لينا زهر الدين: لم أفضح اسرار الجزيرة
'الجزيرة ليست نهاية المشوار' عنوان الكتاب الذي ستوقعه الإعلامية لينا زهر
الدين في 12 من الشهر الجاري في نقابة الصحافة اللبنانية وفيه تجربة
مهنية وإنسانية. العمل والإستقالة من المكان الذي شغل الناس وملأ الدنيا
'الجزيرة' كان حافزاً للكتاب.
أما المشوار التالي فلا تجده لينا في الإعلام اللبناني الذي تراه قائماً على التجييش والقصف المدفعي.
مع لينا زهر الدين كان هذا الحوار:
من هي لينا زهر الدين بعيداً عن شهرتها في قناة الجزيرة؟
ـ أنا من جنوب لبنان وهذا ما ذكرته في كتابي لأن المراحل التي تناولتها فرضت أن أكون جزءاً من الأحداث. بيتنا دمر سنة 2006، كما إستشهد لنا أقارب. في كتابي خصصت فصلاً كاملاً لعدوان تموز. توقيع الكتاب سيكون في 12 تموز. هو تاريخ له رمزيته بالنسبة لي، عدا عن تاريخ العدوان فهو كذلك عيد ميلادي.
هل السنوات ال13 التي أمضيتها في المهنة من الخصوبة التي إستدعت كتاباً، أم هو الخروج من قناة الجزيرة كان محفزاً؟
ـ إنها تجربة 13 سنة فقط وفي ثلاث مؤسسات وجدتها تستحق أن تدون، خاصة وأن بين هذه المؤسسات واحدة مالئة الدنيا وشاغلة الناس وهي الجزيرة التي أمضيت فيها ثماني سنوات. أحداث مرّت في الجزيرة، وأخرى شهدتها شاشتها وجدتها ضرورية كي أكتب عنها. وبخاصة قضية إستقالة المذيعات التي تحدثت عنها الصحافة كثيراً. وفي هذا الجانب شرحت بعض الملابسات والخلفيات والأسباب التي أدت لما حصل. كذلك التراكمات التي أوصلتنا للإستقالة. كل ما ذكرته يستحق أن أكتب عنه. وفي هذا الكتاب لست فقط بصدد المرحلة المهنية من حياتي، بل فيه بعض من السيرة عن الطفولة والمرحلة الجامعية ومن ثم المهنية وصولاً للإستقالة من الجزيرة.
جمعت الشخصي مع المهني؟
ـ نعم سيرة شخصية ومهنية. وبعد أن قرأت ما يقول لينا تفضح الجزيرة! لينا تقول ما لا يقال! أريد التوضيح بأن هذا ليس وارداً، ولا هو تربيتي ولا أخلاقي تسمح به. كما أني لست بناكرة جميل. من يحييني أرد له التحية بأحسن منها. ما سردته في كتابي هو توضيحات أكثر منه فضح أسرار. تحفظت عن قول الكثير، فليس هدفي فضح ما يجري في كواليس الجزيرة. تحدثت في الشق السياسي وفي بعض الأحداث التي جرت في الجزيرة. آمل أن أكون وفقت في تقديم ما لدي مهنياً، وآمل أن يشكل الكتاب إضافة، وأن يقدم معلومة عني لمن يرغب بأن يعرف عني أي شيء.
ما هي الحوافز التي أملت تقديم الكتاب؟
ـ إنه العمل في قناة الجزيرة التي هي أكبر صرح إعلامي في الوطن العربي. الجزيرة التي حرّكت الكثير من الأماكن الراكدة في الكثير من الأماكن هي بحد ذاتها تستحق أن أكتب عنها، بالإضافة إلى خبراتي السابقة. هي مراجعة حسابات، ووقفة تأملية في زمن ال13 سنة من العمل مع الجزيرة ومع غيرها. إنه توثيق لتجربة خاصة بي. الأحداث التي ذكرتها، وحجم الكلام الذي قلته بمنظوري الخاص يتناسب مع كتاب.
عندما نتصفح كتابا نبحث عن الجديد وعن الفائدة. ماذا ستقدم لينا هر الدين لمتصفحي كتابها؟
ـ بظني أن خريجي كلية الإعلام هم أكثر المستفيدين منه. فالعمل الإعلامي يختلف تماماً عن الدراسة الجامعية. وقد شرحت في الكتاب كيف يمكن للصحافي أن يتدرج وأن يتدرب وأن يستفيد من الخبرة، حتى يتمكن من أدواته على الشاشة وتحتها. وهذا ما أعتبره إضافة لمن يعمل في الحقل الإعلامي ولخريجي الجامعات. وفي الكتاب بعض بعض من الكواليس داخل الجزيرة، وكيفية تعاطي الإدارة مع الإعلاميين من محررين ومذيعين ومنتجين وغيرهم. كما ركزت مع الأسف على التعاطي السيء للإدارة مع العاملين، وعلى بعض الممارسات الخاطئة. وكيفية التعامل البعيد كل البعد عن المهنية. وهذا ما لن يعرفه الناس من خلال شاشة الجزيرة. كان في بالي صورة عن قناة الجزيرة وأعتبرتها مكاناً مهنياً بحتاً، لا مجال فيه للمحسوبيات والمزاجية، وشخصنة الأمور، وأن الكفاءة هي المعيار الوحيد لهذا الشخص أو ذاك.
متى وأين صدمتك قناة الجزيرة؟
ـ مع وصول إدارة ومنذ إحتلال العراق سنة 2003 تغيرت الجزيرة، إنما لم تكن صورة التغير بالشكل المكشوف الذي بدا في السنوات الأخيرة. كنت خلال هذه السنوات أمنّي النفس بأن ما أراه ليس حقيقة، ومن الضروري إعطاء فرصة للإدارة الجديدة. تراكمت الأمور على مدى سنوات ومع ذلك بقيت في إطار المحاولات لإعطاء الفرصة للإدارة الجديدة. مع الأسف أكرر بأن شخصنة الأمور أدت للكثير من التراكمات معي ومع آخرين. وهذا ما كان سبباً في الإستقالة الجماعية التي حدثت.
إستقالة أربع مذيعات يطرح السؤال إن كان التعاطي السيء مركزاً على النساء دون الرجال؟
ـ لا أخفي ويجب أن أقول بوجود تمييز بين المرأة والرجل، في حين يجب أن يتساوى النساء والرجال في هذا المكان. وأن يحاسب الجميع على أساس قدراته وكفاءاته وأدائه. ثمة وقائع تثبت التميز في معاملة المرأة عن الرجل دون أن نفهم لماذا. ربما بسبب إيديولوجيا معينة سيطرت في وقت معين. هو تعاط متشدد على صعيد التفكير وطريقة الكلام، وإستعمال المصطلحات.
هل تسعى إدارة الجزيرة ليكون القسم الأكبر من مذيعيها ذكور؟
ـ لو ترك الأمر لهم لفضلوا غلبة الرجال. ما أريد التركيز عليه أنه لا يليق بالجزيرة أن تتعاطى على هذا الأساس مع موظفيها. الجزيرة مكان إعلامي للجميع. هو مملوك من المشاهد العربي ومن الرأي العام ومن كل من يحضر الجزيرة، ولا يملكه شخصان أو ثلاثة. إن سئلت في السياسة بكل تأكيد يقررها صنّاع القرار سواء في دولة قطر أو بعض الأشخاص في الجزيرة. إنما في باب التعاطي الفردي والمهني والإداري من المفروض إعتماد معايير مهنية لإتخاذ القرار. إنما للأسف هذا ما ليس حاصلاً. أعود للقول أنه لا يليق للجزيرة أن تكون لها صورة مناقضة لصورة قطر المنفتحة والمتمثلة بالشيخة موزة والمؤتمرات العلمية والندوات والتطور التكنولوجي والعلمي. لهذا كان لدينا إستغراب شديد بكيفية التعاطي مع المذيعات بهذا التشدد وهذا التضييق، في مقابل وجود قطر دوحة بكل معنى الكلمة. ففي الفترة الماضية شكلت قطر دوحة للإنفتاح والعيش بسلام والطمأنينة والرفاهية.
كيف تمثل التعاطي السيء والتمييز بحق النساء فقط؟
ـ تمثلت بالإنذارات الخطية والشفهية، وكذلك التهديدات الخطية والشفهية هي بنسبة 80 بالماية لا تمت للمهنية بصلة. كانت بمعظمها مزاجية. والأسباب بكل بساطة لأن فلان مدير أو مسؤول لا تعجبه هذه المذيعة أو تلك. ولا ألغي الشكل فقد كان لشكل المذيعات دور في الإنذارات والتهديدات إنما لم تكن السبب الرئيسي، بل كان أحد الأسباب التي كانت مشتركة بيني وبين الكثير من الزميلات. لذلك تقدمن بشكوى طالبنا فيها بإعتماد معايير مهنية وإعتماد الشفافية، وإرساء قواعد إحترام بين الموظفين والإدارة. لم نكن في بحث عن ما يناسبنا، لكننا كنا نقول أنها الجزيرة وليست أي وسيلة إعلامية لذلك يجب أن يعامل موظفوها كما يليق بالجزيرة، وكما يليق بهؤلاء الموظفين. لذلك أحسست في مرحلة ما أن الجزيرة لم تعد تشبهني في شيء.
هذا الإحساس كان قبيل الإستقالة من أكثر من سنة ونصف. وما هو إحساسك الحالي حيال أداء الجزيرة؟
ـ أكرر الجزيرة لا تشبهني الآن. من حقي أن أنتقد الجزيرة. هناك من يقبل وهناك من لا يقبل هذا الإنتقاد.
هل من جوامع مشركة بين إستقالتك وإستقالة غسان بن جدو؟
ـ قد تكون بيننا العديد من الأمور المشتركة.
هل تنظرين لإستقالته بأنها لأسباب جوهرية أم إستعراضية كما حللها البعض؟
ـ طرح عليَ هذا السؤال مراراً. الإعلام هو الذي صنع من إستقالة غسان بن جدو قنبلة. غسان بن جدو إستقال لإيمانه بقناعات ومبادئ معينة. لم يكن هدف غسان كل ما ذكره الإعلام. ليس غسان بن جو من يستعرض نفسه. هو إسم قديم ومعروف في الإعلام ولديه الكثير من النجاحات ولم يكن بحاجة للمزيد من الشهرة. جاءه مزيد من الشهرة بعد الإستقالة وهو لم يكن ليحتاجها لأنه كان ناجحاً كمدير مكتب وكمقدم برنامج. إنما هناك من يحمل الأمور أكثر مما تحتمل وبخاصة المنتقدين الذين يملكون على الدوام تأويلاً للأمور.
الجزيرة ليست نهاية المشوار هو عنوان كتابك فإلى أين سيأخذك المشوار من جديد؟
ـ ربما هو عنوان جذّاب ومن حقي إختيار ما يسوق لكتابي ويقدمه للناس. وهو ليس عنواناً من فراغ. لست في وارد إختيار مهنة أخرى. الإعلام كما الإدمان. في بالي الكثير من الأفكار. وأنا بإنتظار الظروف المؤاتية لتحقيق بعض هذه الأحلام.
هل ترين من الطبيعي أن يتعرض للتهديد المذيعات والمذيعون الموجودون في محطات إخبارية تخاصم بعض الأنظمة أو الثورات العربية؟
ـ لكل إنسان قناعاته وقيمه. لا يحق لأحد أن يملي على آخر غير ما يؤمن به. ومن السيء أن تهدد دولة بذاتها صحافييها وتمنعهم من العمل هنا أو هناك. فمن يعمل في الإعلام إذاً إن كانت كل البلاد العربية تشهد ثورات كما هو حاصل حالياً؟ لكل إنسان شأنه ولكل دولة شأنها. إنها السياسة والسياسة فن الممكن. ليس ممكناً أن تكون المؤسسة وردة وزهرة عندما تتناسب مع قناعاتي، وعندما لا تتناسب أحمل السلاح وأسلطه عليها. القرار يعود للإنسان نفسه إما أن يكون في هذا المكان أو يتركه بكل بساطة.
إن كنت بصدد عمل جديد فهل تبحثين عن ما يشبهك؟
ـ أتمنى أن أجد ما يتوافق معي ولو بنسبة معينة. فلن أجد ما هو مفصل على مقاسي في أي مؤسسة وخاصة في الإعلام. أتمنى أن أجد ما هو قريب مني. صعب إيجاد الكمال الذي ننشده في مكان مهني.
بعد عمل في الجزيرة هل يجذبك العمل في الإعلام المحلي؟
ـ يجذبني لبنان أولاً. كنت في شوق لأن يعيش أطفالي في البيئة اللبنانية وقرب أقاربهم. لكن العمل الإعلامي في لبنان وبكل ما تعنيه الكلمة غير موجود. في لبنان مؤسسات إعلامية حزبية. ليس في لبنان عمل إعلامي بل تجييش إعلامي. ولا أتمنى الإشتراك في هذا التجييش. فهذه ليست أمنيتي، إلا إذا كنت سأترك السياسة.
هل يمكن أن تقدمي برنامجاً إجتماعياً؟
ـ يجوز إذا كان لدي رغبة بإضافة في مكان غير السياسة. لكني لن أشارك بتجييش وتحريض ومقدمات فيها قصف مدفعي على اللبنانيين جميعهم.
أما المشوار التالي فلا تجده لينا في الإعلام اللبناني الذي تراه قائماً على التجييش والقصف المدفعي.
مع لينا زهر الدين كان هذا الحوار:
من هي لينا زهر الدين بعيداً عن شهرتها في قناة الجزيرة؟
ـ أنا من جنوب لبنان وهذا ما ذكرته في كتابي لأن المراحل التي تناولتها فرضت أن أكون جزءاً من الأحداث. بيتنا دمر سنة 2006، كما إستشهد لنا أقارب. في كتابي خصصت فصلاً كاملاً لعدوان تموز. توقيع الكتاب سيكون في 12 تموز. هو تاريخ له رمزيته بالنسبة لي، عدا عن تاريخ العدوان فهو كذلك عيد ميلادي.
هل السنوات ال13 التي أمضيتها في المهنة من الخصوبة التي إستدعت كتاباً، أم هو الخروج من قناة الجزيرة كان محفزاً؟
ـ إنها تجربة 13 سنة فقط وفي ثلاث مؤسسات وجدتها تستحق أن تدون، خاصة وأن بين هذه المؤسسات واحدة مالئة الدنيا وشاغلة الناس وهي الجزيرة التي أمضيت فيها ثماني سنوات. أحداث مرّت في الجزيرة، وأخرى شهدتها شاشتها وجدتها ضرورية كي أكتب عنها. وبخاصة قضية إستقالة المذيعات التي تحدثت عنها الصحافة كثيراً. وفي هذا الجانب شرحت بعض الملابسات والخلفيات والأسباب التي أدت لما حصل. كذلك التراكمات التي أوصلتنا للإستقالة. كل ما ذكرته يستحق أن أكتب عنه. وفي هذا الكتاب لست فقط بصدد المرحلة المهنية من حياتي، بل فيه بعض من السيرة عن الطفولة والمرحلة الجامعية ومن ثم المهنية وصولاً للإستقالة من الجزيرة.
جمعت الشخصي مع المهني؟
ـ نعم سيرة شخصية ومهنية. وبعد أن قرأت ما يقول لينا تفضح الجزيرة! لينا تقول ما لا يقال! أريد التوضيح بأن هذا ليس وارداً، ولا هو تربيتي ولا أخلاقي تسمح به. كما أني لست بناكرة جميل. من يحييني أرد له التحية بأحسن منها. ما سردته في كتابي هو توضيحات أكثر منه فضح أسرار. تحفظت عن قول الكثير، فليس هدفي فضح ما يجري في كواليس الجزيرة. تحدثت في الشق السياسي وفي بعض الأحداث التي جرت في الجزيرة. آمل أن أكون وفقت في تقديم ما لدي مهنياً، وآمل أن يشكل الكتاب إضافة، وأن يقدم معلومة عني لمن يرغب بأن يعرف عني أي شيء.
ما هي الحوافز التي أملت تقديم الكتاب؟
ـ إنه العمل في قناة الجزيرة التي هي أكبر صرح إعلامي في الوطن العربي. الجزيرة التي حرّكت الكثير من الأماكن الراكدة في الكثير من الأماكن هي بحد ذاتها تستحق أن أكتب عنها، بالإضافة إلى خبراتي السابقة. هي مراجعة حسابات، ووقفة تأملية في زمن ال13 سنة من العمل مع الجزيرة ومع غيرها. إنه توثيق لتجربة خاصة بي. الأحداث التي ذكرتها، وحجم الكلام الذي قلته بمنظوري الخاص يتناسب مع كتاب.
عندما نتصفح كتابا نبحث عن الجديد وعن الفائدة. ماذا ستقدم لينا هر الدين لمتصفحي كتابها؟
ـ بظني أن خريجي كلية الإعلام هم أكثر المستفيدين منه. فالعمل الإعلامي يختلف تماماً عن الدراسة الجامعية. وقد شرحت في الكتاب كيف يمكن للصحافي أن يتدرج وأن يتدرب وأن يستفيد من الخبرة، حتى يتمكن من أدواته على الشاشة وتحتها. وهذا ما أعتبره إضافة لمن يعمل في الحقل الإعلامي ولخريجي الجامعات. وفي الكتاب بعض بعض من الكواليس داخل الجزيرة، وكيفية تعاطي الإدارة مع الإعلاميين من محررين ومذيعين ومنتجين وغيرهم. كما ركزت مع الأسف على التعاطي السيء للإدارة مع العاملين، وعلى بعض الممارسات الخاطئة. وكيفية التعامل البعيد كل البعد عن المهنية. وهذا ما لن يعرفه الناس من خلال شاشة الجزيرة. كان في بالي صورة عن قناة الجزيرة وأعتبرتها مكاناً مهنياً بحتاً، لا مجال فيه للمحسوبيات والمزاجية، وشخصنة الأمور، وأن الكفاءة هي المعيار الوحيد لهذا الشخص أو ذاك.
متى وأين صدمتك قناة الجزيرة؟
ـ مع وصول إدارة ومنذ إحتلال العراق سنة 2003 تغيرت الجزيرة، إنما لم تكن صورة التغير بالشكل المكشوف الذي بدا في السنوات الأخيرة. كنت خلال هذه السنوات أمنّي النفس بأن ما أراه ليس حقيقة، ومن الضروري إعطاء فرصة للإدارة الجديدة. تراكمت الأمور على مدى سنوات ومع ذلك بقيت في إطار المحاولات لإعطاء الفرصة للإدارة الجديدة. مع الأسف أكرر بأن شخصنة الأمور أدت للكثير من التراكمات معي ومع آخرين. وهذا ما كان سبباً في الإستقالة الجماعية التي حدثت.
إستقالة أربع مذيعات يطرح السؤال إن كان التعاطي السيء مركزاً على النساء دون الرجال؟
ـ لا أخفي ويجب أن أقول بوجود تمييز بين المرأة والرجل، في حين يجب أن يتساوى النساء والرجال في هذا المكان. وأن يحاسب الجميع على أساس قدراته وكفاءاته وأدائه. ثمة وقائع تثبت التميز في معاملة المرأة عن الرجل دون أن نفهم لماذا. ربما بسبب إيديولوجيا معينة سيطرت في وقت معين. هو تعاط متشدد على صعيد التفكير وطريقة الكلام، وإستعمال المصطلحات.
هل تسعى إدارة الجزيرة ليكون القسم الأكبر من مذيعيها ذكور؟
ـ لو ترك الأمر لهم لفضلوا غلبة الرجال. ما أريد التركيز عليه أنه لا يليق بالجزيرة أن تتعاطى على هذا الأساس مع موظفيها. الجزيرة مكان إعلامي للجميع. هو مملوك من المشاهد العربي ومن الرأي العام ومن كل من يحضر الجزيرة، ولا يملكه شخصان أو ثلاثة. إن سئلت في السياسة بكل تأكيد يقررها صنّاع القرار سواء في دولة قطر أو بعض الأشخاص في الجزيرة. إنما في باب التعاطي الفردي والمهني والإداري من المفروض إعتماد معايير مهنية لإتخاذ القرار. إنما للأسف هذا ما ليس حاصلاً. أعود للقول أنه لا يليق للجزيرة أن تكون لها صورة مناقضة لصورة قطر المنفتحة والمتمثلة بالشيخة موزة والمؤتمرات العلمية والندوات والتطور التكنولوجي والعلمي. لهذا كان لدينا إستغراب شديد بكيفية التعاطي مع المذيعات بهذا التشدد وهذا التضييق، في مقابل وجود قطر دوحة بكل معنى الكلمة. ففي الفترة الماضية شكلت قطر دوحة للإنفتاح والعيش بسلام والطمأنينة والرفاهية.
كيف تمثل التعاطي السيء والتمييز بحق النساء فقط؟
ـ تمثلت بالإنذارات الخطية والشفهية، وكذلك التهديدات الخطية والشفهية هي بنسبة 80 بالماية لا تمت للمهنية بصلة. كانت بمعظمها مزاجية. والأسباب بكل بساطة لأن فلان مدير أو مسؤول لا تعجبه هذه المذيعة أو تلك. ولا ألغي الشكل فقد كان لشكل المذيعات دور في الإنذارات والتهديدات إنما لم تكن السبب الرئيسي، بل كان أحد الأسباب التي كانت مشتركة بيني وبين الكثير من الزميلات. لذلك تقدمن بشكوى طالبنا فيها بإعتماد معايير مهنية وإعتماد الشفافية، وإرساء قواعد إحترام بين الموظفين والإدارة. لم نكن في بحث عن ما يناسبنا، لكننا كنا نقول أنها الجزيرة وليست أي وسيلة إعلامية لذلك يجب أن يعامل موظفوها كما يليق بالجزيرة، وكما يليق بهؤلاء الموظفين. لذلك أحسست في مرحلة ما أن الجزيرة لم تعد تشبهني في شيء.
هذا الإحساس كان قبيل الإستقالة من أكثر من سنة ونصف. وما هو إحساسك الحالي حيال أداء الجزيرة؟
ـ أكرر الجزيرة لا تشبهني الآن. من حقي أن أنتقد الجزيرة. هناك من يقبل وهناك من لا يقبل هذا الإنتقاد.
هل من جوامع مشركة بين إستقالتك وإستقالة غسان بن جدو؟
ـ قد تكون بيننا العديد من الأمور المشتركة.
هل تنظرين لإستقالته بأنها لأسباب جوهرية أم إستعراضية كما حللها البعض؟
ـ طرح عليَ هذا السؤال مراراً. الإعلام هو الذي صنع من إستقالة غسان بن جدو قنبلة. غسان بن جدو إستقال لإيمانه بقناعات ومبادئ معينة. لم يكن هدف غسان كل ما ذكره الإعلام. ليس غسان بن جو من يستعرض نفسه. هو إسم قديم ومعروف في الإعلام ولديه الكثير من النجاحات ولم يكن بحاجة للمزيد من الشهرة. جاءه مزيد من الشهرة بعد الإستقالة وهو لم يكن ليحتاجها لأنه كان ناجحاً كمدير مكتب وكمقدم برنامج. إنما هناك من يحمل الأمور أكثر مما تحتمل وبخاصة المنتقدين الذين يملكون على الدوام تأويلاً للأمور.
الجزيرة ليست نهاية المشوار هو عنوان كتابك فإلى أين سيأخذك المشوار من جديد؟
ـ ربما هو عنوان جذّاب ومن حقي إختيار ما يسوق لكتابي ويقدمه للناس. وهو ليس عنواناً من فراغ. لست في وارد إختيار مهنة أخرى. الإعلام كما الإدمان. في بالي الكثير من الأفكار. وأنا بإنتظار الظروف المؤاتية لتحقيق بعض هذه الأحلام.
هل ترين من الطبيعي أن يتعرض للتهديد المذيعات والمذيعون الموجودون في محطات إخبارية تخاصم بعض الأنظمة أو الثورات العربية؟
ـ لكل إنسان قناعاته وقيمه. لا يحق لأحد أن يملي على آخر غير ما يؤمن به. ومن السيء أن تهدد دولة بذاتها صحافييها وتمنعهم من العمل هنا أو هناك. فمن يعمل في الإعلام إذاً إن كانت كل البلاد العربية تشهد ثورات كما هو حاصل حالياً؟ لكل إنسان شأنه ولكل دولة شأنها. إنها السياسة والسياسة فن الممكن. ليس ممكناً أن تكون المؤسسة وردة وزهرة عندما تتناسب مع قناعاتي، وعندما لا تتناسب أحمل السلاح وأسلطه عليها. القرار يعود للإنسان نفسه إما أن يكون في هذا المكان أو يتركه بكل بساطة.
إن كنت بصدد عمل جديد فهل تبحثين عن ما يشبهك؟
ـ أتمنى أن أجد ما يتوافق معي ولو بنسبة معينة. فلن أجد ما هو مفصل على مقاسي في أي مؤسسة وخاصة في الإعلام. أتمنى أن أجد ما هو قريب مني. صعب إيجاد الكمال الذي ننشده في مكان مهني.
بعد عمل في الجزيرة هل يجذبك العمل في الإعلام المحلي؟
ـ يجذبني لبنان أولاً. كنت في شوق لأن يعيش أطفالي في البيئة اللبنانية وقرب أقاربهم. لكن العمل الإعلامي في لبنان وبكل ما تعنيه الكلمة غير موجود. في لبنان مؤسسات إعلامية حزبية. ليس في لبنان عمل إعلامي بل تجييش إعلامي. ولا أتمنى الإشتراك في هذا التجييش. فهذه ليست أمنيتي، إلا إذا كنت سأترك السياسة.
هل يمكن أن تقدمي برنامجاً إجتماعياً؟
ـ يجوز إذا كان لدي رغبة بإضافة في مكان غير السياسة. لكني لن أشارك بتجييش وتحريض ومقدمات فيها قصف مدفعي على اللبنانيين جميعهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق