الأربعاء، 20 أبريل 2011

ليكن نيسان شهر ايقاظ الضمائر ...

ليكن نيسان شهر ايقاظ الضمائر ...

ندى الحايك خزمو
شهر نيسان .. شهر مليء بأحداث وذكريات مؤلمة مرت بشعبنا الفلسطيني .. أحداث تجعلنا نتوقف عندها لنتساءل: الى متى سيظل شعبنا الفلسطيني يعاني كل هذه المعاناة الواحدة منها تلو الأخرى ، بحيث لا يعطى حتى فرصة لالتقاط أنفاسه ..
شهر نيسان عرف بأنه شهر الاغتيالات والاستشهاد لقادة فلسطينيين .. فمن استشهاد القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني في معركة القسطل في 9 نيسان عام 1948، مروراً باغتيال القادة الثلاث في بيروت، كمال عدوان وابو يوسف النجار وكمال ناصر، في 10 نيسان 1973باشراف من رئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك بعملية سميت بـ "ربيع فردان"، واغتيال القائد عصام السرطاوي في البرتغال في 10 نيسان 1984، واغتيال أمير الشهداء القائد خليل الوزير (ابو جهاد) في تونس في 16 نيسان 1988 بقيادة ايهود براك ، الى اغتيال القائد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي عندما قصفت الطائرات الاسرائيلية سيارته في 17 نيسان 2004.. هؤلاء الشهداء الذين روت دماؤهم الطاهرة بذرة العطاء والتضحية في سبيل الوطن لتكبر وتنمو وتملأ أرض فلسطين بأزهار حية تقاوم أشواك الاحتلال التي تود اقتلاعها من أرضها .
وشهر نيسان.. شهد اليوم الخامس عشر منه اندلاع الثورة العربية الكبرى في فلسطين في العام 1936، وفي اليوم التاسع منه عام 1948 ارتكب الصهاينة مجزرة دير ياسين التي استشهد فيها ما بين 250 الى 360 من الأطفال والنساء وكبار السن .. وملحمة جنين البطولية عام 2002 التي تجلى فيها الصمود الأسطوري لأهالي المخيم في وجه الترسانة العسكرية الصهيونية.
ولأهمية هذا الشهر في التاريخ الفلسطيني ، ولأن السابع عشر منه صادف بأن يكون يوم إطلاق سراح أول أسير فلسطيني وهو محمود حجازي من سجون الاحتلال في عام 1974، اختير هذا اليوم ليكون يوم الأسير الفلسطيني.. يوماً لهؤلاء الأبطال الذين ضحوا بحريتهم وبحياتهم في سبيل هذا الوطن وكرامته، وفي سبيل تحقيق حلم التحرير من نير الاحتلال..
هؤلاء الأسرى الذين ما زال ما يقارب 8000 أسير منهم (بينهم حوالي 37 أسيرة و 330 طفلاً ) يقبعون في سجون الاحتلال يعانون الأمرين، مرّ عذاب السجون التي لا يعرف السجان فيها رحمة ولا شفقة، ومرّ الحرمان من الأهل والأبناء والأحباء.. وكم من سجين استشهد نتيجة اهمال علاجه وتردي وضعه الصحي، وما من مجيب لدعوات اطلاق سراحه من أجل أن يجد العلاج المناسب خارج زنازين القهر وبعيداً عن أيدي جلادي السجون.. وكم من أسير قتل عمداً فى التحقيق، وقد زاد عدد الأسرى الشهداء على مائتي أسير شهيد.
في يوم الأسير ترتفع الأصوات من أجل الافراج عن الأسرى .. وطوال العام بل وطوال الأعوام لا يتذكر أحد الأسرى سوى عائلاتهم وقلة قليلة من الناس .. تلك العائلات التي حرم العديد منها من زيارة أبنائهم في السجون.. يعانون البعد وألم الفراق.. فكم من سنوات مضت على أسرى من دون أن يروا أحباءهم .. وكم من أعوام مرت على أبناء حرموا من حنان آبائهم الأسرى.. وكم من أسير يقبع في زنزانة وزوجته تقبع في سجن وأبناؤهم يعانون ألم فراق الأبوين معاً .. تيتموا رغم أن والديهم على قيد الحياة.. وكم من أسير غيّب الموت والده أو والدته من دون أن يحظى بفرحة اللقاء ولو لبضع دقائق.. وكم من أسيرة اختطفت أمام أبنائها لتظل تلك الصورة تلاحقهم مدى الحياة .. وكم من أسيرة اعتقلت وهي حامل لتضع مولودها وهي مكبلة الأيدي والأرجل بسرير ما يسمى المستشفى .. وليعيش وليدها الذي هو بحاجة الى الرعاية والعناية في غياهب السجن، ولينتزع من حضن والدته الحنون بعد أن يبلغ من العمر عامين ليواجه عالماً لا يعرف عنه شيئاً، ولا يعرف فيه سوى بعض الأشخاص ممن كانوا يأتون لزيارته وأمه في الأسر.. وكم ... وكم.... قصص تقشعر لها الأبدان لأسرانا وأسيراتنا في أقبية الظلم والوحشية..
معاناة ليس من بعدها معاناة .. كل أساليب التعذيب الوحشية التي تمارس في الأنظمة القمعية تفوقت عليها أساليب الاحتلال في التعذيب التي تمارس على أسرانا وأسيراتنا، ليس فقط من أجل انتزاع اعترافات، وانما من أجل اذلال الأسير أو الأسيرة والذي قضى العديد منهم تحت أيدي جلاديهم ..
الأسرى .. وعودات كثيرة منذ اتفاقيات اوسلو لاطلاق سراحهم، ينتظرون بفارغ الصبر أية أخبار عن عمليات تبادل الأسرى، لعل وعسى أن يتم الافراج عنهم ليعيشوا بين أحضان عائلاتهم ..
رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الاسرائيلي شاؤول موفاز طالب حكومته أن تعيد النظر في مسألة الزيارات للأسرى الفلسطينيين لممارسة الضغط على حماس بشأن قضية الجندي الأسير لديها جلعاد شاليط . وقد قال موفاز : " إن هؤلاء السجناء يقابلون ممثلين عن الصليب الأحمر مرة كل ثلاثة أشهر وأبناء عائلاتهم مرة كل أسبوعين ... يجب على الحكومة أن تستخدم مختلف القنوات لممارسة الضغط على حركة حماس كي تقبل بالموقف الإسرائيلي ". والنائبة في الكنيست ميري ريغيف قالت أيضاً انه يجب حرمان الأسرى الفلسطينيين من أي نوع من الامتيازات بغية ممارسة الضغط على حماس.. فما زالوا يطالبون بالمزيد من الضغوطات على الأسرى وذويهم من اجل تحقيق هدفهم بالافراج عن جلعاد شاليط .. شخص واحد تحظى قضيته بكل الاهتمام والرعاية من قبل قادة الاحتلال بينما الآلاف من أسرانا رغم عدالة قضيتهم لا يجدون سوى الاهمال والتنكر لهم ولحقوقهم وقضيتهم من قبل المجتمع الدولي وحتى من قبل العديد منا.. وللأسف فقد تحول أسرانا الى أرقام ليس إلا .. تماماً كما تحول شهداؤنا وجرحانا الى أرقام أيضاً ..
وما زال الأسرى في سجونهم وما زالت الاغتيالات تسير على قدم وساق.. فكل يوم نسمع عن قصف جديد وعن مناضلين تم اغتيالهم في القصف الذي استهدفهم ، وليتم اصابة واستشهاد العديد من المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ .. وما من أحد يتحرك من أجل وقف مسلسل الاغتيالات والمجازر التي تستهدف أبناء شعبنا وبخاصة في القطاع.. والتي كان آخرها قبل أيام وأسفرت عن سقوط العشرات ما بين شهيد وجريح، والتي أصيب فيها أيضاً مراسل البيادر الزميل محمد خليل المدهون باصابة بالغة لينضم الى المئات من الصحفيين الذين يستهدفهم الاحتلال كل يوم..
فما الذي حدث؟! وهل الأرواح الفلسطينية هي ليست بذات قيمة؟!! فأين العالم مما يجري وما ترتكبه اسرائيل من مجازر.. وما يرتكب بحق أسرانا وعائلاتهم؟!!..
وأخيراً شهر نيسان .. نأمل أن لا يتحول الى شهر النسيان، وأن يكون شهر ايقاظ الضمائر من أجل العمل على انهاء مآسي شعبنا ، وفي مقدمتها ضمائر قادتنا الذين ما زالوا يتعنتون في موضوع تحقيق المصالحة والعودة الى الوحدة التي هي السلاح الأول والأخير لتحقيق أهداف شعبنا وانهاء معاناة أبنائه..
دماء شهدائنا ونضالات أسرانا وأسيراتنا ومعاناتهم تستصرخكم.. عودوا الى رشدكم والى وحدتكم لئلا تذهب تضحياتنا هباء ..

ليست هناك تعليقات: