الجمعة، 22 أبريل 2011

الشرق الأوسط في الربع الثاني

الشرق الأوسط في الربع الثاني
2011/4/15
حراك الجنوب ينتقد

قدم معهد ستراتفور للمعلومات الاستخباراتية تقديره الإستراتيجي لأوضاع الشرق الأوسط بالربع الثاني من العام الجاري في إطار متغيرات جديدة فرضتها الاحتجاجات والثورات العربية وتداعياتها المحتملة على الوضع الإقليمي ككل.

واستهل التقريرقراءته بالإشارة إلى ثورة تونس التي افتتحت تسونامي الثورات العربية في مصر وليبيا والبحرين والأردن وسوريا وعُمان، وما خلفته من صورة ضبابية لا تزال تفاصيلها الدقيقة غير واضحة المعالم بانتظار انتهاء تداعيات الزلزال الأول.

بيد أنه شدد على أن هذه المتغيرات أيا كانت أسبابها وأدواتها فسحت المجال أمام تحولات على الصعيد الإقليمي في إطار منحنيين ثابتين تاريخيا وجيوسياسيا وهما تركيا وإيران، ضمن إطار الخصوصية الثقافية للتركيبة السياسية للدولتين ومواقفهما مما يجري بالجوار وتأثيراته المحتملة على المسرح الإقليمي أولا ثم الدولي.

الصدام مع إيران
يرى التقدير الإستراتيجي أن الأحداث الجارية بالشرق الأوسط تعزز إلى حد كبير فرص الصدام بين العالم العربي وإيران التي يعتقد الكثيرون من زعماء المنطقة أنها تمارس نفوذها عبر استغلال الاحتجاجات المناوئة للأنظمة بالمنطقة (كما جرى في البحرين).


وفي الإطار العام لهذه القراءة، يرى معهد ستراتفور أن الولايات المتحدة ستجد نفسها في خلاف مع دول الخليج على مسألة توسيع هامش الديمقراطية وتوسيع الحريات في إطار خطتها الرامية للانسحاب من العراق تنفيذا للاتفاقية الأمنية وإيجاد طريقة ما لمعادلة النفوذ الإيراني بالمنطقة.

بالمقابل يرى التقرير أن إيران ستعمل خلال الفترة المقبلة على استغلال أزمة الاحتجاجات بالمنطقة العربية لصالحها بهدف إجبار الولايات المتحدة ودول الخليج وعلى رأسها السعودية للدخول في تسوية إقليمية بشروط إيرانية، أو المضي قدما في تقويض التحالف الأميركي السعودي تحت مسميات عديدة.

بيد أن التقرير ينبه إلى الموقف السياسي الحاسم لدول مجلس التعاون الخليجي ووقوفهم إلى جانب البحرين وإرسال قوات درع الجزيرة، مما أعطى إنذارا واضحا لإيران التي قد تضطر لاستبدال أدواتها على صعيد استغلال الاحتجاجات العربية لصالحها الإقليمي، وربما الدفع باتجاه تسخين الجبهة اللبنانية الإسرائيلية أو الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية.

تركيا المستفيدة
اعتبر التقدير الاستراتيجي أن الاضطرابات بالعالم العربي صبت جميعها في صالح تركيا وتعزيز نفوذها الإقليمي وقدرتها على لعب دور مؤثر في ترتيب المنظومة الأمنية والسياسية للمنطقة، الأمر الذي سيجعل -كما يقول التقرير-أنقرة مشغولة خلال الأشهر المقبلة بالعديد من الملفات التي ستمنح حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة رجب طيب أردوغان قوة داخلية جديدة.

ويشير إلى أن ليبيا دخلت وبقوة على مسار الأزمة الليبية وقبلها مصر للتعزيز من وجودها السياسي شمالي أفريقيا، فضلا عن أنها ستكون لاعبا رئيسيا في المشهد السوري وحرصها على عدم تحول جارتها إلى موقع من الفوضى تنتقل عدواه إلى حدودها الجنوبية الطويلة.

وفي نفس التوجه، ستحتل تركيا موقعا هاما في ترتيبات الوضع العراقي من جهة المساعدة على تثبيت الأمن والاستقرار فيه بعد رحيل القوات الأميركية.


مصر وليبيا
بعد فشل الوساطة الأفريقية، توقع التقدير الإستراتيجي لمعهد ستراتفور أن تستمر الأزمة الليبية على منوالها الحالي خلال الربع الثاني من العام الجاري على الرغم من إعلان القادة الغربيين وبعض الدول العربية عن التزامهم بالعمل على تغيير النظام والإطاحة بالعقيد معمر القذافي، لكن الأمر يتوقف وفق التقرير على الوسائل القادرة على تحقيق الهدف ميدانيا.

ويلفت التقرير إلى أن قاعدة الدعم والإسناد لنظام القذافي-رغم تعرضها لضغوط كبيرة- لا تزال قائمة بالغرب الليبي في وقت ظهر ثوار ائتلاف 17 فبراير أشبه بمقاتلين هواة غير قادرين على قلب موازين الصراع على أرض الواقع مما يتطلب زخما غربيا أكبر، وإلا ستدخل ليبيا في حالة جمود تكرس التقسيم بين غرب خاضع للقذافي وشرق بيد الثوار.

أما في مصر، التي أطاحت ثورتها الشبابية بحكم الرئيس حسني مبارك، فيرى التقدير الإستراتيجي أنها لن تستطيع بسبب ظروفها الداخلية لعب دور إقليمي كبير خلال الفترة المقبلة التي ستركز فيها الحكومة على أولويات داخلية أهمها إجراء الانتخابات وتسليم السلطة لحكومة مدنية وإنعاش الاقتصاد المحلي.

بيد أن التقرير كان واضحا في التنبيه بأن الوضع القائم في قطاع غزة والغارات الإسرائيلية يضعان المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية -الحاكم الفعلي- أمام ضغوط خطيرة قد تدفع ببروز مواقف سياسية أنتجتها الثورة لا تلائم الواقع البراغماتي السياسي للمنطقة.

سوريا والاحتمالات
يؤكد التقرير أن سوريا تبقى الرقعة الأكثر تعرضا لاحتمالات مفتوحة في ظل الاحتجاجات التي تطال النظام على الرغم من أن شعاراتها لم تصل إلى حد المطالبة بإسقاطه، لكنها ستجبره على تغييرات بنيوية.


ويرى أن سوريا مستفيدة حاليا من الأزمة الليبية بانشغال المجتمع الدولي عنها لا سيما الولايات المتحدة التي يقول –التقدير الإستراتيجي- إنها قد تجد نفسها مضطرة للابتعاد عن التدخل المباشر لعدة اعتبارات إقليمية تتصل بإسرائيل بالدرجة الأولى لاسيما أن أصواتا داخل واشنطن تقبل ببقاء نظام الرئيس بشار الأسد لكن بعد أن يتم تحييد نفوذه الإقليمي لاسيما في لبنان وفلسطين.

ثانيا، رجح التقدير الإستراتيجي أن تستغل دول الخليج الاحتجاجات داخل سوريا لاقناع قيادتها بفك تحالفها مع إيران والاقتراب من المجموعة العربية في مواقفها الإقليمية، بيد أن التقرير الدولي يرى أن دمشق ستحافظ على لعبة المشي على الحبال والحرص على الانفتاح على جميع العروض الإقليمية لكن دون الالتزام بأي منها.

الصراع باليمن
أما فيما يتعلق بالوضع باليمن، فيرسم التقدير صورة قاتمة تشير إلى أن ما يجري في الخاصرة الجنوبية الغربية للجزيرة العربية مرشح للتحول إلى حرب أهلية على الرغم من الإجماع الشعبي على رحيل الرئيس علي عبد الله صالح.

وبنى التقدير الإستراتيجي قراءته على ثلاثة عناصر رئيسية أولها رفض الرئيس تسليم السلطة، والتعقيدات المرافقة لمفاوضات الحل السياسي، ومواقف القبائل المؤيدة للنظام وقدرتها على تحشيد جبهة ثالثة تستطيع فرض شروطها على المعارضة والحكومة في آن معا.

وينبه التقدير الإستراتيجي لمعهد ستراتفور للمعلومات الاستخباراتية أن الأزمة الحالية سمحت للحوثيين بالشمال والحراك الجنوبي المطالب بالانفصال بتعزيز قوتهما على الأرض وسط مؤشرات على احتمال تدخل سعودي عسكري بالشمال اليمني لمنع الحوثيين -المتهمين بموالاة إيران- من التمدد والتحكم في الحدود اليمنية السعودية.

ليست هناك تعليقات: