الخميس، 19 نوفمبر 2015

 

  • 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015
Image copyrightAP
Image captionكيري أثناء زيارة إلى باريس
قتل مسلحون 129 شخصا على الأقل وأصابوا مئات آخرين في باريس يوم الجمعة. وأعلن ما يُعرف بتنظيم "الدولة الإسلامية" أنه نفذ الهجمات التي استهدفت حانات ومطاعم وقاعة حفلات والاستاد الوطني.
وفي أسوأ هذه الهجمات، اقتحم ثلاثة مسلحين قاعة حفلات وأطلقوا النار بشكل متكرر على الحشد، قبل أن يطلقوا النار على بعض الجثث، بحسب تقارير.
ووصف وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية" بأنهم "وحوش مختلة عقليا". لكن من هو المختل عقليا؟ وهل كل مرتكبي أعمال القتل الجماعي مختلون عقليا؟
تعريف المختل عقليا
تُعرّف القواميس المختل عقليا بأنه شخص يعاني اضطرابا عقليا مزمنا ينتهج سلوكا اجتماعيا عنيفا أو غير طبيعي.
وتتصف شخصيات المختلين عقليا بخصائص مثل الرياء، وعدم المسؤولية، والثقة المفرطة، والاندفاع والأنانية، والافتقار إلى الشعور بالتعاطف أو الذنب أو الإحراج.
بالإضافة إلى هذا، فإنهم ذوو قدرة محدودة على احتمال الإحباط، ويتحولون إلى العنف بسهولة شديدة.
وكان من الواضح أن المسلحين المتورطين في هجمات باريس يتسمون بالعنف الشديد، لكن هل يُمكن أن يُقال إن أفراد تنظيم "الدولة الإسلامية" مختلون عقليا؟
للتعرف على هذا الأمر، طرحت بي بي سي مجموعة من الأسئلة على إيسي فيدينغ الأستاذ المتخصص في علم النفس التنموي في جامعة كوليدج لندن.
Image copyrightEPA
Image captionعبد الحميد أباعود المشتبه به الرئيسي في هجمات باريس
هل كل مرتكبي أعمال القتل الجماعي مختلون عقليا؟
ليس بوسعنا التأكد، إذ لا يتوفر الكثير من البيانات بشأن هذا الأمر، كما أن غالبية مرتكبي أعمال القتل الجماعي لم يخضعوا بصفة رسمية للتشخيص باستخدام أنواع الأدوات التقليدية التي تُمكننا من التأكد على وجه اليقين.
هل يُمكن ارتكاب ما فعله هؤلاء المسلحين دون أن يكون المرء مختلا عقليا؟
نعم. هؤلاء الأشخاص يؤمنون بأيديولوجية وغالبا ما ينظرون إلى من ليسوا معهم على أنهم بشر أقل قيمة. ومن المرجح أن نزع الإنسانية هذا يُمكّنهم من عدم الشعور بالتعاطف مع ضحاياهم، ومع هذا فهم مخلصون لقضيتهم ويعملون متكاتفين وتجمعهم ببعضهم صداقات حميمة، وهي خصائص لا يتصف بها الأفراد المختلون عقليا، الذين لا يهتمون سوى بأنفسهم ونادرا ما يعتنقون أيديولوجية. وكما هو الحال في أي موقع من العالم أو المجتمع، من المرجح أن لدى المسلحين خصائص المختلين عقليا، لكن من المستبعد جدا أن يكون كلهم أو غالبيتهم مختلين عقليا. ببساطة ليس بوسع مجموعة من المختلين عقليا أن يعملوا سويا من أجل هدف مشترك، إذ يصعب بشدة قيادة الأفراد المختلين عقليا.
إذا ارتكبت أعمال عنف بسبب إيمان راسخ أو أيديولوجية أو شعور بالواجب، هل يعني هذا أنك لست مختلا عقليا؟
من المستحيل استبعاد أن لدى بعض هؤلاء الأفراد خصائص المختل عقليا، لكن غالبيتهم ربما لا يكونوا مختلين عقليا. هم قادرون على القيام بما يفعلون لأنهم نجحوا في نزع صفة الإنسانية عن ضحاياهم إلى درجة أن بوسعهم كبت ميلهم للشعور بالتعاطف.
Image copyrightAFP
Image captionقتل 129 شخصا على الأقل في الهجمات
هل يُمكننا اتهام العسكريين، الذين يقتلون بدورهم، بأنهم مختلون عقليا؟
لن يكون هذا مفيدا. الجنود هم أشخاص لديهم روابط أسرية ويتعاملون بصورة جيدة مع أحبائهم، وهي خصائص غير موجودة على الإطلاق لدى المختلين عقليا. الجنود يريدون أن يدافعوا عن وطنهم. إنهم مدربون على القتال، وهو ما يعني تجاوز بعض ردود الفعل الطبيعية تجاه رفقائهم في البشرية، لكننا نعرف أيضا أن كثيرا من الجنود يصابون باضطراب ما بعد الصدمة بعد القتال لأنهم يتأثرون بشدة بالصدمة التي يواجهونها في الحرب. وهذه الحرب تؤثر عليهم نفسيا، وهو ما لا يحدث مع المختلين عقليا.
ما الذي يجعل المرء مختلا عقليا؟ هل الحالة جينية أم أنها نتيجة تلف في المخ أم المحيط والخلفية؟
هناك أدلة قوية تشير إلى أن بعض الأشخاص يكونون أكثر عرضة من الناحية الجينية للإصابة بالمرض العقلي، لكن من الواضح كذلك أن الجينات ليست أمرا مقدرا. المزيج من عوامل الخطر الجينية والبيئية (وهي غير محددة بدقة حاليا) تجعل الأفراد معرضين لاحتمال الإصابة بالمرض العقلي. المختلون عقليا لا يكون لديهم تلف في المخ، لكن يمكننا التفكير في أدمغتهم على أنها متحيزة في الأسلوب الذي تدرك به مشاعر الآخرين. وأدمغة هؤلاء الأشخاص لا تُبدي استجابة تقليدية لمعاناة الآخرين، فعلى سبيل المثال لا يتأثرون للدرجة برؤية آخرين وقد أصابهم الرعب. يُمكننا التفكير في الأمر على أن أدمغتهم تستجيب بصمت لمعاناة الآخرين، وهو غالبا السبب في أنهم لا يتعاطفون مع الآخرين.
Image copyrightGetty
Image captionشهدت شوارع باريس انتشارا أمنيا مكثفا عقب الهجمات
هل كل المختلين عقليا قتلة؟ هل يكون الأشخاص الذين لديهم الخصائص التقليدية للخلل العقلي بالضرورة خطرين؟
ليس كل المختلين عقليا قتلة. اعتقد أن جميعنا قتلة محتملون (غير أن من الجيد أن الاحتمال يقترب لدى معظمنا من الصفر)، لكن بالتأكيد هناك احتمال أكبر أن يرتكب المختلون عقليا جرائم قتل وذلك مقارنة بباقي المجتمع. الأشخاص الذين يُظهرون خصائص المختللين عقليا يكونوا أكثر خطورة من المواطن العادي، لكن ليس الأمر على الإطلاق أن كل من هو قاس القلب أو نرجسي يكون قاتلا.

ليست هناك تعليقات: