"لا تنسوا حلب" - حملة من ألمانيا لكسر الصمت
قصف وتوغل بري، والآن مجازر أيضا في حلب - وكلنا نشاهد ذلك على الهواء مباشرة في نقل عبر فيسبوك وتويتر. ولا يبقى لدينا سوى شعور بالعجز أمام الموت المتواصل: لا يمكننا فعل شيء. ولكن هناك من له رأي آخر في هذا العصر الرقمي.
بعد نقرتين أو ثلاث تظهر الصورة الشخصية (صورة البروفايل) لحساب الصحفي الألماني كونستانتين شرايبر والمخرج السوري فراس الشاطر على موقعي تويتر وفيسبوك. مظهرهما مختلف عن ما يجب أن يكون عليه بعد العطلة الصيفية، ولا تبدو عليه علامات الارتياح والاستجمام. بدلا من ذلك يظهر مربع أحمر وأضواء في الشاشة تبعث على الشك. يعلق الصحفي كونستانتين شرايبر، وهو مقدم برامج تلفزيونية، في حديث لـDW بالقول: "الأحمر بالنسبة لنا يدل على الدماء التي تتم إراقتها في حلب". وأطلق كونستانتين شرايبر مع فراس الشاطر، الذي يقطن في برلين، حملة في وسائل التواصل الإجتماعية للتضامن مع حلب: #maketwitterred و #makefacebookred.
من خلال حملتهما التي تحمل شعار "لا تنسوا حلب"، يوجه شرايبر والشاطر دعوة لاحتجاج صامت عبر وسائل التواصل الاجتماعي. في هذا الصدد يقول شرايبر: "رؤية الصور المروعة للأطفال المصابين والقتلى لا يطاق.. والمرء عاجز وحائر أمامها". فعبر هذه الحملة على وسائل التواصل الاجتماعي "يمكن للمرء أن يعبر عن تعاطفه ويلفت الانتباه إلى وضع الناس في حلب"، التضامن هو في نهاية الأمر "أقل ما يمكن إظهاره"، يضيف شرايبر.
فهل يمكن لمثل هذه الحملة أن تساعد شخصاً يتواجد هناك في حلب؟. بالنسبة لكونستانتين شرايبر "فلايوجد شك في ذلك". لكن هذا الصحفي، الذي انتقل للعمل من محطة RTL الخاصة لتقديم نشرات الأخبار على قناة ARD، يقيد جوابه قائلاً: "ليس هذا هو الهدف من الحملة. فهي لا تقدم مساعدة عملية، بل تريد القول إننا نععرف ما يحدث. ونوجه هذه الرسالة سواء للناس في المنطقة أو للمسؤولين السياسيين".
عريضة موجهة للقادة الغربيين
وفي مواقع أخرى مثل change.org يكتشف المرء أن الكثير من الناس متأثرون بما يحدث في حلب. ووقع حوالي خمسمئة ألف مستخدم للإنترنيت، وفي غضون أربعة أشهر عريضة "يا قادة العالم: تحركوا الآن وأنقذوا حياتنا في حلب". ووجه النشطاء هذه العريضة، التي كتبها حمزة الخطيب، طبيب من شرق حلب، للقادة الغربيين بما فيهم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
السؤال المطروح هنا: هل ستدفع العرائض والتعليقات والرسائل المباشرة عبر وسائل الإعلام الاجتماعي الدبلوماسيين للتدخل بدرجة أكبر للأشخاص الذين يعانون في حلب؟. في حالة ألمانيا دفع العدد الكبير من النداءات والرسائل الموجهة إلى المسؤولين الألمان بوزارة الخارجية في برلين للتجاوب معها، وقدمت شروحات مفصلة حول كيفية العمل على إيجاد حل للوضع.
يناضل الباحث في العلوم السياسية إلياس بيرابو منذ 2011 من أجل أن يعم السلم سوريا ويدعم الثورة السلمية. ومؤخراً توصل بهذه العبارات المشجعة لتنظيم المظاهرات والاعتصامات: "أخروجوا إلى الشارع، حاولوا بطريقة أو بأخرى إقناع المجتمع الدولي بأننا لازلنا نستطيع مغادرة هذا المكان أحياء". يقول إلياس بيرابو في حديث لـDW: "صحيح أننا مستضعفون غير أنه بامكاننا على الأقل أن نظهر للناس في حلب بأننا نراهم ونحاول القيام بشيء من أجلهم".
دعوة لتحرك فوري لإنقاذ الناس في حلب
ويضف هذا الناشط: "نحن نرى هنا كيف يموت الناس أمام أعيننا والآن، ولهذا السبب يجب أن يكون هناك رد فعل سياسي آني". ويرى إلياس بيرابو أن الفرق بين جرائم حلب وبين مذبحة سربرينيتسا (البوسنة) أو الإبادة الجماعية في رواندا، هو أن الجرائم في تلك الدول ظهرت بشكل تدريجي، بينما في حلب تحدث مباشرة أمام الأعين.
ويرى إلياس بيرابو في حديث لـDW أن المظاهرات حاليا في سوريا التي بدأت فيها الانتفاضة الشعبية قبل ست سنوات، ثم تطور الأمور إلى حرب وصلت درجة كبيرة من الوحشية في حلب "المركزية والمهمة". ويجب ـ في نظره ـ "ممارسة الضغط السياسي، والحكومة الألمانية الاتحادية تقوم فقط بالقليل من المجهودات في هذا الصدد".
ويسعى إلياس بيرابو وزملاؤه إلى ممارسة الضغط من خلال المظاهرات. وفي يوم الثلاثاء الماضي (13 ديسمبر/ كانون الأول 2016)، نظموا مسيرة في العاصمة الألمانية برلين انطلقت من مقر سفارة الولايات المتحدة إلى مقر سفارة روسيا. وشهدت المظاهرة مشاركة حوالي 500 شخص. كما شهدت العديد من المدن الأخرى في جميع أنحاء العالم هم نفس المساء مظاهرات في الشوارع شارك فيها آلاف الأشخاص، كما كان الحال في سراييفو واسطنبول.
ويسعى إلياس بيرابو وزملاؤه إلى ممارسة الضغط من خلال المظاهرات. وفي يوم الثلاثاء الماضي (13 ديسمبر/ كانون الأول 2016)، نظموا مسيرة في العاصمة الألمانية برلين انطلقت من مقر سفارة الولايات المتحدة إلى مقر سفارة روسيا. وشهدت المظاهرة مشاركة حوالي 500 شخص. كما شهدت العديد من المدن الأخرى في جميع أنحاء العالم هم نفس المساء مظاهرات في الشوارع شارك فيها آلاف الأشخاص، كما كان الحال في سراييفو واسطنبول.
"لمظاهرات، رغم صغرها، يكون لها تأثير سياسي. لكن على المدى المدى الطويل هناك حاجة إلى تدخل المجتمع المدني".
"رغم صغر المظاهرات لكن لها تأثير كبير"
بيرابو لديه قناعة بأن المظاهرات، رغم صغرها، يكون لها تأثير سياسي. لكن على المدى الطويل هناك حاجة إلى "تدخل المجتمع المدني". فحتى بعد نهاية الصراع في حلب، فإن ذلك لا يعني ـ حسب بيرابوـ نهاية الصراع السوري. فهناك الكثير من المناطق التي لا تزال تتعرض للقصف من قبل النظام. وهناك حاجة للمجتمع المدني، ولهذا السبب هناك اعتماد كبير على التبرعات.
وحتى الصليب الأحمر بحاجة ماسة للدعم لتقديم المساعدة في سوريا. وهو ما يوضحه ديتر شوتس، المتحدث باسم المنظمة في مقابلة مع DW بالقول: "نساعد أيضا الناس في حلب. ونقدم يوميا 6500 وجبة، ونصلح خزانات مياه الشرب، كما نشرف على ثلاث عيادات طبية متنقلة".
غير أن تبرعات الألمان لسوريا تراجعت. "في العام الماضي جمعنا تبرعات لسوريا والدول المجاورة بقيمة 1.1 مليون يورو. وفي العام الحالي نتوقع جمع نصف هذا المبلغ تقريبا". يشرح ديتر شوتس. والسبب قد يكون ـ في نظر شوتس ـ تعود الناس على هذه الحرب التي وصلت عامها السادس.
وبالإضافة إلى الفرع الألماني لمنظمة الصليب الأحمر، تقوم مبادرة ألمانية أخرى وهي "حملة ألمانيا تساعد" بالكثير من مشاريع المساعدات في سوريا، إلى جانب المفوضية العليا للاجئين أو منظمة أطباء بلا حدود. وبالنسبة للذين لم يستطيعوا التعود على صور الموتى فالفرصة متاحة أمامهم لدعم عمل هذه المنظمات.
بيتر هيله/ عبد الرحمان عمار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق