الخميس، 15 ديسمبر 2011

دمه ليس ماءً فلا تنثروه بين القبائل ... الذكرى السنوية الخامسة على اغتيال الشهيد



دمه ليس ماءً فلا تنثروه بين القبائل ...
الذكرى السنوية الخامسة على اغتيال الشهيد جاد التايه
غزة - الصباح - في الذكرى الخامسة أيها الحبيب، يشتد فينا الحنين إلى أول الورد وتزدحم في طريقنا معاني النشيد الجميلة، تتفجر على خطانا أحاسيس الحياة السعيدة وتتبعثر فوق دفاترنا خطايا القصيدة العبثية، وتتوحد حولنا الرموز في هيئة الخالق حيث لا مثيل للطهر....هذه هي حقيقة ذكراك.


دمه ليس ماءً فلا تنثروه بين القبائل ...
الذكرى السنوية الخامسة على اغتيال الشهيد جاد التايه
غزة - الصباح - في الذكرى الخامسة أيها الحبيب، يشتد فينا الحنين إلى أول الورد وتزدحم في طريقنا معاني النشيد الجميلة، تتفجر على خطانا أحاسيس الحياة السعيدة وتتبعثر فوق دفاترنا خطايا القصيدة العبثية، وتتوحد حولنا الرموز في هيئة الخالق حيث لا مثيل للطهر....هذه هي حقيقة ذكراك.
يقولون في بلادنا أنه مهما كان الحزن صاعقاً فالزمان وحده الكفيل بأن ينهيه، ويقولون أيضاً أن من يفقد حبيباً سيحتاج إلى وقت طويل كي يقوى على نسيانه، ولكنك أيها الغائب منذ خمس سنوات ما زلت خيالي الحاضر وقلبي الممتلئ، ولم تقدر كل تلك السنوات العجاف أن تعيد ترتيب الصور في مخيلتي أو تزيل سطوة الكلمات المحفورة في بالي.

ما زلت أتوجع لألم غيابك، ما زلت أرثي ذكراك وأتوقف عند تفاصيل مسيرتك، فأبتهج لحياتك وأحزن لمماتك، ما زلت أسترجع شريط الذاكرة وأسعى لبعث الأمل في عقارب الساعة وأحاول قدر المستطاع إنعاش معالم الأماكن التي خيمت فيها أحلامنا.

بالرغم من أن فراقك ما زال يشكل مأساتي المتكررة كيف لا؟ وقد أصبح حزني عليك ملاصقاً لوجودي كالظل، ولكني مطمئنة أكثر من أي وقت مضى على أن قدرتي في تتبع نهاية قصتنا لم يمسها خلل أو شلل، وسأظل أواصل حتى بعد أن تفنى أجسادنا في الثرى وإلى حين أن تتعانق أرواحنا من جديد في الملكوت الأخير.

أتعلم أيها المغدور أن أشد ما يغيظني لدى ذكراك في هذا العام والشيء الوحيد الذي يزيدني سوء هو حقيقة أن الكبار في ساحتنا قد اقحموا، وعلى غفلة، اسمك الشريف في مربع المحاصصة القذر لعله يطيل مداهم بعض الوقت في دائرة الشرعية الموهومة، وليتهم يتمكنوا بعد ذلك من تسديد بعض ديونهم الفاسدة أو ربما إستعراض بطولاتهم الوهمية.

لقد فشل زعماء الحرب في الماضي بسرقة شجاعتك للحفاظ على عروشهم الواهية، ولم يفلحوا للآن في التخلص من هالتك التي فاقت قاماتهم، فقرروا أن يوزعوا دمك على القبائل المتناحرة، وقد كان لهم ما أرادوا حيث تنازلت لهم عشيرتك الكبيرة عن حقك بالقصاص ليعلن رئيس العشيرة، مؤخراً، عن ضبط كبش للفداء يمكنه أن ينوب عن الجميع بحمل راية الخيانة.

أيها الحبيب الأوحد، دعني أخبرك عن واقع البلاد والعباد منذ أن ارتقت روحك إلى بارئها، دعني أبشرك بأننا انتصرنا أخيراً على طواحين الهواء المعطلة، واستعدنا بسهولة غزة السليبة، ووحدنا بدون عناء صفوفنا بعد أن طهرنا أنفسنا من الدواب البشري والتطرف الديني، وقد حررنا بحمد الله أسرانا وقضينا ببركته على جميع بؤر الإستيطان والجدار العنصري والحواجز الثابتة والنقالة، وأننا في الوقت الذي سنعلن عضويتنا في الأمم المتحدة، بدأنا نقود الشعوب المحيطة نحو حريتها من الطغاة وباتجاه إستقلالها عن الأجنبي، باختصار كي لا أطيل عليك بالشرح، فقد فاتك كل ذلك وأكثر...يا للأسف.

أيها القائد المجهول، نم قرير العين فقد ثأرنا أخيراً لدمك المهدور، وتمكنا من جلب القتلة مكبلين إلى صالة المحاكمة، ولكن اعذرنا فلم نستطع أن ننفذ الحكم فقد أصدر الوالي بأن لا جريمة وبأن المجرم يحق له أن يبقى طليقا حتى تصاغ براءته أو تموت الضحية.

نعم يا حبيبي، لا تتوقع منهم أكثر من ذلك، لا تحرجهم أرجوك أكثر من ذلك، لا تقسوا عليهم، فهم ضعاف لا حيلة لهم، وهم متعبين من القهر والأحقاد، ولا شك أن الوطن قد اختفى وراءهم للأبد.

لا تبكي على حالنا ولا تأسف على ماضيك، بل فكر وتمهل فأنت المنتصر، أنت الذي سيذكرك التاريخ لا هم، أنت الذي سيترحم عليك الأحياء لا هم، أنت الذي كسبت مكانك بين الشرفاء لا هم، أنت الذي نلت وعد الله لا هم.

أما أنا فما زلت أخفي سرك عن خفافيش الظلام، وما زلت أحرس ظلك من فتاوي العمامات السوداء، وسأبقى أتعقب دمك الشهيد في فواهات البنادق المستأجرة.

سأظل أحاصر لهيب الخيانات وأكشف كمائن المؤامرات، ما زلت وسأبقى قابضة على جمرة العهود وماضية في معركتنا ضد العار.

(بقلم سميرة التايه زوجة المغدور جاد التايه)

ليست هناك تعليقات: