السبت، 12 مايو 2012

ياسرعرفات اسطورة النضال كان يشارك المقاتلين حياتهم في القواعد


ياسرعرفات اسطورة النضال كان يشارك المقاتلين حياتهم في القواعد
لكي تعرف ألأجيال الشابة تاريخ ثوارها الحقيقيين: ياسرعرفات اسطورة النضال كان يشارك المقاتلين حياتهم في القواعد
 
 إعداد : المهندس فضل كعوش

كادر فتحاوي مؤسس

لم يغير برنامج عمله النهاري الليلي المتواصل من اجل الثورة ، فكان قائد الثورة ياسر عرفات وكعادته يصل بعد منتصف الليل الى مقر القيادة المشتركة في ضواحي مدينة صيدا في لبنان ، ومن هناك يتحرك الى الجنوب ليتفقد قواعد قوات الثورة الفلسطينية المرابطة في الجنوب اللبناني ، وكان ابو عمار حريصا اشد الحرص على تفقد كافة القواعد ، وبشكل دوري كلما سمحت له الظروف في ذلك ، ولم يكن يفرق ابدا بين قاعدة تابعة لحركة فتح وأخرى لفصيل أخر ، كان جميع المقاتلين بالنسبة للقائد هم رجال ومناضلي الثورة الفلسطينية ، حملة البندقية الفلسطينية كما كان يسميهم القائد .

 كان عرفات يلتقي بهم جميعا في قواعدهم يعانقهم واحدا واحدا ، ويأكل معهم ويقضي الليل بينهم ، يتحدث اليهم ، ببسمة التفاؤل التي لم تكن تغيب عن وجهه ، يستمع الى أقوالهم وأرائهم  ووجهة نظرهم السياسية والعسكرية ، ويصغي جيدا الى أقوالهم ومطالبهم ، ويبلغهم بتوجيهاته العسكرية وألأمنية قبل ان يغادرهم  .

كان يهمه جدا وضع القوات بأخر التطورات على الساحتين السياسية والعسكرية  وكان يريد من القوات ان يشعروا  مثلما يشعر وان يتصرفوا مثلما يتصرف ، خاصة في ألأوقات الحرجة والصعبة جدا ، كان يريد من المناضلين حملة البنادق ان يدركوا بشكل جيد دورهم النضالي المدعوم بالفكر النضالي الذي قامت على اساسه الثورة وألأنطلاقة المباركة لحركة فتح ، فكان القائد يردد امام المقاتلين بعض من فلسفته الفكرية الثورية : بأن البندقية بلا فكر إنساني هادف هي بمثابة بندقية قاطع الطريق ، وبأن اية إستراتيجية  تحررية او منظومة فكرية او خطة انسانية لا تتوفر لها القوة التي تحميها وترسخها ، ليست إلا افكار وجهود تهيم في فضاء فارغ بلا نتيجة وبلا هوية ....

وقد كان قائد الثورة يتواجد في كثير من ألأحيان مع المقاتلين في قواعدهم في الأوقات الخطرة  وأثناء تعرض تلك القواعد لغارات من قبل الطيران الحربي ألأسرائيلي ، ولذلك لم تكن مخاطر المواقع لقواعد المقاتلين تخيف الرئيس القائد الرمز ولم يكن يحسب لتلك المخاطر أي حساب ،  فكان إصراره عل الوصول الى مناطق القواعد  المتقدمة جدا ، في محاور النبطية ، وخاصة محور قلعة الشقيف وهو من المواقع الهامة جدا ، حيث كانت تتمركز في هذا الموقع كتيبة الشهيد جواد ابو شعر وبالقرب منه موقع حرش النبي طاهر ، وموقعي عرب صاليم والعيشية في سفوح جبل الريحان المقابل مباشرة لبلدة مرجعيون حيث كانت قوات العميل أنطوان لحد موجودة في هذه المنطقة ، وفي مواقع مواجهة لقوات الثورة الفلسطينية الموجودة في تلك المناطق ، كما ان تفقدات القائد الراحل كانت تغطي  القواعد في القاطع الغربي جنوب النبطية ومناطق جنوب مدينة صور ، بما في ذلك مناطق المخيمات الفلسطينية هناك وصولا حتى قاطع بلدة قانا والبلدات الجنوبية المحيطة بها .

كانت زيارات وتفقدات القائد ياسر عرفات للمقاتلين في قواعدهم ، تشكل دفعا كبيرا وعاليا ومتواصلا لمعنوياتهم ، فكانوا يجدون في شخص القائد ، المثال ألأعلى للفدائي والمقاتل الرمز ، وألأخ الكبير وألأب الحنون ، فكانوا دائما على أهبة ألأستعداد وبقدر عالي من الشجاعة ،كانوا يرددون في حضور القائد وغيابه نقاتل من أجل فلسطين ومن أجل القائد الرمز ابو عمار .

قبل ألأجتياح ألأسرائيلي للبنان عام 1982 ، ببضعة أشهر، شهدت معظم مناطق الجنوب اللبناني حالات من التصعيد والتوتر الشديد ، إزداد معها تحليق الطيران ألأسرائيلي وعمليات القصف الشبه يومي لقواعد  ومراكز قوات الثورة الفلسطينية ، مما إستدعى إعلان حالة ألتأهب وألأستعداد القصوى في صفوف مقاتلي الثورة الفلسطينية وفي كافة القواعد والمناطق العسكرية ، وأصبحت تحركات القائد الرمز الى الجنوب اللبناني شبه يومية .

في الساعة الواحدة بعد منتصف ليلة الخامس عشر من نيسان وصل الرئيس القائد ابو عمار الى مقر القيادة المشتركة في ضواحي مدينة صيدا ، وكان بأنتظاره قائد القوات المشتركة العقيد الحاج اسماعيل ، ومن هناك تحرك الرئيس الى منطقة النبطية والتي تبعد حوالي الساعة عن مدينة صيدا ، وفي النبطية إلتقى بقيادة كتيبة الجرمق والقوات المشتركة وتوجه الجميع مع القائد الى قلعة الشقيف ، وكان الوضع متوترا جدا ، حيث كانت القلعة تتعرض في نفس اليوم  للقصف ألأسرائيلي ، وفي داخل القلعة قام الرئيس بتفقد التحصينات المقامة ، وأعطى توجيهاته لتدعيم  الجدران الشمالية والشرقية وتقوية مقاومة المداخل بأكياس الرمل والصخور الكلسية ، وتعزيز نظام الدفاع الخارجي المحيط بمنطقة القلعة والي كان يضم الدشم العسكرية الجماعية والفردية وشبكة خنادق ألأتصال ، إبتدأ العمل داخل القلعة والرئيس موجود يعمل مع الشباب في تعبئة اكياس الرمل وحملها ووضعها في مواقع التحصين ، وقد قاربت الساعة الثالثة والنصف صباحا والقائد موجود مع القوات داخل القلعة.

 نشير هنا الى ان موقع قلعة الشقيف في محور النبطية كان يشكل احد أهم  واكبر أالمواقع العسكرية لقوات الثورة الفلسطينية التي كانت مستهدفة من قبل الجيش ألأسرائيلي في محور النبطية ، ولهذا كانت القلعة ومحيطها تقصف بصواريخ 750 باوند وبشكل مكثف ، بهدف تدميرها ودفع المقاتلين المتحصنين بداخلها للخروج منها ، ولهذا جاء أبو عمار الى القلعة ليشد على سواعد المقاتلين ويرفع من معنوياتتهم ويعزز صمودهم .

خرج الرئيس من القلعة بصحبة قائد كتيبة الجرمق معين الطاهر والمرحوم الشهيد البطل علي ابو طوق   (إستشهد في حرب المخيمات في بيروت بعد خروج الثورة من لبنان)  وتوجه الى منطقة حرش النبي طاهر ، ويقع الى الشمال الشرقي من مدينة النبطية على بعد اربعة كيلو مترات فقط ، ونذكر هنا ان منطقة الحرش كانت تتعرض بأستمرار الى عمليات قصف مدفعي شديد من مناطق الطيبة ومرجعيون وإلى غارات للطيران ألأسرائيلي ، وكان أشدها عملية ألأنزال التي قام بها الجيش ألأسرائيلي على مشارف الحرش وإلتحم المقاتلين معهم في معركة ضارية إمتدت من الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل وحتى ساعات الفجر، سقط  خلال هذه المعركة ثلاثة شهداء ، بينما تكبد الأسرائيليون خسائر كبيرة وفشلوا في محاولتهم إحتلال الموقع أو أسر اي احد من المقاتلين المدافعين ألأبطال .

 وصل الرئيس الى منطقة الحرش وهناك إلتقى بالمقاتلين المتحصنين داخل الدشم العسكرية الفردية والجماعية ، تنقل الرئيس بين تلك الدشم البعيدة عن بعضها البعض بمسافة لا تقل عن 300 متر ، وكان يسير مشياً على الأقدام والى جانبه قائد الكتيبة وعدد قليل من المرافقين ، ألتقى الرئيس بالمقاتلين كما أشرنا وجلس معهم وتحدث وإستمع اليهم ، ثم غادر منطقة الحرش بعد قضاء حوالي الساعتين بين المقاتلين والثوار ، وقد كانت الساعة قد تجاوزت الخامسة والنصف صباحا ، تحرك على الفور عائدا الى النبطية ومن ثم غادرها عائدا الى صيدا ليعقد وعلى الفور إجتماعا طارئا للقوات المشتركة ، كان الى جانبه العقيد الحاج اسماعيل ومصطفى سعد مسؤول التنظيم الناصري وقيادات  من الفصائل والتنظيمات المشاركة في القوات المشتركة .

كان الرئيس القائد الرمز يغادر الجنوب اللبناني ولكن قلبه الكبير يبقى معلقا مع مقاتليه في قواعدهم ، وما ان يغيب موكبه متجها الى بيروت ، حتى يظهر من جديد في منتصف الليلة التالية او بعدها بقليل ، كان يشعر بالسعادة والأطمئنان كلما كان قريبا من قواعد المقاتلين او بينهم . رجل عاش حياة المقاتلين وإستشهد مقاتلا مدافعا عن التراب الفلسطيني .          إقرا أيضا

ليست هناك تعليقات: