هل تشكل السلفية خطراً داهماً على ألمانيا؟
لم
تهتم الصحافة الألمانية كثيراً بصدور التقرير الأخير لهيئة حماية الدستور
في ألمانيا، إذ لم يفرد لها سوى عدد محدود من الصحف مواضيع جادة لتسليط
الضوء على مضمونه. وفي التقرير يحذر وزير الداخلية الألماني من "انتشار
الحركة الأصولية السلفية"، كما أن أهالي بعض الشباب يشتكون من "التأثير
المتزايد للخطباء الأصوليين" في ألمانيا. وهنا قد يتساءل المرء عن التيار
السلفي في ألمانيا، ومدى خطورته، وعن الطريقة التي ينشط فيها السلفيون في
ألمانيا.
"السلفية ليست موضة"

ورغم
أن السلفية تعني تطبيق الإسلام وفق فهم السلف، إلا أن أتباعها يستخدمون
الإنترنت وغيره من الوسائل التقنية الحديثة لنشر رسالتهم اليسيرة نسبياً،
كما يقول عنهم وزير الداخلية الألماني هانز بيتر فريدريش. ويضيف الوزير
الألماني قائلاً: "هم يقدمون صورة بسيطة نسبياً عن العالم، ولكنها منغلقة
على نفسها. ويركزون على الشباب، الذين هم في مرحلة البحث عن توجههم في هذه
الحياة".
ولا
تعتبر السلفية موضة جديدة في هذا العصر، إلا إذا تم النظر إليها على أنها
تطرف، كما هو الحال في بقية الديانات أيضاً، إذ تظهر بين الحين والآخر
دعوات مشابهة، كما يرى أيمن مزيك رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا.
وحتى
الجمعيات الإسلامية تبدو منشغلة بالظاهرة وتحاول أن تحد من توجه اليافعين
إلى التطرف، كما يذكر مزيك: "الأمر مرتبط بالمجتمع الألماني وبالجمعيات
الإسلامية أيضاً، إذ يتوجب عليها أن تدعم التوجه الوسط ليتم إضعاف التطرف".
السلفيون والاندماج
أيمن مزيك رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا
ويشدد مزيك على ضرورة "تجنب التعميم وإطلاق العبارات الشعبوية ضد
المسلمين"، ويوصي بدلاً من ذلك بالتعاون مع المسلمين في التصدي للمتطرفين.
ويرى رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا أن الطريق الصحيح يكمن في
تعزيز الاندماج.

ويصر أبو ناجي على موقفه أمام مجموعة من الشباب فيقول: "الحوار والاندماج، كل هذه الأمور تؤدي إلى إفسادك، حتى تستغني عن الإسلام".
إلا
أن جماعة "دعوة إلى الجنة"، التي يقودها رجلان اعتنقا الإسلام، وهما
الملاكم السابق بيير فوغل والمتحدث باسم الجماعة سفين لاو، تبدو أقل
تشدداً. على الرغم من بعض المشاكل التي حصلت للجماعة مع الجوار في مقرها في
مدينة مونشنغلادباخ، مما تسبب بحل الجماعة كجمعية مسجلة قانوناً، إلا أنها
تستمر بممارسة نشاطاتها، وخاصة الدعوة إلى الإسلام وتحديداً التيار
السلفي. وتلقى هذه الدعوة نجاحاً، كما يرى سفين لاو، الذي يضيف بالقول:
"معظم الذين ينضمون إلينا هم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و 30
عاماً. وقد يحدث أن يضعف البعض منهم فيقل تردده على المسجد، ثم يعود إلى
التدخين. وفي بعض الحالات يذهب مجدداً إلى الملاهي الليلية، ولكن بالمجمل
هناك إقبال على مسجدنا ويلتزم من يدخلون معنا بكل شيء دون توقف".
أسباب توجه الشباب إلى السلفية

وربما
يكون الأمر جذاباً للبعض ممن كان بالأساس غير متسامح مع العقائد الأخرى
ومستعداً لاستخدام العنف ضد من يفكر بشكل مختلف، أو لأولئك الذين لديهم
تمييز ضد المرأة أو ضد مثليي الجنس.
بوزباخ
يستبعد أن يكون سبب التوجه للسلفية ناشئاً عن رفض المجتمع الألماني لبعض
الأشخاص، مما يدفعهم إلى البحث عن بديل، لأن عدداً لا بأس به من السلفيين
هم من الألمان الذين اعتنقوا الإسلام، و"لا يمكنهم أن يدعوا بأنهم شعروا
أنهم غير مرغوب فيهم في المجتمع الألماني".
ويتفق
أيمن مزيك مع بوزباخ على الأقل في الجزئية التي تقول بأن التطرف يعد أمراً
مؤسفاً للمسلمين عموماً في ألمانيا، لذلك يوضح مزيك بأن المسلمين يرغبون
في المشاركة في الحد من هذا الأمر. ويستدرك مزيك قائلاً: "ولكن لا يمكن
أخذ" دور الضابط الذي يعمل لصالح وزير الداخلية، وأعتقد أنه لا ينتظر هذا
الأمر منا أيضاً. وعندما يتم مخالفة القوانين الجنائية في البلاد، فإنه
لابد من معالجة ذلك سريعاً ولكن هذه مهمة أجهزة الشرطة".
وعن
دور المنظمات الإسلامية الموجودة في ألمانيا يرى مزيك بأنه ينصب على
الرعاية الدينية للمسلمين، وليس من اختصاصها أن "تقدم تقارير خبرة في شؤون
السياسة الأمنية".
بيتر فيليب/ فلاح الياس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق