات الحارة ونحن ما بظاهرنا لا يتوافق مع ماهو موجود ببواطننا ..؟؟ وكيف يمكننا ان نترجم الأقوال الي افعال في وقت لازلنا فيه نمارس ارهاب قمعي علي شعبنا ..؟؟
اعتقد ان هناك اختلاف بين الممارسة والتطبيق علي الارض لقناعتنا ونوايانا ومواقفنا وبين ما يمكنه ان يعبر عن شعارات ونظريات وتصريحات اعلامية ليس أكثر يراد منها ممارسة التضليل والتجهيل والكذب علي الناس من اجل كسب عواطفهم ومشاعرهم نحونا ، فالناظر للواقع ومجرياته يستطيع الفصل بين ما هو حقيقي وما هو اختراع وبين ما هو مفتعل ومقصود وبين ما هو ناتج عن خطأ عابر ليس بقصد، وخاصة أن التفنن بصناعة الأشياء وافتعالها لدي حماس واجهزتها طوال تلك السنوات في كثير من القضايا كان نتاج أفعال مقصودة ومتعمدة من قبل مرتكبيها ،وبعد أن تفعل فعلتها يخرج علينا أحد مسؤوليها ليقلب الحقائق والصور من خلال وسائل حماس الاعلامية المتميزة في الدفاع كما هو في الهجوم ، والمتفننة في المنتجة الاعلامية للاحداث لإخراجها بشكل يعطي نتائج ومردودات ايجابية علي مواقف حركتها وأفعالها حفاظاً علي ماء وجهها امام الرأي العام،لاسيما عند تقديم التبريرات والذرائع وخلق القصص المفبركة للاحداث والتي تستلهم عواطف ومشاعر الجمهور نحوها.
لذلك فالمطلوب الأن من الفصائل الفلسطينية جميعها وخاصة حركتي فتح وحماس وبعد التوقيع الذي شهدته العاصمة المصرية القاهرة لاتفاق المصالحة الفلسطينية ،أن نجد نوايا حقيقية وصادقة ومخلصة لفلسطين أولاً وأخيراً لانجاح هذا الاتفاق وتنفيذه علي الارض ،لما فيه مصلحة لشعبنا وقضيته الوطنية ، وأن نتحلي بمعاني التسامح والتعاظظ والتكاثف والمحبة فيما بيننا لنستطيع أن نمسح غبار الحقد والكراهية التي استظلنا بظلها طوال السنوات العجاف السابقة،وحتي نهييء لشعبنا أجواء ممكنة تحقق المصالحة التي يريدها ويتطلع لها..
أم ان حماس ومن خلال توقيعها علي اتفاق المصالحة هذا ستمارس من جديد سياسة طنش تعش تنتعش..!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق