السفيرة الفلسطينية في ستوكهولم لـ”الكومبس”: “الممارسات الإسرائيلية مكشوفة للراي العام الدولي والاعلام السويدي لا يعمل بالتلغراف”
الكومبس – خاص: اهتمت الصحافة السويدية بتصاعد الأحداث الأخيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي وصلت إلى حد يمكن اعتباره انتفاضة فلسطينية ثالثة، وجاء الاهتمام ليس فقط من خلال نقل ما تتداوله وكالات الأنباء ووسائل التواصل الاجتماعي، بل أيضا عبر تقارير ومقابلات خاصة:
صحيفة “أفتونبلادت” المسائية السويدية أجرت مقابلة مع السفير الإسرائيلي في ستوكهولم اسحق باشمان في 16 من أكتوبر، وبعدها بيوم واحد نشرت لقاءا مع السفيرة الفلسطينية هالة حسني فريز. فيما استضاف برنامج “أجندا” على التلفزيون الرسميSVT نفس السفيرين ولكن ليس وجها لوجه بل بشكل منفصل.
المتابع لهذه المقابلات ولطريقة التناول الإعلامي السويدي، لهذا الفصل ربما الجديد في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر والقديم، قد يلاحظ العديد من النقاط التي تستحق التوقف عندها، منها، ولعل أهمها، الطرق التي يستخدمها طرفي الصراع للتأثير على الرأي العام السويدي، بالإضافة إلى مسألة مدى حياد وتوازن وسائل الإعلام السويدية تجاه قضية بحجم القضية الفلسطينية.
السفيرة الفلسطينية في ستوكهولم هالة فريز، رفضت عند طرحنا في الكومبس فكرة المقابلة معها، أن تضع نفسها في موقف من يقيم أداء الإعلام السويدي أو القوى المؤثرة في توجهات الرأي العام في هذا البلد اجمالا، لكنها اعتبرت أن من واجبها دائما أن تكون فعالة وحاضرة ضمن هذا الإعلام وضمن أي منبر يمكن أن يساعد على تقديم الحقائق وتفنيد الأكاذيب التي تشوه الصورة الواقعية عن نضال الشعب الفلسطيني في سعيه لنيل حريته واستقلاله، كما أكدت لنا.
انتقاد السفير الإسرائيلي للإعلام السويدي واتهامه بالانحياز إلى جانب الفلسطينيين هل يعبر عن نهاية مرحلة كانت فيها الرواية الإسرائيلية هي المسيطرة على توجهات الرأي العام الغربي والسويدي تحديدا؟
السفير الإسرائيلي هاجم ليس فقط الإعلام السويدي، بل أيضا الحكومة الإسرائيلية، ولبس معطف الضحية عندما ربط تساقط بضع قذائف على إسرائيل من قطاع غزة وبين اعتراف السويد بفلسطين، وكأنه نسي أن العالم كان شاهدا على تدميره لمدن وبلدات ومخيمات القطاع، وعلى حصاره لأكثر من مليون ونصف من سكانه إلى الآن.
أنا اعتبر أن التغيير في تناول الإعلام السويدي للقضية الفلسطينية ليس غريبا أو مفاجئا، والسبب هو سياسة الحكومات الإسرائيلية خاصة هذه الحكومة، في تكريس سياسة البطش والقمع والإذلال، ضد الفلسطينيين كسياسة دولة رسمية. العالم الآن يرى ويسمع ويستطيع أن يميز.
الإعلام السويدي مثله مثل أي إعلام حر، لا يعمل بالتلغراف، بل هو متواجد بشكل مباشر في عين الحدث، هذا الإعلام كان موجودا أثناء الهجوم على غزة وهو موجود حاليا في بقية أجزاء الوطن الفلسطيني.
لكن هذا الإعلام يقع أحيانا في مغالطات عديدة عندما يريد البحث عن لعبة التوازن والرأي والرأي الآخر في قضية يكون فيها الفرق واضحا بين المعتدي والمعتدى عليه، هل نسي الإعلام الغربي والسويدي تحديدا أن هناك احتلال إسرائيلي برأيك؟
لعبة التوازنات موجودة ليس فقط بالإعلام بل على مستوى التعامل السياسي أيضا، ونحن لا نخشى هذه اللعبة طالما كانت هناك نزاهة في التعامل، من خلال اللقاءات مع الصحافة السويدية كنت أشعر بكل ارتياح ولا أواجه أي ضغط، ومن المؤكد أن الإعلام هنا يعتمد على ذكاء المتلقي وطريقة حكمه على الأمور.
لا شك أن هناك نوع من التقصير في الحضور الإعلامي للقضية الفلسطينية، مع أننا نلاحظ أن حركة المتضامنين السويديين مع فلسطين تنشط أكثر في الداخل الفلسطيني أكثر من نشاطها في السويد.
الملاحظ من خلال مقابلة السفير الإسرائيلي للإعلام السويدي تركيزه على استخدام وصف الإرهاب، وادعاءه عدم وجود شريك فلسطيني مفاوض إضافة إلى منطلقات أخرى لمخاطبة الرأي العام السويدي، ما هي بالمقابل منطلقاتكم؟
هناك تناقض واضح بالخطاب الإسرائيلي، فما هو موجه للغرب يعتمد على تقمص دور الضحية، بينما المتابع لتصريحات وممارسات ما هو مخصص للداخل الإسرائيلي يلاحظ لهجة التحريض والدعوة لحمل السلاح واستخدام العنف المفرط إضافة إلى ما نشهده على الأرض من حملات إذلال وتنكيل وحصار لشعبنا تحت الاحتلال.
هم يصفون المظاهرات الفلسطينية بالإرهاب وقواتهم متواجدة على صدر الشعب الفلسطيني في مدنه وقراه ومخيماته، في القدس الشرقية وحدها يوجد 50 حاجزا، عدا الجدار العازل. عمليات الطعن التي تجري الآن ويقوم بها شبان نتيجة حالات قهر واحتقان واذلال يومي وهي تتم بدون أن يكون وراءها جهات أو تنظيمات، يجري استغلالها ليس سياسيا ودعائيا بل أيضا على الأرض حيث تقتل الناس وتهان بمجرد الاشتباه بها، أي على النوايا فقط.
موضوع الانقسام الفلسطيني هو حجة، فقبل أن يكون هذا الانقسام الذي هو نتيجة للاحتلال، كانت الحكومات الإسرائيلية تتحجج بحجج أخرى، لتتهرب من التزاماتها الدولية ومن تطبيق قرارات المجتمع الدولي.
لاحظنا أيضا تصريحات من مسؤولين إسرائيليين ترجع سبب الهبة الشعبية الفلسطينية الحالية إلى تعبئة دينية متطرفة، كما يتم وصفها، وليس بسبب الاحتلال والاستيطان، فهم يحاولون لعب دور ضحية التطرف الديني السائد في المنطقة هذه الأيام، لكي يؤثروا على الرأي العام. مع أن دولة إسرائيل وبشكل رسمي تقدم الدعم والمساندة لجمعيات ومنظمات يهودية متطرفة، كان عدد منها وراء احراق عائلة الدوابشة في قرية دوما قرب نابلس وعمليات إرهابية أخرى.
ما هي برأيك الرسالة التي يجب أن تتوضح أكثر للرأي العام في السويد والعالم حول حقائق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟
نحن أصحاب قضية عادلة وشعب تحت الاحتلال، وأن إسرائيل تتهرب من السلام ولا تزال تبني المستوطنات وتغيير الوقائع على الأرض، خاصة بالأماكن الدينية، وتكرس كل ما في وسعها لجعل الشعب الفلسطيني مجرد تجمعات بشرية بلا مستقبل أو أمل.
وعلى ذكر المستوطنات هناك الكثير ممن يعتقد انها مجرد أبنية لاستيعاب السكان او استيعاب تكاثر المستوطنين، ما هو مجهول ومعتم عليه هو أن هذه المستوطنات تقضي على أي آمال ممكنة للفلسطينيين في العيش والتطور الطبيعي والتطلع نحو المستقبل، فهي تستهلك الموارد الطبيعية وتحد من حرية تنقل السكان ليس بين البلدات والمدن المجاورة، بل بين المزارع وحقله وبين التلميذ ومدرسته وبين الطالب وجامعته وبين المريض وأقرب مستوصف او عيادة يمكن ان يتلقى فيها علاجه.
هذه الكتل والبؤر الاستيطانية هي بمثابة سرطان في الجسد الفلسطيني. وهذه من الحقائق التي قد يجهلها الرأي العام.
في النهاية ما رأيك بتحميل رئيس الوزراء الإسرائيلي مسؤولية الهولوكوست للفلسطينيين؟
بهذا التصريح يكون نتنياهو قد أعفى هتلر أسوأ مجرم في العصر الحديث من جرائمه البشعة، تلبية لرغبة نتنياهو التي تنم عن حقد وكراهية الشعب الفلسطيني في الإساءة لشعبنا وتشويه صورته. وهذا انحطاط وانحدر أخلاقي، وحجة له لكي يبرئ نفسه ويبرر جرائم الاحتلال وانتهاكات جيشه ومستوطنيه، وإمعانه في التنكيل بشعبنا وإنكاره لحقوق الفلسطينيين في الحرية والاستقلال.
حاورها د. محمود آغا
رئيس تحرير شبكة الكومبس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق