'أحمد موسى' كان شهيد الثورة الأول
47 عاماً على الطلقة الأولى والأمل بالتحرر ماثل و'عيلبون' لن ينساها
التاريخ
رام الله- الصباح - بسام أبو الرب- في الفاتح من
كانون الثاني عام 1965 كانت البداية، كانت الطلقة الأولى لانطلاقة الثورة
الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني 'فتح' حين تسللت المجموعة الفدائية
الأولى لحركة فتح إلى داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، حين فجرت نفق 'عيلبون' الذي
يتم من خلاله سحب مياه نهر الأردن لإيصالها إلى صحراء النقب لبناء المستوطنات من
أجل إسكان اليهود المهاجرين فيها، عندما عادت المجموعة الفدائية إلى قواعدها بعد أن
قدمت شهيدها الأول أحمد موسى أثناء العملية لتعمّد بالدم باكورة مقارعتها
للاحتلال.
وأصدرت حركة 'فتح' آنذاك البلاغ العسكري رقم واحد، الذي جاء فيه:
'اتكالاً منا على الله، وإيماناً منا بحق شعبنا في الكفاح لاسترداد وطنه المغتصب،
وإيمانا منا بموقف العربي الثائر من المحيط إلى الخليج، وإيمانا منا بمؤازرة أحرار
وشرفاء العالم، لذلك تحركت أجنحة من قواتنا الضاربة في ليلة الجمعة 31/12/1964،
1/1/1965، وقامت بتنفيذ العمليات المطلوبة منها كاملةً ضمن الأرض المحتلة، وعادت
جميعها إلى معسكراتها سالمةً'.
وحذرت الحركة في بلاغها 'العدو من القيام بأية إجراءات ضد
المدنيين الآمنين العرب أينما كانوا؛ لأن قواتنا سترد على الاعتداء باعتداءات
مماثلة، وستعتبر هذه الإجراءات من جرائم الحرب. كما وأننا نحذر جميع الدول من
التدخل لصالح العدو، وبأي شكل كان، لأن قواتنا سترد على هذا العمل بتعريض مصالح هذه
الدول للدمار أينما كانت. عاشت وحدة شعبنا وعاش نضاله لاستعادة كرامته
ووطنه'.
عباس زكي عضو اللجنة المركزية لحركة 'فتح'، أحد من عاصروا هذه
التجربة وروادها، يروي تفاصيل ولادة الحركة وانطلاقتها فيقول 'إن انطلاقة حركة فتح
والثورة الفلسطينية المعاصرة جاءت نتيجة تحضيرات استمرت 8 سنوات عقب العدوان
الثلاثي على مصر عام 1956، وكانت النشأة عام 1958م على يد مجموعة من الشباب
الفلسطيني ممن شاركوا في العمل الفدائي في قطاع غزة في عام 1953م، أو في صد العدوان
الثلاثي ومنهم ياسر عرفات، وخليل الوزير، وغيرهم، الذين التقوا في الكويت، واتفقوا
وتعاهدوا على العمل من أجل تحرير فلسطين، فكانت القاعدة التنظيمية الأولى لحركة
فتح، وكان لهذه القاعدة امتدادات تنظيمية في الضفة الغربية وغزة ومصر والأردن
وسوريا ولبنان والكويت وقطر. بدأت بالتوسع سراً فلم يكن هناك شروط لاكتساب العضوية
في التنظيم سوى التوجه نحو فلسطين، والنقاء الأمني والأخلاقي، وعدم التبعية لأي
نظام عربي'.
وأضاف زكي 'أن انطلاق حركة فتح بالكفاح المسلح، في يناير 1965،
شكل ولادة حقيقية لحركة المقاومة الفلسطينية المعاصرة بعد النكبة، لتعيد معه 'فتح'
الاعتبار لهوية الشعب الفلسطيني وشخصيته الوطنية، وتلفت كل الأنظار إلى القضية
الفلسطينية وعدالتها ومكانتها بين حركات التحرر في أرجاء العالم'.
وأردف: في العام 1958 بدأت الطليعة بالعمل الفلسطيني، فكان إصدار
مجلة 'فلسطينينا' كأول مجلة تعنى بالتعريف بالقضية الفلسطينية، وفي عام 1961 بدأت
عمليات مسح واستطلاع من اجل موعد إطلاق الكفاح المسلح وذلك ضمن رؤية متكاملة
وإيمانا من القيادات أن 'أقصر الطرق إلى فلسطين الكفاح المسلح'.
أوضح زكي أنه في العام 1964 بدأت الاجتماعات على مستوى القيادة
الأولى وإقرارها بتوجيه ضربة نوعية بتفجير سد 'عليبون' الذي يتم من خلاله سحب مياه
نهر الأردن لإيصالها إلى صحراء النقب، والاستفادة من وقع هذه الحادثة من خلال تدفق
المياه التي استمرت لأكثر من أربعة شهور رغم التصليحات التي قامت بها إسرائيل
لتفادي تأثيرات هذه الواقعة.
وبين أن انطلاق صوت الرصاص في الأراضي المحتلة، كان مفاجأة
للكثيرين من العرب، لاعتبارها بداية لاتخاذ القضية الفلسطينية ملفاتها منحنا آخر
وسحبها من أدراج هيئة الأمم المتحدة، بعد أن اعتلاها الغبار دون مجيب لتنفيذ قرارات
الشرعية الدولية، مشيرا إلى أنه بعد الانتصار في معركة الكرامة عام 1968 تحولت
القضية من شعب مشرد ولاجئ إلى خنادق النضال والقتال، وأصبحت القضية تشغل العالم،
الأمر الذي شكل انعطافا حاسما في المسار الكفاحي لحركة 'فتح' وجناحها الضارب 'قوات
العاصفة'، بل علامة فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني بشكل عام، وتعزز الرصيد
الكفاحي والسياسي لنهج الكفاح المسلح، وتصاعد الالتفاف الجماهيري العربي والفلسطيني
إلى حدوده القصوى.
وأشار إلى أن أهم البلدان التي دعمت الثورة الفلسطينية وحركة
'فتح' في ذلك الوقت الجزائر والصين، في ظل التخوف من بعض الأنظمة العربية في بداية
الكفاح المسلح؛ إلا أنها احتضنت الثورة بعد ذلك خاصة عقب معركة الكرامة ورغم وجود
تناقضات في بعض الساحات العربية الداخلية، وأصبحت هذه التجربة تشكل عنوانا للاطلاع
عليها، الأمر الذي حذا ببعض قادة الثورات في العالم أمثال تشي جيفارا بزيارة رواد
الحركة والاطلاع عن كثب على التجربة الثورية.
وقال إنه بعد معركة الكرامة، بعث الرئيس المصري الراحل جمال عبد
الناصر برقية إلى الشهيد ياسر عرفات يسأله فيها عن صمود المقاتلين في معركة الكرامة
وصد العدوان الإسرائيلي، أجابه أبو عمار قائلاً: 'نطعم لحومنا لجنازير الدبابات ولا
نركع'. ما دفع الزعيم عبد الناصر إلى إطلاق عبارته الشهيرة بصدد الثورة الفلسطينية
أنها 'وجدت لتبقى وهي أنبل ظاهرة عرفها التاريخ'.
وأكد زكي أن لكل مرحلة لها موازينها وتجاذباتها، واليوم المرحلة
تختلف في ظل الممارسات الإسرائيلية من تهويد وبناء الجداران العنصرية وعدم القدرة
على امتلاك الحرية، إضافة إلى خسارة العديد من قيادات الحركة التي قدمت 14 شهيدا من
أعضاء مركزيتها، ورحيل الرمز ياسر عرفات.
وقال إن 'الرئيس محمود عباس أسس لمرحلة جديدة من النضال، جعل
العالم يكتشف ويرى إسرائيل على حقيقتها خاصة في أوروبا والغرب، وذلك في إطار حماية
المشروع الوطني الذي تبنته الحركة، والحراك السياسي والمقاومة السلمية، من أجل نيل
الحرية والاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، نحن واثقون أن خطوة الأمم
المتحدة والاعتراف في اليونسكو هي قطاف لسياسة الصمود أمام العنجهية الإسرائيلية من
خلال الدبلوماسية 'الرشيقة' لتحقيق حلم الدولة'.
وأضاف زكي 'نحن لا نرى القضية الفلسطينية لنا كحركة
فتح، ونحن نؤمن بالتعددية السياسية والرأي الأخر، والإيمان أن حل الصراع الداخلي لا
يأتي إلا بالحوار، وعلينا جميعا قراءة الأمور ووضعها في إطار المرحلة الجديدة
بالوحدة الوطنية وإتمام
المصالحة'.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق