وثائق ويكيليكس و"الحلقة المفقودة" في سباق التسلح في الخليج
تعطي البرقيات الدبلوماسية السرية الأمريكية التي نشرها موقع "ويكيليكس" الإلكتروني لمحة عن أهم المواضيع التي تطرق لها قادة سياسيون في منطقة الخليج العربي مع مسؤولين أمريكيين، كما وتشير الوثائق أيضاً إلى مباحثات محمومة عام 2009 بين دول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية بخصوص توفير ضمانات ضد ضربة إيرانية عسكرية محتملة، في صورة أنظمة قتالية متطورة.
هذا وتكشف إحدى البرقيات أن الإمارات العربية المتحدة، مثلاً، طالبت واشنطن مراراً وتكراراً بتحسين التعاون العسكري معها، وتزويدها بأسلحة أمريكية متطورة "من أجل الرد على أسوأ سيناريو محتمل من إيران"، مقتبسة من كلام حاكم إمارة أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد، الذي قال إنه يريد أن يجهز جيشه قبل بدء المعارك.
"توافق غير معلن"

يذكر أن الولايات المتحدة كانت قد أعلنت عن صفقة أسلحة مع المملكة العربية السعودية تصل قيمتها إلى 60 مليار دولار، تشمل طائرات مقاتلة متقدمة ومروحيات وصواريخ وغيرها من الأسلحة والمعدات، التي سيتم تسليمها على فترة تتراوح بين 15 و 20 عاماً. وتعتبر هذه الصفقة الأكبر من نوعها في تاريخ الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من تزويد الولايات المتحدة وعدد من دول غرب أوروبا دول الخليج والشرق الأوسط بشكل عام بأحدث أنظمة السلاح بشكل مستمر، إلا أن ناسّاور يشير إلى توافق غير معلن ينصّ على عدم تزويد الدول العربية بأسلحة أكثر تطوراً من إسرائيل. ويقول الخبير الألماني: "قد تحصل إسرائيل على نفس الطائرات المقاتلة التي تحصل عليها السعودية، لكن إسرائيل تحصل على طائرات أفضل من ناحية الأداء والأسلحة المستخدمة".
"موضة" الصواريخ الاعتراضية
وتعتبر ألمانيا حالياً من أهم موردي الأسلحة إلى الشرق الأوسط، سواء إلى إسرائيل أو دول الخليج. ويشير خبير التسلح أوتفريد ناسّاور إلى أن تخفيف إسرائيل لاعتراضاتها على صفقات ألمانيا في المنطقة مؤخراً يعدّ أحد أهم أسباب عودتها إلى صدارة الدول المصدرة للسلاح في المنطقة. وتتفاوض السعودية حالياً مع كل من ألمانيا وأسبانيا حول صفقة توريد دبابات من طراز "ليوبارد"، بحسب ناسّاور.

لكن عدداً من المراقبين يرون سباق التسلح هذا، المدعوم من قبل الولايات المتحدة بشكل رئيسي، يناقض سياسة "اليد الممدودة" المعلنة لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تجاه إيران. يضاف إلى ذلك الضغط السياسي الذي مارسه أوباما على روسيا عام 2009 لمنعها من تزويد طهران بصواريخ اعتراضية من نوع (إس 300)، لاستخدامها في حماية منشآتها النووية. وبالفعل، فقد قام الرئيس الروسي ديميتري ميدفيدييف في سبتمبر/ أيلول الماضي بتوقيع مرسوم رئاسي يمنع تسليم الصواريخ المذكورة إلى إيران.
سوق "رائجة" للسلاح مستقبلاً

لذلك يتوقع خبير التسليح الألماني أن تشهد المنطقة مستقبلاً صفقات أسلحة ذات أحجام ضخمة، كامتداد لموجة التسلح التي بدأت في النصف الثاني من العقد الحالي. لكنه لا يعتقد بأن تزويد الجيوش الخليجية بأكثر الأسلحة تطوراً سيزيد من قدراتها القتالية، لأن هذه الأسلحة – بحسب رأيه – تبدو "وكأنها وسيلة ردع سياسية، ذلك أنها ليست مدمجة بشكل كاف في المؤسسة العسكرية لدول المنطقة ... قد يكون الجيش الإيراني أسوأ من ناحية التجهيز، لكن قدراته القتالية أعلى من دول الجوار".
ياسر أبو معيلق
مراجعة : يوسف بوفيجلين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق