السويد تنطق الحقيقة
- الخميس 2015-11-19 - الساعة 08:30
بقلم: عمر حلمي الغول
في خضم ردود الفعل على العمليات الارهابية في باريس حاول نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، استثمار ذلك لتحقيق أكثر من هدف، اولا التحريض على القيادة والشعب الفلسطيي؛ ثانيا الربط بين جرائم "داعش" والكفاح الوطني التحرري الفلسطيني، محاولا وسمه بـ"الارهاب"؛ ثالثا استدرار عطف القيادة الفرنسية بالتباكي الكاذب على الضحايا، بهدف ثنيها عن تقديم اي مشاريع قرارات في مجلس الامن لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي؛ رابعا الايعاز لليهود الفرنسيين بالهجرة لاسرائيل، على اعتبار، انها الاكثر "امنا" بالنسبة لهم. رغم ان القيادة الفرنسية لم تعطِ موقفا من رسائل نتنياهو بشكل مباشر، لكنها من خلال اللقاءات الاممية، التي شارك فيها ممثلوها في فيينا او منتدى العشرين، وحتى في خطاب الرئيس فرانسوا اولاند اول امس، رفضت المنطق الاسرائيلي، وخطاب الحلفاء من العرب والعجم والاتراك، الذين حالوا خلط الاوراق، والتغطية على جريمتهم الارهابية المباشرة وغير المباشرة في فرنسا ولبنان وفلسطين ومصر وسوريا والعراق. وبالضرورة السياسات المستقبلية الفرنسية، ستحمل ردا اوضح في المنابر المختلفة باللغة الدبلوماسية المعهودة. لكن الموقف الاوروبي الاكثر عمقا في الربط بين إرهاب إسرائيل والتنظيمات التكفيرية كلها، كان الموقف السويدي، الذي اعلنته وزيرة الخارجية، مارغوت وولستروم، التي دعت لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
لان تصاعد العمليات الارهابية الاسرائيلية ضد جيل الشباب، وهم الاغلبية في المجتمع الفلسطيني، ومواصلة هجوم الاستيطان الاستعماري، وتراجع الأمل ببناء الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967، سيولد الاسباب، ويخلق البيئة المناسبة لتنامي المقاومة الشعبية لمواجهة الارهاب الاسرائيلي. اضف إلى انه سيعطي الذرائع لكل شركاء دولة التطهير العرقي الاسرائيلية في صناعة الارهاب، بغض النظر عن اسمائهم. تصريح وولستروم أفقد الاسرائيليون صوابهم، مما دفع وزارة الخارجية لاستدعاء السفير السويدي، كارل ماغنوس، وابلغه مسؤوليها رفضهم لما جاء في تصريح رئيسة الديبلومسية السويدية. كما ان عمنوئيل نحشون، الناطق باسم خارجية إسرائيل، صرح قائلا: إن "من ينشغل في محاولة فاشلة لخلق علاقة بين عمليات الاسلام المتطرف، وبين المصاعب بين الاسرائيليين والفلسطينيين، يضلل نفسه وشعبه والرأي العام الدولي"، وأضاف، إن تصريحاتها "مروعة في صفاقتها، انها تنحاز بشكل منهجي واحادي الجانب ضد إسرائيل، وتظهر العداء المطلق عندما تشير الى العلاقة ما بين عمليات باريس والمصاعب بين إسرائيل والفلسطينيين".
بالنظر في ردود الفعل الاسرائيلية المتطيرة والعدائية في مآلاتها ضد السويد وكل من يحاول ان يكون موضوعيا في محاكاة العلاقة الديالكتيكية بين العمليات الارهابية والاستعمار الاسرائيلي، يقرأ المرء، الاصرار الاسرائيلي، على طمس طبيعة الصراع الدائر على مدار سبعة عقود طويلة ودامية، والسعي عبر عملية تضليل منهجية للرأي العام الاسرائيلي والعالمي، بأن الصراع العدائي، ليس سوى "مصاعب" بينية، واللجوء لممارسة الارهاب الاعلامي والديبلوماسي ضد وولستروم او اي شخصية سياسية عالمية او حتى لو كانت إسرائيلية، وإتهامها بـ"اللاسامية" و"معاداة" إسرائيل.
وينسى قادة الدولة المارقة، ان التشخبص الدقيق لوزيرة الخارجية السويدية، يهدف لانقاذ إسرائيل من جنون إستعمارها لاراضي الدولة الفلسطينية، وبهدف إنقاذ المنطقة وشعوبها من لوثة الارهاب الاسود، وحماية السلم العالمي. السياسة السويدية، تؤكد مجددا إنحيازها للسلام الحقيقي، بعدما تصدرت الموقف الاوروبي الغربي بالاعتراف بدولة فلسطين في إكتوبر 2014، والان تنطق وولستروم الحقيقة بكل جلاء وشجاعة دون تعلثم او تلكؤ. وهذا ما يخيف قادة إسرائيل، ويجعلهم يخشون تبني دول اوروبا ذات الموقف بعد وسم بضائع المستوطنات الاستعمارية قبل ايام. شكرا للسويد ولوزيرة خارجيتها وولستروم، ولكل انصار السلام، الذين يجاهرون بالحقيقة الدامغة، التي تقول، ان إسرائيل واميركا ومن لف لفهم في الغرب والشرق، هم دون سواهم من ينتج ويدعم ويؤصل للارهاب الاقليمي والعالمي، وعلى شعوب الارض مجابهتهم لتعميم خيار السلام والحرية والتعايش والتسامح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق