زرع اوهـــام تقسيــم العــراق وســوريـــا |
شبكة ذي قار |
صلاح المختار |
بعد ان خمدت شعلة تقسيم العراق وسوريا لفترة والتي غذتها المخابرات الامريكية بكافة فروعها عادت امريكا مرة اخرى الى حلمها الاقدم والاحب وهو تقسيم ليس العراق وسوريا فقط بل كل قطر عربي من موريتانيا الى اليمن ، واصبح التركيز الان على السعودية ، وتحويل الاقطار العربية الى دويلات مهمشة تسندها رؤوس افاعي تتلوى ليل نهار تزحف من اسرائيل الشرقية غالبا ! اليس هذا هو مخطط المؤتمر الصهيوني الاول ؟ اليست تلك هي ستراتيجية لجنة بنرمان منذ بداية القرن العشرين ؟ الم يسند انشاء اسرائيل الغربية في فلسطين على قاعدة انهاء الامة العربية والهوية العربية ؟ الم تسلم الاحواز الى بلاد فارس وهو اسم اسرائيل الشرقية الاصلي حتى عام 1925 عندما ضمت بريطانيا الاحواز اليها كجزء اصيل من الاعداد لاقامة اسرائيل الغربية ومن شروط حماية وادامة بقاءها ؟ جون برينون مدير وكالة المخابرات الامريكية عاد يوم 10-9-2016 الى هذه الاطروحة عندما قال حرفيا ( إن هناك احتمالات تشير لإمكانية تقسيم سوريا والعراق، معربًا عن عدم ثقته في إمكانية إنشاء حكومة مركزية في كلا البلدين تدير الأمور بشكل عادل ) . لا حظوا العبارة الاخيرة من التصريح لانها مكمن الغاية الاصل ( عدم ثقته بامكانية انشاء حكومة مركزية قوية في القطرين ) ، انها الرغبة الامريكية Wishful thinking وليس واقعا على الارض يفرض التقسيم ، فلو كان التقسيم منبثقا من الارض العربية في كلا القطرين لقسما منذ سنوات بعد كل ما حصل فيهما من كوارث نادرة في حاضر الانسانية وربما في اغلب ماضيها ، ويكفي القول بان امريكا لو تعرضت لما تعرضت له سوريا والعراق ولو بنسبة 10% لتشرذمت خلال شهور ولكنا الان نقول ( امريكا سابقا ) كما اصبحنا نقول الاتحاد السوفيتي السابق ، ولو ان فرنسا تعرضت لما تعرض له العراق وسوريا لقسمت الى دويلات لا تحصى خلال شهور قليلة وربما اسابيع ، فالذي جرى والذي يجري في العراق وسوريا وليبيا ثم في اليمن اكبر من طاقة اي بلد اوربي واي ولاية امريكية على تحمله طويلا ولدينا المؤشرات التي تثبت ذلك . لم توجد امكانية تقسيم امريكا وبسهولة نسبية وتقسيم دول اوربا الاقوى بفترة اطول ؟ ولم فشل تقسيم سوريا والعراق مع انهما وضعا تحت بيئة تقتل وحدة الدولة والمجتمع ؟ ولم تصر امريكا على ادامة البيئة الكارثية التي تنتج بذور التقسيم رغم الفشل المتكرر منذ غزو العراق وحتى الان ؟ سبب اصرار امريكا على تقسيم الاقطار العربية ينبع من مصادر متعددة اهمها حاجة امريكا للطاقة بكافة اشكالها والموجودة في الاقطار العربية ، فمعركة امريكا مع كل العالم هي معركة بقاء او زوال فما لم تسيطر امريكا على مصادر الطاقات المختلفة ومالم تعرقل تقدم الصين والهند وروسيا والاتحاد الاوربي فانها هالكة لا محالة لانها دولة اصطناعية لم تنجح في التحول الى دولة طبيعية رغم كل افلام هولي وود ، ولهذا فهي تواجه امكانية انهيارها في اللحظة التي تسحب دولة تملك مليارات كثيرة من الدولارات دولاراتها وتحول اعتمادها الى عملة اخرى او سلة عملات عندها سوف تبدو امريكا نمرا من ورق كما وصفها ماوتسي تونغ مؤسس الصين الشعبية . ناهيك عن نغلها الاهم اسرائيل الغربية والتي تمثل الدرع الايديولوجي الامريكي الاهم والسيف الميثولوجي الاكثر جاذبية في عالم الغرب الذي يفقد هوياته تدريجيا بينما تبقى الميثولوجيا الصهيونية المفبركة مثل امريكا مبنية على اسس رائعة من الفن والابهار التكنولوجي ، لكن الفبركة والابهار التكنولوجي تواجهان واقعا ماديا مسنودا بتاريخ بالغ الثراء من الميثولوجيا والايديولوجيا والمحسوسات المادية المتجذرة منذ الاف السنين في احضان عرب لايعرفون ما لديهم من قوى مذهلة . بأزاء الاصالة الشرقية -الصينية والهندية والعربية واليابانية - والاوربية الالمانية وغيرها تقف امريكا مذهولة من عجزها وتقهقرها ولعل الاهانات التي تلقاها الرئيس الامريكي اوباما مؤخرا في الصين ومن رئيس الفلبين وغيره تفصح عن حالة امريكا بمواجهة اصحاب الميثولوجيات والايديولوجيات الخارقة والماديات الحارقة في الشرق وفي بعض الغرب ، فامريكا ورغم انها العملاق الاخطر بما لديه من امكانيات مذهلة الا نها تبدو عملاقا في كل عضو من جسده ( كعب اخيل ) يشله عن الاستثمار الامثل لطاقاته لذلك يبدو مرتبكا وخالطا بين هوليوود وصراعات البقاء التي اندلعت ما ان شرع بوش الصغير بغزو العالم بطريقة شبه علنية بغزو العراق . سوريا والعراق واليمن والجزيرة العربية ومصر مكمن ميثولوجيات وايديولوجيات قهرت الزمن وماديات فريدة تسبق ريح العصر بقيمتها منذ الاف السنين ، ولو تفحصتم تاريخ العالم لوجدتم ان اهم ما يختزنه من كل ما تقدم موجود هنا تحت اقدمنا نحن العراقيون والسوريون والمصريون واليمنيون بالدرجة الاولى ، وكل العالم يعرف ويعترف بان الانسان نشأ هنا وليس هناك وان تراثه تورد وازهر هنا وليس هناك ، وان اسرار الجنس البشري الاشد حساسية وربما خطورة هنا ، ومدفونة تحت اقدامنا وليس هناك ، الم يأتي بوش الصغير الى العراق ليبدأ بسرقة المتحف العراقي والتوراة الاصلية من مقر المخابرات العراقية ثم ذهب الى بابل واور وعسكر هناك يبحث وينقب عن شيء غامض لمدة خمس سنوات ؟ ما هو ؟ لحمة الانسان بالاطلاق هنا وليست هناك ، واصله هنا في جيناتنا وليس هناك ، لذلك اتوا الينا ليحطمو لحمتنا القومية اولا وقبل كل شيء والتقسيم هو العملة الاشد رواجا الان لان عصرنا هو عصر النغول الذين لا يسمعون الا رنين العملة ، العم سام يصرخ توجعا : مزقوا لحمة العرب والصينيين والهنود والالمان تنقذون امريكا من التمزق ، ابتدأوا بالعرب ثم انتقلوا لتقسيم الصين والهند لاحقا ، الم يحاول اوباما متعمدا تقسيم تركيا وهي تخوض معركة كسر العظم التي بدأتها امريكا والنيتو في سوريا وغيرها ؟ كانت لحظة جس النبض الامريكية هي الانقلاب التركي ولكنها تحولت فجأة الى لحظة كشف ما تخبئه امريكا للجميع بما في ذلك جنود النيتو . عندما يعود برينون للحديث الشبقي عن تقسيم العراق وسوريا يفتح بوابات اغلقتها مخابراته كي لا يرى العالم ماوراءها من اسرار ، فنرى السر الاعظم : ما لم يقسم العراق وسوريا واليمن والسعودية وما لم تسيّد اسرائيل الشرقية وبالاتفاق مع اسرائيل الغربية لن تبقى امريكا وسوف نرى سلال العملات تغزو العالم دولة اثر اخرى وعندها لن تستطيع دولة الورق الشفاف وليس دولة الكارتون الصمود امام عصف عالم جديد يولد الان ونراه في الفلوجة وحلب وصنعاء والمدينة المنورة . كتاب ( بروتوكولات حكماء صهيون ) لم يعد نصا سريا منكورا يتيما بل اصبحنا نرى تطبيقاته في الفضائيات واليوتوب يوميا مشغولا بعبقرية الارهابي الذي احرق الاخضر واليابس وهو يتمتم باسم الله ، والكتاب المكمل له ( بروتوكولات حكماء بني فارس ) غير كلمات سره حسن نصرالله عندما صرغ محموما ( اشرف معاركي ليست حرب تموز بل الحرب مع السعودية وحرب اليمن ) . انقلب القدر وتدفقت مياه عار فضيحة بني فارس اذن واخذنا نرى ان الاحواز ضمت الى اسرائيل الشرقية من قبل بريطانيا استعدادا لغزو فلسطين وانشاء اسرائيل الغربية ، ثم القفز نحو تقسيم سوريا والعراق واليمن والسعودية والجزائر وليبيا والمغرب وكل قطر عربي . هنا بؤرة الشر وبئره ، هنا صندوق بندورا الذي فتحه اسلاف برينون وانطلقت منه كل شرور البشرية واكثرها مرضية وكارثية لكن صندوق باندورا لن يغلق لمنع وصول جيوش الشر الى امريكا ، فهنا نحن لا نشاهد هاريسن فورد في في ( انديانا جونز ) بل نتعامل مع احداث تشرخ اجسادنا بسكاكين نصولها حقد جهنم لذلك لن يخرج انديانا جونز من مقابر دخلها وسيدفن هناك مع بوش الصغير . كم هولاكو مر فوق اجسادنا المغمسة بالدم وعدنا كما كنا قبل كل هولاكو ؟ وكم مرة ابيد البغداديون لكن ارحام نساءنا عوضت وزادت بكرم طائي لتحافظ على الهوية ؟ وكم مرة جعل الصفوي بغداد مقبرة ليس فيها سوى الغربان والافاعي ثم عادت هي هي بغداد الحرف والنغم والمأذن وكركرات الاطفال على ضفاف دجلة ؟ لن تقسم سوريا ولن يقسم العراق وستبقى مكة المكرمة مكرمة والمدينة المنورة تنور قلوبنا ، عرش الطاووس في قم وطهران سيتناثر كعصف مأكول بزلزال هلالنا الخصيب ، وسنسمع فيروز من القدس ذاتها تغني للقدس ولبغداد ودمشق. الغد لنا وليس للكلاب المنغلة .
Almukhtar44@gmail.com ١٨ / أيلول / ٢٠١٦
|
الاثنين ١٧ ذو الحجــة ١٤٣٧ هـ ۞۞۞ الموافق ١٩ / أيلول / ٢٠١٦ م |
الاثنين، 19 سبتمبر 2016
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق