جنبلاط و«الثورة السورية»!
|
بقلم : طارق الحميد
2011/7/21
نقلت وكالة أنباء موسكو عن رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط، عقب
لقائه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بروسيا قوله بأنه من الضرورة فهم
أن ما يحدث بسوريا هو ثورة، وتقبل فكرة أن الشعوب العربية تريد الحرية!
وأضاف جنبلاط بموسكو أن على الرئيس السوري أن يلجأ إلى إجراء إصلاحات
بأسرع وقت، والإفراج عن المعتقلين، وضرورة وقف العنف.. إلا أن السؤال الملح
هنا هو: لماذا قال جنبلاط ما قاله في موسكو، فهل تحرك ضميره لدعم السوريين
المقموعين، أم لأهداف أخرى؟ والحق أن جنبلاط كان من أوائل من طالبوا الأسد
بضرورة الإسراع بالإصلاح، ومنذ اندلاع الانتفاضة السورية، لكن الجديد
اليوم، واللافت، أن وليد بيك يدعو إلى فهم ما يحدث بسوريا على أنه ثورة،
وهو أمر لم يسبقه إليه ولا مسؤول عربي، كما يطالب جنبلاط النظام السوري،
والمجتمع الدولي، والعربي طبعا، بضرورة تقبل فكرة أن الشعوب العربية تريد
الحرية!
قناعتي أن جنبلاط يدرك تماما أن النظام السوري أبعد ما يكون عن الإصلاح،
وكل التغييرات التي يقوم بها اليوم هي لمنع وقوع التغيير الحقيقي بسوريا،
لكن لم يتنبه جنبلاط إلى أن المواقع الإخبارية المحسوبة على النظام السوري،
ومنها «شام برس»، قد قامت بنقل تصريحاته من موسكو، وأبرزت منها حديثه عن
الحوار والإصلاحات، لكنها حذفت حديثه عن أن ما يحدث بسوريا ثورة، فكيف يريد
جنبلاط إقناع العالم بأن ما يحدث بسوريا ثورة، ويطالب الجميع بتقبل فكرة
أن العرب يريدون الحرية طالما أن النظام السوري نفسه لا يريد استيعاب ذلك؟
وكيف يطالب جنبلاط النظام السوري بالإفراج عن المعتقلين، ووقف العنف، بينما
حكومة بلاده العتيدة، حكومة حزب الله، تغض النظر عن الأمن السوري الذي
يلاحق الفارين من سوريا داخل الأراضي اللبنانية، بل وتقوم بتنفيذ عمليات
ضدهم، دون أن ينطق حلفاؤه بالحكومة اللبنانية كلمة واحدة، ويكفي أن نتذكر
أن لبنان هو من ارتكب فضيحة إعادة جنود سوريين فارين إلى دمشق، بلا شفقة أو
رحمة، عدا عن تضييق الخناق على الفارين السوريين ممن هم بسن الشباب؟
والمضحك، وهو ضحك كالبكاء، أن وكالة الأنباء السورية تنقل عن رئيس مجلس
النواب اللبناني نبيه بري قوله إن لبنان لن يفرط في ذرة تراب واحدة من
أراضيه، بينما الجيش السوري يكر ويفر داخل الأراضي اللبنانية!
ولذا، فإن تصريحات جنبلاط بموسكو ليست خوفا على السوريين المقموعين، بقدر
ما أنها قلق حقيقي بات ينتاب جنبلاط بعد أن تحرك أبناء طائفته «الدروز»
بسوريا، حيث باتوا يشاركون بالمظاهرات المناوئة لنظام الأسد، وكل ما يهم
جنبلاط هو الحفاظ على زعامة الطائفة. وقد يقول قائل: وما الضير بذلك،
فجنبلاط يتصرف بواقعية؟
بالطبع لا ضير بذلك إذا أردنا الحديث بمنطق الطوائف، لكن إذا أردنا تصديق
جنبلاط في أن الشعوب العربية تريد الحرية، والإصلاح، فإن مواقفه السياسية،
وتقلباته، وتصريحاته، سواء بلبنان أو سوريا، لا تستقيم مع ذلك إطلاقا،
فالثورات تطالب بالإصلاح، وبناء الدولة، وليس تكريس الزعامة الطائفية!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق