المرأة في مراكز إيواء اللاجئين - خصوصية غائبة وفريسة مشتهاة
يعتقد كثير من اللاجئين أنّ رحلة العذاب قد انتهت بمجرد أن وطأت أقدامهم الأراضي الأوروبية أو الدولة المنشودة أو كما يطلق عليها البعض ( الجنة)، مدركين لاحقاً أن رحلة من نوع آخر قد بدأت توا خاصة بالنسبة إلى اللاجئات.
يصل اللاجئون إلى أوروبا بعد رحلة مرعبة بأعصاب منهكة، حاملين معهم حقائب من ذكريات مؤلمة وقلقاً من المجهول. وحال وصولهم يواجهون الأوضاع المتعثرة في مراكز اللجوء التي تزيد من ضغوط النفسية، وتكون تلك الضغوط أكثر حدة على النساء اللواتي يتعرضن لمضايقات وتحرش من الرجال اللاجئين في تلك المراكز كما يفقدن كل يوم مساحات من خصوصيتهن التي هي جزء من كرامة كل امرأة .
أوضاع شائكة
ابتسام شكر ممثلة ومغنية سورية، تبلغ من العمر 36 سنة، قررت مغادرة بلدها بعد أن فقدت الأمل بالحصول على حياة طبيعية وهي التي ترنو الى متابعة مسيرتها الفنية في بلدها بأمان. وبعد رحلة شاقة ومرعبة وصلت إلى ألمانيا بخير وهي تحمل بضع تصورات عن الأوضاع السيئة التي يمكن أن تواجهها في بداية طريقها بمخيمات اللجوء حتى الانتهاء من الإجراءات القانونية التي تسرق من العمر وقتاً لا يمكن استرجاعه.
قالت والحزن يلف صوتها :" رغم أنني كنت على علم مسبق بوضع مخيمات اللاجئين التي قد تختلف من ولاية لأخرى إلا أنني لم أتوقع أن ننام على الأرض رجالاً ونساءً ما يقارب الشهر في ممرات مبنى حكومي في مخيم فريدلاند، والذي سعته الأصلية 700 شخص في حين بلغ عددنا فيه خمسة آلاف شخص".
زحام شديد يلغي الخصوصية
وتعاني مراكز إيواء اللاجئين من الاكتظاظ ، لكن تدفق اللاجئين بشكل مستمر وبأعداد متزايدة يمنع القائمين على هذه المراكز من التفكير في حلول تحفظ للنساء خصوصيتهن ، وقد تمنع المتحرشين من ممارسة اعتداءاتهم ، وتعليقا على هذا الوضع قالت رينيه أبو العلا مديرة مركز الدار لرعاية الأسرة العربية في برلين في حوار معDW عربية إن: " ألمانيا تواجه مشكلة حقيقية بسبب تزايد الأعداد التي تأتي مما أثار ضغطاً كبيراً على مراكز الإيواء حيث كان من المقرر استقبال اللاجئين في المراكز الأولى لفترة قصيرة لا تتخطى ثلاثة أسابيع في حين تصل الآن لستة أشهر حيث يعيش أعداد كبيرة من اللاجئين بغرف ضيقة مما جعل عملية توزيعهم أو فصلهم أمراً غاية في الصعوبة" وتابعت السيدة أبو العلا قولها:" نسعى في مركزنا لتقديم كل ما باستطاعتنا من مساعدة للاجئين ولكن للأسف لا يوجد لدينا مراكز إقامة لاستقبالهم، ونقوم بتقديم ما هو ضمن الإمكانية المتاحة كالترجمة والمرافقة وتقديم الاستشارات العائلية وتعليم اللغة والرعاية".
من جانبها، وصفت ابتسام شكر صعوبة الحال في المركز حيث قالت:"كنا نستيقظ على وقع خطى الموظفين في الصباح الباكر. كان الأمر بالنسبة لي مهيناً جداً حيث لا وجود للخصوصية. وشعرت بالأسى الشديد تجاه بعض الشابات المحجبات في وضع كهذا. كان الوضع مزرياً لدرجة تفوق التصور، وأنا امرأة عصرية ومتحررة فكيف يكون الوضع بالنسبة لهن!".
مها :" كانت النظرات مرعبة في كل مرة أخرج فيها من غرفتي"
وفقاً لتقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تشكل النساء والفتيات حوالي 50 في المائة من أي مجموعة من اللاجئين أو النازحين. وغالباً ما تكون هذه الفئة هي ألأضعف نظراً لفقدانها للحماية . في ولاية هيسن، كان لشكوى مها.ح بُعداً آخر حيث قالت" في الحقيقة أنا كنت محظوظة من حيث خدمات المركز حيث كنت ( مقيمة) مع طفلي بشقة صغير مستقلة ولكن المضايقات كانت بسبب وضعي كامرأة وحيدة منفصلة حديثاً. ما يحدث بالمركز مخيف حقاً فبعض الرجال المتخلفين ينظرون للمرأة على أنها لقمة سائغة ومن حقهم التحرش بها". وأضافت مها :"كانت النظرات مرعبة في كل مرة أخرج فيها من غرفتي بالإضافة إلى الكلام الذي أحاول جاهدة صرف تركيزي عنه تجنباً لسماعه ولكن لم يدم الأمر طويلاً ومن ثم تم نقلي لشقة أخرى قريبة من مدرسة ابني".
منع التحرش غير ممكن بسبب الظروف
وفي هذا الشأن علقت السيدة أبو العلا:" تحاول السلطات الألمانية إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التي قد تحدث في المراكز كالتحرش، فقامت بتوفير الحراسة وتشديد الأمن، كما قامت بنقل اللاجئات مع أطفالهن إلى مراكز خاصة بهم. إلا أن القضاء على هذه المشاكل بصورة كاملة غير ممكن بسبب الأعداد الهائلة ( للاجئين) ".
يصعب على الحكومة الألمانية حتى الوقت الراهن توفير مراكز لجوء خاصة بالنساء بسبب الأعداد الهائلة من اللاجئين الذين يتدفقون كل يوم عبر الحدود الأوروبية إلى ألمانيا. من ناحية أخرى يصعب قبول فكرة المراكز المختلطة بالنسبة للقادمين من بلدان الشرق الأوسط، لاسيما باختلاف الثقافة والمجتمع و الدين والمذهب، مما يؤدي في ظل الانقسام المجتمعي القائم في المنطقة إلى تفاقم المشاكل، و يضع العصي أمام محاولات الحكومة الألمانية لتغيير الأوضاع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق