السبت، 24 مارس 2012

الحياة تحت الاحتلال: ابني أيوب

PCHR
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان م.خ (غير ربحية)
شهادات شخصية

21 مارس 2012

الحياة تحت الاحتلال: ابني أيوب


"في كل لحظة أتذكره أظل أناديه باسمه في المنزل وأبحث عنه في كل مكان... أيوب..."


صورة أيوب قبل يوم من وفاته


عديلة أحمد يوسف عسلية، 44 عاماً، هي والدة الطفل أيوب، 12 عاماً، والذي قتلته طائرة استطلاع إسرائيلية بينما كان يركض خلف جرو صغير في طريقه إلى المدرسة.  تحاول عديلة أن تروي الحكاية وهي تذرف الدموع.

كان أيوب الابن السادس بين إخوته التسعة وأخواته الخمس.  تتحدث عديلة عن ابنها قبل وفاته، فقد كان يساعدها في أمور المنزل: "ويبقى معي في المنزل أثناء وقت الفراغ ويساعدني في إعداد الخبز وغسل الأطباق و غيرها من الأمور. كان مرحاً جداً ويحب رواية النكات ومحبوباً من الجميع.  وتسير إلى أنه كان يرتدي أفضل الملابس لديه يوم الجمعة ويسخر من أخيه حسام، 15 عاماً، والذي كان يرتدي سروالاً قصيراً، فيقول: "ألا تعتقدين أنني أكثر وسامة من أخي؟"

في صباح يوم الأحد، الموافق 11 مارس 2012، كان أيوب يستعد للذهاب إلى جمعية توفر للطلاب دروس تقوية وذلك قبل ذهابه إلى المدرسة في الفترة المسائية.  مازح أيوب عمته في المطبخ، وعندما هم بالخروج من المنزل طلب من أمه أن تشتري له صندلاً جديداً لأن صندله القديم أصبح بالياً.  مر أيوب وهو ذاهب في طريقه إلى الجمعية بابن عمه وافي، 5 أعوام، والذي كان يلاعب جرواً صغيراً، وما أن اقترب أيوب حتى هرب الجرو بعيداً.  تذمر وافي لأن الجرو هرب منه، فلحق به أيوب لإحضاره لوافي.

بدأت كلثوم عبد الله محمد عسلية، وهي إحدى أقرباء العائلة وتقطن بالقرب من موقع الحدث، تروي ما حدث: "كنت أراقب الأولاد عبر النافذة عندما سمعت صوت طائرة استطلاع إسرائيلية تبعه صوت انفجار كبير."  ابتعدت كلثوم عن النافذة نتيجة للانفجار وعندما عادت لتنظر من النافذة وجدت طفلاً مصاباً على الأرض.  أسرع الجيران إلى المكان معتقدين أن الطفل المصاب هو أيوب، فأخذوا ينادون على عديلة، وعندما وصلت عديلة إلى هناك أدركت بأن الطفل المصاب ليس أيوب من خلال الملابس التي كان يرتديها الطفل.  أخذت تبحث ورجال الإسعاف عن أيوب ولكنهم لم يجدوا شيئاً، فاعتقدت الأم بأن أيوب قد ذهب إلى الدرس وغادرت سيارة الإسعاف المكان.  في تلك اللحظة، أدركت كلثوم بأنها رأت أيوب يركض خلف الجرو وأنه كان في المكان أثناء وقوع الانفجار.  قرر بعض الجيران الاستمرار في البحث عن أيوب، بينما عادت عديلة إلى المنزل لتقوم ببعض الأعمال.

اتصل أحد الجيران الذي استمر بالبحث في المنطقة بسيارة الإسعاف مرة أخرى، وعندما وصلت سيارة الإسعاف إلى المكان وقام أحد المسعفين بالبحث بين الأشجار، وجد نصف جسد طفل ملقىً على الأرض.  لم تتمكن كلثوم من نسيان ذلك المشهد حيث الدماء والأشلاء المتناثرة على الأرض.  ذهب الجيران للبحث عن عديلة بينما غطى ضابط الإسعاف الجزء السفلي من جسد أيوب.  وبالعودة إلى ما حدث، لا تتذكر عديلة تسلسل الأحداث بوضوح سوى أنها نظفت وجه أيوب الذي غطته الغبار والدماء، وبكت كثيراً وهي تدعو الله أن يساعدها، ثم تحدثت مع أيوب وأخذت تبكي.  كما ذهبت إلى المستشفى لرؤيته وهي تدعو الله أن يرحم ابنها.

منذ صباح الأحد، وهو اليوم الذي وقعت فيه الحادثة، وعديلة ترفض إعداد الفطور لأبنائها، فهي تخشى أن يجتمع أبناؤها حول الطاولة فتجد "فراغاًً" في مكان أيوب.  تقول الأم: "الأمر صعب للغاية بالنسبة لي."  تعرضت العائلة بأكملها للصدمة نتيجة لذلك الاعتداء، "نخاف الخروج من المنزل خشية أن نجد جزءاً من جسد أيوب على الأشجار، أو في الشارع، أو في الحديقة.  أصبحنا ننام جميعاً في نفس الغرفة لأننا خائفون،" تضيف الأم.

تختتم عديلة قصتها بالتساؤل: "كيف لطفل أن يواجه صاروخاً؟"  تريد عديلة لجميع الأطفال الفلسطينيين "أن يتمتعوا بالأمن والأمان والحرية،"  ففي الفترة الواقعة ما بين 10-12 مارس 2012، قتل طفل آخر وأصيب عشرون آخرون في قطاع غزة.

لم يكن في المنطقة أي مقاتل أثناء وقوع الاعتداء على أيوب.  جدير بالذكر أن استهداف وقتل الأطفال، الذين هم أشخاص محميون، يعد جريمة حرب وفقاً للمادة 8(2)(أ)(1) والمادة 8(2)(ب)(1) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.



عديلة وزوجها عامر عسلية مع اثنين من أبنائهما: فرج وعماد، وحفيدهما عبد الرحمن


ليست هناك تعليقات: