أمريكا والنفط وأمن الخليج
كثيرا ما توصف العلاقات الأمريكية الخليجية بأنها علاقات استراتيجية، تقوم بشكل أساسي على معادلة النفط مقابل الأمن. بمعنى ضمان دول الخليج العربية وعلى رأسها المملكة السعودية التدفق الحر للنفط وبأسعار معقولة في مقابل قيام الولايات المتحدة بتوفير مظلة أمنية للخليج تتضمن الحماية ضد التهديدات الخارجية.
ولكن يلاحظ حدوث عدد من المتغيرات على العلاقة النفطية بين الولايات المتحدة ودول الخليج بدأت تؤثر على شكل العلاقة بينهما.
المتغير الأول يرتبط بتبني الولايات المتحدة استراتيجية تقوم على تخفيض صادراتها النفطية من الشرق الأوسط بما في ذلك من المملكة السعودية وباقي دول الخليج، وتنويع مصادر واردتها البترولية لتشمل دولا مثل المكسيك وفنزويلا ونيجيريا والمملكة المتحدة والنرويج وأنجولا والجزائر وكولومبيا.
المتغير الثاني يرتبط بإحدى الظواهر الجيولوجية الهامة التي شهدتها الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، وهي اكتشاف كميات ضخمة مما يطلق عليه النفط الصخري Shale Oil في الأراضي الأمريكية. هذا الاكتشاف سيترتب عليه نتائج اقتصادية واستراتيجية هائلة. فوفقا للتقريرها السنوي لوكالة الطاقة الدولية عن توقعات الطاقة العالمية الصادر فى نوفمبر 2013، فإنّ الولايات المتحدة سوف تتجاوز روسيا والمملكة العربية السعودية كأكبر منتج للنفط في العالم بحلول عام 2015، وتكون قريبة من الاكتفاء الذاتي من الطاقة خلال العقدين المقبلين نتيجة لازدهار الناتج من النفط الصخرى.
واستنادا لذلك فسوف يرتفع إنتاج الولايات المتحدة من النفط إلى 11.6 مليون برميل يوميا في عام 2020 من 9.2 مليون في عام 2012. وخلال الفترة الزمنية نفسها فإنّ إنتاج المملكة العربية السعودية سوف ينخفض إلى 10.6 مليون برميل من 11.7 مليون، وسوف ينخفض الإنتاج الروسي إلى 10.4 من 10.7 مليون برميل. وأشار التقرير إلى أن "الولايات المتحدة تتحرك بثبات نحو تلبية جميع احتياجاتها من الطاقة من الموارد المحلية بحلول عام 2035".
الواقع أن هذا التطور يُمكن أن يؤدي إلى عدد من النتائج الاستراتيجية أهمها:
ـ مع انخفاض اعتماد الولايات المتحدة على النفط من الشرق الأوسط، فسوف يؤدي ذلك إلى انخفاض اهتمام الولايات المتحدة بالمنطقة وبالمملكة السعودية. ويتحدث البعض في العاصمة الأمريكية واشنطن عن خطط للولايات المتحدة للتخارج من الشرق الأوسط، بدأت بسحب القوات العسكرية الأمريكية من العراق وتركيز إدارة أوباما على ما يُعرف بمحور آسيا Asia Pivot.
ـ ازدياد الإنتاج الأمريكي من النفط سوف يعطي الولايات المتحدة الفرصة للتأثير في أسعار النفط في السوق العالمية، وسوف يكون لذلك تداعيات على اقتصاديات الدول العربية المنتجة للنفط ومنها المملكة السعودية، خاصة أن النفط لا يزال يمثل 45 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي السعودي، و80 في المئة من إيرادات الميزانية، و90 في المئة من الصادرات.
ـ أن صادرات النفط من الشرق الأوسط سوف تتجه بشكل أكبر لآسيا وخاصة الصين، التي تعد اليوم أكبر مستهلك للطاقة في العالم، وثاني أكبر مستخدم للنفط بعد الولايات المتحدة. وتشير بعض التقارير إلى أن الواردات النفطية السنوية للصين سوف تتجاوز واردات الولايات المتحدة خلال هذا العام 2014، وسوف تتسع الفجوة بينهما بعد ذلك نتيجة النمو المطرد في الطلب الصيني، وزيادة إنتاج النفط في الولايات المتحدة.
وهكذا فمع انخفاض الاعتماد الامريكي على بترول الخليج ستكون الولايات المتحدة أقل رغبة فى التدخل لمساندة دول هذه المنطقة. وقد يضع هذا نهاية لمعادلة النفط الخليجي في مقابل المظلة الأمنية الأمريكية.
الآن على دوت تي في:
دوت مصر| انتِ تستاهلي حد أحسن .. ازاي تخلع لو مرتبط؟
تعليقات الفيسبوك