لا.. يا حماس!
محمد يعقوبي
--
محمد يعقوبي
صادمة التصريحات التي أطلقها القيادي في حماس الدكتور محمود الزهّار
في حق الجزائر، بقوله أن الحكومة الجزائرية لا تعترف بحماس وأنها لا تساعدها وأن
قيادات حماس لاتجد من يستقبلها إذا زارت الجزائر، وأنه هو شخصيا رفض المسؤولون
الجزائريون استقباله وأحالوه على نائب في البرلمان، ما يراه الزهّار
إهانة له ولحركته وعدم اعتراف بها..
ولسنا ندري ماذا تغير في المعادلة حتى يتغير موقف الزهّار، الذي كان
قبل أشهر يثني على موقف الجزائر شعبا وحكومة، حاله حال كل قيادات حماس وفتح وكل
الفصائل الأخرى، التي تلقى نفس الترحاب والمساعدة في الجزائر، ماذا تغير بالنسبة
للزهار حتى تصبح الجزائر بلدا غير متعاون وغير معترف بحماس، وهو الذي استضافته
"الشروق" مرارا وتكرارا وكان في كل مرة يضع موقف الحكومة الجزائرية موضع قبول
وتثمين، معترفا أنه وإخوانه في حماس لا يجدون تلك الروح والإيجابية في مواقف باقي
الحكومات العربية.
سأقول للدكتور الزهّار، ما الذي تغير حتى ينقلب على البلد الذي رحب به
وبإخوانه ولايزال يساعدهم بكل الوسائل.. إنه الاعتقاد الخاطئ لدى الدكتور وكل
قيادات حماس أن صعود محمود مرسي، كرئيس لمصر سوف يغني حماس عن تعاون وتعاطف ومساعدة
باقي الحكومات العربية..
ويعتقد الزهّار أن سقوط مبارك وصعود مرسي وحده كافيا لتصبح حماس في
مواقع قوة، مستغنية عن أي نظام عربي، وحتي في علاقتها مع فتح والسلطة الفلسطينية
يعتقد هذا الدكتور أن الفرصة سانحة للإجهاز على الفصائل الفلسطينية الأخرى
والاستحواذ على كامل مفاصل القضية الفلسطينية، التي عاشت وتقوت واشتد
عودها بقوة كل الفصائل والتيارات وليس بفصيل واحد مهما كانت
هيمنته..
نعم تظن قيادات حماس أن واجب التحفظ قد سقط ولا داعي لعبارات المجاملة
التي كانت تصدرها تجاه الحكومة الجزائرية وباقي الحكومات، على عكس حبل الود الذي لا
يزال يربط الحركة بالسفّاح بشار الأسد، ببساطة لأن رقاب قيادات الحركة لا تزال في
يد الأسد، ولذلك وجب استمرار مسلسل المجاملات إلى حين انفراج الوضع.. والمشكلة أن
الخطاب الجديد لقيادات حماس بعد صعود مرسي فيه تغول شديد حتى ضد السلطة الفلسطينية
وفيه نسف لجهود المصالحة، وفيه رغبة للسطو على المصالحة الفلسطنية التي نعتقد أنها
الضمان الوحيد لعودة القضية إلى سكتها، وليس منطق الإقصاء والتهميش
والاستحواذ.
لسنا هنا بصدد القول أن موقف الجزائر شعبا وحكومة من القضية
الفلسطينية هو إيجابي 100 %، أو ندّعي أن الجزائر تقوم بكل واجباتها حيال فلسطين،
ولا يمكن أن نقول ذلك إلا عندما تتحرر بيت المقدس من آخر إسرائيلي.. ولكن ألا يحق
لنا أن نذكر الدكتور الزهّار وقيادات حماس والعالم أجمع، أن الجزائر أول بلد عربي
ملتزم بدفع اشتراكاته الخاصة في كل تقاريرها؟ ألا يذكر الزهّار أن الجزائر هي البلد
العربي الوحيد الذي حرص آن تصل مساعداته واشتراكاته إلى طرفي الصراع حماس وفتح،
بشهادة إسماعيل هنية الذي التقاه الرئيس بوتفليقة، في قمة دمشق وسأله عن
المعونات الجزائرية هل تصل إلى أهل غزة أم تحول دونها لوبيات
السلطة الفلسطينية؟
هل ينسى الدكتور الزهّار وقيادات حماس أنهم يزورون الجزائر أكثر من
زيارتهم باقي البلدان العربية، وفي كل مرة يجمعون من التبرعات ما تقر عيونهم، ثم
يخرجونها من مطار هواري بومدين دون أن تعترض طريقهم السلطات
الأمنية؟
ودون أن تكون لدينا أية ضمانات أن تلك الأموال تصل فعلا إلى
الفلسطينين ولا تصرف على "العاملين عليها!".. هل ينكر قادة حماس أن قوافل
الجزائريين إلى غزة هي أكثر القوافل على الإطلاق عربيا وإسلاميا، وأن التبرعات
محظورة في مساجد الجزائريين إلا للقضية الفلسطنية؟! ثم لماذا يركز الدكتور الزهّار
ورفاقه على الشكليات ويتغاضون عن الجوهر يهمهم أن يستقبلهم فلان من المسؤولين أو
علان، وهم مرحب بهم في الشارع وفي الصالونات ويفعلون في عرض البلاد وطولها ما
يريدون دون أدنى اعتراض من السلطات.. وإذا كان ثمة إيجابية واحدة في النظام
الجزائري، فهي المساندة المطلقة للقضية الفلسطينية وأن الجزائر
تقف على مسافة واحدة من جميع الفصائل الفلسطينية عكس بعض
الدول صاحبة المصالح على حساب القضية الفلسطينية..
.. نعم على الحكومة الجزائرية أن تكون أكثر إيجابية في التعاطي مع
القضية الفلسطينية، لكن المهم على قادة حماس أن لا يغرهم صعود محمد مرسي رئيسا لمصر
فيعتقدون أنهم ليسوا في حاجة إلى إخوانهم العرب، أو يظنوا أن مشاكلهم سوف تحل بصعود
الإخوان المسلمين هنا وهناك، لأن القدس قضية الجميع ولا أحد يعلم من
أين ستزحف إليها رايات النصر.. هل من شرق الأرض أم من
غربها..
--
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق