بوتين في طور تحقيق أهدافه في سوريا
شن الطيران الحربي الروسي أولى هجماته على أهداف في سوريا في مؤشر واضح على إصرار فلاديمير بوتين على سياسته السورية، فيما لم يبق للغرب سوى محاولة التخفيف من معاناة السكان، كما يرى كيرستن كنيب في التعليق التالي.
ادعاءات في قمة التناقض: فقد أعلن الجيش الروسي أنه يقصف مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية" في المنطقة المحيطة بحمص، فيما الولايات المتحدة وفرنسا و"الجيش السوري الحر" يرون الأمر بشكل مختلف تماما، فبعض المواقع المستهدفة ليس فيها أصلا وجود لـتنظيم "داعش"، معتبرين أن الهدف الحقيقي هو ضرب معارضي الرئيس السوري بشار الأسد. وبغض النظر عن الرواية الصحيحة، فإن الشيء المؤكد هو أن فلاديمير بوتين وصل إلى هدفه.
لقد عمل الرئيس الروسي طوال سنوات الماضية على تحقيق مآربه، عبر اللجوء المنهجي لسياسة الفيتو في مجلس الأمن الدولي، وعبر الدعم العسكري والتضامن المتواصل تجاه الديكتاتور السوري بشار الأسد. كما يعتمد في مجلس الأمن على دعم الصين، فيما يتعاون في المنطقة مع إيران. ثلاث دول مشكوك في ثقافتها السياسية التي تعتمد أساليب الحكم الاستبدادي. ثلاث أنظمة في موقع يسمح لها بتحديد ليس فقط مستقبل سوريا، ولكن أيضا أجزاء واسعة من العالم العربي.
الغرب خارج اللعبة
يبدو الغرب وكأنه خرج من اللعبة على المدى المنظور، فقد فشل خلال الأربع سنوات الأخيرة للحرب الأهلية في سوريا في مواجهة جدية مع روسيا. "جنيف الأول" و"جنيف الثاني" ثم مؤتمر "أصدقاء سوريا"، وعدد لا يحصى من المؤتمرات في عدد لا يحصى من البلدان دون نتيجة تذكر، فيما لقي ما لا يقل عن 250 ألف سوري حتفهم، حسب بيانات الأمم المتحدة، وربما تفاقمت هذه الحصيلة الآن.
لقد فشل الغرب في إنقاذهم أمام سياسة الرفض والعراقيل التي تنتهجها روسيا، أو على الأقل لم يجرؤ على ذلك، وكيف له أن يفعل ذلك وبوتين أظهر في الأزمة الأوكرانية المدى الذي هو مستعد للذهاب إليه. وتم الافتراض بالتالي، أن موسكو ستظهر نفس التصميم في سوريا، رغم أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما وضع ما أسماه بـ"الخطوط الحمراء" وربط بين تجاوزها ومعاقبة الأسد.
يبدو الغرب عاجزا وغير قادر على التعامل والرد بالشكل المناسب على سياسة بوتين (...) ولاعتبارات واضحة، فإن لا أحد يسعى للجوء إلى قوة السلاح، وهذا معناه عمليا أن بوتين حقق هدفه، فبعد ربع قرن، أصبحت روسيا مرة أخرى قوة عظمى.
وسيبقى الأسد في السلطة
يبدو أن الرئيس السوري بشار الأسد سيظل في السلطة، ما يعني أن على القوى العلمانية المعارضة القبول بالأمر الواقع. ومؤخرا طالب برهان غليون الرئيس السابق لـ "المجلس الوطني السوري" بشكل ضمني بضرورة تخلي الأسد عن السلطة. أسباب ذلك مقنعة، نظريا على الأقل. من الناحية العملية، علينا التعود على فكرة أن ذلك لن يحدث، إذ سيظل السوريون يقبعون تحت سيطرة ديكتاتورهم.
وللتقليل من معاناة هذا الموقف، لم يبق أمام الدول الغربية سوى سبيل واحد، هو الضغط على الأقل على بوتين للجم الأسد. وإذا قدر للأخير أن يبقى في السلطة، فليكن ذلك بأقل ضرر ممكن للشعب. عليه أن يتوقف بالقصف بالبراميل المتفجرة وإجبار الملايين على الهرب. يتعين على الغرب أن يعمل على تحقيق هذا الهدف بشكل عاجل، إنه لا يستطيع فعل أكثر من ذلك، وبالتالي تفادي الأسوأ بالنسبة للسوريين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق