الثلاثاء، 12 يناير 2016

الهبة الجماهيرية مستمرة... من عوامل تواصل الهبة استمرار الاحتلال

الهبة الجماهيرية مستمرة... من عوامل تواصل الهبة استمرار الاحتلال

 
سياسة القمع الاسرائيلية هي وقود داعم لها
 
جهود سياسية شكلية تشهدها المنطقة قريباً
 
 
الرئيس عباس يؤكد أن السلطة الوطنية قوية ولن تنهار
 
رغم مرور أكثر من أربعة شهور على اندلاع الهبة الجماهيرية الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي، الا ان اسرائيل لم تستطع وقفها أو ايقافها بل هي مستمرة لاحد أهم الاسباب وهي انها هبة شعب ضد الاحتلال، أي أن الاحتلال الاسرائيلي يصطدم اليوم ويواجه الشعب الفلسطيني، اذ كان الاحتلال في الانتفاضة الاولى يواجه القيادة الفلسطينية الموحدة المشكلة من الفصائل الفلسطينية، وفي الانتفاضة الثانية يواجه السلطة الوطنية والفصائل والقوى الوطنية والاسلامية. وهذا يعني أن كل مواطن فلسطيني قد يواجه الاحتلال بالشكل الذي يفكر به أو يخطط له، ولذلك فان الهبة مستمرة ولا تستطيع حتى القيادة الفلسطينية وقفها، أو منع أي فلسطيني يريد أن يقاوم الاحتلال.
وهناك خلاف واضح بين الرؤيتين الفلسطينية والاسرائيلية حول هذه الهبة: هل هي انتفاضة أو مقاومة شعبية سلمية أم انها مقاومة عنف وسلاح!
الجانب الاسرائيلي يَدعي ويتهم الهبة بأنها مقاومة مسلحة معتبراً السكين أو أي حادثة "دهس" هي اعمال عنف وقتل، ولا تختلف عن حمل السلاح.. وتعتبر السكين سلاحاً أبيض، اما الجانب الفلسطيني فيعتبر الهبة سلمية اذ ان ما يجري هو مقاومة سلمية شعبية يستخدم فيها الفلسطيني ما توفر له من سلاح سلمي ولم يستخدم حتى هذه الايام السلاح في مقاومة الاحتلال.
 
هبّة ام انتفاضة
وهناك خلافات في وجهات النظر حولهذه الهبة: هل هي هبّة أم انتفاضة، اذ أن الفصائل الفلسطينية الاسلامية مثل "حماس" و"الجهاد الاسلامي" تعتبرها انتفاضة، وتسميها "انتفاضة القدس" لانها انطلقت من القدس، ومن اجل مقدسات القدس، وخاصة دفاعاً عن الحرم القدسي الشريف في مواجهة عمليات الاقتحامات اليومية التي تنفذها فئة من المتطرفين اليهود الطامعين في السيطرة على الحرم القدسي الشريف.
وهناك جهات ومراقبون يعتبرون ما يجري بأنه هبّة لعدة لعدة أسباب ومن أهمها:-
·        المقاومة فردية، وهي مقاومة شعب ضد الاحتلال، وهي بدافع شخصي وذاتي.
·        ليست للفصائل الفلسطينية أي دور فيها، فهي مثل أبناء الشعب تعلم بوقوع عملية مقاومة هنا أو هناك عبر الاعلام فقط؟
·        ليست منتشرة أو واسعة الانتشار في كل مناطق الضفة الغربية، مع أنها تقع على مساحة جغرافية واسعة، ولكن التركيز في مناطق الاحتكاك مع قوات الاحتلال.
·        ليست هناك أي قيادة لها.
·        الفصائل لا تعلن تبنيها لاية عملية مقاومة.
·        غالبية العمليات المقاومة هي رد فعل فردي على اجراء قمعي احتلالي ضد هذا المواطن أو ذاك.
·        ليست هناك اضرابات، ولا مواجهات شاملة وليست وموجهة، واذا دعت قوى وطنية لاي نشاط مقاوم فهو يقتصر على مسيرة احتجاج ورشق بالحجارة، أي "مقاومة سلمية بحتة" وفي منطقة محددة، وليس على كامل جغرافيا الاراضي الفلسطينية.
·        الانتفاضة في السابق شملت قطاع غزة، اما اليوم فهي لا تشمل القطاع، الذي يشهد مسيرات تضامنية ليس أكثر من ذلك.
انطلاقاً مما ذكر سابقاً فان تسمية المواجهة بين الشعب والاحتلال بمثابة هبّة قد تستمر لاشهر ولربما لسنوات. وهناك عوامل تساعد في استمرارها.
 
عوامل ودوافع استمرار الهبة
ومن العوامل والدوافع والمعطيات التي تساهم في استمرار هذه الهبة الجماهيرية:
1.     استمرار قمع وبطش وتعسف الاحتلال بحق أبناء هذا الوطن.
2.     عدم وجود افق سياسي للحل، فالوضع "جامد"، وليس هناك بارقة أمل بالخلاص من الاحتلال.
3.     قيام اسرائيل بسن قوانين قمعية تهدف الى رفع وتشديد العقوبات بحق ملقي الحجارة، وكذلك القيام بهدم منازل اهالي الذين يقومون بعمليات مقاومة.
4.     احتجاز الجثامين لفترة طويلة، مما اثار غضب الشعب وزاد من فاعلية الهبة الجماهيرية ضد الاحتلال. ومؤخراً بدأت سلطات الاحتلال بتسليم الجثامين الى اهاليهم بعد ان وجدت ان سياسة حجز الجثامين هي فاشلة، وهي وقود لدعم الهبة ضد الاحتلال.
5.     التصريحات العنصرية ضد "العرب"، وخاصة ضد اشقائنا الفلسطينيين المقيمين على ارضهم داخل الخط الاخضر.
6.     اصدار قرارات تثير غضب الشعب الفلسطيني، ومنها اعتبار الحركة الاسلامية خارجة عن القانون، واغلاق مؤسساتها. وهذه العوامل لا تساعد في التهدئة، بل تمنح الهبّة وقودا للاستمرار.
 
اتهام باطل للسلطة الوطنية
هناك اتهام اسرائيلي موجه للسلطة الوطنية مفاده انها وبقيادة الرئيس محمود عباس، تقف وراء هذه الهبة لانها لم تقم باصدار اوامر واضحة تمنع المسيرات والمقاومة الشعبية، اي ان اسرائيل تريد من السلطة الوطنية ان توقف المقاومة ضد الاحتلال، أي بمعنى آخر الموافقة على تواصل واستمرار الاحتلال الاسرائيلي للارض.
كما انها تتهم السلطة الوطنية بانها تستخدم هذه الهبة، وخاصة تصرفات واجراءات اسرائيل القمعية بحق منفذي عمليات المقاومة لتوجه انتقادات لاسرائيل اعلامياً، وكذلك التلويح بنقل هذه الممارسات الى محكمة الجنايات الدولية.
وتنسب عدم وجود حل سياسي الى تمسك السلطة الوطنية بشروطها للعودة الى طاولة المفاوضات، وعدم التنازل عن هذه الشروط.
وتتهم الرئيس عباس بانه ضعيف، وليست له شعبية، لذلك فانه غير قادر على وقف هذه الهبّة رغم انه لا يريد عنفاً، بل يريد مقاومة سلمية ضد الاحتلال، ومتمسك بخيار الحل السلمي بعيدا عن السلاح او العسكرية.
وتدعي اسرائيل بأن السلطة الوطنية ضعيفة وعلى وشك الانهيار، وقد وضعت "سيناريوهات مواجهة انهيار السلطة" والعمل على بقاء السلطة، أو مساندتها! في حين انها على ارض الواقع تعمل على اضعاف السلطة الوطنية من خلال ترويج شائعات، ومن خلال اجراءاتها التعسفية على ارض الواقع!
 
رد قوي على الاتهام الاسرائيلي
الرئيس عباس ردّ على هذه الاتهامات "الباطلة" والمعلومات "المفبركة" التي تبثها وسائل الاعلام الاسرائيلية ضد السلطة الوطنية من خلال توجيه خطاب او كلمة الى الشعب الفلسطيني بعد ظهر يوم الاربعاء الموافق 6 كانون الثاني 2016 قال فيه بالحرف الواحد:
·        ان السلطة قوية، ولن تنهار، وان من يراهن على ذلك فهو مراهن فاشل.
·        ان القيادة الفلسطينية تعمل على كسر الجمود السياسي بسبب الموقف الاسرائيلي المتعنت، اذ انها ستطرق الكثير من الابواب، ومن اهمها مجلس الامن للحصول على قرار ينهي الاحتلال ويعترف بالدولة الفلسطينية على حدود 4 حزيران 1967. وان القيادة الفلسطينية تجري جميع الاتصالات وتستخدم كل الامكانيات لكنس الاحتلال.
·        ان القيادة الفلسطينية تريد السلام العادل الدائم الشامل وان يدها ممدودة لذلك، ولن تتنازل عن مواقفها الثابتة لتحقيق هذا السلام المنشود.
·        هاجم الرئيس عباس القيادة الاسرائيلية، واتهمها بانها معرقلة للجهود الدبلوماسية، وان اسرائيل تتحمل مسؤولية ذلك على المدى البعيد ايضاً.
 
جهود سياسية آتية
صحيح أن الجهود السياسية لتحريك الوضع، ولايجاد منفذ او ثغرة لتفعيل الاتصالات واللقاءات من اجل ايجاد حل دائم للقضية الفلسطينية، هي شبه معدومة، رغم ان القيادة الفلسطينية، وبناءً على وعود من وزير الخارجية جون كيري بان اهتمام اميركا بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي سيكون قوياً بعد التوصل الى اتفاق مع ايران حول ملفها النووي،راهنت على ذلك، وصدّقت كيري، ولم يحدث أو يتم هذا الاهتمام وخاصة من قبل الرئيس باراك اوباما.. وهناك اتهام لاميركا بانها اهملت الوضع نظراً لاهتمامها بمواضيع اخرى في العالم، وتخليها عن رعايتها للمسيرة السلمية، وانها في الوقت نفسه، تمنع فرنسا ودول اخرى من اخذ مكانها في رعاية المسيرة السلمية في الشرق الاوسط، اذ انها هي التي عطلت وعرقلت واوقفت المساعي الفرنسية لتقديم مشروع قرار الى مجلس الامن الدولي يحدد السقف الزمني لانهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية.
امام هذه الاجواء غير المشجعة، فان هناك املا في ان الجهود السياسية قد تتحرك مستقبلاً، لان الجانب الروسي، ورغم انشغاله في الملفين السوري والاوكراني، مهتم بتحريك المسيرة السلمية، ولعب دور افضل واكثر فاعلية في الشرق الأوسط.
كما ان الاتحاد الاوروبي معني بحل القضية الفلسطينية لانه يدرك انها احد اسباب ودواعي وجود الارهاب في منطقة الشرق الاوسط، وان الارهاب لن يتم القضاء عليه اذا لم يتم حل القضية الفلسطينية حلا عادلاً وشاملاً وفي اسرع وقت.
قد تضطر اميركا، امام ضغط من اوروبا، ولعدم فقدانها لدورها الفاعل في المنطقة، وفقدان نفوذها، ولعدم اعطاء المجال امام روسيا لتحل مكانها في فلسطين ايضاً بعد حلت مكانها في سورية والعراق، الى القيام ببعض النشاط الدبلوماسي المحدود، فتبذل جهودا سياسية من خلال قيام وزير الخارجية جون كيري بجولة في منطقة الشرق الاسوط، ومحاولة طرح آراء فقط من دون ممارسة أي ضغط على أي جانب، وبالتالي تكون هذه الجهود شكلية وصورية، ومجرد إبر أو حقن تخدير لقادة وشعوب المنطقة.
ويجب عدم التقليل من دور اسرائيل على الساحة الاميركية، وحاجة مرشحي الحزبين الجمهوري والديمقراطي لدعمها.. وعدم الغضب من أي منهما. وان اسرائيل تنتظر ذهاب اوباما عن الحكم، ومجيء رئيس جديد، اذ تراهن ان يكون الرئيس الجديد المنتخب مهما كان ديمقراطياً او جمهورياً، افضل من اوباما. والجدير بالذكر ان اوباما يترك البيت الابيض يوم 20/1/2017، اي بعد عام تقريباً.
أمام هذه الاجواء والمعطيات، فان الهبّة الجماهيرية ضد الاحتلال ستتواصل ولكن بوتيرة هادئة، ترتفع في بعض الاحيان، وان انعدام اي افق للحل السياسي، وتواصل الاحتلال للاراض هي من العوامل التي تبقي نار او اندفاع الهبة مستمراً.. فلا هدوء ولا استقرار، الا اذا حصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة كاملة.. وهذا يعني اولا انهاء الاحتلال الاسرائيلي، واقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشريف.

ليست هناك تعليقات: