الاثنين، 10 يناير 2011

فلسطين شعب وتاريخ

      
فلسطين شعب وتاريخ
اعداد وتقديم عصام عبيد



الحق التاريخي في فلسطين
  

فلسطين ما قبل التاريخ
تسمية فلسطين : عرفت فلسطين منذ القدم بأرض كنعان كما وردت في تقارير أحد القادة العسكريين لدى ملك( ماري )، ووردت بوضوح على مسلة (أدريمي ) ملك الالاخ ( تل العطشانة ) في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد

وإن أصل كلمة فلسطين كما وردت في السجلات الآشورية في عهد الملك الآشوري (أدديزاري الثالث ) حوالي 800 ق.م ، هو ( فلستيا) ، إذ يذكر على مسلته أنه في السنة الخامسة من حكمه أخضعت قواته فلستوpalastu ، وأجبرت أهلها على دفع الضريبة
كما تركزت صيغة التسمية ( بالستاين ) عند هيرودوتس Herodotus على أسس آرامية، ونجد عنده أحياناً أنه مكان يطلق على الجزء الجنوبي من سوريا أو (سوريا الفلسطينية ) بجوار فينيقيا وحتى حدود مصر ، وكذلك استعمل هذه التسمية المؤرخون الرومان من أمثال اغاثار شيدسAgathar chides وسترابو STRABO وديو دوروس Diodoru
لقد اصبح اسم فلسطين في العهد الروماني ينطبق على جميع الأرض المقدسة ، وغدا مصطلحاً رسميا منذ عهد ( هدريان)Hadrian ، فانتشر استعمال هذا الاسم في الكنيسة المسيحية على نطاق واسع، وكان يشار إليه دائماً في تقارير الحجاج المسيحيين، أما في العهد الإسلامي فقد كانت فلسطين جزءاً من بلاد الشام

-لقد ساعدت خصوبة أرض فلسطين وموقعها المتميز على وجود الإنسان فيها منذ أقدم العصور، حيث كان لها دور بارز في عملية الاتصال الحضاري بين المناطق المختلفة في العالم وذلك لموقعها المتوسط منه ،مما ساعد على كتابة تاريخها منذ القدم

العصر الحجري القديم

اتفق العلماء على أن الانسان وجد على أرض فلسطين وهو ما يسمى بالانسان (منتصب القامة) كما دلت على ذلك الحفريات الأثرية ، وكان هؤلاء الاسلاف صيادين متنقلين سعياً وراء قطعان الحيوانات المختلفة، ويذكر أن الانسان القديم في هذه الفترة مر بمراحل تطور مختلفة، وبدأ يطور استخدام أدواته وأساليب صيده المصنوعة من الصوان

في الفترة الثالثة من العصر الحجري ظهرالانسان العاقل، وكانت السكين المصنوعة من الرقائق الطويلة من الأدوات الرئيسية التي استعملت في هذه الفترة ، ولقد تم العثور على الانسان العاقل داخل الكهوف في فلسطين، منها كهف الاميرة وعرق الأحمر والواد وكبارة ومواقع أخرى في صحراء النقب ، وتمثل هذه المرحلة بداية التجمعات البشرية التي أصبحت تشكل أنماطاً معيشية متطورة، رغم أنها بقيت تعيش على الصيد وجمع القوت

الانتقال من الجمع إلى الانتاج
17.000-8000 ق.م
في هذه الفترة تحول الانسان من مرحلة الجمع إلى مرحلة الانتاج،إذ دأب في البحث عن مواطن المياه وتجمع حولها، وبدأ يجمع بذور النباتات الصغيرة كالقمح والشعير ويزرعها وكذلك صيد الحيوانات البحرية ، حيث دلت آثار الانسان القديم على مراحل تطور الانتاج عنده واتصفت حياته في هذه المرحلة بالاستقرار، حيث أصبح منتجاً لقوته ، وتميزت الفترة الاخيرة من العصرالحجري بحدوث تغيير واضح في وسائل المعيشة والانتاج، كما حدث تغيير في أنماط البناء والأدوات، وخصوصاً بعد اكتشاف الانسان القديم للفخار، واستخدامه للعديد من الصناعات والادوات والبناء ، كما كان لاستخدامه بروز معالم جديدة .



ظهور المجتمعات الزراعية
8000-4000 ق.م

كان الإنسان في هذه المرحلة يعتمد في حياته على الصيد بالإضافة إلى زراعة بعض الحبوب ، ولكنه لم يتوصل في هذه الفترة إلى تربية الحيوانات ، وإلى جانب ذلك كانت هناك صلات تجارية بين فلسطين ، وبلاد الأناضول ، حيث تم العثور على عدد من الأدوات المصنوعة من مادة النسيج "الاوبسديان" الذي كانت تصدره بلاد الأناضول إلى أريحا وغيرها، وكانت أريحا في المقابل تصدر المواد الخام مثل القار والملح من البحر الميت ، وفي فترة لاحقة عرف الانسان تدجين الحيوانات .


مع انتهاء الألف الرابع قبل الميلاد:
4000-2000ق.م:

كان هناك تغيير واضح في النواحي الاقتصادية والاجتماعية والمعمارية في فلسطين ، ولعل أكثر ما يميز هذه الفترة ظهور أعداد كبيرة من المدافن المقطوعة في الصخر بفلسطين ، وفي فترات لاحقة تم اكتشاف المعادن ومزجها وتصنيع الادوات والأواني منها ، كذلك برزت المعابد الدينية في تلك الفترة والتي بينتها المكتشفات الأثرية في العديد من مدن وقرى فلسطين ،وعلى مستوى الصناعة والتجارة فقد تطورت الحياة العمرانية، والتي تدل على نمو سكاني مع ارتفاع مستوى المعيشة وتقدم نظام الزراعة .



وفي هذه الفترة تأسست الكثير من المدن المسورة التي يعود الفضل في إنشائها إلى أصحاب المدافن ذات المداخل الرأسية ، ويلاحظ انتشار المدن المحصنة في جميع المناطق الفلسطينية ومنها المنطقة الساحلية ومرج ابن عامر وسلسلة الجبال الغربية ، كما أصبح تأسيس المدن ومرافقها الدفاعية والعامة والسكنية يفرض شيئاً من التخطيط المسبق .

الساميون :

يتضح وفقا للمكتشفات الأثرية في مصر والعراق، أن الساميين هم أقدم الشعوب المعروفة على أرض فلسطين ، فمنذ الألف الرابع قبل الميلاد كانوا يعيشون على شاطئ البحر المتوسط الشرقي .



ومن الوجهة الدينية يعتبر الساميون - في الاصل -القبائل المنحدرة من سام ، الابن الأكبر لنوح عليه السلام .

ومن الثابت أن سكان فلسطين الأصليين القدماء كانوا كلهم عرباً ، هاجروا من جزيرة العرب إثر الجفاف الذي حل بها ، فعاشوا في وطنهم الجديد "كنعان" ما يزيد على الألفي عام قبل ظهور النبي موسى وأتباعه على مسرح الأحداث .



الكنعانيون :

وفقاً للتقديرات الموثقة ، فإن الهجرة الأمورية -الكنعانية الشهيرة من الجزيرة العربية قد حدثت في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، غير أن بعض الباحثين يستنتجون أن الكنعانيين كانوا منذ بداية الألف الثالث مستقرين في البلاد ، مستندين إلى مكتشفات الآثار المصرية .



ويذهب باحثون آخرون إلى أبعد من ذلك ، حيث يشيرون إلى وجود الكنعانيين ما قبل سبعة آلاف سنة ، وذلك من خلال تتبع الآثار في مدنهم القديمة ، وأقدمها مدينة أريحا الباقية حتى اليوم التي تعتبر أقدم مدينة في العالم .

وإن تأرجحت تقديرات البداية الزمنية لوجود الكنعانيين فمما لاخلاف فيه اطلاقاً أنهم كانوا أول من سكن المنطقة من الشعوب المعروفة تاريخياً وأول من بنى حضارة على أرض فلسطين.

وورد في الكتابات العبرية أن الكنعانيين هم سكان البلاد الأصليون ، كما ذكر في التوراة أنهم الشعب الأموري .

ومن أقدم المدن الكنعانية الباقية حتى اليوم :أريحا ، اشدود (اسدود) ،عكو (عكا)،غزة ،المجدل ،يافي (يافا)،أشقلون (عسقلان) ،بيت شان (بيسان) ، وهناك أيضاً العديد من المدن والقرى منها ما بقي حتى اليوم ومنها ما اندثر ، وقد كانت شكيم العاصمة الطبيعية لكنعان .

واشتهر الكنعانيون بالزراعة والصناعة وبرعوا في التعدين وصناعة الخزف والزجاج والنسيج والثياب كما برعوا في فن العمارة ، وتأتي الموسيقى والأدب على رأس الهرم في الحضارة الكنعانية، حيث لم يعن شعب سامي بالفن والموسيقى كما عني به الكنعانيون، فقد اقتبسوا كثيراً من عناصر موسيقاهم من شعوب مختلفة توطنت الشرق الأدنى القديم ، وذلك لأن طقوس العبادة الكنعانية كانت تقتضي استخدام الغناء ، وهكذا انتشرت ألحانهم وأدوات موسيقاهم في جميع بقاع المتوسط .

ليس هناك من يجادل في أن الأدب والفن هما عنوان للحضارة ، فليس غريباً عندما نتتبع الكتابات الإسرائيلية أن نكتشف الجهد الكبير الذي بذله الاسرائيليون ويبذلونه لإيهام الدنيا بأنهم هم الذين كانوا بناة الحضارة العريقة ، وأصحاب الأناشيد والتراتيل والغناء، وقد تمكنوا فعلاً من جعل الوهم حقيقة في عقول الكثيرين ، إلا أن المؤرخين الكبار الثقات أمثال (برستد) الذي يصف المدن الكنعانية المزدهرة يوم دخلها العبريون بقوله أنها كانت مدنا فيها البيوت المترفة المريحة، وفيها الصناعة والتجارة والكتابة والمعابد وفيها الحضارة التي سرعان ما اقتبسها العبريون الرعاة البدائيون ، فتركوا خيامهم وقلدوهم في بناء البيوت . كما خلعوا الجلود التي ارتدوها في الصحراء ، وارتدوا الثياب الصوفية الزاهية الألوان ، وبعد فترة لم يعد في الإمكان أن يفرق المرء بين الكنعانيين والعبريين بالمظهر الخارجي،وبعد دخول الفلسطينيين من جهة البحر والاسرائيليين من جهة الاردن، توزعت أرض كنعان بين الاقوام الثلاثة ، ولم يعد الكنعانيون وحدهم سادة البلاد . غير أن اللغة الكنعانية بقيت هي السائدة. ومنذ فجر التاريخ المكتوب أي منذ خمسة آلاف سنة لم تعرف فلسطين حتى عهد الانتداب البريطاني سنة 1917 سوى لغات ثلاث :الكنعانية أولاً والآرامية ثانياً ، وهي اللغة التي تكلم بها السيد المسيح والعربية ثالثاً .



2000ق.م-1200ق.م:

في بداية الألف الثاني قبل الميلاد بدأت المدن تنشط وظهرت معها أنماط جديدة من العمارة والمدافن وأنواع جديدة من الخزف والأسلحة وتميزت هذه المرحلة بعلاقات تجارية ، وسياسية متطورة مع غالبية مناطق الشرق القديم وبشكل خاص مصر وبلاد الشام وشمال سوريا وشرقي الأناضول .



كما تميزت هذه الفترة بصناعة متطورة من الخزف من حيث انتقاء مادة الصلصال ومزجها وإدارتها على عجلة سريعة لإنتاج أشكال متنوعة وأنيقة من الأواني .



واتسمت هذه الفترة بالسيطرة المصرية شبه التامة على بلاد الشام أثناء حكم الأسرتين الثامنة عشر والتاسعة عشرالتي تم فيها القضاء على آخر ملوك الهكسوس حوالي (1567ق.م) وحملات تحتمس الثالث على بلاد الشام (حوالي 1480ق.م) بالإضافة إلى ذلك اختفاء التحصينات القوية والمدعومة بطبقات مرصوصة من الطمم المائل والمنسوبة للهكسوس .



ولوحظ في تلك الفترة وجود حالة من الاضطراب قد سيطرت على فلسطين كما يبدو من مواقع الجنوب والوسط مع بداية الأسرة الثامنة عشر أي بعيد طرد الهكسوس من مصر وملاحقتهم حتى شاروهين في جنوبي فلسطين، ومن الجدير ذكره أن هناك نصوص تفصيلية منذ عهد تحتمس الثالث ومنها ذلك النص المتعلق بمعركة مجدو الفاصلة التي قادها من الجانب الشامي كل من ملك مجدو وملك قادش يدعمها الملك الميتاني، وشارك في هذا التحالف ما يقارب من مائة وعشرين مدينة وورد ذكرها في إحدى قوائم تحتمس الثالث الطبوغرافية . وجاءت هذه النصوص على شكل نقوش على المسلات التي تم نصبها في كل من الكرنك وممفيس .



1200-550ق.م عصر الممالك( العصر الحديدي):

في تلك الفترة اعتبر الفلسطينيون أنفسهم خلفاء شرعيون للسلطة المصرية على فلسطين وسيطروا على معظم أجزائها ، ولكنه غالباً ما يشار إليهم على أنهم سكان الساحل الفلسطيني، حيث أسسوا عدداً من المدن الرئيسية مثل غزة وعسقلان واسدود وعقير وتل الصافي وغيرها .



كما ظهرت التأثيرات الكنعانية المحلية على مختلف الفلسطينيين من أسماء آلهتهم أمثال داجون وعشتروت ، والحياة الدينية عند سكان الساحل الفلسطيني كنعانية الأصل ، وكذلك المباني الدينية وأهمها سلسلة المعابد المتعاقبة في تل القصيلة التي أنشئت على غرار المعابد الكنعانية مع ما يظهر عليها من تأثيرات مصرية .



ومن جهة أخرى لقد كان هناك إدعاءات من قبل التوراتيين والأثريين الاسرائيليين حول نسب بعض المكتشفات والعمارة إلى الاسرائيليين القدماء ، ومن هذه المكتشفات جرة فخارية كبيرة الحجم تأخذ شكلاً شبه بيضاوي ولف حولها بين العنق والكتف طوق ألصق بالإناء وعرف في المصادر الأجنبية بـ(collared-rimjar) .



بنو اسرائيل :

تعود كلمة "اسرائيل" إلى يعقوب حفيد إبراهيم من ولده اسحق والذي لقب باسرائيل، وأبو هذه الأمة ابراهيم ولد في (أور الكلدانيين ) ، وقد وصل من بلاده إلى أرض كنعان نحو القرن الحادي والعشرين أو العشرين قبل الميلاد وقد غادر ابراهيم بلاده مع بعض أفراد عائلته ليعبد الله عملاً بما أنزل عليه من الوحي .



فعشيرته كانت تعبد الاصنام ، وهو كان مؤمناً موحداً . وكانت حاران (حران) تقع إلى الشمال الشرقي لما بين الفرات وخابور ، أول محطة له ، وفيها مات أبوه "تارح" فأكمل السير بعد وفاته حتى وصل إلى شكيم (نابلس ) .



لقد رزق ابراهيم من هاجر بابنه الأول اسماعيل ، ثم رزق بابنه الثاني اسحق من زوجته سارة ، ويعتبر اسماعيل جد العرب ، كما يعتبر أخوه اسحاق جداً لليهود ، وقد ولد لاسحاق عيسى ويعقوب، وقد ولد ليعقوب اثنا عشر ولدا يعتبر كل منهم أبا لسبط من أسباط اليهود ، ومن أولاده كان يوسف الذي نقم عليه اخوته وحسدوه فباعوه إلى تجار مصر وادعوا أنه قتل، وفي مصر دخل يوسف في خدمة فرعون وأصبحت له سلطة واسعة فأرسل وراء أبيه واخوته ، وهكذا انتقلت أسرة يعقوب إلى مصر .



ولا يعرف متى انقلب فرعون مصر ضدهم وعمل على إذلالهم واستخدامهم بقسوة بالغة ، فأخذ موسى يفكر في النزوح. وعلى جبل الطور أوحى الرب إلى موسى بأن يعودوا إلى مصر وينقذ بني قومه فيخرجهم من مصر (أرض العبودية) وقد عاد موسى مع أخيه هارون وأخرج بني قومه وابتدأت رحلة التيه ، وكان ذلك نحو 1227ق.م ، وفي هذه المرحلة ارتد قوم موسى عن دينهم إلى عبادة العجل ، وهناك نزلت الوصايا العشر وبقي بنو اسرائيل في التيه أربعين سنة .



- أرسل موسى الرسل أكثر من مرة لاستطلاع الأوضاع في أرض كنعان ، وعاد الرسل فأخبروه أن أرض كنعان خيرة ، وهي تجود لبناً وعسلاً ، غير أن سكانها أشداء ولا قدرة للاسرائيليين على محاربتهم .



- ولما عزم الاسرائيليون دخول أرض كنعان ، قاومهم سكان الجنوب بعنف ، فاضطروا إلى التوغل شرقاً وإلى عبور شرق الأردن أولاً ، وهناك توفى موسى عليه السلام ، وتولى القيادة بعده "يوشع" أو"يشوع" ابن نون، وكان قائداً صلباً ولقد صمم على القتال ، ولما كانت أريحا أول مدينة وطئها بنوا اسرائيل القادمون من شرقي النهر ، فقد لقيت الاهوال، إذ حاصروها وأحرقوها وقتلوا سكانها ، ثم استولوا على معظم جنوب فلسطين ، وبقي الكنعانيون في قسم منها ، كما بقي الفلسطينيون في القسم الغربي ، ومنذ عهد القضاة وهو العهد الذي ابتدأ بعد وفاة يوشع، عاش الأقوام الثلاثة مئات السنين، تخللتها سلسلة من الحروب الكنعانية-الاسرائيلية.



لقد امتد عهد القضاة قرناً ونصف قرن من الزمن ، حكم خلاله اثنا عشر قاضياً كان آخرهم صموئيل ،واتفق الاسرائيليون بمشورة صموئيل نفسه على تعيين "شاول بن قيس" ملكا عليهم لتوحيد قبائلهم، غير أنه قتل في إحدى حروبه مع الفلسطينيين، وجاء بعده الملك داوود سنة (1010ق.م-971 ق.م) ومن بعده سليمان (971 ق.م-931 ق.م) وكان عهده عهد سلام لا حرب على العكس من أبيه ، كما عرف بالحكمة ، ونشاطه التجاري .



وانتهى حكم القضاة على يد الأشوريين سنة 724 ق.م، وفي عهد "نبوخذ نصر الكلداني" في القرن الخامس قبل الميلاد حدث سبي بابل وحكم الكلدانيون فلسطين .


الامبراطورية الفارسية :

-550-330ق.م : الامبراطورية الفارسية وعهد الاسكندر المقدوني :

تعتبر هي الوارثة لأشور بفعل ملوكها الأوائل "كورش" و"قمبيز" و"داريوس" وامتدت هذه الامبراطورية من بحر إيجة في الغرب إلى حدود الهند في الشرق ومن جنوب مصر إلى البحر الأسود وجبال القوقاز في الشمال .



لقد قسم دارويوس الامبراطورية أنذاك إلى 20 ولاية وعلى كل منها والٍ ، وفلسطين كانت جزءا" من الولاية الخامسة التي عرفت باسمها الآرامي "عبر نهرا" أي "ماوراء النهر " والمقصود نهر الفرات و تضم بلاد الشام كلها بما فيها سوريا وفينيقيا وقبرص .



330-63 ق.م :

اجتاز الاسكندر المقدوني سنة 334 ق.م. البحر من اليونان قادماً إلى آسيا الصغرى وأحرزأول انتصار على الفرس في معركة غرانيكوسGranicus ، وفي السنة نفسها انتصر على ملك فارس في ايسوس في كيليكيا ، واتجه بعد ذلك جنوباً نحو سواحل بلاد الشام رغبة منه في تدمير الاسطول البحري الفينيقي الذي كان يعتمد عليه الفرس في شرق البحر المتوسط فاجتاز جبال طوروس وعمّر مدينة مرياندوس Miriandos وهي الاسكندرية الحالية وأرسل فرقة من جيشه إلى دمشق فاحتلها،وسار بعد ذلك على الساحل الشامي واستولى عليه في (خريف 332ق.م) وبعد وفاته مرت الامبراطورية بحالات عديدة من الحروب والنزاعات الداخلية على الحكم وأدى هذا إلى إقامة دولتين هما السلوقيون في بلاد الشام والبطالمة في مصر .



ففي سنة (175 ق.م) قامت في فلسطين حرب المكابيين ضد السلوقيين وهي الحرب التي استمرت أربعين سنة وانتهت بقيام الأسرة الحشمونية التي قضى "بومبي" عليها سنة 63 ق.م عندما احتل القدس ، فأصبحت فلسطين عندئذ جزءاً من الدولة الرومانية كما الحال في بلاد الشام .



العصرالروماني :

63 ق.م-636 العصرالروماني :

بدأ الرومان بالتدخل في شؤون الدولة السلوقية منذ بداية القرن الثاني قبل الميلاد وذلك بسبب الضعف والوهن الذي أصابها على أثر الحروب الخارجية التي دخلتها وانتصارهم على "انطيوخس الثالث " في معركة فغنيزيا (190ق.م) .



كما يذكرالتاريخ أن الجيوش الرومانية وعلى رأسها القائد "بومبي" دخلت بيت المقدس بعد حصار وقتال شديدين في (63 ق.م) وقد فقدت المدينة الكثير من سكانها ،واعتبرت فلسطين وغرب سوريا ولاية رومانية، وعين "سكاوروس" أول والي عليها ، وفي سنة 57ق.م ، تولى "غابينيوس" ولاية سوريا، وأعاد التنظيم الاداري لمنطقة بيت المقدس. ثم عين "كراسوس "والياً على سوريا سنة 54ق.م ، وهو عضو فيما عرف بالحلف الثلاثي لتقسيم الحكم في الدولة الكبيرة وهم "بومبي وقيصر وكراسوس" ومن ثم نشب خلاف بين بومبي وقيصر ، فجاء حدث اغتيال يوليوس قيصر وتم وضع أحد المتآمرين عليه وهو "كاسيوس" والياً على سوريا (44-42ق.م) ، وفي عام 42 ق.م انتصر أنطونيوس وأكتافيوس على قتلة يوليوس قيصر ، وبعد ذلك تم تعيين "هيرودس" ملكاً على منطقة بيت المقدس وفلسطين وقد استمرت فترة حكمه من (37-4ق.م). وبعد أن توفي هيرودس كان قد أوصى بأن يكون (أنتبياس) في القسم الأكبر من فلسطين، واستمرذلك من (4 ق.م-39 م)، ويذكر أنه اتخذ من طبريا عاصمة له ، وفي عام (41م) أصبحت فلسطين بكاملها ولاية رومانية .


ظهور المسيحية :

ولد السيد المسيح عليه السلام في بيت لحم سنة 4 ق.م ، وقسمت هذه الفترة إلى ثلاثة أدوار .

- الدور الأول هو الذي تلى أيام المسيح مباشرة والذي يسمى عصر الرسل (30-95م) .

- الثاني يمتد نحو قرن من نهاية القرن الأول إلى أواخر القرن الثاني وينتهي الثالث باعتناق قسطنطين المسيحية سنة 312 م .

قامت في النصف الثاني من القرن الثالث الميلادي ثورة داخلية ضد روما على يد أميري تدمر "أذينه " وقرينته "زنوبيا" بعده، وقد أتيح "لاورليان" أن يضع حداً لهذه المحاولة سنة 272 م وكان ذلك على حساب تدمر.

وفي سنة 395م انقسمت الامبراطورية الرومانية إلى قسمين ، شرقية وغربية، كما أورث "ثيودوسيوس" أحد أبنيه ويدعى "اركاديوس" الجزء الشرقي، وأوصى أن يكون حاكما مستقلاً فتولى الأمرمن (395-408)م وأورث الابن الثاني (هنوريوس ) الجزء الغربي فحكمه مستقلاً كذلك من (395-423) .

ومن الجدير ذكره هنا أنه ولى بعد قسطنطين وحتى سنة 527 ما يقارب من سبعة عشر امبراطوراً ، بينهم أربعة كانوا مغتصبين للعرش .

ويذكر أن "جستنيان يوستينوس " الثاني تولى العرش البيزنطي في الفترة (565-578)م و(طيباريوس الثاني ) (578-582)م وموريس (582-602)م و"فوكاس" (602-610)م وهرقل (610-641)م .

وكانت الحروب بين البيزنطيين والساسانيين تعنف وتهدأ وكانت تعقد بين الدولتين معاهدات واتفاقات صلح متعددة لا تلبث أن تلغي وتنشب الحروب مرة أخرى بين البلدين.

- ففي السنوات من (610-622)م كان الفرس يقومون بهجمات على الروم وقد انتصروا في حملاتهم ، فنهبوا انطاكيا ودمشق وبيت المقدس عام (614) واستولى "ابرويز" على الصليب المقدس ،ولكن الحروب المستمرة ، فضلاً عن أشياء أخرى كانت قد أنهكت الدولتين فلم تستطيعا الوقوف أمام العرب الذين قضوا على الدولة الساسانية وانتزعوا بلاد الشام ومصر من البيزنطيين وكانت المعركة الفاصلة هي معركة اليوموك 15هـ / 636 م .


الفتح العربي الإسلامي :

مع بداية عصر الفتوح وتوجه الجيوش الإسلامية إلى بلاد الشام وكانت بصرى أول مدينة من مدائن الشام فتحت في خلافة أبي بكر، ثم ساروا إلى فلسطين وشهدوا معركة ضارية بينهم وبين الروم البيزنطيين وفي موقعة أجنادين في عام 13هـ/29أو 30 تموز/يوليو634 م كانت أجنادين نصراً كبيراً للمسلمين واضطر الجيش البيزنطي إلى الهرب من ساحة المعركة إلى مدينة فحل على الضفة الشرقية للأردن قرب بيسان، فحاصرهم الجيش الإسلامي هناك وقبل أهل فحل أن يستسلموا للمسلمين ودفع الجزية .



وقد توفي أبو بكر الصديق في الآخر من جمادى الأول من العام نفسه ومن بعده تولى خلافة المسلمين عمر بن الخطاب رضى الله عنه .

- وتوالت هزائم الروم على يد المسلمين بعد أن أعملوا فيهم السيف في معظم بلاد الشام ، ولما بلغ خبر الهزيمة رحل هرقل من أنطاقية إلى القسطنطينية ، وكانت وقعة اليرموك في شهر رجب من عام 15هـ/أيلول /سبتمبر 636م ، ويذكر أن عدد المسلمين كان لا يتجاوز ربع عدد الروم في تلك الواقعة، ومع ذلك فقد كان لهم انتصار ساحق وكانت معركة اليرموك أخر المعارك الهامة في بلاد الشام ولم يبق بعدها في يد الروم بفلسطين من المواقع الهامة سوى بيت المقدس وقيسارية، وكان فتح بيت المقدس من أهم أهداف الدولة الإسلامية في ذاك الوقت ، فعملت الجيوش الإسلامية على حصار القدس ، فرفض أهل القدس أن يستسلموا لأبي عبيدة بن الجراح الذي كان على رأس الجيوش الإسلامية آنذاك وطلبوا أن يكون المتولي لعقد الصلح والفتح عمر بن الخطاب فكتب أبو عبيدة إلى عمر وتوجه عمر إلى بيت المقدس فاتحاً لها .


فلسطين في عهد الراشدين :

بعد الفتح العربي الاسلامي أصبحت فلسطين إقليماً تابعاً للدولة الإسلامية ونعمت في ظل هذا الحكم بفترة من الاستقرار لم تعرفها حيث كانت محط أنظار القوتين العظمتين آنذاك فارس وبيزنطة وساحة للصراع بينهما ، وبعد فتح فلسطين زمن الخليفة عمر بن الخطاب والذي وضع بدوره عمرو بن العاص والياً عليها ومن بعده عبد الرحمن بن علقمة الكناني وبعد موته كان علقمة بن مجزر ، وظل الحال كذلك إلى أن ضم الخليفة عثمان بن عفان فلسطين مرة أخرى إلى معاوية بن أبي سفيان الذي كان والياً على الشام .



العهد الأموي :

بدأت فلسطين مرحلة جديدة من مراحل حياتها حين أعلن معاوية بن أبي سفيان نفسه خليفة مؤسساً بذلك حكم الأسرة الأموية الذي دام مايقارب التسعين عاماً ، وقد استهل عهده بالذهاب إلى بيت المقدس حيث أعلن خلافته من هناك في العام 40أو 41هـ /661م ، ثم بايعه الناس بعد ذلك .



ولما أل أمر الحكم إلى يزيد بن معاوية بدأت الاضطرابات الداخلية التي أثارها معارضوه من أمثال الحسين بن علي ، شهيد كربلاء ، وعبد الله بين الزبير الذي طالب بالبيعة لنفسه بعد مقتل الحسين ، فاستجابت له الحجاز وبعض أجزاء العراق ، فتصدعت وحدة الصف في الداخل، وحينما مات يزيد كانت بدايات الفتنة الثانية تطل برأسها على الدولة الإسلامية،وبعد موته مال الناس في أكثر البلدان الإسلامية إلى ابن الزبير باستثناء الشام ، التي بايعت معاوية بن يزيد بن معاوية أي معاوية الثاني، ولكن أمر معاوية الثاني لم يطل، ومات بعد حكم لم يدم أكثر من أربعين يوماً، فتحولت الشام لابن الزبير ودخلت في طاعته ما عدا جندي الأردن وفلسطين وكان عليهما حسان بن مالك بن الكلبي منذ أيام معاوية ابن أبي سفيان . وكان حسان يميل إلى الأموية، فخرج إلى الأردن ليكون قريباً من مسرح الأحداث بعد أن استخلف على جند فلسطين "روح بن زنباع الجذامى " ولم يلبث ناثل بن قيس الجذامى أن أعلن البيعة لابن الزبير بفلسطين وخرج ثائراً على روح وطرده إلى الأردن التي لم يبق مع بني أمية سواها . وبعد معركة مرج راهط استقر الرأي في الشام على أن تكون الخلافة لمروان بن الحكم وبعده لخالد بن يزيد بن معاوية ، ومن ثم عادت الخلافة مرة أخري لعبد الملك بن مروان بعد أبيه واستقامت له الشام، وفي عهد من تلا عبد الملك من أبنائه وحتى هشام بن عبد الملك نعمت فلسطين بالاستقرار وعمها الرخاء ولم يعكر صفوها أي حدث كبير . ويذكر أنه في عهد هشام دب الضعف في أواصر الدولة الاموية واحتدم الصراع الداخلي في الدولة. ويذكر أن أخر الخلفاء هو مروان بن محمد حيث سقطت الخلافة الأموية لتبدأ دولة العباسيين.

العصر العباسي :

بعد مقتل مروان بن محمد ، تهيأت الظروف للعباسيين فرض سلطانهم على بلاد الشام ، وأخذت مدن الشام تسقط في أيديهم الواحدة تلو الأخرى دون أدنى مقاومة، وبعد أن اخضع "عبد الله بن علي" دمشق له في 18 نيسان /أبريل عام 750 م ، دخل فلسطين ليبدأ عهداً جديداً في تاريخ هذه الأرض العربية ، وقد اتبع العباسيون سياسة الشدة مع من تبقى من اتباع الأمويين في الشام، ولكن أهل الشام قابلوا ذلك بالثورات المتلاحقة على طول الفترة العباسية وكانت بلاد الشام بمثابة الشوكة في حلق هذه الخلافة .


العهد الطولوني :

لقد اتضح أن الفترة السابقة (الفترة العباسية ) انطوت على العديد من الأحداث والتي اتسمت بعدم الاستقرار وعدم الوفاء من قبل بلاد الشام للعباسيين، وبقي الحال كذلك إلى أن آلت السلطة إلى أحمد بن طولون مؤسس الإمارة الطولونية ، وقد تأسست الإمارة الطولونية في مصر منذ العام 257هـ/870م ، وأراد لنفوذه أن يمتد عبر الشام بدعوى الحفاظ على البلاد الإسلامية من تربص العدو البيزنطي ، وعمل على ضمها ، واستمر في جهده للحفاظ عليها حتى توفي في العام 270هـ/884 م وقد آل أمر الحكم بعده إلى ابنه "خماروية " ، فاستمرت الفترة الطولونية حتى قامت القبائل العربية في الشام بعد سقوط الطولونيين ببعض الحركات المناوئة للسلطة ، مع استمرار تبعية بلاد الشام لبغداد ، إلى أن قامت الدولة الإخشيدية .


الحكم الأخشيدي :

والتي أسسها أبو بكر بن طغج بن جف بن بلتكين وبدأت فترة حكم الاخشيديين بتولي الإخشيد لمصر والشام ، واستمرت فترة حكمه حتى توفى في دمشق يوم الجمعة في شهر ذي الحجة سنة 334هـ، 946 م ونقل جثمانه إلى بيت المقدس حيث دفن ،وتولى الحكم بعده أبو القاسم "أنوجور " .



العصر الفاطمي :

بدأ العصر الفاطمي بإنشاء دولتهم في مصر، ومن ثم ذهبت أطماعهم إلى بلاد الشام ، وحققوا رغبتهم بذلك من خلال الاستيلاء على الشام عبر جيش بقيادة جوهر الصقلي في عهد المعز لدين الله الفاطمي ، وقد اتسمت هذه الفترة بالاضطرابات والحروب الداخلية وذلك لعدة أسباب خارجية وداخلية أهمها أن الدولة الفاطمية قامت على أساس شيعي بخلاف ما كان عليه أهل الشام ، وأدى هذا الخلاف المذهبي إلى خلاف على السلطة والحكم ، كما كان هناك أسباب أخرى تمثلت في أطماع عديدة في الاستيلاء على بلاد الشام والسلطة من قبل طوائف أخرى، وكذلك رغبة بعض القبائل العربية في الاستقلال عبر إمارات مستقلة بذاتها .


الفترة السلجوقية :

بدأ الاتراك المعروفون "بالسلاجقة "التسلل نحو شمال العراق وبلاد الشام سنة 1067م وهم ليسوا من طينة الأقوام العربية في بلاد الشام، بل هم من وراء تركستان حديثي الاسلام ، دخلوا في أهل الشام وامتزجوا بهم ، وأخذوا على عاتقهم الدفاع بصفتهم الحكام والعسكريين ضد الفرنجة والمغول حوالي أربعة قرون ، وتولوا زعامة المنطقة بالقوة العسكرية حتى مطلع القرن العشرين .


الفرنجة :

لقد امتدت فترة الحروب الصليبية ما بين سنتي 1095-1291م في الشرق عبر حملات متعددة ولأهداف متعددة في كل حملة ، وقد بدأت جملة هذه الحروب عندما أطلق البابا "اوربان الثاني " في مؤتمر كلير مون سنة 1095 م صيحة الحرب الصليبية "هكذا أراد الله" ، فقد قامت أول الحروب الصليبية على أساس ديني تحت شعار الأيديولوجية الدينية لمحاولة السيطرة على الاماكن المقدسة في الشرق مهد المسيحية ، ورأى البابا أن تصدر الكنيسة الكاثوليكية الغربية بالدور المركزي في الحملات الصليبية يمكنها من احتلال الموقع القيادي المرغوب دينياً وسياسياً في الشرق كما في الغرب . وشهد القرن الحادي عشر في اوروبا حركة أحياء ديني واسعة النطاق ، وخصوصاً بين الطبقات الشعبية التي تنامت فيها الافكار الصليبية ، فعندما جاءت الدعوة إلى القيام بحملات عسكرية تحت راية الصليب ، كانت الاستجابة الشعبية واسعة أيضاً ، أما الباباوات فقد شعروا بقوتهم في القرن الحادي عشر وخصوصاً أيام غريغوريوس السابع وجاء بعده أربان الثاني ليدفع مسيرة تعزيز موقع الكنيسة إلى الأمام، فكانت الحملات الصليبية السبيل إلى ذلك في رأيه، وكذلك استجابة لطلب امبراطور بيزنطة بالنجدة والذي شعر بالخطر على عاصمته وعدم مقدرته على درء الخطر عن الأماكن المقدسة .



فكانت أوروبا في القرن الحادي عشر مهيأة مادياً ومعنوياً لقبول فكرة الحروب الصليبية ، فالأوضاع الاجتماعية الصعبة وزيادة عدد السكان وطبيعة رقعة الأراضي الزراعية وتوالي الكوارث الطبيعية والأوبئة والطمع في خيرات الشرق كل هذه العوامل ساعدت على تجسيد الفكرة وممارستها .



الحملة الأولى :

لقد كانت الحملة الأولى عندما طلب إمبراطور بيزنطة مساعدة عسكرية تتمثل في جيش من المرتزقة للدفاع عن عاصمته ، فجاء الرد الأوروبي غير المتوقع وهو عبارة عن حملة صليبية ، الأمر الذي اربك إمبراطور بيزنطة ووضعه في موقف حرج ، ففي كليرمونت (وسط فرنسا) عقد المجمع الشهير في تشرين الثاني /نوفمبر 1095م حيث ألقى البابا " أربان الثاني " خطابا حماسيا ألهب المشاعر الدينية لجماهير غفيرة اجتاحتها العواطف الدينية ودعا إلى حمل السلاح لحماية المسيحيين في الشرق من الاضطهاد ، وتحرير كنيسة القيامة والمسيحية الشرقية عامة ، وتعالت الصرخات العفوية "هذه إرادة الله" واندفع الناس نحو البابا مؤيدين دعوته ، ووعد هؤلاء بأن يمحو الخطايا والاعفاء من الديون ورعاية الأسر أثناء الغياب والمرتدون سيحرمون من الكنيسة ، وقد انتشرت هذه الحماسة من فرنسا إلى أن بلغت سائر أوروبا ، وكانت فكرة الحملة الصليبية غريبة على بيزنطة على مستوى القمة والقاعدة الشعبية، فقد كان همهم مواجهة خطر السلاجقة ، ونظرت بيزنطة إلى الصليبيين بارتياب ، ورأت فيهم برابرة شأنهم في ذلك شأن السلاجقة الذين يهددونهم من الشرق ، فعندما اقتربت الحملة الصليبية الأولى من القسطنطينية التي قادها الراهب "بيتر " حيث سبقتها سمعتها السيئة على طول طريقها من فرنسا إلى القسطنطينية ، سارع الإمبراطور والذي عرف بدهائه الشديد إلى نقلها عبر المضيق إلى شاطئ آسيا الصغرى ، حيث تركها طعمآ لسيوف السلاجقة في سلطة الروم .


وبعد فناء حملة بيتر الراهب في صيف 1096م بدأت قوات الحملة الصليبية الأولى تتجمع في غرب أوروبا وجيشها هو الأكبر في هذه الحملة متعددة القادة ، وكان على هذه الجيوش أن تتجمع في القسطنطينية قبل الدخول إلى أراضي السلطنة السلجوقية وكانت فرنسا تشكل الثقل الرئيسي في الحملة .


لقد بدأت الحرب بمشاركة شكلية من جيش الامبراطور البيزنطي ، مع السلاجقة في سلطنة روم ، وبدأ محاصرتهم واحتلال الامارات الواحدة تلو الاخرى، وواصلوا تقدماً في الجنوب نحو فلسطين فأخذوا (مغرة النعمان ) وقاموا بمذبحة كبيرة فيها وأخذوا بعض المناطق الأخرى متوجهين إلى الساحل وحصنوا مواقعهم في صور وعكا والقدس وتقدموا إلى القدس لاستكمال الحج إلى الاماكن المقدسة، وتابعوا طريقهم إليها في أيار /مايو 1099 م وسار الجيش الصليبي أمام عكا وحيفا وأرسوف وقيساريا، ومن هناك انعطفت إلى الرملة عاصمة فلسطين وتابعوا إلى القدس وامتنعت عليهم المدينة فحاصروها من 7 حزيران /يونيو إلى 15 تموز /يوليو 1099 م وسقطت في أيديهم وقاموا بمذبحة رهيبة ضد السكان المحليين .


وبعد تأسيس مملكة أورشليم اللاتينية توجه قادتها إلى استكمال احتلال ساحل البلاد وداخلها.


لقد أفاق الفاطميون على حقيقة احتلال الصليبيين للبلاد العربية وكان ذلك متأخراً ، فحاولوا مواجهة الصليبيين وهزموا في معركة برية بالقرب من عسقلان في آب / أغسطس 1099 م وانتقل بعدها الصليبيون لاستكمال احتلال مدن الساحل ، أما عسقلان الفاطمية فقد ظلت تشكل خطراً على المملكة الصليبية حتى سنة 1153 م وعندما سقطت أصبح الساحل بأكمله تحت سيطرة الصليبيين وخلال أكثر من خمسين عاماً ، ظلت المناوشات مستمرة بين الفاطميين ومملكة أورشليم اللاتينية .


الحملة الثانية 1146-1149م:

لقد احتدمت الصراعات الصليبية الداخلية وكذلك الصراع مع بيزنطة مما هيأ الفرصة للسلاجقة إستعادة الأراضي التي خسروها ، ولاحت فرصة قوية للامبراطور "ألكسيوس" لانتزاع أنطاكيا من " بوهيمند" الذي وقع أسيراً في يد القائد التركي "أمير مالك غازي" ، وتم التفاوض على افتداء "بوهيمند" وبعد أن تم ذلك رفض تسليم انطاكيا للامبراطور . ألحق به السلاجقة هزيمة نكراء في حران عام 1104 م وخسر معظم الأراضي التي احتلها في سوريا .



وفي المقابل كانت مملكة أورشليم اللاتينية تتوسع في جميع الاتجاهات والتي ولدت حالة من النهوض في الموصل ، ففي الموصل بدأت حركة عام 1113 لتوحيد الإمارات الإسلامية في العراق وسوريا من أجل عمل مشترك ضد الفرنجة ، ووصلت هذه الحركة ذروتها أيام عماد الدين زنكي الذي برز (1127-1146) واستطاع فرض سلطته على حكام المقاطعات في العراق وسوريا ماعدا دمشق، وبذلك فتح عماد الدين زنكي مرحلة جديدة من الاشتباك مع الفرنجة ، وامتدت إلى أيام ابنه نور الدين زنكي ، ومن بعده صلاح الدين الأيوبي وصولاً إلى المماليك الذين تمت على أيديهم تصفية مملكة أورشليم اللاتينية .



العصر الأيوبي :

ولد صلاح الدين يوسف بن أيوب في مدينة تكريت بالعراق لعائلة كردية سنة 1138م .



انتقل صلاح الدين الأيوبي إلى بعلبك بلبنان مع والده حيث عين قائداً عسكرياً في عهد عماد الدين زنكي، ثم انتقل مع عمه "أسد الدين شيركوه" إلى مصر (1164)م وكان قد تولى الوزارة في القاهرة بعد موت عمه .



وفي سنة 1171م ألغى الخلافة الفاطمية الشيعية وأعلن البيعة إلى الخليفة العباسي السني المستضيئ، ومنذ ذلك برز الخلاف بينه وبين نور الدين زنكي والذي انتهى بوفاة الأخير .



وبعدها سعى صلاح الدين لتوحيد مصر وسوريا تحت قيادته لتحقيق حلمه في القضاء على الصليبيين، وفي عام (1187م) كان هناك حدث تاريخي وهو معركة حطين والتي أحدث انعطافاً في العلاقات بين الشرق والغرب ، والتي وضعت الوجود الصليبي في الشرق في موضع الدفاع عن النفس .



وبعد حطين أخذ صلاح الدين طبرية ، ثم تقدم إلى عكا، كما أذعنت مدن الجليل ومن ثم أخذ نابلس ويافا وغزة وعسقلان وبيروت وصيدا كما أخذ الناصرة وقيساريا وصفد وصفورية والشقيف وجبل الطور وغيرها ، إلى أن جاء دور القدس فحاصرها وأخرج الصليبيين منها بموجب اتفاق، وصلى الجمعة في 27 تشرين الأول /أكتوبر 1187م في المسجد الأقصى . وتجمع الصليبيون في ثلاثة مدن ساحلية هي أنطاكيا وطرابلس وصور .



الحملة الثالثة :

لقد قاد الحملة الثالثة ملوك أوروبا الأقوياء في ذاك الوقت وجاءت هذه الحملة بعد سقوط القدس تحديداً واستطاعت أوروبا أن تحشد قوتها برغم الخلافات بين ملوكها،واستطاعت هذه الحملة أن تصل إلى فلسطين وتحاصرعكا، وأسرع صلاح الدين إلى حصار الصليبيين، ومع وصول الفرنسيين والإنجليز دارت معركة كبيرة، واستمر الحصار المتبادل من آب /أغسطس 1189م إلى حزيران / يونيو 1191 م والذي سقطت في أثره عكا .



وفي 2ايلول /سبتمبر 1192 توصل الطرفان ، بعد مفاوضات طويلة إلى اتفاق أقيمت بموجبه مملكة صليبية مركزها عكا وللمسيحيين الحق بزيارة الأماكن المقدسة في القدس والناصرة . وبعد الصلح عاد صلاح الدين إلى دمشق بعد عشرين عاماً من الجهاد غير المنقطع فوافته المنية في 3آذار مارس 1193 م وهكذا ظلت الحروب الصليبية مستعرة ولكن خارج فلسطين إلى أن جاءت فترة المماليك الأتراك .



المماليك :

لقد عرف نظام المماليك بوجهه العسكري منذ عهد العباسيين ، وقد برز في صفوف هذا الجيش سلالات حاكمة ، فبعد زوال ملك الأيوبيين اتخذ هذا النظام وضعاً متميزاً ، فقد كانت نهاية ملك بني أيوب على أيديهم وأسسوا ملكاً في مصر وبلاد الشام ، دام أكثر من قرنين ونصف . لقد تمكن المماليك من إنقاذ مصر في اللحظة الأخيرة وذلك بعد أن أفلحت الحملة الصليبية السابعة باحتلال دمياط والتقدم نحو القاهرة بينما كان الصالح أيوب على فراش الموت وفي لحظات الشدة توفي أيوب، وفي تلك اللحظة اجتمع المماليك وعزموا على قتال الصليبيين فهزموهم ، وكان قد ظهر على الساحة "الظاهر بيبرس" المؤسس الحقيقي لدولة المماليك وبهذا أصبح المماليك على سدة الحكم في مصر واكتفى الايوبيون ببلاد الشام ولكن لم يدم ذلك طويلاً وذلك لأن المغول بقيادة "هولاكو" كانوا قد توجهوا إلى الشرق ودخلوا بغداد وقضوا على العباسيين وخربوا البلاد ودمروا حضارتها سنة (1260) وساروا إلى دمشق التي لقيت نفس المصير ، وبعثوا يهددون "السلطان قطز" الذي تولى الحكم في القاهرة في (1259-1260) وإزاء هذه التهديدات عمل "قطز" على لم شمل المسلمين فإنضم إليه "بيبرس" وتقدموا لملاقاة المغول فاصطدموا بطلائعهم عند غزة وهزموهم وتابعوا المسير إلى أن تجمعت قواتهم في عين جالوت (مرج بن عامر ) وهناك التقى الجيشان في معركة شرسة في 6أيلول /سبتمبر 1260 م انتصر فيها المماليك ، وقد غير هذا الانتصار وجه التاريخ في غرب آسيا .


فبعد ذلك عزم "بيبرس" على تصفية الوجود الصليبي، فما كان منه إلا أن اغتال قطز وتولى الحكم بلقب الظاهر في (1260-1277) .
ودأب في ترتيب أوضاعه الداخلية وتفرغ لمقارعة الصليبيين ولكنه مات وهو يقاتل في من تبقى من الصليبيين في الشرق في عام 1277 .


العهد العثماني :

مع مطلع هذه الفترة التي انتهى فيها الحكم المملوكي وانضوى في معظم أقطار الوطن العربي في إطار الدولة العثمانية التي دام حكمها قرابة الأربعة قرون .



لقد امتد سلطان الدولة العثمانية المتمركزة في استانبول على البلقان والاناضول خلال قرنين من الحروب والتوسع . وفي ظل هذه القوة المركزية والبارزة في المنطقة بدأ تزايد الصراع على النفوذ بين ثلاثة قوى وهي الدولة العثمانية والدولة الصفوية الناشئة القائمة في تبريز،والمماليك من جهة ثالثة، ففي آب/أغسطس 1514 م كانت الموقعة الأولى الفاصلة بين الدولة العثمانية بزعامة "سليم الأول" والدولة الصفوية بزعامة "الشاه اسماعيل" في (جالديران ) قرب (تبريز) والتي انتصر فيها العثمانيون بفضل فعالية السلاح الناري الذي كانوا يتفوقون في استخدامه .



وبعد عامين هزم العثمانيون المماليك في موقعة حاسمة في (مرج دابق) قرب حلب في 23 آب / أغسطس 1516 م وكان ذلك نهاية السلطة المملوكية باحتلال العثمانيين لمصر .



وفي نفس العام دخل "سليم الأول " بلاد الشام دون أدنى مقاومة وذلك لكره الشاميين للمماليك في ذاك الوقت، ومن جهة أخرى خوفهم من العثمانيين .



وبعد موت "سليم" تولى السلطة ابنه "سليمان(1520 -1566)والملقب قانوني نظراً لكثرة القوانين التي أصدرها في شؤون تنظيم الدولة .



وفي عهد سليمان بلغت الإمبراطورية العثمانية مبلغها في الاتساع والازدهار ، لقد امتدت على ثلاث قارات ، كما ورثت الخلافة العباسية والإمبراطورية البيزنطية وأصبحت "اسطنبول" مركزاً للعالم الإسلامي وانبعاث الحضارة الإسلامية من جديد، ولكن بعد اكتشاف أمريكا ورأس الرجاء الصالح وبداية النهضة الأوروبية بدأ مركز القوة يتحول إلى الغرب .



ثانياً " ظاهر العمر الزيداني" :

ولد ظاهر العمر في العقد الأخير من القرن السابع عشر ، وبعد موت والده تولى جزءاً من التزام والده في قريتي عرابة والدامون بفلسطين،حيث كان يعمل "مقاطعجي " صغير في أعمال سنجق صفد ، وبدأ ظاهر بتوسيع إلتزامه عبر التحالف مع القبائل البدوية، ودخل في صراعات حدودية واصبح يعمل على تقوية جيشه وتحصين مناطق حكمه مستغلاً انشغال الاتراك بحروبهم مع روسيا وكون قوة رادعة مركزية في فلسطين، وأخذ حيفا ويافا واللد ونابلس، وبعد فترة غير قليلة من حكمه والتي اكتنفها المناوشات والاقتتال ضعفت قوته وحاصره الاسطول العثماني وزحف ضده جيش كبير انزل به ضربة قاسمة وقتل ظاهر العمر وانتهى حكمه وحكم الزيادنه لأن أبناءه لم يكونوا مؤهلين للحكم فأجهز عليهم "أحمد الجزار " "أغا" .



ثالثاً : أحمد باشا الجزار :

لقد برز "الأغا أحمد" الملقب بالجزار على مسرح الأحداث في عكا وهو مملوكي بوسني الأصل .

لقد تميز حكم الجزار الذي ولي على ولاية صيدا وعلى ولاية دمشق بشكل متقطع ما يبين 1775 وحتى وفاته في 1804م بسيطرته على القوى المحلية في فلسطين وجبل لبنان وتحديه للعثمانيين وادخال ولاية دمشق ضمن دائرة نفوذه .



رابعاً : حملة نابليون بونابرت (1798-1801م) :

تعد حملة نابليون على مصر وبلاد الشام بداية الصراع الاستعماري الأوروبي لاحتلال أقطار الوطن العربي في أعقاب الثورة الصناعية في أوروبا .

فقد توجه نابليون بونابرت بحملته إلى بلاد الشام بعد انتصاره على المماليك ودخوله القاهرة في 21 تموز/ يوليو 1798 .

اقتصرت حملة نابليون بونابرت على فلسطين ، ولم تتجاوز الشريط الساحلي منها سوى منطقة الناصرة –طبرية، حيث هزمت الجيش العثماني ، وبدأت الحملة باحتلال منطقة قطية علي الحدود مع الشام في 23/12/1798 في سيناء ثم قلعة العريش ، وبعد ثلاثة شهور أخذت الحملة بالتراجع إلى مصر بعد فشلها في احتلال عكا في 20 آيار /مايو 1799م .

وفي 28 شباط /فبراير سار الجيش الفرنسي وفي طليعته كليبر باتجاه أسدود ثم إلى قرية يبنه والرملة ويافا، كما استولوا على حيفا بعد قتال شديد، ومن ثم توجه إلى عكا التي تتمتع بأسوار قوية وحصون متينة فلم يستطيع أن يدخلها، ودارت معارك قوية، هاجم أهل عكا فيها الفرنسيون بمشاركة الانجليز وبعض القوات العثمانية ، وحاول نابليون اقتحام أسوار عكا حوالي سبع مرات فاشلة ، ولكن سرعان ما دب الطاعون في الجيش الفرنسي بسبب كثرة القتلى من الطرفين .



وفي 10آيار /مايو كتب نابليون إلى حكومة الادارة في باريس بأن احتلال عكا لا يستحق كل هذه الخسائر، فقرر الانسحاب إلى مصر لمواصلة الهجوم عليها ، وفي أثناء ذلك وصلت مراسلة من باريس تدعو نابليون بوجوب العودة إلى فرنسا، وكان قد انسحب بعد حصار دام أربعة وستين يوماً في 20آيار /مايو 1799.



خامساً : حملة محمد علي :

بعد انسحاب نابليون ، عاد الجزار وفرض سلطته على البلاد وازداد في تسلطه وبطشه وأثقل كاهل السكان بالضرائب لتعويض خسائره في الحروب ، لكنه ما لبث أن توفى سنة1804م وجاء بعده مملوكه سليمان باشا الذي لقب بالعادل مقارنة بالجزار، وقد تزامن حكمه مع حكم "محمد علي " في مصر ومحمود الثاني في استنبول ، حيث اتسمت فترة حكم "سليمان باشا" بالاستقرار وإعادة بناء البلاد، إلى أن جاء "ابراهيم باشا" 1819-1831 ، الذي عاد بدوره إلى سياسة الجزار مما آثار حفيظة الزعماء المحليين الذين قاموا بتمردات عديدة .



وفي 29 تشرين الاول /اكتوبر 1831م ، سير "محمد علي "جيشه إلى فلسطين بقيادة ابنه ابراهيم باشا الذي احتل غزة ويافا والقدس وحيفا والجليل دون أدنى مقاومة ، وبعد حصار دام قرابة الستة أشهر سقطت عكا في يده في 28آيار /مايو 1832م،ومنها توجه إلى دمشق فدخلها في 14حزيران/يونيو 1832م وفي تلك المعركة بالقرب من حمص هزم الجيش العثماني واستولى على حلب وحماة وأنطاكيا وبعد موقعة بيلان في 30تموز /يوليو 1832 م توغل في آسيا الصغرى وهزم العثمانيين مجدداً عند مدينة "قونيا" في 21 ديسمبر 1832 م وقد أسر الصدر الاعظم (رئيس الوزراء ) ، وازاء تلك الانتصارات توسطت الدول الاوروبية للصلح في معاهدة عرفت "بمعاهدة كوتاهية " في مايو 1833م التي بموجبها اعترف السلطان محمود الثاني بحكم محمد علي الوراثي في مصر وبلاد الشام إلا أن فترة الحكم المصري كانت قصيرة ولمدة (تسعة أعوام ) فقط .



فبعد الانسحاب المصري عادت بلاد الشام إلى الحكم العثماني بفضل تدخل الدول الأوروبية وفي مقدمتها بريطانيا وهذا أدى إلى ازدياد نفوذ الدول الأوروبية في البلاد بمن فيها أراضي السلطة العثمانية والذي ساعد على ذلك هو الضعف العام الذي اعترى السلطة.



وسبب محاولة الدول الأوروبية التدخل في شئون السلطنة وبلاد الشام تحديداً يرجع إلى المصالح الاقتصادية والاستراتيجية في الشرق ، كما أنها وجدت في الأقليات الدينية وحقوقها المدنية الذريعة للتدخل في شؤون الحكم العثماني ، كما ازداد عدد قناصل الدول الأوروبية في السلطنة واتسع نفوذهم إذ طال التدخل في شؤون الحكم والإدارة والاقتصاد والمحاكم وشئون الرعايا ، وبرز بينهم القنصل البريطاني "وودز" الذي تصرف كحاكم فعلي للبلاد تحت غطاء تنفيذ التنظيمات .



كما عمدت هذه الدول على تحريض فئات اجتماعية دينية وقومية على الحكومة المركزية وإثارة القلاقل ضدها في مناطق متعددة وكان ذلك بهدف اضعاف السلطة ومقاسمة مناطق النفوذ فيها .



ومن جهة أخرى قام قناصل هذه الدول بتبني قضايا الأقليات المسيحية وبسط حمايتهم على الجماعات اليهودية في القدس وغيرها كما كفلوا الإقامة لليهود الأوائل المهاجرين إلى البلاد .



وكذلك ازدادت البعثات التبشيرية بسرعة كبيرة وتركزت في القدس، ومع نهاية القرن التاسع عشر كان نسبة المبشرين إلى نسبة السكان في القدس أكبر من نسبتهم في أي مدينة أخرى بالعالم .



ولما بدا واضحاً زوال الإمبراطورية العثمانية أصبح كل طرف يسعى إلى تأمين موطئ قدم فيها للسيطرة على جزء من أراضيها عند تقسيمها .


الاستيطان الصهيوني في فلسطين :

من الجدير ذكره أنه خلال تلك الفترة من القرن التاسع عشر ظهر في بلاد الشام ومن ضمنها فلسطين ما يسمى بالوعي القومي بمفهومه الحديث والذي تبلورت مرتكزاته في أوروبا بالتوازي مع تطور مراحل الرأسمالية هناك، ونتيجة لتبلور الوعي القومي وكذلك اليقظة الفكرية والثقافية في الوطن العربي التي تناضل من أجل الوحدة والاستقلال والتحكم بالموارد الاقتصادية برز شعورعام بالتصدي لكل القوى الدخيلة والغربية على هذا الشعب العربي الواحد ، لذلك كان هناك يقظة قومية تنادي للتصدي ومقاومة الاستيطان الصهيوني في فلسطين منذ بدايته ، ولكن هذه الجهود لم تترجم نفسها في إطار مؤسس يقوم على أسس منهجية مبرمجة ، بعكس الحركة الصهيونية التي ما لبثت بعد مؤتمر"بازل بسويسرا" عام 1897م أن تقوم بصياغة مؤسساتها بالشكل الذي يحقق أهدافها .



ومن الملاحظ في فترة الحكم العثماني أن السلطة العثمانية لم تعارض إقامة اليهود في أراضيها ولكنها كانت تعارض هجرتهم إليها من الدول الأخرى والتوجه إلى فلسطين تحديداً ، فمنذ البداية أصدر "الباب العالي " التعليمات إلى قناصله بابلاغ اليهود الراغبين في الهجرة إلى فلسطين ، بعدم السماح لهم بالاستيطان في فلسطين كأجانب، وأن عليهم اكتساب الجنسية العثمانية والالتزام بالقوانين السارية في الولايات التي يرغبون الاقامة فيها ، لكن وبرغم الموقف الرسمي للحكومة العثمانية كان هناك ازدياد ملحوظ للنشاط الاستيطاني اليهودي في فلسطين، وذلك بطرق ملتوية من خلال دعم القناصل الأجانب لهم ، ومن خلال تقديم الرشاوي لموظفي الحكومة العثمانية الذين رضخوا في بعض الحالات إلى الضغوط المستمرة والملحة ، كذلك لم يتوان اليهود يوماً عن محاولات شراء الأراضي وإقامة المستوطنات عليها . ويذكر التاريخ أنه مع تكثيف حركة الاستيطان الصهيوني ومحاولة الاستيلاء على الأراضي بكافة الطرق والوسائل غير المشروعة بدأت حركة المقاومة العربية تزداد ولاسيما من قبل الفلاحين والبدو المحاربين لتلك المستوطنات الناشئة على أراضيهم والتي تم طردهم من العمل فيها ، وقد ازدادت هذه المقاومة التي عمت معظم القرى والمدن ، حيث ثم نقل معارضة الشعب لذلك إلى البرلمان التركي من خلال الزعماء الفلسطينيون ، و كان هناك هجمة شديدة من قبل المعارضة لعدم وضع حد لتلك الممارسات ، ورغم ذلك كله ازداد نشاط القوى السياسية الصهيونية وتعزز الاستيطان الصهيوني خلال "الهجرة الثانية " من العام( 1904-1914) كل ذلك يرجع إلى فساد جهاز الدولة العثماني في ذلك الوقت وتواطؤ بعض العثمانيين مع الأهداف الصهيونية ونشاطات قناصل الدول الأجنبية لصالحها .

الانتداب البريطاني :

أولاً : مرحلة ما قبل الانتداب البريطاني :

برزت الحركة الصهيونية التي انتشرت بين يهود أوروبا في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي ، ولفظ "الصهيونية " مشتق من كلمة "تسيون "العبرية وهي اسم لجبل يقع جنوبي غربي القدس "جبل صهيون" ويحج إليه اليهود لاعتقادهم أن الملك داوود دفن هناك .



من المعروف أن اليهود في تلك الفترة وما قبلها كانوا عبارة عن تجمعات يهودية منتشرة في أنحاء العالم وهي تجمعات لا تجمعها أي روابط سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو تراثية سوى الرابطة الدينية ، ويرجع ذلك إلى ذوبان هذه التجمعات في المجتمعات التي كانت تعيش فيها ، وكذلك فإن الدعوى الصهيونية بوجود "قومية يهودية" لا تعدو كونها بدعة مختلقة لأن هذه التجمعات كانت تفتقر إلى عناصر القومية مثل الشعب الموحد ، والرقعة الإقليمية من الأرض الذي يقيم عليها واللغة والعادات والتقاليد المشتركة .


لقد نضجت الفكرة الصهيونية في المناخ الحضاري الأوروبي منذ القرن السادس عشر الميلادي وترعرت في الأجواء السياسية التي سادت أوروبا في القرن التاسع عشر (أجواء الإمبريالية) وتحديداً بعد عام (1870 ) .



لقد قامت الفكرة الصهيونية على أساس إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين بعد أن تمت الصفقة بين الحركة الصهيونية والاستعمار البريطاني على أساس "وعد بلفور "الشهير عام 1917 . والذي جاء فيه ….



نص وعد بلفور وزارة الخارجية

2تشرين الثاني / نوفمبر 1917م


عزيزي اللورد روتشيلد

"يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالة الملك التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود الصهيونية وقد عرض على الوزارة وأقرته" .


"إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين ، وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتي بعمل من شأنه الإخلال بالحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين ولا بالحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلاد الأخرى" .


وسأكون شاكراً لو تكرمتم بإحاطة الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح" .



المخلص

أرثر جميس بلفور



يوضع هذا التصريح التزام الحكومة البريطانية أنذاك بدعم المطامع الصهيونية في أرض فلسطين العربية ضد إدارة أصحابها الشرعيين ، وكان بهذا التصريح إعطاء حق من كان لا يملك لمن لا يستحق .



وعندما نجحت الجيوش البريطانية بدخول البلاد من خلال اللجوء إلى الخدعة ، وكانت قد استقبلت الجيوش البريطانية استقبالاً حاراً بوصفها محررة لا محتلة ، وبعد وصول اللجنة الصهيونية شعر العرب بنذر الخطر، وعندما كانت الحكومة البريطانية قد وافقت على ارسالها لفلسطين على أساس "أن تنجز أي خطوات تستدعيها مقتضيات تنفيذ تصريح الحكومة بشأن إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين ضمن الخضوع لسلطة الجنرال البريطاني اللنبي ، وفي نفس الوقت تهدئة شكوك العرب بشأن النوايا الحقيقية للصهيونية " .



وكذلك عملت الادارة العسكرية المحتلة على تهيئة فلسطين بالتدرج لتصبح وطناً قومياً للصهيونيين بكافة الوسائل والأساليب الممكنة.



إن ما حدث في فلسطين بعد قدوم اللجنة الصهيونية يعتبر أمراً لايحتمل التصديق وذلك بالعمل على إنشاء وطن قومي لليهود في بلد يتجاوز سكانه 92% العرب الفلسطينيين.



1923-1948 م : الانتداب البريطاني على فلسطين :

في بداية هذه الفترة تناولت بريطانيا صك الانتداب الفلسطيني لادراة البلاد وفقاً لميثاق عصبة الامم ، في حين لم تكن بريطانيا بحاجة إلى البدء بتنفيذ بنود هذا الصك لأنها عملياً كانت قد باشرت سلطاتها على فلسطين قبل ذلك بسنوات طبقاً لسياستها الاستعمارية الصهيونية المعتمد بشكل رئيسي على الاكراه وقوة السلاح حتىعام 1948م .



وخلال هذه الفترة لم تتقدم المؤسسات في البلاد ، وبذلك توجب على العرب الفلسطينيين أن يرفعوا بشكواهم إلى لجنة الانتدابات الدائمة في جنيف التابعة لعصبة الأمم ، ولكن اللجنة لم تكن تملك حق التفتيش والمتابعة في البلدان المنتدبة ، فما كان من المواطنين العرب على مدار فترة الانتداب إلا الاحتجاج والمقاومة وإقامة المظاهرات والتمرد والعصيان المدني والذي أدى إلى صدام عنيف مع قوات الجيش البريطاني والمستوطنين اليهود .



وفي 1924 م وضع المندوب السامي "هربرت صموئيل" مشروع نقد فلسطيني جديد وصدر مرسوم النقد الفلسطيني في شباط /فبراير 1927 م وسط اتهامات الشعب بأن الحكومة لا تستطيع أن تصدر منه ما تشاء دون مراقبة لان ذلك سيلحق الضرر بالاقتصاد العربي .



كما أتت جهود المندوب السامي ثمارها في إصدار قانون الجنسية الفلسطينية بقصد منح اليهود المقيمين في البلاد الجنسية الفلسطينية .

كما أجابت الحكومة البريطانية وخلال دورتين متتابعتين لاجتماع عصبة الامم (1924-1925) صراحة بأنها لا توافق على تأسيس مجلساً تشريعياً في فلسطين يقوم علىأساس التمثيل النسبي والذي من الممكن أن تكون الاغلبية الساحقة فيه للعرب الفلسطينيين ، كما أن ذلك يقف عقبة في قيام الحكومة بالواجبات الملقاة على عاتقها في إنشاء وطن قومي لليهود .



وبعد نهاية فترة المندوب السامي "هربرت صموئيل" ، عين اللورد "هربرت تشارلز بلومر" مندوباً سامياً لفلسطين في 25آب /أغسطس 1925 وبقي في منصبه ثلاثة أعوام .



- وفي آذار /مارس 1925 قام "بلفور" بزيارة للقدس للمشاركة في افتتاح الجامعة العبرية التي شيدت على أرض عربية فوق جبل الزيتون والتي انتزعتها السلطات البريطانية عام 1918م من أصحابها بالقوة وأعطيت للصهيونيين ، وأعلنت البلاد اضراباً عاماً احتجاجاً على زيارة بلفور، فقامت هناك مظاهرات ضخمة ضده وهذا ما حمل السلطات البريطانية على إخراجه إلى بيروت حيث ركب الباخرة رأساً ليعود إلى بلاده .



ويذكر أنه في العشر سنوات الأولى من الانتداب البريطاني دخل فلسطين ،ما يقارب 76400 مهاجر يهودي جاء أكثرهم من بلدان أوروبا الشرقية ، ومع نشاط الهجرة المتزايد إلى فلسطين أحس العرب بضرورة المقاومة لأفعال الصهيونية وتحيز السلطات لها، وتفجرت الثورة وكان السبب هو حادث البراق في 24 أيلول /سبتمبر 1928 ،حيث حاول اليهود الاستيلاء على الجدار الغربي للمسجد الأقصى وهو ملك للمسلمين، وهذا أسفر عن حشد التأييد العربي للقضية الفلسطينية من الأقطار العربية ، وكانت بداية ماعرف بثورة البراق التي شهدت أحداث دامية كان على أثرها مداهمة العرب للأحياء اليهودية في الخليل نابلس وبيسان وصفد ، حينها هبت القوات البريطانية للدفاع عن اليهود ، حيث استخدمت أقصى درجات القمع ضد المتظاهرين العرب بإطلاق النارعليهم والتي استنجدت بقوات من مصر كما استخدمت الطائرات وقوات المشاه والمدرعات، وألحقت الدمار بقريتي لفتا ودير ياسين وغيرهما ، وقد قدم للمحاكمة ما يزيد على الألف شخص معظمهم من العرب ، كما صدر الحكم بإعدام 26 شخصاً بينهم 25 عربياً ويهودي واحد .



وفي عام 1930 وصل عدد المهاجرين اليهود إلى 104.750 ، كما وصل خلال الستة أعوام التالية إلى 284.645 أي بزيادة تعادل 164 % وهذه الأرقام لا تتضمن الأعداد التي دخلت البلاد بطرق غير شرعية .



وفي ليلة الإسراء والمعراج بتاريخ 27 رجب 1350 ، الموافق 7كانون أول /ديسمبر 1931 م عقد مؤتمر إسلامي حضره ممثلون عن اثنين وعشرين بلداً إسلاميا ، ولفيف من الشخصيات البارزة في العالم العربي ، وخلال افتتاحية المؤتمر أكد المفتي "محمد أمين الحسيني " على أهمية فلسطين والأقصى في العالم الإسلامي كما أكد المؤتمر شجبه للصهيونية و السياسة البريطانية في فلسطين والهجرة اليهودية إليها ، وكان من قرارات المؤتمر إنشاء جامعة إسلامية في القدس ومقاطعة جميع المصنوعات الصهيونية في الأقطار الإسلامية وتأسيس شركة زراعية في فلسطين لإنقاذ أراضي المسلمين .



- وفي 13 تموز/يوليو 1931 م صدر بلاغ رسمي بتعيين الجنرال "أرثر غرنفيل" (واكهوب ) مندوباً سامياً لفلسطين ، ووصل (واكهوب ) إلى فلسطين يحمل تعليمات بوجوب تعزيز مسألة الوطن القومي لليهود والعمل بأسلوب التسويف والمماطلة مع طلبات العرب ، والوصول إلى أكثرية سكانية يهودية في فلسطين مع طرح بعض المشاريع الوهمية لاشغال العرب بها .



- في 4آب /أغسطس 1932م صدر بيان تأسيس حزب الاستقلال الذي تعهد بالكفاح ضد الاستعمار ومحاربة الهجرة اليهودية والعمل على تحقيق الوحدة العربية ،وكرر الاستقلاليون رفضهم لوعد بلفور والانتداب ، وكشفوا عن أساس التحالف القائم بين الصهيونية والاستعمار البريطاني ، كما أكدوا على أن ثلث ميزانية البلاد مخصص لشؤون الدفاع والأمن بسبب محاولة الحكومة بناء وطن قومي أجنبي خلافاً لارادة الفلسطينيين .



- في مطلع 1932م عقد مؤتمر للشباب الفلسطيني في يافا للنظر في تجنيد الشباب لخدمة الحركة الوطنية .

- في نهاية العام 1934 م باعتراف لجنة "بيل "بلغ عدد المهاجرين اليهود نحو 42.359 مقابل 30327 عام 1933م و9553 عام 1932 م .

وفي نهاية عام 1935م بلغ رقم الهجرة اليهودية 61854 يهودياً وفدوا إلى فلسطين من شتى أرجاء أوروبا ، كما دلت الإحصائيات الرسمية على أنه بحلول عام 1935 م أصبح عدد اليهود في فلسطين ضعفي ما كان في 1929 م بحيث غدا اليهود يمثلون ربع جملة السكان .



- ثورة الشيخ عز الدين القسام :

أيقن الانتداب البريطاني خطورة الموقف في فلسطين بعدما شهدت البلاد ثورة الشيخ عز الدين القسام الذي كان قد وهب نفسه هو وثلة من المجاهدين للدفاع عن أرض فلسطين ، حيث استشهد في جنين بعد صدامه في موقعة عسكرية مع جنود من جيش الانتداب ، فبعد هذه الحادثة مباشرة أوعزت بريطانيا إلى مندوبها السامي "واكهوب " بعد شهر واحد من استشهاد القسام ليقوم بطرح مشروع المجلس التشريعي على العرب واليهود جواباً على المطالب التي قدمتها لجنة الاحزاب الفلسطينية في تشرين الثاني /نوفمبر والذي جاء فيه :

1- أن عرض الحكومة في كانون الاول /ديسمبر 1935 م لمشروع دستور جديد كان يمثل خطوة عملية نحو الحكم الديمقراطي حين اقترح مجلساً تشريعياً بغالبية غير رسمية كبيرة.



2- بخصوص بيع الأراضي : عزمت الحكومة على سن قانون يمنع بيع الاراضي إلا اذا كان المالك العربي قد احتفظ بقطعة من الأرض تكفي احتياجات أسرة.



3- جرى قياس لمعدل الهجرة اليهودية بعناية وفقاً لمقدرة البلاد الاستيعابية ، وقد أنشئ مكتب احصائي جديد لتقدير هذا المعدل .



ثورة 1936 الكبرى ومشروع التقسيم :

انطلقت الثورة في شباط /فبراير 1936 م من حادثة صغيرة وكانت الشرارة التي ألهبت مشاعر العرب الفلسطينيين ، حيث عبرت عن عدم القدرة على احتمال المزيد ، فبدأت هذه الثورة عندما رفض مقاول بناء يهودي تشغيل أي عامل عربي في بناء ثلاث مدارس في يافا كان قد تعاقد على بناءها مع الحكومة ، وكان على أثر ذلك تجمع العمال العرب في موقع المدرسة ومنعوا العمال اليهود من الوصل إليه ، وفي 15 نيسان إبريل قتل يهودي وأصيب أخر بجراح خطيرة ، ورد اليهود على ذلك بذبح قرويين عرب داخل بيوتهم وكانت تلك البداية ، حيث تصاعدت أعمال العنف واشتد التوتر في شتى أنحاء فلسطين والذي صاحبه وقوع العديد من القتلى والجرحى بين الجانبين، وبسبب تصدى الجيش البريطاني للمظاهرات العربية ، حيث أردى العديد من القتلى في صفوف العرب وكذلك الجرحى ، وأعلن الاضراب العام في جميع أنحاء فلسطين ، وازدادت حركة المقاومة الشعبية، حيث أخذت شكل جماعات وتمركزت في الجبال وانضم لهم العديد من المتطوعين العرب شرقي الأردن وسوريا ولبنان والعراق، وتحولت مجموعات المقاومة إلى ثورة شعبية مسلحة تساندها كافة فئات الشعب، واتخذت الثورة أساليب متنوعة مثل تدمير الجسور ونسف السكك الحديدية وتدمير أنابيب النفط ومهاجمة الثكنات العسكرية وضرب مواقع الجيش البريطاني ، كما استخدم البريطانيون الطائرات والمدرعات والمدفعية في كثير من الأحيان للتصدي وقمع تلك الثورة، مما زاد من ثورة الشعب .



وفي غضون ذلك كان هناك بعض المساعي العربية للوساطة بين اللجنة العربية العليا والحكومة البريطانية حيث صدر نداء مشترك عن الملك بن سعود والملك غازي والامير عبد الله في 10 تشرين الاول /أكتوبر إلى رئيس اللجنة العربية وإلى عرب فلسطين جاء فيه .



" لقد تألمنا كثيراً للحالة السائدة في فلسطين ، فنحن بالاتفاق مع أخواننا ملوك العرب والأمير عبدالله ، ندعوكم للخلود إلى السكينة حقنا للدماء ، معتمدين على حسن نوايا صديقتنا الحكومة البريطانية ورغبتها المعلنة لتحقيق العدل ، وثقوا بأننا سنواصل السعي في سبيل مساعدتكم" .



وبناء على ذلك أعلنت اللجنة العربية العليا حل الاضراب ودعت عموم الشعب إلى إقامة الصلاة على أرواح الشهداء الذين زاد عددهم على الألف عربي .



مشروع التقسيم :

نشرت اللجنة الملكية في 7 تموز /يوليو 1937م ، والتي كان يرأسها اللورد بيل تقريراً تناول عرض وجهة نظر كل من زعماء العرب واليهود وأوصت اللجنة بأنه لا يمكن حل مشكلة فلسطين إلى على أساس اقتراح مشروع تقسيم فلسطين ، وأهم بنود مشروع التقسيم هي :

1- إنشاء دولة يهودية تقسم القسم الشمالي والغربي من فلسطين ، وتمتد على الساحل من حدود لبنان إلى جنوبي يافا ، وتشمل عكا وحيفا وصفد وطبرية والناصرة وتل ابيب وترتبط بمعاهدة صداقة وتحالف مع بريطانيا .



2- تقع الأماكن المقدسة تحت الانتداب البريطاني بما فيها (القدس وبيت لحم ) يصلهما ممر بيافا وتشتمل اللد والرملة والناصرة أيضاً ودولة الانتداب مكلفة بحماية هذه الأماكن .



3- تضم الأراضي الفلسطينية (القسم الجنوبي والشرقي من فلسطين ) ومنها مدينة يافا إلى شرق الأردن وترتبط بمعاهدة صداقة وتحالف مع بريطانيا .



4- تدفع الدولة اليهودية مساعدة مالية للدولة العربية وتمنح بريطانيا مليوني جنيه استرليني للدولة العربية .



5- يجري ما يسمى بتبادل السكان بين الدولتين العربية واليهودية ، وينقل العرب من الدولة اليهودية إلى الدولة العربية (وعددهم 325ألفاً ) بشكل تدريجي وتهيئ لهم أرض في منطقة بئر السبع بعد تحقيق مشاريع الرى .



6- تعقد معاهدة جمركية بين الدولتين لتوحيد الضرائب بينهما على أكبر كمية ممكنة من البضائع المستوردة .



وفي مجال الاستيطان اليهودي وصل مجموع ما حصلت عليه مؤسسات وأفراد الصهيونية عام 1936م إلى حوالي مليون ومئتي ألف دونم من الأراضي، وتضاعف عدد المستوطنات بحيث قدر عددها 203 مستوطنات، وتضاعف عدد السكان من 30ألفاً في عام 1927م إلى 98ألفاً في عام 1936م .



لقد كان الرد العربي الفلسطيني على قرار التقسيم هو الاستمرار في الثورة مما حذا بتأجيل طرح قرار التقسيم ، وبقيت الثورة مشتعلة حتى نشوب الحرب العالمية الثانية .



- في 23 تشرين الثاني /نوفمبر سنة 1938 م ألقي "مالكوم مكدونالد " وزير المستعمرات البريطاني بياناً هاماً في مجلس العموم شرح فيه الوضع القائم في فلسطين، ودل البيان على تفهما ما لموقف العرب وسلامة وجهة نظرهم "قائلاً إن مسائلة اللاجئين في اوروبا الوسطى لا يمكن تسويتها على حساب فلسطين بل يجب أن تحل في ميدان أوسع كثيراً من ذلك الميدان " استطرد قائلاً :

" أن الشعب العربي عاش في تلك البلاد منذ قرون عديدة ، ولم يؤخذ رأيه عندما صدر وعد بلفور ولا عندما وضعت صيغة صك الانتداب ، وقد كان العرب خلال السنوات العشرين التي تلت الحرب يرقبون هذا الاجتياح السلمي الذي يقوم به شعب غريب ، ويرفعون عقيدتهم بالاحتجاج الصارخ بين الحين والآخر . حتى أصبحوا يخشون أن يؤول مصيرهم في بلادهم إلى الخضوع لسيطرة هذا الشعب الجديد النشيط من النواحي الاقتصادية والسياسية والتجارية ، فلو كنت أنا عربياً لتولاني الذعر أيضاً " .



وبعد هذا البيان تم الافراج عن المعتقلين في 27 ديسمبر 1938 م ، ليتاح لفلسطين والعرب المشاركة في مؤتمر لندن القادم .



وفي غضون ذلك توجه إلى المؤتمر بعض الوفود العربية من مصر والعراق والسعودية واليمن وشرق الأردن .



وفي 7 فبراير /1939م افتتح مؤتمر المائدة المستديرة الذي انتهى معلناً راية الفشل .



وفي 17آيار /مايو 1939 م أصدرت الحكومة البريطانية ماعرف بالكتاب الأبيض وجاء فيه ما يلي :

1- الدستور :

وجاء في البند العاشر منه "إن الهدف الذي ترمي إليه حكومة جلالته هو أن تشكل خلال عشر سنوات حكومة فلسطينية مستقلة ترتبط مع المملكة المتحدة بمعاهدة .



2- الهجرة :

إن على حكومة جلالته أن تسمح بزيادة توسع الوطن القومي اليهودي عن طريق الهجرة إذا كان العرب على استعداد للقبول بتلك الهجرة، ولكن ليس بدون ذلك " .



3- الأراضي :

جاء في البند 16 من الكتاب الأبيض " تقسم البلاد مناطق يمنع انتقال الأراضي من العرب إلى اليهود في قسم منها ويحدد في قسم ، ويطلق في قسم ثالث .



- بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية رأت الصهيونية العالمية في بريطانيا تلك الدولة المنهكة القوى ، ومن جهة أخرى وجدت أن لها وزنها العالمي في الولايات المتحدة التي احتفظت بقوتها والتي لها مصالحها في الشرق الأوسط ، فما كان من الصهيونية العالمية إلا أن ضاعفت من نشاطها السياسي في الأوساط الأمريكية العليا على اعتبار أنها الوحيدة التي بمقدورها ممارسة الضغط على الحكومة البريطانية للتسليم بمطالب الصهيونية، واعتمدت في تنفيذ ذلك عدة وسائل أهمها الوسيلة الدبلوماسية، وكانت على شكل ضغوط مستمرة من قبل الوكالة اليهودية في بريطانيا ، والثانية تنفيذ الاستراتيجية الموضوعة على أساس الضغط الأمريكي على الحكومة البريطانية ومن جهة ثالثة تشكيل ضغط بطرق إرهابية من خلال القيام بتصعيد عمليات إرهابية وتدبير ضربات موجعة لادارة الانتداب .



وبالفعل هذا ما كان من مؤسسات الصهيونية والوكالة اليهودية حيث دأبوا بالعمل الفاعل والناشط في تنفيذ ما يصبوا إليه وعملوا على كسب ميول القيادات الأمريكية ولا سيما الرئيس الامريكي "هاري ترومان" الذي ما أن استقر في البيت الأبيض حتى وجه رسالة إلى رئيس الوزراء البريطاني "تشرشل" في 24 تموز/يوليو 1945 م، كما طلب من رئيس الوزراء البريطاني الجديد "أتلي " في رسالة وجهها له بتاريخ في 31 آب /أغسطس 1945 بإدخال مئة ألف يهودي إلى فلسطين .



ورداً على الرسائل والاهتمام الأمريكي المتزايد باليهود اقترحت بريطانيا على الولايات المتحدة الأمريكية في 19 تشرين الأول /اكتوبر 1945م أن تشاركها في مسئولية رسم سياسة فلسطين عن طريق تشكيل لجنة تحقيق أنكلو -أمريكية لدراسة مشكلة فلسطين .



قرار التقسيم :

في ايلول /سبتمبر 1947 م شكلت لجنة في الامم المتحدة "بناء " على طلب من الحكومة البريطانية وأطلق عليها لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين "انسكوب UNSCOP"

UNITED NATION SPECIAL COMMITTEE ON PALESTINE .



وتكونت اللجنة من أحد عشر عضواً بعد أن تم استبعاد الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن بحجة أن اشتراكها قد يفضي إلى وضع تقرير متحيز ، وتم اختيار الأحد عشر عضو من دول استراليا والسويد وكندا والهند وتشيكوسلوفاكيا وايران وهولندا وغواتيمالا وبيرو والأورغواي ويوغسلافيا، وعين القاضي "أميل ساندوستروم" السويدي رئيسا للجنة ، على أن تقدم تقريرها في أيلول /سبتمبر ويكون التقرير شامل لحل المشكلة بما تراه اللجنة من مقترحات .



واحتج العرب على إرسال لجنة أخرى لفلسطين وتم التصويت ضد القرار وكان تشكيل اللجنة في حد ذاته يمثل تحيزاً ضد العرب، لان بعض أعضائها معروفين بميولهم للصهيونية أو يقعون تحت الضغط الأمريكي .



انهت اللجنة تقريرها في 31آب /أغسطس 1947م وعرضته على الجمعية العامة للأمم المتحدة وكان التقرير قد اشتمل على إحدى عشرة توصية .



ويدعو قرار التقسيم إلى :

- تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وجزء منها تحت الوصاية الدولية تتولى إدارته الأمم المتحدة ، بحيث يكون ما يقارب 56% منها لليهود .



- تصبح الدولتان مستقلتان بعد فترة انتقالية تدوم سنتين ، ابتداء من أول أيلول /سبتمبر 1947 م والموافقة على دستور كل منهما وتوقيع معاهدة اقتصادية وإقامة اتحاد اقتصادي وتوحيد الرسوم الجمركية والنقد .



- كما نص قرار التقسيم على تنظيم الهجرة اليهودية.



وبعد عرض تلك التوصيات كانت الهيئة العربية العليا قد أعلنت رفضها لتلك المشاريع ، وفي اليوم التالي من نشر التقرير عبرت "غولدا مايرسون "مائير" ممثلة الوكالة اليهودية عن قبولها الضمني بمشروع الأكثرية .



- وقد عبر العرب عامة وعرب فلسطين خاصة عن استيائهم الشديد لهذا المشروع وكان الاستياء العام قد عبرت عنه الشعوب العربية بكاملها حيث قامت المظاهرات في العراق وسوريا ولبنان ومعظم الأقطار العربية .



- وعلى أثر ذلك سارعت اللجنة السياسية في جامعة الدول العربية إلى عقد اجتماع لها في صوفر بلبنان في 6أيلول /سبتمبر لدراسة محتوى تقرير اللجنة واتخاذ موقف سياسي عربي موحد ، وعلى غرار الاجتماع تم اتخاذ القرارات التالية :



1- ترى اللجنة السياسية في تنفيذ هذه المقترحات خطراً محققاً يهدد الأمن والسلام في فلسطين والبلاد العربية ، ولذا فقد وطدت العزم على أن تقاوم بجميع الوسائل الفعالة تنفيذ هذه المقترحات .



2-ترى اللجنة السياسية أن تكاشف الشعوب العربية جميعاً بحقيقة المخاطر التي تحيط بقضية فلسطين ، وتدعو كل عربي إلى تقديم ما في وسعه من معونة وتضحية .



3-قررت اللجنة السياسية ارسال المذكرات إلى حكومتي الولايات المتحدة وبريطانيا ، تعلمها بأن كل قرار يتخذ في صدد قضية فلسطين دون أن ينص على قيام دولة عربية مستقلة يهدد بإثارة اضطرابات خطيرة في الشرق الأوسط .



4- قررت اللجنة أن توصي دول الجامعة بتقديم أقصى ما يمكن من معونة عاجلة لأهل فلسطين من مال وسلاح ورجال



- وعلى أثر قرار التقسيم قام عرب فلسطين بمقاومة الاستيطان الصهيوني بدعم عربي، وكانت هذه المقاومة قد اتسعت وشملت جميع أنحاء البلاد، وقامت معارك طاحنة استخدمت فيها كافة الأسلحة وراح ضحيتها العديد من القتلى والجرحى .


- وبسبب هذه الاضطرابات الخطيرة انعقد مجلس الامن الدولي في 19آذار /مارس للنظر في الحالة الخطيرة التي آلت إليها الأوضاع في فلسطين ، اتضح أنه وإزاء هذه الأوضاع لا يمكن العمل على تنفيذ مشروع التقسيم بالطرق السلمية، ويجب أن يتم تنفيذ المشروع. وهنا قرر اليهود إحباط كل محاولة يقوم بها مجلس الأمن قد تبطل مفعول قرار التقسيم ولوضع الأمم المتحدة أمام الأمر الواقع بدأ اليهود هجومهم المسلح في عملية نخشون ونجم عنها الاستيلاء على قرية القسطل العربية قضاء القدس .



- وفي 9 نيسان /ابريل استطاع عبد القادر الحسيني في معركة حربية قوية طرد اليهود من القسطل، حيث سقط شهيداً فيها ، فعاد اليهود بعد ساعات مستغلين تشييع المواطنين والمجاهدين لزعيمهم واحتلوا المدينة بعد أن دمروها كاملة . وفي نفس الوقت وكجزء من خطة الهجوم بادر الصهاينة إلى تدبير مذبحة "دير ياسين " الواقعة في ضواحي القدس، حيث اقتحموا القرية بالأسلحة الثقيلة ومثلوا بأهلها حيث راح ضحيتها، (250)فلسطينياً أغلبهم من النساء والأطفال "ووصف الكاتب اليهودي "جون كيمي " هذه المذبحة المريعة بأنها أبشع وصمة في تاريخ اليهود" .



-لقد كان الانجليز عوناً لليهود في تحقيق مأربهم ، حيث قاموا بتدريبهم خلال فترة الانتداب ومدهم بالسلاح، كما كانوا كلما انسحبوا من منطقة في عام 1948 م يسلموها إلى اليهود. وانتهت هذه الفترة من عام 1948 م والتي سميت بنكبة عام 1948 م باحتلال اليهود معظم أراضي فلسطين وتهجير مواطنيها باستثناء غزة والضفة الغربية ومدينة القدس الشرقية .



وفي غضون ذلك كان البيت الأبيض قد استدعى ممثل الوكالة اليهودية في واشنطن "إلياهوايشتاين" ، حيث أبلغ أن الولايات المتحدة قررت أن تعترف اعترافاً واقعياً باستقلال اسرائيل شرط أن تتلقى واشنطن طلب بهذا الاعتراف .



وفي الساعة السادسة تماماً حسب توقيت واشنطن أعلن نبأ نهاية الانتداب على فلسطين وفي الساعة السادسة ودقيقة واحدة أعلن قيام دولة اسرائيل وفي الساعة السادسة واحدى عشرة دقيقة تم اعتراف الولايات المتحدة بدولة اسرائيل .


نكبة 1948 :

بعد انتهاء نكبة 1948 م والإعلان عن قيام اسرائيل في 15آيار/مايو 1948م والتي على أثرها وقعت معظم المناطق الفلسطينية تحت السيطرة الاسرائيلية باستثناء بعض المناطق التي بقيت محتفظة بهويتها الفلسطينية إذ أطلق عليها مصطلح "الضفة الغربية" و"قطاع غزة" و"القدس الشرقية -منطقة الأماكن المقدسة" ، كما تسببت هذه الحروب بطرد نحو مليون فلسطيني ليعيشوا لاجئين في البلدان العربية المجاورة، كما كان لهذه الحروب أثارها الاجتماعية على المجتمع الفلسطيني حيث أدت إلى تمزيقه وتقطيع أوصاله .



-في 30 أيلول /سبتمبر 1948م تأسست حكومة عموم فلسطين بمبادرة من الهيئة العربية العليا برئاسة أحمد حلمي باشا والتي لم يكن لها تأثير يذكر .



وفي الأول من تشرين الأول /أكتوبر 1948 م عقد في الأردن "مؤتمر عمان الأول " وتم فيه إصدار قرارات تمنح الملك عبد الله حق تمثيل الشعب الفلسطيني والتحدث باسمه وتبعه "مؤتمر أريحا " الذي انعقد في الأول من كانون الأول /ديسمبر 1948م والذي مهد الطريق أمامه ضم الضفة الغربية إلى الأردن .



وفي غضون تلك الفترة ظلت الحياة السياسية راكدة معطلة إلى أن وقع الاحتلال الاسرائيلي الأول لقطاع غزة عام 1956 وأدى إلى انبعاث المقاومة من جديد والتي كان قد سبقها عمليات فدائية بقيادة ضباط مصريين ، ولعل أهم النشاطات الفلسطينية التي اكتنفت تلك الفترة هي بروز بعض المؤسسات والتنظيمات والحركات السياسية التي تنادي باسترجاع الأراضي الفلسطينية ومقاومة الاحتلال الصهيوني ما بين تلك الفترة منذ عام 1956وحتى قيام منظمة التحرير الفلسطينية ، ومن هذه المؤسسات :

- الاتحاد العام لطلبة فلسطين عام 1959م .

- حركة الأرض عام 1948.

- الاتحاد القومي العربي عام 1958م .



كما كانت في تلك الفترة بعض الحركات والأحزاب العربية التي كان لها امتداد في الأراضي الفلسطينية وعملت على دعم ومساندة الفلسطينيين في قضيتهم ومنها حزب البعث العربي الاشتراكي وحركة القوميين العرب .



تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية 1964-1967م:

بعد كل تلك الظروف التي أحاطت بالقضية الفلسطينية عبر الحقب التاريخية المختلفة ، وفي ظل الضعف العربي واخفاقه في دحر الخطر الصهيوني عن فلسطين والأراضي العربية، كان هناك عدة نداءات تطالب الفلسطينيين بتحمل مسؤولياتهم إزاء هذا الخطر الداهم ، وبات الفلسطينيون بحاجة إلى مؤسسة تمثلهم وتدير شئونهم في مواجهة هذا الاعصار الخبيث الذي يهدد بإجتثاثهم .



وبناء على قرار صدر في مؤتمر القمة العربي المنعقد في القاهرة بدعوى من" الرئيس عبد الناصر" ما بين 13-16كانون ثاني /يناير 1964 القاضي بضرورة إنشاء كيان فلسطيني، واستنادا إلى ذلك سارع "أحمد الشقيري" إلى إقامة كيان فلسطيني من خلال الدعوة إلى عقد اجتماعات تمهيدية في الأقطار التي بها تجمعات فلسطينية لاختيار ممثليهم إلى المجلس الوطني الفلسطيني الأول في القدس في الثامن والعشرين من آيار /مايو 1964 وإقامة منظمة التحرير الفلسطينية .



وفي 28 أيار /مايو 1964انعقد المؤتمر الوطني الفلسطيني الأول في القدس برعاية الملك حسين ومشاركة كل الدول العربية على مستوى وزراء خارجية باستثناء المملكة العربية السعودية، وقد أقر المؤتمر "الميثاق الوطني الفلسطيني" والنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وفي ختام أعماله أعلن الشقيري يوم 2حزيران /يونيو ولادة منظمة التحرير الفلسطينية (ممثلة للشعب الفلسطيني وقائدة لكفاحه من أجل تحرير وطنه) .



وعملت منظمة التحرير الفلسطينية على إنشاء بعض المؤسسات التابعة لها مثل جيش التحرير الفلسطيني والإذاعة ومركز الأبحاث ومكاتب في معظم بلدان العالم والاتحادات الشعبية الفلسطينية والمجلس الوطني الفلسطيني. هكذا تأسست منظمة التحرير الفلسطينية بحس وطني يقوم على فكرة التحرير والمقاومة الوطنية تحت عملية متكاملة تشمل جميع وسائل النضال ونهوض في الجانبين العسكري والمدني ، وانطلقت المنظمة نحو تحقيق اهدافها عبر كل الوسائل والدعم المتاحين .



- منظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 1967 م

لقد حدثت تطورات مهمة على الساحة الفلسطينية فيما بين الدورتين الثالثة والرابعة للمجلس الوطني الفلسطيني ، ففي هذه الفترة تم اقصاء الشقيري عن رئاسة المنظمة في نهاية العام 1967م على أن يتولى يحيى حمودة رئاسة المنظمة بالوكالة، ومن ثم بدأت المنظمة بتكثيف اتصالاتها مع المنظمات الفدائية بهدف دمجها تحت رايتها .



- حرب عام 1967م :

لقد أدت حرب عام 1967م إلى احتلال كامل التراب الفلسطيني بالإضافة إلى هضبة الجولان السورية وشبه جزيرة سيناء المصرية وذلك بعد هزيمة الجيوش العربية .

- وفي الدورة الخامسة للمجلس الوطني الفلسطيني المنعقدة في القاهرة بتاريخ 1-4شباط /فبراير 1969 م اسفرت عن انتخاب "يحيى حمودة " رئيسا للمجلس الوطني وعن تشكيل لجنة تنفيذية تضم فتح والصاعقة ومنظمة التحرير والمستقلين ، وقد انتخب ياسر عرفات -أبو عمار ، رئيساً للجنة الجديدة ، وانتخب ابراهيم بكر نائباً له ، وبذلك كان للمنظمات الفدائية السيطرة الكاملة على منظمة التحرير الفلسطينية .

- الانتفاضة الشعبية في الأراضي المحتلة :

لقد خلفت النكسات والهزائم العسكرية في نفوس العرب الفلسطينيين بعض مشاعر الاحباط واليأس ، وفي إطار ذلك ساد الخمول والجمود كحالة عامة في فلسطين وفي ظل هذه الحالة اليائسة كان هناك شعور أو بريق أمل لدى الفلسطينيين بأنه لا بد وأن تقوم الدول الكبرى بالضغط على اسرائيل للانسحاب من الأراضي الفلسطينية ، في حين كانت اسرائيل تعمل بكل السبل على تهيئة أجواء تخلو من الاحتكاك بالمواطنين الفلسطينيين تظهر فيها حالة من الأمن والظروف الاجتماعية الجيدة محاولة منها لتثبيت وترسيخ قواعدها القائمة على اسس احتلالية، وقد استمرت هذه الفترة إلى أوائل السبعينات ، حيث بدأت الجماهير تشعر بخطر الاحتلال وتعاظم أدواره في تضييق الخناق والتحكم في كل مناحي الحياة، ومن هنا تفجرت المقاومة من جديد وبدأت المعارك تتجدد ولاسيما في قطاع غزة والتي راح ضحيتها العشرات من الشهداء والجرحى ، ولقد تلقت المقاومة زخما عارماً في أواسط السبعينات نتيجة الانتصارات التي حققتها الجيوش العربية في حرب تشرين الأول /أكتوبر 1973 م والتي أدت إلى رفع المعنويات وتلاشي اسطورة المناعة العسكرية الإسرائيلية ، ومنذ تلك اللحظة كانت المقاومة الشعبية تتزايد في ظل البطش الصهيوني بالمواطنين، وكان هناك حالة من التواصل عبر المراحل المتلاحقة في المقاومة والتي توجتها فترة الانتفاضة الشعبية العارمة ، التي بدأت من مخيم جباليا بغزة في 8/12/1987 على أثر حادث قام فيه إسرائيلي بدهس عدد كبير من المواطنين الفلسطينيين أثناء خروجهم إلى أعمالهم في إسرائيل من خلال قاطرة ضخمة أدت إلى مقتل أربعة مواطنين أبرياء ، ومن هنا كانت الشرارة الأولى والتي سرعان ما التهبت وعمت باقي أرجاء فلسطين، واستمرت هذه الفترة حتى انسحاب القوات الإسرائيلية من بعض المناطق الفلسطينية بعد توقيع اتفاقية أوسلو في العام 1993 م .



لقد أدت هذه الانتفاضة العارمة والتي عبرت عن انفجار المواطنين ، وعدم اتساع المجال أمام قدرتهم على استيعاب الأفعال المشينة والتصرفات الفضة والمهينة للاحتلال ، فراح ضحية هذه الانتفاضة مئات الشهداء والجرحى ، بحيث أصبح لا يخلو بيت فلسطيني من شهيد أو جريح أو أسير أو معاق.



القرارات الدولية بشأن فلسطين :




رقم القرار
تاريخ القرار
الجهة / المرجعية
موضوع القرار

1
181 الدورة 2
29/11/1947م
الجمعية العامة
تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية

2
42
5/3/1948
مجلس الأمن
مناشدة جميع الحكومات والشعوب ، لا سيما تلك الدول التي في فلسطين وحولها أن تتخذ جميع التدابير الممكنة لمنع أو تخفيف حدة الاضطرابات الجارية في فلسطين

3
43
1/4/1948م
مجلس الأمن
الدعوة إلى ترتيب هدنة بين الطائفتين العربية واليهودية وكذلك ايقاف العنف

4
44
1/4/1948
مجلس الامن
الدعوة لعقد دورة استثنائية للجمعية العامة ، للبحث مجدداً في مسألة الحكم في فلسطين

5
46
17/4/1948
مجلس الامن
دعوة الجميع في فلسطين إلى وقف العمليات العسكرية وأعمال العنف والارهاب والتخريب

6
48
23/4/1948
مجلس الامن
إنشاء لجنة هدنة لفلسطين

7
185
26/4/1948
الجمعية العامة
الطلب من مجلس الوصاية دراسة اجراءات لحماية مدينة القدس وسكانها .

8
187
6/5/1948
الجمعية العامة
توصية لتعيين مندوباً بلدياً خاصاً للقدس

9
189
14/5/1948
الجمعية العامة
اعراب عن التقدير لعمل لجنة فلسطين واختيار "الكونت برنادوت" وسيطا دولياً .

10
186
14/5/1948
الجمعية العامة
تعيين وسيط دولي

11
212
29/11/1948
الجمعية العامة
انشاء صندوق خاص للاجئين الفلسطينيين

12
194
11/12/1948
الجمعية العامة
انشاء لجنة توفيق لتقرير وضع القدس في نظام دولي دائم ، واعادة اللاجئين وتوطينهم في بلادهم وتعويضهم .

13
302
8/12/1949
الجمعية العامة
نص القرار على تأسيس وكالة الأمم المتحدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينين في الشرق الأدنى (الاونروا) .

14
106
29/3/1955
مجلس الامن
ادانة الهجوم الاسرائيلي على غزة واعتبار ذلك انتهاكا لنصوص وقف اطلاق النار والتزامات اتفاقية الهدنة

15
2253
4/7/67
الجمعية العامة
دعوة اسرائيل إلىالغاء التدابير المتخذة لتغيير وضع القدس

16
2254
14/7/67
الجمعية العامة
ابداء الاسف للتدابير التي اتخذتها اسرائيل لتغيير وضع مدينة القدس

17
242
22/11/67
مجلس الامن
اقرار مبادئ سلام عادل ودائم في الشرق الاوسط

18
2443(الدورة 23)
19/12/68
الجمعية العامة
انشاء لجنة خاصة للتحقيق في الممارسات الاسرائيلية التي تمس حقوق الانسان لسكان المناطق المحتلة

19
2546

الدورة 24
11/12/69
الجمعية العامة
ادانة انتهاكات حقوق الانسان في الاراضي المحتلة والطلب الى اسرائيل الكف عن اجراءاتها القمعية

20
267
3/7/69
مجلس الامن
دعوة اسرائيل مجدداً الى الغاء جميع الإجراءات التي من شأنها تغيير وضع القدس

21
271
15/9/69
مجلس الامن
ادانة اسرائيل لتدنيس المسجد الاقصى ودعوتها الى الغاء جميع الاجراءات التي من شأنها تغيير وضع القدس

22
2672

الدورة 25

أ،ب،ج،د
8/12/70
الجمعية العامة
الاعتراف لشعب فلسطين بحق تقرير المصير والطلب مرة أخرى من اسرائيل اتخاذ خطوات فورية لاعادة المشردين

23
2851

الدورة 26
20/12/1971
الجمعية العامة
مطالبة اسرائيل بشدة بأن تلغي جميع الاجراءات لضم واستيطان الاراضي المحتلة والطلب من اللجنة الخاصة الاستمرار في عملها .

24
3210
14/10/1974
الجمعية العامة
دعوة منظمة تحرير الفلسطينية الممثلة للشعب الفلسطيني إلى الاشتراك في مداولات الجمعية العامة بشأن قضية فلسطين في جلساتها العامة

25
3237
22/11/1974
الجمعية العامة
منح منظمة التحرير الفلسطينية مركز مراقب لدى الجمعية العامة للامم المتحدة

26
298
25/9/1971
مجلس الامن
الأسف لعدم احترام إسرائيل لقرارات الأمم المتحدة الخاصة بإجراءاتها لتغيير وضع القدس

27
3414

الدورة 30
5/12/1975
الجمعية العامة
الحالة في الشرق الاوسط

28
32/5
28/10/1977
الجمعية العامة
الاجراءات الاسرائيلية غير المشروعة في الاراضي المحتلة

29
32/20
25/11/1977
الجمعية العامة
ادانة استمرار الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية عام 67م

30
33/29
7/12/1978
الجمعية العامة
ادانة احتلال الاراضي العربية والدعوة الى تسوية شاملة

31
34/90

أ،ب،ج
12/12/1979
الجمعية العامة
ادانة انتهاكات اسرائيل المستمرة لحقوق الانسان في الاراضي المحتلة

32
34/136
14/12/1979
الجمعية العامة
حق الشعوب العربية في السيادة الدائمة على أراضيها ومواردها الطبيعية

33
446
22/3/1979
مجلس الامن
الاستيطان على الاراضي الفلسطينية ، ليس له أي مستند قانوني

34
دإط-7/2

الدورة الاستثنائية

الطارئة السابعة
29/7/1980
الجمعية العامة
مطالبة اسرائيل بالبدء في الانسحاب قبل 15 تشرين الثاني 1980 ، من جميع الاراضي العربية المحتلة منذ حزيران 1967م .

35
35/110
5/12/1980
الجمعية العامة
التأكيد على حق الدول والشعوب العربية الواقعة أراضيها تحت الاحتلال الاسرائيلي في السيادة الكاملة على مواردها الطبيعية

36
35/207
16/12/1980
الجمعية العامة
ادانة العدوان الاسرائيلي على لبنان والشعب الفلسطيني بشدة ، والتأكيد من جديد على الرفض الشديد لقرار اسرائيل بضم القدس

37
465
1/3/1980
مجلس الامن
مطالبة اسرائيل بتفكيك المستوطنات القائمة والتوقت عن تخطيط وبناء المستوطنات في الاراضي المحتلة بما فيها القدس

38
476
30/6/1980
مجلس الامن
اعلان بطلان الاجراءات التي اتخذتهااسرائيل لتغيير طابع القدس

39
478
20/8/1980
مجلس الامن
ينص على عدم الاعتراف بالقانون الاساسي بشأن القدس

40
36/173
17/12/1981
الجمعية العامة
الاجراءات التي اتخذتها اسرائيل لاستغلال الموارد البشرية والطبيعية في الاراضي الفلسطينية والعربية ، غير شرعية

41
دE -7/4
28/4/1982
الجمعية العامة
ادانة اسرائيل لسياستها في الاراضي المحتلة وحث الدول على عدم تزويد اسرائيل بالمساعدة

42
37/86

أ،ب،ج،د،ه
10/12/1982
الجمعية العامة
حول قضية فلسطين

43
39/17
23/11/1984
الجمعية العامة
التأكيد من جديد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واستقلاله

44
39/136

أ،ب،ج
14/12/1984
الجمعية العامة
الحالة في الشرق الاوسط

45
39/146
1984
الجمعية العامة
الحالة في الشرق الاوسط

تطور عدد السكان بفلسطين

جدول رقم (1)
تطور عدد السكان بفلسطين خلال االفترة 1918-1948

حيث يشير هذا الجدول ازدياد أعداد اليهود مقارنة بالسكان العرب، بفعل الهجرة اليهودية من الخارج الى اسرائيل.

السنة
اجمالي عدد السكان
العرب
النسبة المئوية
اليهود
النسبة المئوية

1918
694.000
644.000
92.8%
50.000
7.2%

1922
752.048
668.258
88.9%
83.790
11.1%

1925
847.238
725.513
85.6%
121.725
14.4%

1929
690.043
803.562
83.7%
156.481
16.3%

1931
1.033.313
858.707
83.1%
174.606
16.9%

1933
1.140.941
905.974
79.4%
234.967
20.6%

1936
1.366.692
982.614
71.9%
384.078
28.1%

1939
1.501.698
1.056.241
70.3%
445.457
29.7%

1942
1.620.005
1.135.597
70.1%
484.408
29.9%

1944
1.739.624
1.210.922
69.6%
528.703
30.4%

1946
1.936.000
1.328.000
68.6%
608000
31.4%

1948 مايو
2.065.000
1.415.000
68.5%
650.000
31.5%


جدول رقم(2)

المستعمرات اليهودية التي أنشئت في العهد العثماني في فلسطين :

اللواء
القضاء
المستعمرة
تاريخ إنشائها
عدد سكانها من اليهود عند الانشاء

الجليل(2)
صفد
روشبينا
1882
340



يسود همعلة
1883
250



مشمار هايردن
1890
130



المطلة
1896
220



كفار جلعادي
1916
850



ايلت هاشحرة
1918
520


الناصرة
كفار طابور
1901
230



مرحافيا
1911
270


طبريا
يفتتيل
1901
590



مناحاميا
1902
230



سجرة
1902
260



بيت غن
1904
170



كنرت
1908
220



متصبه
1908
90



دجانيا "1"
1909
290



مجموعة كنرت
1909
460



مجدال
1910
240

حيفا
حيفا
زخرون يعقوب
1882
1510



بات شلومو
1889
90



الخضيرة
1890
7500



عتليت
1903
280



جبعة عدا
1903
160



كركور
1913
900



عن شموئيل
1913
310




جدول "3"
عدد المستعمرات الصهيونية التي أنشئت في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين .

السنة
عدد المستعمرات

1920
3

1921
7

1922
9

1923
4

1924
4

1925
6

1926
11

1927
4

1928
1

1929
2

1930
5

1931
1

1932
16

1933
25

1934
7

1935
13

1936
7

1937
17

1938
18

1939
17

1940
7

1941
5

1942
6

1943
8

1944
4

1945
9

1946
21

1947
10

1948 ايار
3

غير معروف تاريخ التأسيس
15

المجموع
268




جدول (4)

مساحة الأراضي التي حازها اليهود حتى عام 1947م .

مساحة الاراضي بالدونم
نسبتها المئوية للمساحة الاجمالية
كيفية حيازتها

420.00
1.55%
فترة الحكم العثماني وبداية الحكم العكسري البريطاني

175.000
0.64%
أجرتها حكومة فلسطين لليهود

325.000
1.20%
منحتها الحكومة للوكالة اليهودية

625.000
2.31%
مشتراه من كبار ملاك غائبين غير فلسطينيين

261.400
0.96%
مشتراه من كبار ملاك فلسطينيين

7.000
6.6%
المجموع


جدول"5 "

مساحة الأراضي العربية واليهودية في فلسطين لعام 1945م .



القضاء


مساحة القضاء
ما يملكه العرب
ما يملكه اليهود
املاك الحكومة
آخرون
المساحة بالدونم

عكا
799.663
695.694
24.997
77.491
1.481

بيسان
367.087
159.813
124.755
82.336
184

الناصرة
497.533
258.616
137.382
97.106
4.429

صفد
696.131
474.973
121.488
99.663
7

طبريا
440.969
226.441
167.406
42.037
5.085

حيفا
1.031.755
434.666
364.276
208.047
24.766

يافا
335.366
158.313
129.439
30.597
161.917

اللد والرملة
870.192
670.392
132.159
66.201
11.640

جنين
848.991
705.742
4.251
128.925
73

نابلس
1.591.718
1.373.466
15
188.546
19.691

طولكرم
831.583
646.869
141.361
43.338
15

رام الله
686.564
681.996
146
3.933
489

القدس
558.647
459.921
29.527
27.039
42.160

اريحا
341.623
216.128
-
119.945
4.550

بيت لحم
653.157
632.154
3.819
8.129
9.055

الخليل
2.176.786
2.085.034
6.132
84.465
1.154

غزة
1.111.501
830.314
49.260
231.578
341

بئر السبع
12.577.000
1.936.375
65.231
575.380
510

المجموع
26.405.266
12.657.007
1.491.644
12.114.565
42.050




المصادر :

- د. معاوية ابراهيم. فلسطين من أقدم العصور الى القرن الرابع قبل الميلاد.-الموسوعة الفلسطينية، المجلد الثاني، بيروت ،1990.

- د.نقولا زيادة. فلسطين من الاسكندر إلى الفتح العربي الاسلامي .-الموسوعة الفلسطينية، المجلد الثاني ،بيروت،1990.

- د.نبيه عاقل. فلسطين - الفتح العربي الاسلامي .-الموسوعة الفلسطينة-المجلد الثاني ،بيروت ،1990.

- د.شاكر مصطفى. فلسطين- ما بين العهدين الفاطمي والأيوبي ، المصدر السابق .

- د.سهيل زكار. فلسطين في عهد المماليك. الموسوعة الفلسطينية ، المجلد الثاني،بيروت،1990.

- د.عبد الكريم رافق. فلسطين في عهد العثمانييين.- الموسوعة الفلسطينية، المجلد الثاني،بيروت،1990.

- د.هيثم كيلاني. حروب فلسطين العربية الاسلامية.- الموسوعة الفلسطينية ،المجلد الخامس ، 1990.

- د.هندي البديري.- أراضي فلسطين بين مزاعم الصهيونية وحقائق التاريخ.- القاهرة ،مطابع جامعة الدول العربية ،1998.

- المعهد العربي للتدريب والبحوث الاحصائية. الخصائص الديمغرافية للشعب الفلسطيني، بيروت ،دار النضال ،1985.

- مصطفى الدباغ. بلادنا فلسطين .- الجزء الأول ، دار الطليعة ، بيروت ، 1965.

- عارف العارف، النكبة ،ص 925.

- بيان نويهض الحوت. فلسطين القضية والشعب ، دار الاستقلال ،1991.

- الياس شوفاني . الموجز في تاريخ فلسطين ،مؤسسة الدراسات الفلسطينية-1998.

- د.عبد الوهاب الكيالي. الموجز في تاريخ فلسطين الحديث .- بيروت ، المؤسسة العربية ، 1975.

- أسماء عبد الهادي فاعور. فلسطين والمزاعم اليهودية .-بيروت ، دار الأمة ،1990 .

- منشورات مؤسسة الدراسات الفلسطينية / وزارة الدفاع اللبنانية.القضية الفلسطينية والخطر الصهيوني.- سلسلة دراسات بيروت،1973.



التقسيمات الاداريةفي فلسطين قبل عام 1948
  

أولاً: التقسيمات الإدارية خلال العهد العثماني


خلال التاريخ العربي، لم يحمل تعبير فلسطين مدلولاً سياسياً خاصاً، إذ كانت هذه المنطقة جزءاً من دولة أكثر اتساعا، تحمل هويتها، ويشكل تاريخها جزءاً من التاريخ العربي العام. لقد كانت فلسطين وحدة إدارية، كما كانت في الوقت نفسه، إشارة إلى موقع جغرافي- إلى امتداد في المكان.

في العهد العثماني، حدثت تطورات سريعة، معقدة وكثيرة، بالنسبة للتقسيمات الإدارية خلال تلك الفترة جميعها، لكنها، جميعاً، أسقطت من مصطلحها الإداري تعبير فلسطين، إذا اقترنت التسميات، على الأغلب بأسماء المدن ويهمنا هنا أن نلم سريعاً بالتقسيمات الإدارية التي كانت عليها المنطقة الواقعة على جانبي نهر الأردن، عشية الحرب العالمية الأولى، قبل أن تصبح فلسطين وحدة إقليمية رسمت خريطتها وحدودها الجغرافية السياسية بفعل صراع المصالح الدولية في المنطقة. ونحن إذا دخلنا الأراضي الواقعة إلى الشرق من نهر الأردن في هذه الإطلالة على الوضع، فلأن أقساماً منها حملت اسم فلسطين، كما ذكرنا في التمهيد، ولأن التقسيمات الإداري على جانبي النهر كانت متداخلة.

لم تكن فلسطين- بحدودها المعروفة حالياً- وحدة إدارية واحدة أواخر العهد العثماني، وإنما توزعت إدارياً بين ولاية بيروت التي انفصلت عن ولاية سوريا في العام 1887، ومتصرفية القدس المستقلة التي فصلت، أيضاً، عن الولاية نفسها في العام 1882. وسنعرض فيما يلي لهذا التوزيع الإداري حسب الأولوية:

1. لواء عكا: كان يتبع ولاية بيروت ويضم أقضية حيفا وطبريا وصفد والناصرة. وقد فصل قضاء الناصرة لفترة قصيرة بين العامين 1906 و1909 عن لواء عكا وضم إلى متصرفيه القدس. وقد كان الغور، حتى شونة جسر المجامع، تابعاً لقضاء طبريا.

2. لواء البلقاء: سمي، أيضاً، لواء نابلس. وكان يضم بشكل دائم، بالإضافة إلى نابلس، أقضية جنين وبني صعب وجماعين في جانب نهر الأردن الغربي. أما في الجانب الشرقي من النهر فكان يضم قضاء السلط (عمان كانت قرية صغيرة في قضاء السلط) بين نهر الزرقاء ونهر الموجب، وذلك حتى العام 1905، عندما ضم القضاء إلى ولاية سوريا.

3. متصرفية القدس المستقلة: كانت تتبع مباشرة للباب العالي دون أن تتبع أيا من الولايات. وكانت المتصرفية تضم أقضية يافا وغزة وبئر السبع والخليل. وقد حافظت متصرفية القدس حتى أواخر العهد العثماني- باستثناء الفترة من 1906 حتى 1909 عندما ضم إليها قضاء الناصرة- على حدودها على النحو التالي: من الشمال، خط متعرج يفصل بين المتصرفية ولواء نابلس التابع لولاية بيروت، ويبدأ من منتصف الطريق بين غزة والعريش على البحر المتوسط وينتهي في العقبة. ومن الشرق، امتداد نهر الأردن و البحر الميت ووادي عربة الذي يصل العقبة بالبحر الميت.

هذا بالنسبة للجانب الغربي من النهر، أما على الجانب الشرقي فقد أجريت تعديلات عديدة كانت فيها السلط والكرك والطفيلة في العام 1868 تابعة للواء البلقاء (نابلس)، ثم تبعت الكرك ومعان لواء القدس، وفي العام 1879 ألحقت الكرك ومعان بلواء نابلس، وفي العام 1893 شكل لواء الكرك وعرف باسم لواء معان وألحق بولاية سوريا بعد أن فصل عن لواء البلقاء الذي كان يتبع ولاية بيروت. أما قضاء عجلون في الشمال فقد بقي يتبع لواء حوران في ولاية سوريا حتى العام 1900. وفي العام 1910 كان قضاء عجلون يتألف من مدينة واحدة هي اربد ومن ناحيتي كفرنجة والكورة ومن 12 قرية. وفي العام نفسه، كانت متصرفية الكرك (التي تتبع ولاية سوريا) تشمل قضاء السلط ومركزه السلط ويتبعه مأدبا والجيزة وعمان، وقضاء معان وقضاء الطفيلة، بالإضافة إلى مدينة الكرك مركز المتصرفية.

كان الوضع الإداري على جانبي النهر، إذن، عشية الحرب العالمية الأولى كما يلي: في الغرب،

1. متصرفية القدس المستقلة والمرتبطة مباشرة بالعاصمة العثمانية وتشمل بالإضافة إلى القدس، يافا وغزة وبئر السبع.

2. لواء نابلس الذي يتبع ولاية بيروت، ويشمل بالإضافة إلى نابلس، جنين وطولكرم.

3. لواء عكا ويتبع بيروت أيضاً، ويشمل بالإضافة إلى عكا، حيفا والناصرة وطبريا وصفد.

أما في الشرق فهناك:

1. متصرفية الكرك وتشمل بالإضافة إلى الكرك، أقضية السلط (بما فيها عمان) ومعان والطفيلة.

2. قضاء عجلون ويتبع لواء حوران الذي يتبع ولاية سوريا.

غير أن هذا الشكل من التنظيم لم يمكن يحمل مضموناً سياسياً، وإنما افترضته، أساساً، المتطلبات الإدارية في الدولة العثمانية، وكانت هناك أسباب عديدة تمنع هذا التقسيم الإداري من أن ينقلب إلى وقائع كيانية سياسية تخلق الأساسات المادية للتجزئة. فكان هناك،

أولاً: انتهاء الولايات جميعاً إلى الدولة العثمانية بكيانها السياسي الواحد.

ثانياً: تراث العرب الطويل لجهة دولتهم العربية التي شكلت أساساً لمقومات الأمة، بالإضافة إلى لغتهم الواحدة وتاريخهم المشترك.

ثالثاً: عدم ثبات حدود الولايات والتقسيمات الإدارية جميعا، خلال العهد العثماني كله، بحيث كانت الولايات تضم إلى بعضها البعض مرات، أو تفصل من بعضها أجزاء وتضم إلى أخرى. وكانت هذه الأسباب كفيلة بجعل هذه التقسيمات تحافظ على معناها الإداري، دون أن تتحول إلى تجسيدات سياسية كيانية.

غير أن سنوات الحرب العالمية الأولى والأعوام القليلة التي أعقبتها كانت حاسمة في إرساء جذور الكيانات الجديدة في المنطقة العربية. فهذه السنوات شهدت نهاية الامبراطورية العثمانية (الرجل المريض في المصطلح الغربي) وزوال حكمها عن البلاد العربية، وكان اقتسام تركة الرجل المريض ما بين الدول الأوروبية التي خرجت منتصرة من الحرب، مناسبة لإنشاء كيانات إقليمية في المنطقة، متعارضة مع أماني شعوبها التي كانت مركزة في إقامة دولة عربية واحدة ذات سيادة على جميع الأراضي العربية. إلا أن تصادم مصالح القوى العظمى مع هذه الأماني جعل المنطقة توزع أقاليم، بحيث حدد تأثير هذه المصالح وأهدافها أشكال الكيانات السياسية المستجدة لكي تكون أكثر تلبية لتلك المصالح واستجابة للأنماط المختلفة منها، حتى أن بعض هذه الكيانات التي انبثقت، رسمت لها الوظائف المعينة ضمن أهداف صراع المصالح مرة وتوافقها مرة أخرى.

وتاريخيا، تعتبر الاتفاقية التي عرفت باسم اتفاقية سايس –بيكو في العام 1916، المحدد الزمني للاتجاه الاستعماري الهادف إلى خلق كيانات سياسية عربية منفصل بعضها عن بعض، وهي التي رسمت بوحي منها المعالم الجغرافية الرئيسية لهذه الكيانات التي انبثقت بعد الحرب بتعديلات، أن تجاوزت بتفصيلاتها الحدود التي رسمتها تلك الاتفاقية فهي لم تخرج عن الهدف الرئيسي، بل الوحيد، الذي كان بمثابة الناظم للاتفاقية، نعني اقتسام الوطن العربي ما بين الدول الاستعمارية وتمزيقه كي تسهل السيطرة عليه.

ثانياً: التقسيمات الإدارية في فلسطين خلال الانتداب البريطاني
وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها في نوفمبر "تشرين الثاني" من عام 1918 وكانت جيوش الإنجليز قد دخلت القدس في أواخر عام 1917
وفي تلك الفترة صدر وعد بلفور نسبة إلى وزير الخارجية البريطاني اللورد بلفور للصهاينة بإعطاء فلسطين وطن قومي لليهود لإنشاء دولتهم فيها وصدر هذا الوعد بتاريخ 2 نوفمبر 1917 وقد صاغ بلفور وعده في العبارات التالية
" عزيزي اللورد روتشيلد"
إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي وسوف تفرغ خير مساعيها لتسهيل بلوغ هذه الغاية، وليكن معلوما أنه لا يسمح بإجراء شيء يلحق الضرر بالحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية الموجودة في فلسطين الآن، أو بالحقوق التي يتمتع بها اليهود في البلدان الأخرى وبمركزهم السياسي فيها"
وعندما تم للإنجليز ما أرادوا وأصبح سلطانهم العسكري هو المهيمن الوحيد في فلسطين حين أتموا احتلال جميع أطرافها في أواخر عام 1918 أصبح الشعب العربي في فلسطين يئن تحت الحكم العسكري البريطاني الذي بدا واضحاً من أول وهلة أنه ينفذ برنامج التهويد الرهيب
لقد اشتملت التقسيمات الإدارية في فلسطين خلال الانتداب البريطاني على مرحلتين:
المرحلة الأولى : التقسيم الإداري والجغرافي لعام 1922
المرحلة الثانية : التقسيم الإداري والجغرافي لعام 1939
التقسيم الإداري والجغرافي لمناطق فلسطين في العام 1922
:كان التقسيم الإداري موزعا على أربعة ألوية هي
اللواء الجنوبي ويضم أربعة اقضية هي:<غزة، بئر السبع، المجدل، الخليل
لواء القدس يافا: ويضم ستة أقضية هي: القدس، يافا، بيت لحم، رام الله، اريحا، الرملة
لواء نابلس : ويضم أربعة أقضية هي: نابلس، طولكرم، جنين ، بيسان
لواء الشمال: ويضم خمسة أقضية هي: جنين، عكا، الناصرة، طبرية، صفد
ثم بعد ذلك تم دمج بعض الاقضية ببعض فأصبحت جميعها ستة عشر قضاء هي: صفد، عكا، طبرية، بيسان، الناصرة، حيفا، جنين، طولكرم، نابلس، رام الله، الرملة، يافا، القدس، الخليل، غزة، بئر السبع

التقسيم الإداري الجغرافي لمناطق فلسطين في العام 1939
استمر التقسيم الإداري الأول حتى عام 1939 حيث أعادت بريطانيا التقسيم الإداري مرة ثانية على النحو التالي:
لواء الجليل: وقاعدته "الناصرة" ويتألف من قضاء(عكا، بيسان، صفد، طبرية، والناصرة)
لواء حيفا: يضم قضاء حيفا
لواء نابلس: ويتألف من قضاء نابلس وجنين وطولكرم
لواء القدس: يشمل قضاء القدس والخليل ورام الله
لواء يافا: يشمل قضاء يافا والرملة
لواء غزة: يشمل قضاء غزة وبئر السبع

ليست هناك تعليقات: