تبادل الاتهامات من الحركتين لا يبشر بالتفاؤل
رغم
مرور حوالي الشهرين على توقيع اتفاق المصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس" في
القاهرة، إلا أن الاتفاق ما زال حبراً على ورق إذ لم يتحقق أي انجاز على
ارض الواقع حتى الآن في انتظار تطبيق وتنفيذ الخطوة الأولى الأساسية وهي
تشكيل حكومة الوفاق الوطني المحددة مهامها باجراء انتخابات رئاسية
وتشريعية، واعمار ما دمره الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة. وكل ما تحقق
حتى الآن هو عقد عدة جلسات لوفدي الحركتين، ولكن هذه الاجتماعات لم تصل الى
أي اتفاق نهائي حتى الآن بموضوع المرشح المتفق عليه ليتولى منصب رئيس
وزراء حكومة الوفاق، إذ أن حركة "حماس" ترفض بشكل قاطع (حتى الآن) ترشيح
الدكتور سلام فياض، في حين أن حركة فتح ترفض ترشيح حماس للدكتور جمال
الخضري. وقيل أن الوفدين اتفقا في لقائهما الاخير على استبعاد فياض من
قائمة المرشحين لرئاسة الوزارة، بيد أن اصرار الرئيس محمود عباس على التمسك
بترشيح فياض وضع علامات استفهام كبيرة على هذا الاتفاق بين الوفدين.
معوقات تشكيل الحكومة
الرئيس
عباس يقول أن من حقه تكليف من يراه مناسباً لتولي منصب رئيس الوزراء، لأن
هذا المكلف يعمل باستمرار الى جانب الرئيس، ولا يريد الرئيس فرض مرشحين
عليه.
يبدو
جلياً أن طرح اسم مستشار الرئيس للشؤون الاقتصادية ورئيس صندوق الاستثمار
الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى هو وارد أيضاً، لكن الرئيس عباس، ورغم علاقته
القوية مع مستشاره الدكتور مصطفى الا أنه وحتى الآن متمسك بالدكتور فياض..
وهذا بالطبع أثار غضب حركة حماس إذ أنها تتساءل عن هذا التمسك بالدكتور
فياض، هل هو قناعة به أم قناعة وفي الوقت نفسه فرض أو ضغط من الخارج بخصوص
هذا الامر.
كما
ان حركة حماس ترفض بقوة سلام فياض لأن قياديين داخل الحركة لن يقبلوا به،
وخاصة من الداخل، والدكتور محمود الزهار أحد الرافضين لذلك، ولهذا فان
الحركة لا تريد أن يقع شرخ أو خلاف حول هذا الموضوع بعد أن تم لم الشرخ بين
الزهار والقيادة بالخارج.
ولا
بدّ من القول أيضاً أن هناك مجموعة من القياديين داخل حركة "فتح" لا
يريدون سلام فياض، وخير اثبات على ذلك أن الوفد الذي يمثل فتح في اجتماعات
القاهرة مع وفد حماس، وافق بسرعة على استبعاد فياض، وهذا بالطبع أثار غضب
الرئيس عباس، لانه ليس من حق الوفد أن يتخذ قرارات دون العودة الى القيادة.
الممارسة على الأرض
لم تتغير ممارسة كل من فتح وحماس على أرض الواقع إذ أن كل طرف يواصل تطبيق خططه، ومشاريعه.
حماس
ترفض حتى اليوم بدء عمل لجنة الانتخابات المركزية في القطاع من استئجار
جديد لمكاتب بعد أن سلمت مكاتبها السابقة لمالكيها، وستبدأ اللجنة المركزية
من نقطة الصفر، إلا أن الموافقة لم تصدر بعد لتوجه اللجنة الى القطاع
ومباشرة عملها.. وهذا يدل على أن الاتفاق ما زال في مرحلة اختبار، ولم يتم
وضعه قيد التطبيق.
وبالمقابل
فان حركة فتح رفضت تأجيل انتخابات مجلس نقابة المهندسين بناءً على طلب
القوى والفصائل الفلسطينية في انتظار تحقيق المصالحة، ومشاركة حماس في هذه
الانتخابات. وجرت الانتخابات وقاطعها ممثلو القوى الفلسطينية العديدة
(الجبهتان الديمقراطية والشعبية) وكذلك حماس مما وضع علامات استفهام على مثل هذا الموقف. وقد شارك في الانتخابات حزب الشعب فقط الى جانب فتح.
ومثل
هذه الممارسات والمواقف تضع سؤالاً واضحاً وهو: هل هناك حقاً وحقيقة نوايا
صادقة لتطبيق الاتفاق، ام أن الحركتين تراجعتا عن هذا الاتفاق بصورة عملية
نتيجة عوامل داخلية أو نتيجة ضغوطات خارجية؟
لقاء عباس مشعل
حتى
ان المساعي لعقد لقاء بين الرئيس عباس وخالد مشعل، رئيس المكتب السياسي
لحركة حماس، لم تنجح حتى الآن رغم أن الوفدين المتحاورين الممثلين للحركتين
اتفقا على لقاء مشعل عباس في القاهرة لحسم موضوع اختيار الشخص المناسب
لتشكيل حكومة الوفاق الوطني.
يُقال
أن جهوداً عربية بذلت بهذا الخصوص ولعقد لقاء، الا أن هذه الجهود باءت
بالفشل، حتى ان مشعل توجه الى تركيا أثناء زيارة الرئيس عباس لها لكن لم
تنجح الجهود في الجمع بينهما.. مما يعني أن الخلاف كبير جداً.
اتفاق هدنة وليس مصالحة
يقول
مراقبون ان الاتفاق الذي وقع في القاهرة لم يكن اتفاق مصالحة، بل اتفاق
هدنة لوقف العداء، ولاثبات ان الساحة الفلسطينية موحدة، ولتوحيد الصفوف في
هذا الوقت العصيب، وخاصة وقت الاستعداد لاستحقاقات أيلول، وللتأكيد للعالم
ان هناك مفاوضاً فلسطينياً واحداً.
ومما
يعطي الانطباع بأن هذا الاتفاق هو مجرد اتفاق شكلي حتى الآن هو الاتفاق
على ان يحضر وفد امني مصري رفيع للمساعدة في تطبيق الاتفاق، الا ان هذا
الوفد لم يمارس مهماته حتى الآن لربما لشعوره بأن الاتفاق ليس جاداً، ولن
يطبق.. فاذا الخلاف حول شخص رئيس الوزراء لم يحل بعد ومستمر لحوالي شهرين،
فكيف ستحل القضايا الاكثر تعقيداً، مثل قضايا الأجهزة الأمنية.
تفاؤل
المواطن بهذه المصالحة بدأ بالتلاشي لان الممارسة على ارض الواقع لم تكن
بمستوى هذا التفاؤل، كما ان حماس أو اندفاع الحركتين للمضي قدما في هذا
الاتفاق ليس بالمستوى المطلوب.. والمواطن معني بالاتفاق، ومعني بأن تحسم
صناديق الاقتراع هذا الخلاف، ومعني بألا يعود الانقسام مجدداً..
آمال
المواطن الوطنية كبيرة، فهل يهتم بها قادة الحركتين أم أن المصلحة الحزبية
فوق مصالح الوطن والمواطن. سؤال بحاجة الى اجابة سريعة من قبل قادة حماس
وفتح على حد سواء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق