ترتيب اقليمي مرتقب : العرب لن ينتظرونا كثيراً وهذه هي خطط القيادة حتى نهاية العام
كتب غازي مرتجى
أجلت محكمة العدل العليا موعد عقد انتخابات الهيئات المحلية والتي كانت مقررة في الثامن من أكتوبر القادم - وحسب قرار محكمة العدل العليا فإنها ستبت بشكل نهائي بعد انتهاء اجازة عيد الأضحى بإمكانية عقد الانتخابات في أي من المناطق الفلسطينية , وبحسب ما علمت فإنها ستُعقد في الضفة الفلسطينية دون قطاع غزة مع محاولة عقدها في القدس بطرق مُستحدثة .
في قطاع غزة ستستند المحكمة العليا الى القضية المرفوعة من قبل نقابة المحامين والتي تطعن بشرعية الامن والقضاء بغزة , وباعتقادي أن ما كشفته فتح على لسان الناطق باسمها لا ترقى لان تُشكل طعونا يمنع نصف سكان قطاع غزة من اختيار ممثليهم بشكل تنافُسي , وبصراحة كُلي استغراب من "فرحة" بعض أنصار حركة حماس من إسقاط القوائم المنافسة وهو ما يُشكل دليلاً أن المنافسة كانت لتكون شديدة في حال إجراء الانتخابات - لو كُنت مكان حماس لأوعزت للقضاء "مجازا" بإعادة القوائم التي اسقطتها لجنة الانتخابات المركزية مع إمكانية الطلب باستبدال الأسماء المطعون ضدها وعندها ستكون حماس ضربت عصفورين بحجر واحد فهي قد حصلت على شرعية قضائها وكذا أكدت للجميع عدم خوفها من منافسيها وإنما استعدادها للمنافسة بقوة .
لن نبكي على أطلال التاجيل كثيراً فالحالة السياسية التي تمر بها الأطراف الفلسطينية بلا استثناء لا تسّر بل تُوحي الى إمكانية بدء مرحلة من التحولات والتغيرات الدراماتيكية وبشكل لم يسبق رؤيته .
أمام الرئيس أبو مازن طريق واحد وهو العودة لذخيرته الحيّة وهم المواطنين , وسيتوجه الرئيس كما هو متوقع الى المحافظات ليبدأ جولة داخلية طالت كثيراً .
وعلى التوازي مع جولة الرئيس ستعود قضية عقد المجلس الوطني الى الواجهة وسيُحدد موعد في شهر أكتوبر لعقده بكامل نصابه ليتم انتخاب لجنة تنفيذية جديدة وسيتم مفاوضة حماس للانضمام للمجلس لكن من المتوقع عقده دونها , عقد المجلس الوطني سيُعطي مزيداً من الأوراق بيد الرئيس ابو مازن قد يستطيع فيها مواجهة بعض الضغوطات التي يتعرض لها من جهات مختلفة .
في فتح يخوض عدد من اعضاء اللجنة المركزية ممن يتزعموا جبهة الرفض لإعادة فتح ملف دحلان صراعاً لإقناع زملائهم في المركزية والثوري بضرورة عقد المؤتمر السابع بأسر وقت ممكن , والحديث كله يتمحور بإمكانية الدعوة لعقده قبل نهاية العام - وفي ظل التحضيرات ستعيد المحكمة عدد من المفصولين بتهم التجنح وستقبل المركزية عودتهم دون عودة "محمد دحلان" كنوع من مواجهة الضغوط المتزايدة ايضا ً .
من جهة حماس ستقوم الحركة ببدء انتخاباتها المعروفة بسريتها الشديدة لاختيار رئيس جديد للمكتب السياسي للحركة وعندما توجهت الانظار لاسماعيل هنية وخروجه المفاجيء من قطاع غزة لم تكن عبثية وانما هي جزء من تفاصيل قادمة ستبدأ بالظهور فور انتهاء موسم الحج وتوجه هنية لعواصم تواليها حركته ومن ضمنها الدوحة وأنقرة .
عقد انتخابات حماس وانتظار اختيار هيئاتها القيادية ورئيس مكتبها السياسي سيُضفي نوع من الجمود على الحالة الداخلية الفلسطينية وخاصة المصالحة مع فتح إذ أنّ الجميع سينتظر ما ستسفر عنه الانتخابات الداخلية ليقرر شكل التحالف وإمكانية تطبيقه من عدمه .
دخلت الفصائل الفلسطينية مرحلة دقيقة جداً من تاريخها ولا أخفي سراً لو قلت أن تأجيل الانتخابات كان هدفاً حمساويا - فتحاوياً وحتى اقليمياً ولكل طرف أسبابه ونظرياته , اما الحكومة التي التزمت حتى الرمق الأخير بقرارها فلا تزال مُصرّة على ضرورة تجديد الهيئات المحلية وفق القانون ولكنها لن تعارض بالتأكيد قرار المحكمة العليا وستغمرها السعادة لو توافقت الفصائل على ميثاق شرف حقيقي لا صُوري متذبذب وفق الحاجة .
لن تنتظر الدول العربية كثيراً ترتيب الاوضاع الداخلية للفصائل الفلسطينية فهي ستنتظر حماس لتنهي انتخاباتها قبل نهاية العام وقد تزداد الضغوط على فتح لتقبل بلملمة الصفوف وعقد المؤتمر السابع دون "قلاقل" لتبدأ جهودها الدولية التي ستنصب على اقناع اسرائيل بإيجابيات احلال السلام "جزئياً" مقابل التطبيع "كُلياً" معها .. اما لو فشل كل ما سبق وتذرعت حماس بذرائعها وحاولت فتح تمديد البقاء في المربع الرمادي فلن تستمر الدول العربية على صمتها فقد انتهى زمن "مصر" المستقر و"عمّان" غير المهدد و"الخليج" اللامبالي .. الترتيب الاقليمي في سوريا - اليمن وليبيا يتم من بعد إنهاء العائق الرئيسي في وجه "العرب" وهي القضية الفلسطينية - هم على ثقة انّ أياً من الحلول لن تكون مرضية للشعب الفلسطيني لكنهم على دراية بأنّ أي اتفاق سيوقف النزاع المتواصل منذ انتفاضة الاقصى على الأقل نفس فترة نفاذ اتفاق أوسلو .
الحلول أمام الفلسطينيين كثيرة وأهمها العودة للمصالحة التي أُعيقت مؤخراً , تمكين الحكومة وتطبيق ما تم الاتفاق عليه في القاهرة - قراءة ما تلى اتفاق الشاطيء والتمعّن فيما طرحته الحكومة من حلول مرحلية للأزمات التي تراكمت في سنوات الانقسام يُجيب على اسئلة كثيرة أهمها أن الارتهان للقرارات الخارجية لن يُفيد الفصيل قبل أن يضر بالقضية بالتأكيد .. عُودوا إلى رُشدكم فلن يكون هناك صراع متوازن مع اسرائيل الا بمصالحة حقيقية لا مرحلية وفق المصلحة !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق