الاثنين، 29 أكتوبر 2012

رفيف عودة... أول كابتن طيّار فلسطينية


رفيف عودة... أول كابتن طيّار فلسطينية

بقلم الطالبة جنى نابوت

تاريخ النشر : 2012-10-26
كبر الخط صغر الخط
بقلم الطالبة جنى نابوت- طالبة صحافة- جامعة بيرزيت

فلسطينية الأصل, من بلدة بيتونيا قضاء رام الله, بيت تسوره الأشجار من كل مكان, حلم لطالما فكرت فيه العديدات واعتبرنه مستحيل إلا هي فكانت طفلة, فكبرت وأصبحت شابة, حلمت منذ نعومة أظافرها أن تصبح كابتن طيّار, فشجَّعها أهلها وأخوتها الثلاث, خاصة كونها البنت الوحيدة بينهم, وأنها آخر العنقود التي جاءت بعد أخيها الأصغر باثني عشر عاماً. فَتَذكُر قول والدها "عبد الرؤوف عودة 65 عاماً" وهي صغيرة: "طالما تريدين دراسة الطيران, فستدرسينه مهما كلفنا الأمر" وتضيف والدتها "نجية عودة": "بالإصرار والمثابرة تحققين المستحيل." شجعوها, وكانت كلما تذهب لزيارة إخوتها في اميركا, كانت تذهب لقمرة الطيَّار للدردشة مع كابتن الطيَّارة ومساعده, تتعرف عليهم ويعرِّفوها على كيفية قيادة الطائرة بطريقة بسيطة وكلمات سهلة تدخل عقل طفلة في عمرها


عَشِقَت, تعشق وستظلِّ عاشقة للطيران, سافرت الكثير وزارت العديد من الدول, ومرة من المرّات كلَّمت كابتن أجنبي وعرَّفته على نفسها قائلة: "أنا طفلة فلسطينية, اسمي رفيف عودة وأحب الطيران وأريد دراسة ذلك" واستمرت في التواصل معه على الهاتف والبريد الإلكتروني حتى فآجأها مرة قائلاً: "حدثت عنك رئيس أكاديميتنا وقال أنَّه مستعداً لإعطائك منحة لاستكمال دراستك بذلك حالما تكبرين وتتخرجين من المدرسة." سعدت كثيراً. مرَّت الأيام حتى كبرت وكبرت أحلامها أكثر. سافرت لاميركا لاستكمال دراستها الثانوية هناك, لكنها سرعان ما عادت لأرض الوطن لأنها لم تستطع العيش في بلاد أجنبية عامة واميركا خاصة قائلة: "تأكدت من آخر زيارة لي لاميركا أنها دولة ممكن زيارتها لبضعة أيام ولكن ليس للعيش فيها أو حتى المكوث فيها أشهر أو سنين."


أصبح عمرها ستة عشر عاماً, في الصف الثاني عشر علمي, صارحت أهلها كون نظام التوجيهي متخلف بنظرها وما هو إلا وسيلة من وسائل الاستعمار خاصة في كونه معقد وليس معترف به دولياً ولا يعادَل مباشرة أمام أي نظام دولي ولا يجد هناك حاجة لتقديمه, طال النقاش بينهم حتى وافقت على تقديمه من أجل أهلها, ولكنها لم تتوفق بسبب إكمال في مادة الأحياء وأصرت عدم تقديم امتحان الإكمال لان دراسة الطيران لا تعتمد عليه بل على نظام أمريكي يدعى "_____" الذي قدمته وحصلت على علامة تؤهلها لدراسة ما تريد. مضيفة: "أريد الدراسة في الأردن الشقيق كونها دولة عربية تتشابه بعاداتنا وتقاليدنا ليس مثل الدراسة في دولة أجنبية لا أثق بأي شيء فيها" بحثت في أكاديميات الأردن حتى وجدت أكاديمية الطيران الأردنية.


"أريد دراسة الطيران في المملكة الأردنية الهاشمية أمي,أبي. لقد وجدت أكاديمية أفي كل متطلباتها إلا أنَّ كلفتها 75 ألف دولار" فقال لها أبوها أن هذا مبلغ كبير وليس بمقدوره على ذلك, محاولاً إقناعها دراسة تخصص معقول وشيء يُمَكِنها من البقاء والعيش في الوطن خاصة في ظل غربة أخوانها الثلاثة, حاولت قدر استطاعتها أن تقنعه وأن تعمل وهي تدرس لتساعد أهلها بالقسط حتى رد أبوها قائلاً: " سأجعلك تحققين حلمك وأن أدفع قسطك كاملاً شرط أن لا تعملي وإذا عرفت مرَّة أنَّك حاولتي البحث عن عمل, ودُّعي حلمك" فرحت كثيراً وملأت عيناها دموع الأمل التي سترى بهما سماء لا تحدها حدود من خلف مقود طائرة.


"ذهبت مع أمي للأردن للتسجيل, ودفعت أول دفعة من المبلغ, والتقيت بكبار الدكاترة والمعلمين في الأكاديمية ورحبوا بي كثيراً خاصة في كوني أول شابة فلسطينية تبدأ بدراسة هذا المجال, وسألوني إن كنت أملك جنسية أخرى لصعوبة دراسة ذلك فقط بالجنسية الفلسطينية لعدم امتلاكنا مطار دولي بسبب الاحتلال, فأجبتهم بأني أملك الجواز الامريكي ولكن لا يشرفني الدراسة عليه, بل أريد الدراسة على الجواز الفلسطيني لأني متأكدة أننا سنحرر بلادنا يوماً ما قريباً وسنعيد افتتاح مطارنا بعد نقاش حاد, اشترطوا أن أقدم عدة امتحانات مستوى,وإن نجحت, يتم قبولي, فكان ذلك بمثابة تحدي نجحت به فاضطروا لقبولي فاستكملت باقي الاجراءات."
ذهبت واستقرت في تلك الغرفة الصغيرة التي استأجرتها في الاكاديمية, غرفة مع نافذة صغيرة تطل على مطار ماركا الكبير, تقف عليه كثيراً شاردة الذهن, ترى حلمها أمامها, ما عليها إلا أن تبدأ بحضور محاضراتها واحدة تلو الأخرى لمدة سنتين بالإضافة إلى ما تعشق من امتحانات الطيران ما بين العقبة وعمان بدايةً وخاتمة ذلك بامتحان الوزارة للطيران وحدها من مطار العقبة إلى مطار اليونان.


"اليوم أقف على عتبة تفصل بيني وبين تخرجي أربعة أشهر كي أبدأ بعدها العمل في بوابة السماء... في مطار عمان الدولي, كي أبدأ منه تحقيق الأحلام والتحليق عالياً, رافعةً رأس أهلى الذين أحبهم ولولاهم لما تمكنت من الوقوف هنا اليوم, ورأس كل فلسطيني..." وأضافت: "يا عالم, لا تكتفوا بأحلامكم التي ترونها ولا تلمسونها وأعينكم مغمضة أثناء نومكم, بل حاولوا قسارة جهدكم لتحقيق ذلك الحلم إلى حقيقة تلمسونها وتعيشونها... لا حدود لطموح يُعمل عليه

اللاجئون الفلسطينيون - حقائق ومعطيات


اللاجئون الفلسطينيون - حقائق ومعطيات

بقلم: م. إبراهيم الأيوبي

تاريخ النشر : 2012-10-28
اللاجئون الفلسطينيون - حقائق ومعطيات...بقلم: م. إبراهيم الأيوبي
كبر الخط صغر الخط
اللاجئون الفلسطينيون - حقائق ومعطيات

لاحظت في الفترة الأخيرة التجاهل الإعلامي والرسمي لقضية اللاجئين الفلسطينيين رغم إنها تعتبر القضية المركزية في صراعنا مع العدو الصهيوني ، حيث يعتبر اللاجئون الفلسطينيون (بمن فيهم المهجرون في الداخل) اليوم من أضخم المجموعات المهجرة في العالم وأوسعها انتشارا إذ يشكلون حوالي ثلث مجمل عدد اللاجئين في العالم قبل أحداث سورية.

فـئـات اللاجئيـن

ينقسم اللاجئون والمهجرون الفلسطينيون إلى خمسة قطاعات رئيسة فيشكل قطاع اللاجئين ممن هجروا في العام 1948 من ديارهم القطاع الأساس للاجئين الفلسطينيين، وينقسم هذا القطاع بدوره إلى قسمين أساسين ، الأول ممن يتلقون المساعدة الدولية من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ("وكالة الغوث الدولية" –الأونروا) أو ما يطلق عليهم "اللاجئين المسجلين"، والثاني وهو قطاع أقل عددا ممن لا يتلقون مثل هذه المساعدة من الوكالة، "اللاجئين غير المسجلين". أما القطاع الثاني من اللاجئين فهم اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من بيوتهم للمرة الأولى في العام 1967 من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 (ويعرفون بالنازحين الفلسطينيين في العام 1967). أما القطاع الثالث فيشمل اللاجئين الفلسطينيين من غير لاجئي عام 1948 أو 1967، ويتواجدون خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وغير قادرين أو غير راغبين بفعل سحب الإقامة أو إلغاء لم شمل العائلات أو الطرد والخوف والاضطهاد في العودة. بالإضافة إلى ذلك، فان هنالك قطاعين إضافيين من المهجرين في الداخل، يضم الأول، المهجرين "الداخليين" ممن بقوا في المناطق الفلسطينية التي قامت عليها إسرائيل في العام 1948 ومنعوا في الوقت نفسه من العودة الى قراهم ومدنهم بعد انتهاء الحرب، فيما يشمل القطاع الثاني المهجرين في داخل المناطق المحتلة عام 1967.

أعــداد اللاجئيـن

وتفتقر نظم تسجيل اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين بشكل عام إلى الدقة والانتظام او الدورية، وبالرغم من أن نظام التسجيل الخاص بوكالة الغوث الدولية هو الأكثر انتظاما وشمولية إلا انه يحوي في الوقت نفسه الكثير من الفجوات. وهناك العديد من الفجوات المعلوماتية عند العديد من قطاعات اللاجئين الفلسطينيين، وهذا يعود إلى غياب نظام تسجيل فاعل قادر على حصر إعداد اللاجئين والمهجرين في الداخل إضافة إلى سلسلة الهجرات المتكررة بفعل الأسباب السياسية والاقتصادية، وعدم وصول الوكالات الدولية إليهم، واستمرار موجات التهجير والهجرات القسرية للفلسطينيين، وغياب تعريف واضح للاجئين الفلسطينيين. ويعتبر معظم اللاجئين الفلسطينيين "لاجئين بشكل قاطع" (ما لم يثبت العكس). ويشكل اليوم نظام التسجيل الخاص بوكالة الغوث الدولية نظام التسجيل الوحيد الخاص باللاجئين الفلسطينيين، ولكن تسجيلات الوكالة تغطي نحو 55 % فقط من تعداد اللاجئين الفلسطينيين في العام 1948 (وسلالاتهم)، إضافة إلى أن تسجيلهم يتعلق باحتياجات المساعدة فقط. وقد قامت الوكالة على صعيد آخر بتسجيل المهجرين في الداخل لعام 1948 خلال الفترة التي عملت فيها الوكالة في المناطق الفلسطينية التي قام عليها الكيان الصهيوني لحين نقلت مهام المساعدة والغوث إلى الحكومة االصهيونية (1950-1952) وفيما لم تقم الحكومات الصهيونية بطبيعة الحال بإقامة نظام تسجيل خاص بالمهجرين في الداخل، فانه لا يوجد نظام تسجيل آخر للمهجرين الفلسطينيين في الداخل.

قدر عدد اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين في نهاية العام 2002 بنحو 7 ملايين شخص، ويشمل هذا العدد اللاجئين عام 1948 المسجلين لدى وكالة الغوث الدولية (3.97 مليون)، اللاجئين عام 1948 غير المسجلين لدى الوكالة (1.54 مليون)، اللاجئين للمرة الأولى في العام 1967 (753000)، والمهجرين في الداخل لعام 1948 (في داخل فلسطين 1948) (274000)، والمهجرين في الداخل لعام 1967 (في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967) نحو (140000). ويشكل اللاجئون عموما نحو ثلاثة أرباع الشعب الفلسطيني (9.3 مليون).

الوضع القانوني:

انطلاقاً من التأكيد على حقيقة ناصعة بأن الحل الأمثل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يكمن في تطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 194 بتاريخ11/12/48 والقاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم. هذا القرار الذي جرى التأكيد عليه أكثر من 100 مرة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة وما تزال إسرائيل تصر على عدم تنفيذه. ولما كان تطبيق هذا القرار مرتبط تمام الارتباط بحل مشكلة الصراع العربي الإسرائيلي بشكل عام والصراع الفلسطيني - الصهيوني بشكل خاص. فإن هذا الارتباط لا يجب أن يعفينا من الاهتمام بالحقوق المدنية مثل "حق الإقامة والتنقل والتعليم...الخ" للاجئين الفلسطينيين المقيمين في الدول العربية.

ولعل المدخل الصحيح لبحث هذه المسألة ينطلق من التساؤلات عن وجود إطار قانوني للاجئين الفلسطينيين يكفل لهم ممارسة هذه الحقوق المدنية أم أن المسألة لا تتعدى المناداة بحق الأخوة والدين والرباط المشترك على أهمية هذه العوامل والتي برأينا أنها تكفي لوحدها فيما لو خلصت النوايا واحتكمنا لهذه العوامل فقط , وبالرغم من توافر هذه العوامل في كافة الدول العربية المضيفة للاجئين الفلسطينيين إلاّ أننا سنقفز عنها ونحتكم لإطار قانوني دولي نحتكم له جميعاً ليوفر أساساً موضوعياً يساعدنا على تحديد الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة لهم.

وستجري هذه المحاكاة وفق الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين التي اعتمدت في يوم 28 تموز 1951م من قبل مؤتمر الأمم المتحدة للمفوضين بشأن اللاجئين وعديمي الجنسية الذي دعت له الجمعية العامة للأمم المتحدة بمقتضى قرارها رقم429 (د-5) والصادر بتاريخ 14 ديسمبر 1950م والذي أصبح نافذاً مفعوله في 22 إبريل 1954م وفقاً لأحكام المادة 43. كذلك نص البروتوكول سنة 1967م العائد لوضع اللاجئين.

ووفقاً لكل ما سبق اعتبرت الأمم المتحدة كل الفلسطينيين الذين هُجّروا أو أُبعدوا عن أراضيهم عام 1948م لهم صفة اللاجئين بفعل قرار 194 الآنف الذكر وتم التأكيد على هذه الصفة حين أنشأت الأمم المتحدة وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين (اونروا) بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (202) في8/12/1949حيث عبر المجتمع الدولي وفق هذا القرار عن تحمل المسئولية تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين وعلى أثر هذا القرار تحددت أربع دول عربية كدول مضيفة للاجئين وهي مصر والأردن وسوريا ولبنان واستثني العراق من هذا التحديد كونه لم يسمح للأونروا بالنشاط على أراضية وأضيفت لهذه الدول بعد ذلك منظمة التحرير الفلسطينية.

وبطبيعة الحال لن نتناول المواد الستة والأربعين التي حوتها الاتفاقية الخاصة باللاجئين بل بعض المواد التي تعالج بشكل مباشر ممارسة الحقوق المدنية للاجئين.

حيث تنص المادة الثالثة بوجوب تطبيق أحكام هذه اللاجئين دون تمييز بسبب العرق أو الدين أو بلد المنشأ كما تنص المادة العاشرة على اعتبار فترة المكوث القسري للاجئ على أرض الدولة المتعاقدة بمثابة إقامة شرعية على أرض هذه الدولة كما تحضر المادة (33) الطرد أو الرد حيث لا يجوز لأية دولة متعاقدة أن تطرد لاجئاً أو ترده بأية صورة من الصور إلى حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية. ووفقاً للمادة (28) تصدر الدولة المتعاقدة للاجئين المقيمين بصورة نظامية في إقليمها وثائق سفر لتمكينهم من السفر خارج هذا الإقليم كما وعلى جميع الدول المتعاقدة أن تعترف بوثائق السفر التي أصدرها أطراف الاتفاقيات الدولية السابقة في ظل هذه الاتفاقيات وتعاملها كما لو كانت قد صدرت بمقتضى أحكام هذه المادة.

وتؤمن المادة (13) الحماية لملكية اللاجئ لأمواله المنقولة وغير المنقولة، وتصون المادة (14) حقوق اللاجئ الفنية وملكيته الصناعية كما وتؤمن المادة (16) للاجئ حق التقاضي الحر أمام المحاكم كما يتمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها المواطن.

أما المواد (17، 18، 19) فهي تؤمن للاجئ إمكانية العمل المأجور أو العمل الحر أو المهن الحرة مثله مثل مواطن الدولة المضيفة أما المادة (22) توجب على الدول المتعاقدة نفس المعاملة الممنوحة لمواطنيها فيما يخص التعليم الأساسي وتدعو إلى أفضل معاملة ممكنة بما يتعلق بالدراسات العليا والمنح الدراسية وتدعو للاعتراف بالمصدقات والشهادات المدرسية والدرجات العلمية الممنوحة في الخارج والإعفاء من الرسوم والتكاليف الدراسية. وتعالج المواد (23 و 24) الإغاثة العامة والإسعاف وتشريعات العمل والضمان الاجتماعي والتي تكفل للاجئ معاملة المواطن.

وهذا كله جزء مما جاء في الاتفاقية المشار إليها ويتعزز ذلك بالاتفاقيات التي جرت بين "الأونروا" وبين الدول العربية المضيفة والتي فصل الطرفين فيما بينها وتقاسما أعباء تكاليف ممارسة الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين

وعزز كل ما سبق بروتوكول الدار البيضاء الصادر عن مجلس الجامعة العربية والمصادق عليه من قبل الملوك والرؤساء العرب في أيلول سبتمبر 1965م والذي يدعو الدول العربية لمنح اللاجئين الفلسطينيين في الدولة التي يعيشون فيها وإعطائهم وثائق سفر موحدة حفاظاً على هويتهم. وقد أكد على هذه القرارات مؤتمر وزراء الداخلية العرب عام 1982م.

وأمام كل ما سبق نجد أن اللاجئين الفلسطينيين لا ينقصهم إطار تشريعي قانوني يكفل لهم ممارسة حقوقهم المدنية في البلدان التي يعيشون فيها. وحقيقة ما ينقصهم هو عدم تطبيق الإطار التشريعي والقانوني الذي تناولناه في هذه المداخلة ويحل محله مجموعة من القرارات السياسية والإدارية صادرة في أغلب الأحوال عن الأجهزة الأمنية والتي تخضع بدورها في معظم الأحوال لتوجهات الدول والحكومات وتقلبات الأحوال السياسية.
ودمتم حالمين بغد أفضل

السبت، 27 أكتوبر 2012

لماذا الزواج بين أهل القدس والضفة الغربية مشكلة؟

 
فاتن أبوعيشة-القدس
 
لماذا الزواج بين أهل القدس والضفة الغربية مشكلة؟ عن هذه النقطة قال المحامي وكاتب العدل نجيب زايد "إنّ الزواج بين المقدسيين وضفة ما يقارب الممنوع حسب القانون الإسرائيلي الذي يعدلّ وفق وجهة نظر السياسة الإسرائيلية، كونه اعتبر سكان الضفة الغربية وقطاع غزة من الأساس سكان منطقة أو دولة معادية".
وعن تغيّر القانون في هذا الشأن، تحدث المحامي زايد بدءاً من عام 2002 حيث أصدرت الحكومة الإسرائيلية قراراً يلزم بمنع لمّ الشمل لأي زوجين سواء كان أحد الزوجين فلسطيني أو من أصل فلسطيني يحمل أي جنسية أجنبية، وكان هذا القرار قراراً عاماً يشمل جميع الفلسطينيين، حتى لو كان الفلسطيني من خارج البلاد أو من أصل فلسطيني يحمل أي جنسية أجنبية.
وتابع المحامي نجيب "في عام 2003 هذا القرار أخذ مفعول قانون في الكنيست الإسرائيلي وقلّص شريحة الفلسطينيين الممنوعة من الحصول على لمّ شمل بتحديد الفلسطينيين الذين لا يحق لهم الحصول عليه بسكان الضفة والقطاع"، وهذا يعني أن الفلسطينيين من خارج البلاد يمكنهم الحصول على لمّ شمل.
تحديد العمر كشرط للمّ الشمل
استمر منع تقديم طلبات لمّ شمل جديدة حتى عام 2005، فيما الطلبات القديمة قبل 2002 كانت سارية في المرحلة التي عليها، فمن كان معه ورقة إقامة استمر عليها وهكذا، إلى أن عدّل القانون في عام 2005 ليسمح بتقديم طلبات لمّ شمل جديدة في حال توفر شرط الجيل، بحيث يكون عمر المرأة 25 سنة فما فوق والرجل 35 سنة وما فوق.
في عام 2006 كان هناك محاولة للطعن في شرعية ودستورية هذا القانون للمحكمة العليا الإسرائيلية قدمته مؤسسة عدالة لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل، كان الرفض هو الرد، فالقانون ساري المفعول حتى الآن ويتم تجديده سنويا.
لبنان وسوريا وإيران والعراق وقطاع غزة... دول معادية
وأكمل المحامي زايد قوله "في عام 2007 تم تعديل القانون ليشمل دولاًمعاديةهي: إيران وسوريا ولبنان والعراق وفي عام 2008 أضيف قطاع غزة، فجمع الشمل يمنع منعاً باتاً فيما لو كان أحد الزوجين من هذه الدول التي أضيفت إلى لائحة الممنوعات حسب القانون الإسرائيلي". في المحصلة يترتب على أي زوجين مقدمين على مشروع زواج بين أهل الضفة والقدس أن يفحصا توفر شروط لمّ الشمل حسب القانون الإسرائيلي، إذا أرادا السكن داخل القدس أو الخط الأخضر عامة ليتمكنا من السكن في مدينة القدس بشكل قانوني.
خلفية تاريخية:
· لغاية عام 1991 لم يكن هناك حاجة لتصريح دخول إلى القدس لأهل الضفة الغربية.
· بعد عام 1991 كان هناك حاجة لإصدار تصريح فردي للدخول للقدس.
· حتى عام 1994 كان هناك تمييز على أساس جنسي في قضية لمّ الشمل، فكان يسمح للرجل المقدسي بتقديم طلب لمّ الشمل، فيما لا يسمح بذلك للمرأة المقدسية.
متطلبات لمّ الشمل وشروطه
وعن متطلبات لمّ الشمل أوضح المحامي زايد "يحتاج مقدِم طلب لمّ الشمل لتوثيق كامل بالأوراق على التواجد والسكن داخل القدس أو الخط الأخضر أو داخل إسرائيل، بحيث إذا كان الشخص يسكن بالإيجار يحتاج عقد إيجار خطي وليس شفهي وأوراق ضريبة (الأرنونا) وفواتير الماء والكهرباء، إضافة إلى اعتراف من التأمين الوطني على السكن، مفسراً "هذا معناه التوجه مباشرة للتأمين الوطني وفتح الملف للجباية من أجل دفع رسوم التأمين الوطني، كذلك يحتاج مقدم الطلب إلى تأمين صحي ساري المفعول، وفي حالة وجود أبناء تكون مدارسهم فضلاً عن تطعيمهم داخل القدس وهذا كله يصب في مصلحتهم فيما لو كان الهدف تسجيل الأبناء في الهوية".
وعن شروط تقديم طلب لمّ الشمل ذكر المحامي زايد أن أولها متمثل في إثبات أن مركز الحياة داخل إسرائيل (داخل القدس أو الخط الأخضر، وهو محصلة علاقة الإنسان بالمكان الموجود فيه، من سكن وعمل ودراسة وأهم عامل هو عامل السكن، وثاني هذه الشروط هو حياة مشتركة بين الزوجين، فيما الثالث هو عدم وجود مانع أمني أو جنائي لأحد الزوجين.
إما إقامة غير قانونية... أو الإقامة بعيداً عن الأسرة
ونوّه المحامي إلى أن شرط مركز الحياة هو شرط ذو حدين، فالداخلية الإسرائيلية تشترط على الأزواج أن يكون مركز حياتهم داخل القدس للحصول على لمّ الشمل، مع العلم أنه لو تم القبض على شخص لا يوجد معه تصريح داخل القدس تقدم ضده لائحة اتهام، عندئذٍ ليس أمام الأسرة سوى خيارين: أولهما تواجد أحد الزوجين بشكل قانوني مع الأبناء في القدس كونه يحمل الهوية الإسرائيلية في وقت يمنع تواجد الزوج الآخر، فيترتب عليه التواجد بشكل غير قانوني داخل القدس أو خيار الإقامة بشكل منفصل عن أفراد أسرته.
وعن شرط عدم وجود مانع أمني لأحد الزوجين أوضح المحامي زايد "يوجد بند في قانون عام 2003 يقرّ بأنه يحق لوزير الداخلية في حال حصل على جواب سلبي من المخابرات ضد صاحب الطلب أو أحد أفراد أسرته من الدرجة الأولى يحق له رفض طلب لمّ الشمل".
وفسر المحامي زايد "هذا معناه بأن ليس فقط المانع الأمني المباشر هو سبب رفض لمّ الشمل، بل أصبح المانع الأمني غير المباشر الذي يتعلق بأشخاص آخرين سبب للرفض"، واصفاً إياه بـ "عقاب جماعي" لجميع الأسرة على تصرف شخص معين قد يكون تصرف بدون علم صاحب الطلب، وهو قانون سارٍ إلى الآن.
ومن الجدير ذكره أن هذه القضايا يتم الرفض فيها على أساس معلومات سلبية تجمعها المخابرات، فلو أعطى أي شخص عميل تقريراً سلبياً عن شخص، هذا كفيل بتوقيف أو التأثير على معاملة لمّ شمله، موضحاً زايد "هي مجرد معلومات لا ترقى لمستوى الشبهات ولا ترقى لمستوى الاتهام في المحكمة، فالاتهام يمكن الدفاع عنه ويمكن إصدار حكم بالبراءة، لكن المعلومات لا يمكن الدفاع عنها ولا الطعن فيها".
ثغرة في القانون.. أمل في لمّ شمل
في عام 2008 تم فتح ثغرة في القانون على أساس فردي، من خلاله يمكن الحصول على الهوية الإسرائيلية لمقدمي طلبات لمّ الشمل قبل عام 2002 فقط. وأوضح المحامي زايد هذه الثغرة بقوله "من تم تأخيره بشكل غير شرعي دون وجه حق على يد الداخلية الإسرائيلية منذ تقديم طلب لمّ الشمل ولغاية الحصول على الموافقة على الطلب ومن ثم الحصول على الإقامة الأولى، وكان التأخير من قبل الداخلية سبباً لعدم الحصول على الهوية قبل عام 2002 يمكنه الحصول على الهوية الآن، واعترفت المحكمة الإسرائيلية بهذه الثغرة كسبب لإعطاء الهويات"، مشيراً إلى أن مجموعة كبيرة من الطلبات قدمت في سنوات التسعينات وحصلت على الإجابات فقط في آخر سنوات التسعينات أو خلال عامي 2000-2001، فإذا تم إثبات أن التأخير بسبب الداخلية وليس أصحاب الطلب يمكنهم الحصول على الهوية الإسرائيلية، وقد وصلت الحالات التي حصلت على الهوية من خلال هذه الثغرة إلى 15 حالة.
وكشف المحامي زايد عن معلومة غير رسمية تفيد بأن المخابرات الإسرائيلية متورطة في تجميد معاملات لمّ الشمل منذ نهاية عام 2001 أي قبل صدور قرار الحكومة بالتجميد، قائلاً "نهج المخابرات تمثل في دحر جميع أصحاب الطلبات الذين كانوا على وشك الحصول على الهويات، بما معناه أن أصحاب الطلبات الذين كان من المفترض أن يحصلوا على الهويات في عام 2001 كانت المخابرات تستدعيهم لمقابلة عادية ومن ثم ينتظر صاحب الطلب جواباً من قبلهم، ولم يحصل عليه لغاية 12-5-2002 وقت صدور قرار الحكومة بوقف وتجميد معاملات لمّ الشمل وقبله في 30-3-2002 تاريخ صدور قرار وزير الداخلية بحجة حدوث عملية تفجيرية منفذها حصل على لمّ شمل، فشكلت العملية حجة لهذا الإيقاف".
لمّ الشمل.. باب خلفي لحق العودة
وعن الهدف الأساسي وراء التقييد وصعوبة جمع شمل أسَرْ بين الضفة والقدس قال المحامي نجيب زايد "إن إتمام معاملات لمّ الشمل للعائلات الفلسطينية تشكل تهديداً ديمغرافياً على دولة إسرائيل، فإسرائيل تعتبر لمّ الشمل باباً خلفياً لحق العودة، كون التكاثر السكاني للفلسطينيين في مدينة القدس يعد مشكلة بالنسبة لهم، فهدفهم تحديد هذا الخطر الديمغرافي على دولة إسرائيل في ظل انتشار هذا النوع من الزواج بين الفلسطينيين".
ـ إحصاءات حول طلبات لمّ الشمل:
· عام 1993 قدم 650 طلب لمّ شمل.
· عام 1994 قدم 2550 طلباً.
· عام 1995 قدم 1800 طلب.
· منذ عام 1993 – 2002 كان هناك 140 ألف فلسطيني دخلوا إسرائيل على أساس قضية لمّ شمل.
في حال الحصول على لمّ شمل ولا يتوفر شرط الجيل، أشار المحامي نجيب إلى وجود لجنة تابعة لوزارة الداخلية لا تستقبل الجمهور، لكنها تبحث في حالات إنسانية خاصة، بحيث يتم منح جمع الشمل بغض النظر عن الجيل مثل الحالات المرضية أو حالة شخص لديه أبناء مقعدين وهو معيلهم ومرافقهم.
وفي حال عدم توفر شروط لمّ الشمل وكان الزواج بعد عام 2002 ولم تتوفر حالات إنسانية فالوضع وضع انتظار، يعلّق المحامي زايد: "الانتظار طويل لأن القانون أول ما سنّ كان لسنة ويتم تجديده سنوياً وهو قانون طوارئ، وكما هو معلوم في إسرائيل أن قوانين الطوارئ أكثر ثباتاً من القوانين الدائمة، فأنا لا أعلّق آمالاً على تغيير القانون في الفترة القريبة"، مع إشارة المحامي نجيب إلى أن قضية لمّ الشمل مثل أي قضية حقوقية أخرى تكلّف ما بين 2000 -5000 دولار لدى أي محامٍ.
منذ ثلاثة أشهر... للفلسطيني حق الاستماع!!
وفي حالة السجن الفعلي لأحد الزوجين يقول المحامي نجيب "السجن يشكل وسيلة إيضاح على أن معاملة لمّ الشمل ممكن أن يتم رفضها على أساس أمني، ونسبة نجاح هذه القضية تقلّ، لكن الشيء الأساسي أن الاعتراف بحق الاستماع للفلسطينيين يتيح إمكانية تقديم إثباتات أو دلائل تلغي هذا القرار أو تطعن في معلومات المخابرات من خلال إجراء جلسة استماع في الداخلية".
وقد تم الاعتراف بحق الاستماع من قبل المحكمة الإسرائيلية العليا بشكل قانوني في شهر آب 2009 بعد رفض جمع شمل حالتين تم التوجه فيهما إلى المحكمة المركزية للمطالبة بهذا الحق، فجميع من عليهم معلومات أو سجنوا لهم حق استماع في الداخلية من أجل الطعن في هذه المعلومات أو القرارات، وبالتالي فإن أي فلسطيني في القانون الإسرائيلي له حق الاستماع قبل إصدار قرار رفض لمّ الشمل، وأي قرار رَفضْ سابق صدر قبل حق الاستماع يعتبر لاغياً.
وقارن المحامي زايد عما كان يجري قبل الاعتراف بهذا الحق بقوله "قبل شهر آب 2009 كانت العملية عملية تعسفية تنطوي على تقديم تقرير سلبي عن شخص من قبل المخابرات للداخلية، وبالتالي الداخلية ترفض طلب لمّ الشمل دون أي نقاش ودون أي حق بالاستماع لأصحاب القضية".
أبناء العائلة الواحدة بين الضفة والقدس
وفي حال انقسام الأبناء بين هويتي الضفة والقدس، قال المحامي نجيب "كان نهج الداخلية أنّ أياً من الأبناء يحمل هوية ضفة هو بحاجة إلى لمّ شمل، كأن الابن أجنبي تابع للضفة حتى لو ولد داخل القدس، بغض النظر عما إذا كان رقم هوية الضفة شكلياً و لم يسكن في الضفة بتاتاً"، إلا أنه في شهر آب 2008 صدر حكم في المحكمة العليا يقضي بأن هؤلاء الأبناء الذين ولدوا في القدس وحاملين لرقم هوية ضفة شكلياً ومركز حياتهم داخل القدس يمكنهم عندئذٍ التسجيل في السجل السكاني والحصول على أرقام هويات دائمة من الداخلية الإسرائيلية بغض النظر عن جيل الأبناء، في حال تم إثبات أن مركز حياة الأبناء والأسرة ليس الضفة الغربية، مستثنين الأبناء في هذه الحالة فقط من قرار تجميد جمع الشمل.
وأحيانا ً الإنسان المقدسي يحتاج لعمل لمّ شمل لذاته في حال غيابه عن مدينة القدس، مفسراً المحامي زايد "القانون الإسرائيلي يعتبر سكان القدس غرباء دخيلين على القدس، بما معناه يسري عليهم قانون الدخول إلى إسرائيل، في وقت أن اليهودي في أي مكان في العالم لو ولد في أي مكان ولا يمت بصلة لإسرائيل يمكن دخوله حسب قانون العودة وحصوله بشكل تلقائي على جنسية إسرائيلية، بينما الفلسطيني الذي غاب عن البلد سنة واحدة وحصل على جنسية أجنبية مثلاً يمكن أن يفقد حق الإقامة في القدس".
بدون أوراق ثبوتية... قد تفقد حقك!!
وعن حياة الفلسطيني داخل مدينة القدس قال زايد "حياة الإنسان الفلسطيني داخل إسرائيل رخيصة، لدرجة أنه في حال عدم توفر الأوراق الثبوتية لحياته في القدس من عقد إيجار وفواتير ممكن أن يفقد الإنسان حقه، عندها يعتبر الإنسان أنه لم يثبت تواجده داخل القدس وعلى هذا الأساس يعتبر مركز حياته خارج إسرائيل وبالتالي يتم رفض لمّ الشمل".
وأشار المحامي نجيب زايد إلى أن هذه المطالب لا تطلب من أي إنسان يهودي لأجل تواجده داخل إسرائيل بناء على قانون العودة، فالقانون الإسرائيلي يعامل الإنسان الفلسطيني وكأنه إنسان مجرد من الحقوق ويتعامل معه على أساس إنساني وليس من منطلق حقوق مواطنة وإقامة.
وختم المحامي زايد حديثه بالتنويه إلى مشاكل وصعوبات أهل في تزويج بناتهن اللواتي لا تحملن هوية مقدسية في مدينة القدس، بحيث يتراجع الخاطب عن مشروع الزواج بعد علمه بمشكلة الفتاة في الهوية.
ويبدو أنه ليس فقط الإناث القاطنات في القدس اللواتي لم يحصلن على الهوية المقدسية هويتهن تشكل عنصر تراجع في مشروع زواجهن، فكذلك الإناث المقدسيات حيث "القدس والمسجد الأقصى وبناء أسرة مقدسية في قلب القدس" غايتها... "والبقاء شوكة في حلقهم بين أسوار القدس وفي أكنافها".... "وظروف القدس أبناؤها فقط من يعرفون حاجتها لوجودهم فيها"... هذا بعض ما قالت فتاة مقدسية كان يحاول شاب ضفاوي طلبها للزواج خلال سنتين مرددة تلك الجمل... فهل هذا التقارب والتنافر بين أهل القدس والضفة ستظل مدينة القدس وهويتها الواقعية تفرّقهم إلى أمد طويل؟؟!!...ـ










 في خطوة أشعلت نيران المنافسة بين الخصمين اللدودين
الأحد 08 جمادى الثانية 1433هـ - 29 أبريل 2012م

    أحمد حلمي يوقع كتابه الجديد "28حرفاً"
    الانفجارات تتوالى في دمشق وآخرها في المزة
    ثروات أغنياء بريطانيا تسجل مستويات قياسية
    بريطاني يصطحب "بطته" معه حيثما حلّ وارتحل
    بيونسيه أجمل امرأة في العالم لعام 2012

رام الله - أمجد سمحان

حققت حركة فتح خلال الآونة الأخيرة سلسلة انتصارات كاسحة في انتخابات الجامعات الفلسطينية، مقابل تراجع ملحوظ لحركة حماس، في خطوة أشعلت نيران المنافسة بين الخصمين اللدودين رغم غياب أي آفاق لإجراء انتخابات فلسطينية تأخر موعدها لمدة عامين كاملين.

وفازت فتح التي تسيطر على الضفة، بفارق كبير عن حماس في نتائج انتخابات جامعات بيرزيت والقدس وبيت لحم والخليل والبوليتكنك وكلية العروب والكلية التقنية الموزعة في الضفة الغربية، وتبقى أمامها عدد قليل من الجامعات والكليات الأخرى والتي يتوقع أن تحقق فيها نجاحا. في المقابل لم تجرِ أي انتخابات في جامعات غزة منذ سيطرة حماس على القطاع عام 2007.
اتهامات متبادلة

وقال أحمد عساف، المتحدث باسم حركة فتح إن نتائج الانتخابات الجامعية بمثابة "استفاء وطني وشعبي على نهج حركة فتح ونهج رئيسها محمود عباس والشرعية الفلسطينية"، معتبراً أن فوز فتح في انتخابات الجامعات له عدة أسباب هي "الإصلاحات في هيكل الحركة، والثبات على المواقف السياسية لقادتها، وخصوصا ما يتعلق بوقف المفاوضات والذهاب إلى الأمم المتحدة، وتفعيل المقاومة الشعبية".

وأشار عساف إلى أن الانتخابات الجامعية تظهر "سقوط حماس بسبب التناقض بين أفعال هذه الحركة وأقوالها في كل القضايا، فعلى سبيل هي لا تتوقف عن الحديث عن المقاومة، بينما فعلياً لا تقوم بأي فعل مقاوم".

بدوره رد أحمد عطون، النائب عن حركة حماس في المجلس التشريعي قائلاً إن النتائج الأخيرة للانتخابات "غير عادلة"، لأنها تأتي بعد ثلاث سنوات من انقطاع الكتلة الإسلامية الممثلة لحماس، عن المشاركة في العمل السياسي في الضفة، بسبب "حظرنا من قبل السلطة، والملاحقة المستمرة لعناصرنا من أجهزة الأمن الفلسطينية، وتغييِب الحركة عن العمل السياسي في الضفة".

وقال عطون "لقد شاركنا في انتخابات الجامعات بعد انقطاع طويل، وما حققناه يعتبر مؤشراً عظيماً على قوتنا، رغم الملاحقة الأمنية والإرهاب الفكري لعناصرنا والاعتقالات السياسية المستمرة من قبل الأجهزة الأمنية للسلطة".
انتخابات متأخرة

وشاركت حماس لأول مرة في الانتخابات الفلسطينية عام 2006، وفازت الحركة بـ76 مقعداً من مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني، مقابل 43 لحركة فتح، فيما حصل المستقلون وفصائل اليسار الفلسطيني على 11 مقعداً، ومنذ انقلاب حماس على فتح في غزة عام 2007 لم تجرِ الانتخابات الفلسطينية التي يفترض أن تنظم مرة كل 4 سنوات، وفق القانون الأساسي الفلسطيني.

وكان إجراء الانتخابات أحد أهم العوامل التي تعوق المصالحة الفلسطينية، وخلال اتفاق المصالحة الفلسطينية الذي وقع بين فتح وحماس مؤخرا في الدوحة قبل الجانبان بأن يرأس الرئيس الفلسطيني حكومة مؤقتة تعد لانتخابات فلسطينية خلال العام الجاري، لكن ذلك لم يطبق حتى اليوم.

وتظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أن نسبة 40% من الفلسطينين تقريبا ستعطي صوتها لفتح مقابل نحو 20% لحماس في الانتخابات، في حين سيعزف نحو 30% من الفلسطينين عن المشاركة، وستحصل بقية الفصائل الفلسطينية اليسارية والمستقلون على قرابة 10% من الأصوات. وهذه كلها أرقام تتشابه مع ما رشح عن استطلاعات الرأي قبل انتخابات عام 2006 حين حققت حماس المفاجأة وفازت.
كلاسيكو "حماس - فتح"

الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين، شبه السباق بين حماس وفتح في انتخابات الجامعات، بالسباق بين الخصمين الإسبانيين اللدودين ريال مدريد وبرشلونة. وإن " الكلاسيكو" الذي يجمع الطرفين قد لا يؤثر بالضرورة على نتيجة "الليغا".

وقال لـ"العربية.نت" إن نتائج انتخابات الجامعات الفلسطينية وتراجع حماس، قد لا تعكس الحقيقة على أرض الواقع. ففوز فتح فيها لا يعني أنها ستفوز في الانتخابات العامة. أضاف "عام 2006 حين فازت حماس في الانتخابات التشريعية، وكانت فتح فازت في معظم انتخابات الجامعات، لكن عملياً عندما تحصل انتخابات عامة هناك الكثير من العوامل التي قد تحسم السباق لهذا أو ذاك أبرزها البرامج السياسية، والمواقف من الطرفين حول مستقبل السلطة الفلسطينية، والمقاومة، والموقف الدولي، والقدرة على توفير الخدمات للمواطن، والقدرة على كسب الرأي العام، وهذا كله غير متاح في انتخابات الجامعات".
السهل الممتنع

من جهته قال نشأت الأقطش، أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت، والذي كان مستشاراً إعلامياً لحملة حماس الانتخابية عام 2006 "إن انتخابات الجامعات الفلسطينية تعد مؤشراً على تراجع شعبية حماس التي حققت 57% من أصوات الناخين في عام 2006، لكنها تعني أيضا أن الحركة ما زالت لاعباً قوياً في الساحة السياسية، حيث إنها وبعد انقطاع 3 سنوات عن العمل السياسي في الضفة بسبب حظرها حققت نتائج عالية، وهذا يعني أن الحركة هي السهل الممتنع أمام فتح".

وعلى سبيل المثال حصلت حماس على 19 مقعداً مقابل 26 لحركة فتح في انتخابات جامعة بيرزيت في الضفة الغربية، وفي وقت سابق حققت حماس نتيجة معاكسة تماماً.

وقال الأقطش" في كل الأحوال لو جرت انتخابات اليوم ستحصل حماس على نسبة تتراوح بين 30-35% من أصوات الناخبين، لكن هذا ليس شيئاً ثابتاً، فهناك شيء غير قابل للقياس عندما يتعلق الأمر بحماس، ففي انتخابات جامعة بيرزيت نصف أصوات الطلبة الجدد كانت لحماس، وهذا مؤشر على أن لها جمهورا كبيرا يتجدد باستمرار وبقوة".

تحية طيبة وبعد .. بقلم : هناء عبيد ............................ hanayousef17@yahoo.com رحلة إلى القدس..ج1 ............................................................... معاناة عند جسر العبور هناء عبيد .............. كان لا بد من أخذ الإذن أولا من دخول مدينة السلام، مدينة ميلادنا وميلاد أبائنا وأجدادنا، فالأبواب موصدة في وجوهنا. علينا الإنتظار لوصول مفاتيحها ووصول تلك الورقة التي تسمى بالتصريح. . فلا زلت أذكر عندما كنت صغيرة، كم كنا نعد الأيام تلو الأيام كي تمر سريعا ويأتي الفرج بوصول تلك الورقة السحرية التي يصرح لنا من خلالها دخول مدينة الأحبة، مدينة القدس. ورقة شفافة رقيقة تكتب عليها أسماؤنا بالعبرية التي لا نعرفها. كانت هذه الورقة هي الفرج لرؤية الأحباب، وما خلفته ذكرياتنا من أيام جميلة في أرض التراب الطاهر المقدس، وأرض مهبط الأنبياء. مرت الأيام وجاء أحد الأقرباء زائرا من أرض الأحباب يحمل معه رائحة نسيم القدس العليل، ومعه كان مفتاح الفرج الذي فتح في قلوبنا أبواب السعادة، ونوافذ الامل بزيارة أقدس الأراضي، وإطفاء نار الشوق إلى الأحبة . بدأت الرحلة بتاكسي لجسر الملك حسين. وقد أخذنا معنا حقائبنا كالعادة، مع فارق أننا أكثرنا هذه المرة من حمل العتاد إعتقادا منا بأنها المرة الأخيرة التي سيكون فيها ترحالنا، آملين بما يسمى بلم الشمل، تلك العبارة التي كثيرا ما سمعتها تتردد على ألسنة الأهل دون أن أفهم ما تعني، إلى أن أيقنت أخيرا بأنها إحدى مرادفات المستحيل، فلا الأيام، ولا السنون، لمت هذا الشمل المنشود، وبقينا مشتتين في غربة طال أمدها في بقاع لا عد لها ولا حصر على وجه الأرض. من خلال رحلتنا في التاكسي يتكرر المشهد في كل مرة، حيث يبدأ السائق تبادل أطراف الحديث مع الركاب، الذي يتمحور حول نفس الموضوع في كل مرة، قصص الرحيل، والعناء، والمشقة، وضنك العيش، والحزن الشديد بعيدا عن الأرض والأهل والأحبة . بعد عناء مرهق، وصلنا إلى المنطقة التي يسيطر عليها الكيان الصهيوني من جسر الملك حسين أو جسر اللنبي الذي يعتبر نقطة العبور بين الأردن والضفة الغربية والعكس، والذي كان قد أطلق عليه هذا الإسم تيمنا بالقائد الإنجليزي الذي عبر بجيشه للسيطرة على فلسطين عام 1917م، وهو جسر لا يزيد طوله أو عرضه عن بضعة أمتار، وعلى الناحية الغربية منه تقع مدينة أريحا. في هذا المكان، الشاهد على عذاب وإهانة ومعاناة الفلسطينيين الذين يريدون العبور إلى الضفة الأخرى من الجسر،كانت تتنوع أشكال المعاناة على ملامح الوجوه. ففي ركن ما كانت تجلس امرأة لم تدع السنون جزءا من وجهها إلا ووضعت بصمات الحزن عليه، تسيطر عليها ملامح توضح شوقا لأب، أو أم، أو ربما اخ ابعدهم الظلم عنها مسافات شاسعة. وفي الركن الآخر جلست عجوز حنى الشوق والحنين ظهرها فلم تبعد المسافة بين رأسها والأرض كثيرا، وكان بجانبها كيس من قماش يمتلئ بحاجيات لا بد وأنها اختيرت بعناية فائقة لإرضاء أطفال القرية وبقية الأحبة والخلان، ولا أحد يعلم، فقد يكون ثمن هذه الهدايا قد استنفذ آخر ما في الجيب من نقود. أما في الركن الثالث فكان يجلس عجوز بجانب عصاه الملقاة على الأرض متنتظرة قيامه لتسند جسدا أنهكه الشوق لتقبيل أرض طاهرة حرثها بكل حب وود، وزادتها قدسية شجرة زيتون غرست جذورها بقوة بين ترابها. ولا زال ذلك الشيخ الجليل يحتفظ بذلك المفتاح، والأمل لا يفارقه بأنه ربما قد آن الأوان لفتح باب الدار ليينتعش برائحة المكان، ودفئ العائلة عندما كانت ملمومة حول ذلك الموقد الناري الذي يرقد في مكان ذهبي من الذاكرة. هناك وعند ذلك الجسر تبدأ المعاناة والعذاب والإهانة، حيث تبدأ الإجراءات القانونية لتأخذ طريقها بطرق مهينة، لتبدأ بعدها عملية التفتيش الدقيقه، التي تجرد الانسانية من كرامتها. كنت أنظر إلى السيدات اللاتي كن يقمن بعملية التفتيش وأدقق في ملامحهن التي كانت تختلف اختلافا كبيرا من واحدة للأخرى مستغربة من أي البقاع أتين، وكأني أنظر لكائنات غريبة لا تنتمي بأي صلة إلى كوكبنا الذي نعيش عليه. كان الإستغراب والفضول عندي كبير، ترى لم كل هذه الإجراءات، ولماذا هذا الخوف الذي يكتنفهن..؟ وعن ماذا يبحثن..؟ بعد انتهاء الإجراءات المرهقة المملة، والمعاملة المذلة، المهينة، والحر الشديد، والإنتظار الطويل، تبدأ عملية البحث عن الحقائب وأكياس القماش المتناثرة هنا وهناك، لنبدأ بعدها تنفس الصعداء، ها نحن أخيرا قد عبرنا ما وراء الجسر الذي أصبح اسمه مقترنا بالذل والإهانة والتعذيب، ولعل ما كان يشفع له، أن تخطيه كان يعني بارقة الأمل، التي تجلب إلى الذاكرة، مدينة القدس، تلك المدينة الخيالية الساحرة. رأيناه يلوح لنا من بعيد حيث تصطف سيارات الأجرة التي تنقل الركاب من الجسر إلى رام الله أو أريحا أو القدس. عندها شعرنا بسعادة كبيرة وكأننا تخطينا حواجز من نار لنصل إلى بر الأمان، إنه أحد الأقارب الذي كان يعمل على خط الجسر-أريحا، والذي كان ينتظرنا هناك لعلمه المسبق بقدومنا، فيكون دوما أول من يستقبلنا عند وصولنا. ومن هنا تبدأ الرحلة، التي تتكرر في كل زيارة، نبدأ أولا بزيارة بيت الأقارب في أريحا، حيث أبناء العمومة. وبما أننا أطفال عرفنا الغربة منذ نعومة أظافرنا، كدنا لا نصدق بأن هناك أناسا من البشرية على وجه هذه الأرض يحملون نفس أسم عائلتنا التي كنا ننفرد في حملها في بداية جلائنا عن الأرض إلى أردن المحبة والخير. كانت عائلات كثيرة تتجمع للترحيب بنا، وكأننا كنا في حضرة عرس كبير كان قد أقيم خصيصا للإحتفاء بقدومنا قلما حضرنا له مثيلا . أخيرا وصلنا أريحا، أقدم مدينة في التاريخ، وأجمل مشتى يقصده السياح للإستمتاع بدفئها وقت الشتاء. كم أنت جميلة يا أريحا وكم لرائحتك العطرة المميزة سحرها. حتى حرارتك التي لو تعدت درجتها فوق ما تستحمل رؤوسنا، تظل دفئا يسري في العروق، دفئ مدينة جليلة من مدن الأرض الطاهرة. وما أجمل ليلك يا أريحا. فحينما كان يخيم ظلامك المؤنس على حدائقك الغناء، كنا نجري بين أشجارك الجميلة، أشجار البومل والبرتقال والليمون ورائحتهم المميزة التي تظل سحرا مسيطرا على حواسنا لا تقدر ان تزيله السنون. وبين ضحكات الأهل وقصصهم الشيقة المسلية، كنا ننعم بدفئ عذب حديثهم، وبينما الجميع منهمك في الحديث كانت تتعالى أصوات تزن بإستمرار في أذاننا، كنا نحاول عبثا معرفة مصدرها دون جدوى. وأجمل ما كان يبهرنا في تلك الأثناء حشرة"ضو الغولة" المسكينة، تلك الحشرة التي كانت تضيء وتطفئ بشكل متوال، والتي لم تكن تنج من شقاوتنا حينما كنا نلاحقها من مكان لآخر في محاولة لإمساكها كي نكشف سرها العجيب. بعد الإستمتاع بدفئ أريحا وأحاديث الأهل فيها، كنا نواصل رحلتنا متوجهين إلى القدس تلك المدينة التي لا يكاد يذكر إسمها إلا وترغرغت عيناي بالدموع، وأصابتني قشعريرة اللوعة والحنين. وكان يتخلل زيارتنا للحبيبة القدس مرورنا بقرية العيزرية، إحدى قرى القدس، لتنبهر أعيننا لجمال العمارة ونحن نشاهد إحدى الكنائس الأثرية فيها والصور الجميلة المرسومة عليها، إلى أن نصل مدينة القدس مدينة السلام، مدينة القداسة والعراقة، مدينة الأهل والأحبة التي تركناهم قسرا. فأي مدينة بسحرك يا قدس، وأي شمس تنشر شعاعا ذهبيا يخطف الأبصار كشمسك يا قدس، وأي نسيم عليل كهوائك يا قدس. وهل عرفنا الذهول قبل أن نرى قبة الصخرة تتوسط حاراتك الاثرية وشوارعك القديمة، وهي تعكس أشعة الشمس الذهبية لتزيد نورك بهاءا وجمالا. كم هي كبيرة سعادتنا ونحن بين أحضانك، نتنسم هوائك، نشرب عذب مائك، نتبارك بدوس ترابك، نتطهر بزيارة أقصاك الحبيب، وكنيستك المقدسة، نعانق الأحبة لنطفي شوق اللوعة والشوق والحنين، نقبل يدي الجد والجدة، نمتع ناظرينا بجمال حدائقك الغناء، نأكل من شجرة زيتونك المباركة، ونستلذ بمذاق تينك الأكثر حلاوة، فهنيئا لنا أننا ننتعش بالحياة بين أحضانك الدافئة ولو لحين.... رحلة إلى القدس ج2 ............................................................... تهويد القدس هناء عبيد ........... العيسويه.. وجدتي بعد زيارة الأهل والأحبة في أريحا ، تكون المحطة الثانية لنا في قرية العيسوية ، إحدى قرى مدينة القدس والتي تقع إلى الشمال الشرقي منها ، وظروف قرية العيسويه كغيرها من قرى القدس ، من حيث الإجحاف في المعاملة ، وسلب الحقوق من قبل سلطات الاحتلال الغاشم . فقد صادرت سلطات الاحتلال ما يقارب 8 آلاف دونم من أخصب أراضيها الزراعية . ومنعتها من التطور ، كما كان لجدار الفصل العنصري الأثر الكبير في صعوبة التنقل من مكان إلى آخر مما أدى إلى الحد من فرص العمل المتاحه ، وبالتالي إلى تدني مستوى الحالة المعيشية ، فأصبح من اللازم على جميع أفراد العائلة العمل لتأمين متطلبات الحياة ، وهذا بدوره أدى إلى تسرب الطلاب من مدارسهم طلبا للرزق . كما تقوم سلطات الاحتلال بالهدم المستمر بجرافاتها لبعض المنازل في القرية بحجة البناء غير المرخص ، هذا وتغص سجون الاحتلال الغاشم بالعديد من الأسرى من هذه القرية الصامده. وتعد قرية العيسوية ذات موقع أثري ، حيث تحتوي على صهاريج منقورة في الصخر ومدافن ومغر وخزان مستقل ، وفيها صناديق للعظام يعود تاريخها إلى عصر هيرودوس ، وقد اختلفت الآراء في سبب تسميتها بهذا الاسم ، فبعضهم يعتقد بأنها سميت بالعيسوية نسبة إلى سيدنا المسيح عيسى بن مريم عليه السلام الذي أقام فيها لمدة يومين . وهناك رواية أخرى تقول أنها سميت بذلك نسبة إلى القائد عيسى أبو أيوب ابن أخت المجاهد العظيم صلاح الدين الأيوبي ، والذي كان حاكما على منطقة القدس . وقيل أيضا بأنه قد جلس مع قواد جيشه تحت شجرة خروب بالقرية ، التي أصبحت فيما بعد لها مكانتها في النفوس حيث يذهب الناس إليها ليلا لإضاءتها بفتيل الزيت طوال الليل. وهناك، في قرية الأجداد ، كان موعدنا مع استقبال آخر حافل بكل أنواع الحب والشوق والحنين ، حيث كان في انتظارنا أغلى الأحبة على قلوبنا، الجدة والجد والعمات والأعمام . وفي هذا التجمع العائلي النادر بالنسبة لنا والذي كنا دوما نتوق إليه ، لم يكن أحد يستطيع أن يكبح جماح عينيه من فيض الدموع فرحا ، صغارا أوكبارا ، وكنا نحاول عبثا تهدئة جدتي التي ترى بعضا من أحفادها لأول مرة فلا تتوقف عن البكاء لحظة فرحا بلقاء طال انتظاره . تلك الجدة التي لا أظن بأن هناك قلبا يحمل بين ضلوعه مثل الكم الهائل من الحب والعطف والحنان الذي تحمله. كم كانت فرحتنا كبيرة بأن نحاط بهذه الهالة من الحب والعطف، ودفء العائلة الذي سرى في عظامنا. في بيت الجد والجدة، كانت الحياة تختلف. حيث حضن الجدة الدافئ، وحديثها الطيب الذي لا يخلو من خفة الظل. فقد كان كل أمر من أمورها مميزا، حتى أثاث بيتها كان له ما يجعله متميزا لنا، فلا يمكن لأحد منا ان ينسى ثلاجتها الغريبة العجيبة التي كنا نندفع عدة أمتار للخلف بعد النجاح في محاولة فتحها التي تتطلب جهدا مضاعفا. وأجمل من ذلك كانت النملية الخاصة بحفظ المؤونة ، والتي هي عبارة عن خزانة خشبية تحتوي على عدة رفوف، كانت تضع فيها، الخبز الشهي ومرطبانات الدبس، والمربى، والتي لا أعرف السر للآن في تسميتها بهذا الاسم، فهل سميت بذلك لأن النمل كان يجد اللذة في غزو محتوياتها، أم سميت بذلك لأنها كانت تمنع النمل من الوصول إلى تلك المحتويات. وأكثر ما كان ملفتا في جدتي، ثوبها الفلاحي الجميل، المطرز بأجمل الألوان من الحرير، والمزركش برسومات جميلة يطغى عليها الفن الفلسطيني التقليدي، ويظهر بوضوح من خلالها مدى الدقة المتناهية في إتقان أياد لا شك انها غاية في المهارة، كذلك طرحتها البيضاء التي كانت تتوشح بها، وقد كان جيب ثوبها الكبير محط أنظارنا وأطماعنا، حيث كانت تخبئ فيه الحلوى وكل ما لذ وطاب مما كنا نعشقه ونحن صغار . كان بيت جدي مبنيا من طابقين، أما الطابق الأول فهو سكن العائلة، وأما الطابق الأرضي فقد تم تأجيره إلى مدرسة ابتدائية كنت قد التحقت بها لمدة وجيزة هي مدة إقامتي والعائلة في القدس، وكان أمام البيت، حديقة تتشابه مع أية حديقة أخرى في قرى القدس، تحتوي على أشجار التين والزيتون واللوز والتوت بالإضافة إلى كروم العنب. وقد كنا نلهو ونقضي أوقاتا جميلة في اللعب في هذه الحديقة وفي قطف ألذ وأحلى الثمار، ولم تكن تنجو أية شجرة من شقاوتنا، خاصة شجرة التين التي كنا نتسلق عليها يوميا ، ونثقل على أغصانها، ولكنها كانت تظل صامدة تقاوم الانكسار، لتأتينا بأحلى الثمار، قوية راسخة، تماما مثل امرأة فلسطينية تتحدى الصعاب في غربة تحاول كسرها، فتأبى وترفع قامتها شموخا، أو أما فلسطينية يزيدها استشهاد فلذة كبدها قوة وإصرارا على إمداد التراب بمزيد من دماء تروي عطش الأرض وتنعش كرامتها. من أمام الدار الممتلئة بالحب والدفء كانت تمر مجموعات من اليهود، فكنا نحاول مشاكستهم من خلال التحدث معهم من بعيد بلغتهم العبرية، التي تعلمنا القليل منها في المدرسة أثناء إقامتنا في البلدة، وما أن ننهي ما نتلعثم به من جمل مكسرة حتى نختبئ عن أعينهم ، ولكن من العجيب أنهم كانوا يضحكون علينا، مما يزيدنا حنقا وغضبا، ويبدو أنهم ضحكوا علينا في صغرنا وسيظلون يضحكون علينا إلى مماتنا ما دمنا لا نحرك ساكنا، كنا نعتقد أننا بذلك نقاومهم ونقلق راحتهم، هكذا هو الطفل الفلسطيني، يشب على عشق الأرض، ويخترع الوسائل للمقاومة. كان آخرها الحجر الذي أقض مضاجع العدو، وأوجد لديه فوبيا الحجر،وجاء بنتائج إيجابية فاقت كل الاتفاقيات والمفاوضات. والتي أصبح بعدها طفل الحجارة، الصورة المشرفة للمقاومة ضد الاحتلال التي حفظت في الوجه ما تبقى من ماء، وأعادت لو قليل من كرامة مهدورة، وباتت صوره تتصدر الصحف ممثلا رمز البطولة والكرامة والصمود. أما يوم الجمعة فقد كان يوما مميزا، حيث كان يذهب الجد والجدة للصلاة في مسجد قبة الصخرة المشرفة، إنها إحدى واجباتهم الدينية التي تعودوا عليها منذ نعومة أظفارهم. ويقع مسجد قبة الصخرة في حرم المسجد الأقصى في البلدة القديمة من القدس، وقد أمر ببنائه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان خلال الفترة 688م-692م وفي الجنوب منه يقع المسجد الأقصى وهو أولى القبلتين. وقد ذكر في القرآن الكريم قال الله تعالى( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير). وللمسجد الأقصى قدسية كبيرة عند المسلمين ارتبطت بعقيدتهم منذ الدعوة الإسلامية، وهو القبلة الأولى التي صلى إليها النبي "ص" قبل أن يتم تحويل القبلة إلى مكة. وقد أسري بالنبي من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ومنه عرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء حيث فرضت الصلاة. وقد عبثت وما تزال تعبث اليد النجسة بتدنيسه ومحاولة زعزعة جذوره إلى يومنا هذا دون أن نحرك ساكنا. وقد نالني الحظ الكبير بالذهاب معهم في إحدى المرات للصلاة في مسجد قبة الصخرة العظيم، لأصاب بذهول من الصعب نسيانه، حيث فن العمارة العريق، والزخارف الإسلامية الرائعة، والآيات القرآنية التي تزين جدران المسجد والتي تأبى إلا أن تجعلنا نحني رؤوسنا خشوعا وإجلالا لرب العباد، وتقديرا للسواعد التي بنت هذا الصرح الطاهر، وخجلا لإهمال أمة بأسرها في حماية أحد أعظم بيوت الله. كنت أنظر لوجه جدتي وهو يشع نورا وبهجة وإيمانا فرحا لصلاتها في أجمل مساجد الأرض، فتغمرني سعادة لا تماثلها سعادة على الأرض. يجعلني الآن أحمد الله أنها قد وافتها المنية قبل أن ترى الصعوبات التي يواجهها أصحاب القلوب العامرة بالإيمان حين يتوقون للصلاة في هذا المسجد العظيم. كم أنت محظوظة يا جدتي بأنك لم تري المسجد مطوقا لمنع المصلين من الوصول إليه، والتبرك بالصلاة فيه. فكيف سيتسنى لك الصلاة لو أنك ما زلت على قيد الحياة؟ هل سيتسلق جسدك الهزيل الجدران المشيدة لتتمكني من الوصول اليه، أم ستنالك ركلة من حذاء جندي حقير تطيح بك أرضا مثلما أطاحت بالمئات من العجائز اللاتي لم تحترم أعمارهن، ولا كهولتهن وعجزهن، وهل نستغرب ذلك و هن لم تحترم أجسادهن في قبورهن، لقد نبشوا الأرض يا جدتي، وأخرجوا رفات العظام من قبورها فهل طالتك جرافاتهم؟ وأيديهم القذرة؟ أم أنك سلمت وترقدين في قبرك في سلام... رحلة إلى القدس ج3 تهويد القدس هناء عبيد ........... القدس العتيقة.. والشيخ جراح بعد انشراح قلوبنا بالصلاة في مسجد قبة الصخرة المشرفة ، وشرف زيارة المسجد الأقصى الذي لم ولن تتوقف محاولات زعزعة جذوره من قبل سلطات الاحتلال بكل الوسائل الممكنة من حفريات بل واستخدام مواد كيماوية لإضعاف أساساته وذلك لإقامة بناء الهيكل المزعوم الذي نسج اليهود المعاصرون حوله أسطورة كبيرة لتعطيهم الحجة في هدم واحد من أعظم مساجد الله لطمس الهوية الإسلامية , والعربية في مدينة السلام . بعد هذه الزيارة العظيمة المباركة تأتي مرحلة التسوق في أسواق القدس العتيقة التي تعتبر أبرز معالم المدينة المقدسة ، والتي تظهر تاريخا عريقا منذ أيام الفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين. من أشهر هذه الأسواق سوق العطارين وهي سوق مسقوفة وفي سقفها توجد نوافذ لإدخال أشعة الشمس من خلالها. كذلك هناك سوق اللحامين وهي مسقوفة أيضا ولكنها مظلمة بالرغم من وجود النوافذ في سقفها. ومن الأسواق المشهورة أيضا سوق البازار التي تباع فيها الخضروات والفاكهة بمختلف أنواعها وتحتوي على رصفات جميلة بديعة تسر الناظرين ، وسوق باب العامود وسوق الباشورة وسوق القطانين وغيرها من الأسواق التي يتواجد فيها كثير من البضائع المختلفة. وتحاول سلطات الاحتلال طمس هذه الأسواق ومعالمها وذلك باتباع عدة سياسات من شأنها التضييق على أصحاب المحلات لإغلاقها، منها مثلا فرض الضرائب الباهظة التي لا يستطيع أصحاب المحال تسديدها مما يؤدي إلى مصادرتها، أيضا من الوسائل المتبعة للقضاء على رونق هذه الأسواق ما تقوم به بلدية القدس من إهمال هذه الأسواق من ناحية عوامل النظافة اللازمة ، مما يؤدي إلى تراكم القمامة والروائح الكريهة التي تسبب مكاره صحية وتعمل على تكاثر القوارض والجرذان وبالتالي إلى إتلاف البضائع. إضافة إلى الصورة القبيحة التي تصبح عليها هذه الأسواق أمام المتسوقين. فبدلا من الروائح الجميلة المنبعثة من البخور وأسواق العطارة أصبحت الروائح الكريهة تنفذ إلى المنطقة لتنفير المتسوقين من متعة زيارة هذه الأسواق وبالتالي إلى المخاسر الفادحة لأصحاب الدكاكين الذين لا يجدون مفرا غير إغلاقها لتفادي هذه المخاسر . لا شك بأن مساعي سلطات الاحتلال كبيرة جدا لطمس معالم المدينة عربيا وإسلاميا ، وملئها بالمستوطنات اليهودية ، وتغيير البنية الديموغرافية فيها، لذلك فإن سلطات الاحتلال تحاول دوما التحرش بسكان المدينة والتضييق عليهم لإجبارهم على الرحيل عنها . وهذا بالطبع مخطط مدروس لصرف نظر العرب والمسلمين عن واحدة من أعظم المدن المقدسة ، ومحاولة منهم أن يمحوا هذه المدينة من ذاكرتنا ولإقناع العالم بأننا مجرد ضيوف على مدينة مهبط الأنبياء ، وأنهم أصحابها الحقيقيون. في كل أسبوع وبعد كل صلاة جمعة كانت جدتي تقوم بالتسوق في هذه الأسواق القديمة المميزة التي يتجلى فيها قدم وعراقة هذه المدينة الطاهرة ، وكانت تجد متعة كبيرة في التنقل بين محالها التي تبعث في النفس الفخر والإعتزاز بالأصالة والعراقة والتراث الإسلامي المبهر. ولكن للأسف الشديد فإن عدم التدخل السريع لإنقاذ هذه الأسواق من عبث أيدي سلطات الإحتلال سيؤدي الى دمارها ، وإلى أن تؤول إلى طي النسيان وبذلك سيمحى تاريخ عريق بأكمله . أما محطتنا الثالثة بين الأهل فتكون في منطقة الشيخ جراح. حيث يقطن الأخوال هناك، ومنطقة الشيخ جراح هي أحد الأحياء المشهورة في مدينة القدس . وهي تقع في الجانب الشرقي لمدينة القدس وقد وقع هذا الحي تحت الاحتلال الصهيوني عام 1967م . أما اسمه فقد استمده من اسم الأمير حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي طبيب القائد صلاح الدين الأيوبي . ومنذ سنوات وهذا الحي يتعرض لهجمات استيطانية كغيره من مناطق القدس . حيث تحاول بعض الجماعات اليهودية إقامة حي يهودي هناك ، فالمخطط قائم لتهويد هذا الحي وما تبقى من القدس العربية. حيث تم طرد العديد من السكان الفلسطينيين الأصليين من منازلهم في الشيخ جراح ، وإسكان عائلات يهودية مكانهم . وقد تم في هذا الحي السيطرة على ضريح الشيخ سعدي أحد المعالم الإسلامية فيه وتحويله إلى معلم يهودي حيث حول إلى قبر شمعون الصديق. بالطبع كنا نقضي أوقاتا جميلة في دفء العائلة في حي الشيخ جراح ، وهناك تكون الأمور مختلفة قليلا عما هي عليه في قرية العيسوية حيث اللهجة الفلسطينية لأهل المدينة التي تختلف في بعض المفردات البسيطة، بالإضافة إلى الاختلاف في لفظ بعض الحروف. فمثلا في القرية يلفظ حرف القاف كافاً بينما في المدينة يلفظ هذا الحرف همزة . وهذا كان موضع تهكم وممازحة للجدة التي ترعرعت في قرية العيسوية ، فقد كنا أحيانا نطلب منها أن تتحدث باللهجة المدنية لتخلق حوارا وسيناريو كوميديا ما زلنا نتحدث عنه إلى يومنا هذا ، فقد كانت تقلب حرف الكاف إلى همزة مما يؤدي بالصغار إلى الضحك عاليا ، فمثلا كانت تلفظ كلمة كهرباء أهرباء اعتقادا منها بأن اللهجة المدنية لا تحتوي على حرف الكاف فتتعالى ضحكاتنا صغارا على ذلك مما يبعث المسرة في قلبها ، وفي الشيخ جراح حيث يقطن أهل المدينة لم يكن الثوب الفلاحي يظهر بشكل بارز هناك ، حيث كانت السيدات كبيرات السن يلبسن ملابس سوداء ويضعن على رؤوسهن مناديل بيضاء يعلوها غطاء أسود. ولم يكن الفرق شاسعا بين معيشة القرية ومعيشة المدينة فقد تلاشت الفروق إلى حد كبير بين قرى ومدن فلسطين وبخاصة في مدينة القدس . وكما كانت لنا جدتنا في قرية العيسوية كانت لنا أيضا جدتنا في الشيخ جراح والتي لم تختلف صفاتها كثيرا عن جدتنا ابنة القرية ، فكلتاهما كانت تحمل قلبا يمتلئ بالحب والدفء ، ووجها بشوشا يمتلئ بالنور . لقد تمسكت هذه الجدة بهويتها الإسلامية العربية الأصيلة فلم تقبل أن تحصل على الهوية الصادرة عن الكيان الصهيوني ، مضحية بامتيازات كثيرة كانت تعتبرها خيانة للإسلام والعروبة والأرض والتراث . في الشيخ جراح كنا نقيم لعدة أيام بين الأهل والأحبة . كان للمكان رائحته المميزة ، وشوارعه العتيقة التي تنقش في الذاكرة أصالة وعراقة وتراثا . وكان للطفولة هناك منافذ لإطلاق كل طاقاتها ، فالمكان فسيح يحتوي على كل ما يشبع شقاوة الأطفال . كانت الأيام في الشيخ جراح تسير على وتيرة جميلة ، ففي الصباح كنا نصحو على صوت بائع الكعك مروجا لألذ وأشهى كعك في المدينة والذي كانت تنفذ رائحته إلى حواسنا بالرغم من المسافة الكبيرة التي تفصلنا عنه ، وكان ينافسه في الصباح بائع اللبن الطازج ، كان صباح الشيخ جراح مشرقا بشمس دافئة ونسمات هواء عليلة وقد كانت الأوقات تمر بسعادة بين جمال المكان وعطف و حنان الأهل ، كانت المحلات التجارية والدكاكين في الشيخ جراح تحمل رمزا وصورا جميلة كانت وما تزال تؤثث غرفات ذاكرتنا بأناقة وروعة منقطعتي النظير ، بحيث لا يمكن نسيان أثرهما الرائع على وجداننا ، فقد كانت هذه الدكاكين المكان الذي نتطلع اليه لشراء كل ما لذ وطاب لمذاق طفولتنا البريئة . هكذا كانت تمضي أيامنا متنقلين بين العيسوية والشيخ جراح ، أيام جميلة ، سعيدة ، نعتبرها من أروع أيام حياتنا ، فقد استطاعت ان تنقش في الذاكرة حنينا وشوقا ودفئا لا يمكن للأيام ولا السنين محوها ، إلى أن آن الأوان لترك مدينة الأحبة ، مدينة السلام ، مدينة الآباء والأجداد حيث صدر قرار الترحيل من قبل سلطات الاحتلال بعد رفضها لنا في الحصول على ما يسمى بلم الشمل الذي يصرح لنا من خلاله الإقامة الدائمة في القدس ، فما كان علينا إلا أن نلملم شتاتنا مرة أخرى لنغادر المدينه إلى شتات آخر لينتهي اللقاء مع الأحبة تماما كما بدأ ، بالدموع ، ولكنها هذه المرة دموع الفراق والألم. لنعود أدراجنا إلى بلد المحبة والخير الأردن الذي أصبح يحتل في القلب مكانة عظيمة، وأصبحت ذكرياته تحتل ركنا جميلا في الذاكرة ، وكلنا أمل بأن اليوم سيأتي لتستعيد الأمة العربية كرامتها المهدورة وتسترد أراضيها المنهوبة وتحافظ على أماكنها المقدسة المسلوبة ، فإلى ذلك اللقاء الذي ندعو الله أن لا يطول.




 
تحية طيبة وبعد ..
بقلم : هناء عبيد
............................

رحلة إلى القدس..ج1
...............................................................

معاناة عند جسر العبور

هناء عبيد
..............

كان لا بد من أخذ الإذن أولا من دخول مدينة السلام، مدينة ميلادنا وميلاد أبائنا وأجدادنا، فالأبواب موصدة في وجوهنا.  علينا الإنتظار لوصول مفاتيحها ووصول تلك الورقة التي تسمى بالتصريح. .  فلا زلت أذكر عندما كنت صغيرة، كم كنا نعد الأيام تلو الأيام كي تمر سريعا ويأتي الفرج بوصول تلك الورقة السحرية التي يصرح لنا من خلالها دخول مدينة الأحبة، مدينة القدس.  ورقة شفافة رقيقة تكتب عليها أسماؤنا بالعبرية التي لا نعرفها.  كانت هذه الورقة هي الفرج لرؤية الأحباب، وما خلفته ذكرياتنا من أيام جميلة في أرض التراب الطاهر المقدس، وأرض مهبط الأنبياء.  مرت الأيام وجاء أحد الأقرباء زائرا من أرض الأحباب يحمل معه رائحة نسيم القدس العليل، ومعه كان مفتاح الفرج الذي فتح في قلوبنا أبواب السعادة، ونوافذ الامل بزيارة أقدس الأراضي، وإطفاء نار الشوق إلى الأحبة .
 بدأت الرحلة بتاكسي لجسر الملك حسين.  وقد أخذنا معنا حقائبنا كالعادة، مع فارق أننا أكثرنا هذه المرة من حمل العتاد إعتقادا منا بأنها المرة الأخيرة التي سيكون فيها ترحالنا، آملين بما يسمى بلم الشمل، تلك العبارة التي كثيرا ما سمعتها تتردد على ألسنة الأهل دون أن أفهم ما تعني، إلى أن أيقنت أخيرا بأنها إحدى مرادفات المستحيل، فلا الأيام، ولا السنون، لمت هذا الشمل المنشود، وبقينا مشتتين في غربة طال أمدها في بقاع لا عد لها ولا حصر على وجه الأرض.
 من خلال رحلتنا في التاكسي يتكرر المشهد في كل مرة، حيث يبدأ السائق تبادل أطراف الحديث مع الركاب، الذي يتمحور حول نفس الموضوع في كل مرة، قصص الرحيل، والعناء، والمشقة، وضنك العيش، والحزن الشديد بعيدا عن الأرض والأهل والأحبة .
 بعد عناء مرهق،  وصلنا إلى المنطقة التي يسيطر عليها الكيان الصهيوني من جسر الملك حسين أو جسر اللنبي الذي يعتبر نقطة العبور بين الأردن والضفة الغربية والعكس، والذي كان قد أطلق عليه هذا الإسم تيمنا بالقائد الإنجليزي الذي عبر بجيشه للسيطرة على فلسطين عام 1917م، وهو جسر لا يزيد طوله أو عرضه عن بضعة أمتار، وعلى الناحية الغربية منه تقع مدينة أريحا.   في هذا المكان، الشاهد على عذاب وإهانة ومعاناة الفلسطينيين الذين يريدون العبور إلى الضفة الأخرى من الجسر،كانت تتنوع أشكال المعاناة على ملامح الوجوه.  ففي ركن ما كانت تجلس امرأة لم تدع السنون جزءا من وجهها إلا ووضعت بصمات الحزن عليه، تسيطر عليها ملامح توضح شوقا لأب، أو أم، أو ربما اخ ابعدهم الظلم عنها مسافات شاسعة.  وفي الركن الآخر  جلست عجوز حنى الشوق والحنين ظهرها فلم تبعد المسافة بين رأسها والأرض كثيرا، وكان بجانبها كيس من قماش يمتلئ بحاجيات لا بد وأنها اختيرت بعناية فائقة لإرضاء أطفال القرية وبقية الأحبة والخلان، ولا أحد يعلم، فقد يكون ثمن هذه الهدايا قد استنفذ آخر ما في الجيب من نقود.  أما في الركن الثالث فكان يجلس عجوز بجانب عصاه الملقاة على الأرض متنتظرة قيامه لتسند جسدا أنهكه الشوق لتقبيل أرض طاهرة حرثها بكل حب وود، وزادتها قدسية  شجرة زيتون غرست جذورها بقوة بين ترابها.  ولا زال ذلك الشيخ الجليل يحتفظ بذلك المفتاح، والأمل لا يفارقه بأنه ربما قد آن الأوان لفتح باب الدار ليينتعش برائحة المكان، ودفئ العائلة عندما كانت ملمومة حول ذلك الموقد الناري الذي يرقد في مكان ذهبي من الذاكرة.
 هناك  وعند ذلك الجسر تبدأ المعاناة والعذاب والإهانة، حيث تبدأ الإجراءات القانونية لتأخذ طريقها بطرق مهينة، لتبدأ بعدها عملية التفتيش الدقيقه، التي تجرد الانسانية من كرامتها.  كنت أنظر إلى السيدات اللاتي كن يقمن بعملية التفتيش وأدقق في ملامحهن التي كانت تختلف اختلافا كبيرا من واحدة للأخرى مستغربة من أي البقاع أتين، وكأني أنظر لكائنات غريبة لا تنتمي بأي صلة إلى كوكبنا الذي نعيش عليه.  كان الإستغراب والفضول عندي كبير، ترى لم كل هذه الإجراءات، ولماذا هذا الخوف الذي يكتنفهن..؟ وعن ماذا يبحثن..؟  بعد انتهاء الإجراءات المرهقة المملة،  والمعاملة المذلة، المهينة، والحر الشديد، والإنتظار الطويل، تبدأ عملية البحث عن الحقائب وأكياس القماش المتناثرة هنا وهناك، لنبدأ بعدها تنفس الصعداء، ها نحن أخيرا قد عبرنا ما وراء الجسر الذي أصبح اسمه مقترنا بالذل والإهانة والتعذيب، ولعل ما كان يشفع له، أن تخطيه كان يعني بارقة الأمل، التي تجلب إلى الذاكرة، مدينة القدس، تلك المدينة الخيالية الساحرة.
  رأيناه يلوح لنا من بعيد حيث تصطف سيارات الأجرة التي تنقل الركاب من الجسر إلى رام الله أو أريحا أو القدس. عندها شعرنا بسعادة كبيرة وكأننا تخطينا حواجز من نار لنصل إلى بر الأمان، إنه أحد الأقارب الذي كان يعمل على خط الجسر-أريحا، والذي كان ينتظرنا هناك لعلمه المسبق بقدومنا، فيكون دوما أول من يستقبلنا عند وصولنا.  ومن هنا تبدأ الرحلة، التي تتكرر في كل زيارة، نبدأ أولا بزيارة بيت الأقارب في أريحا، حيث أبناء العمومة.  وبما أننا أطفال عرفنا الغربة منذ نعومة أظافرنا، كدنا لا نصدق بأن هناك أناسا من البشرية على وجه هذه الأرض يحملون نفس أسم عائلتنا التي كنا ننفرد في حملها في بداية جلائنا عن الأرض إلى أردن المحبة والخير.  كانت عائلات كثيرة تتجمع للترحيب بنا، وكأننا كنا في حضرة عرس كبير كان قد أقيم خصيصا للإحتفاء بقدومنا قلما حضرنا له مثيلا . 
 أخيرا وصلنا أريحا، أقدم مدينة في التاريخ، وأجمل مشتى يقصده السياح للإستمتاع بدفئها وقت الشتاء. كم أنت جميلة يا أريحا وكم لرائحتك العطرة المميزة سحرها.   حتى حرارتك التي لو تعدت درجتها فوق ما تستحمل رؤوسنا، تظل دفئا يسري في العروق، دفئ مدينة جليلة من مدن الأرض الطاهرة.  وما أجمل ليلك يا أريحا.  فحينما كان يخيم ظلامك المؤنس على حدائقك الغناء، كنا نجري بين أشجارك الجميلة، أشجار البومل والبرتقال والليمون ورائحتهم المميزة التي تظل سحرا مسيطرا على حواسنا لا تقدر ان تزيله السنون.  وبين ضحكات الأهل وقصصهم الشيقة المسلية، كنا ننعم بدفئ عذب حديثهم، وبينما الجميع منهمك في الحديث كانت تتعالى أصوات تزن بإستمرار في أذاننا، كنا نحاول عبثا معرفة مصدرها دون جدوى.  وأجمل ما كان يبهرنا في تلك الأثناء حشرة"ضو الغولة" المسكينة، تلك الحشرة التي كانت تضيء وتطفئ بشكل متوال، والتي لم تكن تنج من شقاوتنا حينما كنا نلاحقها من مكان لآخر في محاولة لإمساكها كي نكشف سرها العجيب.
 بعد الإستمتاع بدفئ أريحا وأحاديث الأهل فيها، كنا نواصل رحلتنا متوجهين إلى القدس تلك المدينة التي لا يكاد يذكر إسمها إلا وترغرغت عيناي بالدموع، وأصابتني قشعريرة اللوعة والحنين.  وكان يتخلل زيارتنا للحبيبة القدس مرورنا بقرية العيزرية، إحدى قرى القدس، لتنبهر أعيننا لجمال العمارة ونحن نشاهد إحدى الكنائس الأثرية فيها والصور الجميلة المرسومة عليها، إلى أن نصل مدينة القدس مدينة السلام، مدينة القداسة والعراقة، مدينة الأهل والأحبة التي تركناهم قسرا.  فأي مدينة بسحرك يا قدس، وأي شمس تنشر شعاعا ذهبيا يخطف الأبصار كشمسك يا قدس، وأي نسيم عليل كهوائك يا قدس.  وهل عرفنا الذهول قبل أن نرى قبة الصخرة تتوسط حاراتك الاثرية وشوارعك القديمة، وهي تعكس أشعة الشمس الذهبية لتزيد نورك بهاءا وجمالا.  كم هي كبيرة سعادتنا ونحن بين أحضانك، نتنسم هوائك، نشرب عذب مائك، نتبارك بدوس ترابك، نتطهر بزيارة أقصاك الحبيب، وكنيستك المقدسة، نعانق الأحبة لنطفي شوق اللوعة والشوق والحنين، نقبل يدي الجد والجدة، نمتع ناظرينا بجمال حدائقك الغناء، نأكل من شجرة زيتونك المباركة، ونستلذ بمذاق تينك الأكثر حلاوة، فهنيئا لنا أننا ننتعش بالحياة بين أحضانك الدافئة ولو لحين....
 رحلة إلى القدس ج2
...............................................................

تهويد القدس

هناء عبيد
...........

العيسويه.. وجدتي

بعد زيارة الأهل والأحبة في أريحا ، تكون المحطة الثانية لنا في قرية العيسوية ، إحدى قرى مدينة القدس والتي تقع إلى الشمال الشرقي منها ، وظروف قرية العيسويه كغيرها من قرى القدس ، من حيث الإجحاف في المعاملة ، وسلب الحقوق من قبل سلطات الاحتلال الغاشم . فقد صادرت سلطات الاحتلال ما يقارب 8 آلاف دونم من أخصب أراضيها الزراعية . ومنعتها من التطور ، كما كان لجدار الفصل العنصري الأثر الكبير في صعوبة التنقل من مكان إلى آخر مما أدى إلى الحد من فرص العمل المتاحه ، وبالتالي إلى تدني مستوى الحالة المعيشية ، فأصبح من اللازم على جميع أفراد العائلة العمل لتأمين متطلبات الحياة ، وهذا بدوره أدى إلى تسرب الطلاب من مدارسهم طلبا للرزق . كما تقوم سلطات الاحتلال بالهدم المستمر بجرافاتها لبعض المنازل في القرية بحجة البناء غير المرخص ، هذا وتغص سجون الاحتلال الغاشم بالعديد من الأسرى من هذه القرية الصامده.

وتعد قرية العيسوية ذات موقع أثري ، حيث تحتوي على صهاريج منقورة في الصخر ومدافن ومغر وخزان مستقل ، وفيها صناديق للعظام يعود تاريخها إلى عصر هيرودوس ، وقد اختلفت الآراء في سبب تسميتها بهذا الاسم ، فبعضهم يعتقد بأنها سميت بالعيسوية نسبة إلى سيدنا المسيح عيسى بن مريم عليه السلام الذي أقام فيها لمدة يومين . وهناك رواية أخرى تقول أنها سميت بذلك نسبة إلى القائد عيسى أبو أيوب ابن أخت المجاهد العظيم صلاح الدين الأيوبي ، والذي كان حاكما على منطقة القدس . وقيل أيضا بأنه قد جلس مع قواد جيشه تحت شجرة خروب بالقرية ، التي أصبحت فيما بعد لها مكانتها في النفوس حيث يذهب الناس إليها ليلا لإضاءتها بفتيل الزيت طوال الليل.

وهناك، في قرية الأجداد ، كان موعدنا مع استقبال آخر حافل بكل أنواع الحب والشوق والحنين ، حيث كان في انتظارنا أغلى الأحبة على قلوبنا، الجدة والجد والعمات والأعمام . وفي هذا التجمع العائلي النادر بالنسبة لنا والذي كنا دوما نتوق إليه ، لم يكن أحد يستطيع أن يكبح جماح عينيه من فيض الدموع فرحا ، صغارا أوكبارا ، وكنا نحاول عبثا تهدئة جدتي التي ترى بعضا من أحفادها لأول مرة فلا تتوقف عن البكاء لحظة فرحا بلقاء طال انتظاره . تلك الجدة التي لا أظن بأن هناك قلبا يحمل بين ضلوعه مثل الكم الهائل من الحب والعطف والحنان الذي تحمله. كم كانت فرحتنا كبيرة بأن نحاط بهذه الهالة من الحب والعطف، ودفء العائلة الذي سرى في عظامنا.

في بيت الجد والجدة، كانت الحياة تختلف. حيث حضن الجدة الدافئ، وحديثها الطيب الذي لا يخلو من خفة الظل. فقد كان كل أمر من أمورها مميزا، حتى أثاث بيتها كان له ما يجعله متميزا لنا، فلا يمكن لأحد منا ان ينسى ثلاجتها الغريبة العجيبة التي كنا نندفع عدة أمتار للخلف بعد النجاح في محاولة فتحها التي تتطلب جهدا مضاعفا. وأجمل من ذلك كانت النملية الخاصة بحفظ المؤونة ، والتي هي عبارة عن خزانة خشبية تحتوي على عدة رفوف، كانت تضع فيها، الخبز الشهي ومرطبانات الدبس، والمربى، والتي لا أعرف السر للآن في تسميتها بهذا الاسم، فهل سميت بذلك لأن النمل كان يجد اللذة في غزو محتوياتها، أم سميت بذلك لأنها كانت تمنع النمل من الوصول إلى تلك المحتويات. وأكثر ما كان ملفتا في جدتي، ثوبها الفلاحي الجميل، المطرز بأجمل الألوان من الحرير، والمزركش برسومات جميلة يطغى عليها الفن الفلسطيني التقليدي، ويظهر بوضوح من خلالها مدى الدقة المتناهية في إتقان أياد لا شك انها غاية في المهارة، كذلك طرحتها البيضاء التي كانت تتوشح بها، وقد كان جيب ثوبها الكبير محط أنظارنا وأطماعنا، حيث كانت تخبئ فيه الحلوى وكل ما لذ وطاب مما كنا نعشقه ونحن صغار .

كان بيت جدي مبنيا من طابقين، أما الطابق الأول فهو سكن العائلة، وأما الطابق الأرضي فقد تم تأجيره إلى مدرسة ابتدائية كنت قد التحقت بها لمدة وجيزة هي مدة إقامتي والعائلة في القدس، وكان أمام البيت، حديقة تتشابه مع أية حديقة أخرى في قرى القدس، تحتوي على أشجار التين والزيتون واللوز والتوت بالإضافة إلى كروم العنب. وقد كنا نلهو ونقضي أوقاتا جميلة في اللعب في هذه الحديقة وفي قطف ألذ وأحلى الثمار، ولم تكن تنجو أية شجرة من شقاوتنا، خاصة شجرة التين التي كنا نتسلق عليها يوميا ، ونثقل على أغصانها، ولكنها كانت تظل صامدة تقاوم الانكسار، لتأتينا بأحلى الثمار، قوية راسخة، تماما مثل امرأة فلسطينية تتحدى الصعاب في غربة تحاول كسرها، فتأبى وترفع قامتها شموخا، أو أما فلسطينية يزيدها استشهاد فلذة كبدها قوة وإصرارا على إمداد التراب بمزيد من دماء تروي عطش الأرض وتنعش كرامتها.

من أمام الدار الممتلئة بالحب والدفء كانت تمر مجموعات من اليهود، فكنا نحاول مشاكستهم من خلال التحدث معهم من بعيد بلغتهم العبرية، التي تعلمنا القليل منها في المدرسة أثناء إقامتنا في البلدة، وما أن ننهي ما نتلعثم به من جمل مكسرة حتى نختبئ عن أعينهم ، ولكن من العجيب أنهم كانوا يضحكون علينا، مما يزيدنا حنقا وغضبا، ويبدو أنهم ضحكوا علينا في صغرنا وسيظلون يضحكون علينا إلى مماتنا ما دمنا لا نحرك ساكنا، كنا نعتقد أننا بذلك نقاومهم ونقلق راحتهم، هكذا هو الطفل الفلسطيني، يشب على عشق الأرض، ويخترع الوسائل للمقاومة. كان آخرها الحجر الذي أقض مضاجع العدو، وأوجد لديه فوبيا الحجر،وجاء بنتائج إيجابية فاقت كل الاتفاقيات والمفاوضات. والتي أصبح بعدها طفل الحجارة، الصورة المشرفة للمقاومة ضد الاحتلال التي حفظت في الوجه ما تبقى من ماء، وأعادت لو قليل من كرامة مهدورة، وباتت صوره تتصدر الصحف ممثلا رمز البطولة والكرامة والصمود.

أما يوم الجمعة فقد كان يوما مميزا، حيث كان يذهب الجد والجدة للصلاة في مسجد قبة الصخرة المشرفة، إنها إحدى واجباتهم الدينية التي تعودوا عليها منذ نعومة أظفارهم. ويقع مسجد قبة الصخرة في حرم المسجد الأقصى في البلدة القديمة من القدس، وقد أمر ببنائه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان خلال الفترة 688م-692م وفي الجنوب منه يقع المسجد الأقصى وهو أولى القبلتين. وقد ذكر في القرآن الكريم قال الله تعالى( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير). وللمسجد الأقصى قدسية كبيرة عند المسلمين ارتبطت بعقيدتهم منذ الدعوة الإسلامية، وهو القبلة الأولى التي صلى إليها النبي "ص" قبل أن يتم تحويل القبلة إلى مكة. وقد أسري بالنبي من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ومنه عرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء حيث فرضت الصلاة. وقد عبثت وما تزال تعبث اليد النجسة بتدنيسه ومحاولة زعزعة جذوره إلى يومنا هذا دون أن نحرك ساكنا.

وقد نالني الحظ الكبير بالذهاب معهم في إحدى المرات للصلاة في مسجد قبة الصخرة العظيم، لأصاب بذهول من الصعب نسيانه، حيث فن العمارة العريق، والزخارف الإسلامية الرائعة، والآيات القرآنية التي تزين جدران المسجد والتي تأبى إلا أن تجعلنا نحني رؤوسنا خشوعا وإجلالا لرب العباد، وتقديرا للسواعد التي بنت هذا الصرح الطاهر، وخجلا لإهمال أمة بأسرها في حماية أحد أعظم بيوت الله. كنت أنظر لوجه جدتي وهو يشع نورا وبهجة وإيمانا فرحا لصلاتها في أجمل مساجد الأرض، فتغمرني سعادة لا تماثلها سعادة على الأرض. يجعلني الآن أحمد الله أنها قد وافتها المنية قبل أن ترى الصعوبات التي يواجهها أصحاب القلوب العامرة بالإيمان حين يتوقون للصلاة في هذا المسجد العظيم. كم أنت محظوظة يا جدتي بأنك لم تري المسجد مطوقا لمنع المصلين من الوصول إليه، والتبرك بالصلاة فيه. فكيف سيتسنى لك الصلاة لو أنك ما زلت على قيد الحياة؟ هل سيتسلق جسدك الهزيل الجدران المشيدة لتتمكني من الوصول اليه، أم ستنالك ركلة من حذاء جندي حقير تطيح بك أرضا مثلما أطاحت بالمئات من العجائز اللاتي لم تحترم أعمارهن، ولا كهولتهن وعجزهن، وهل نستغرب ذلك و هن لم تحترم أجسادهن في قبورهن، لقد نبشوا الأرض يا جدتي، وأخرجوا رفات العظام من قبورها فهل طالتك جرافاتهم؟ وأيديهم القذرة؟ أم أنك سلمت وترقدين في قبرك في سلام...
 رحلة إلى القدس ج3

تهويد القدس

هناء عبيد
...........

 القدس العتيقة.. والشيخ جراح

بعد انشراح قلوبنا بالصلاة في مسجد قبة الصخرة المشرفة ، وشرف زيارة المسجد الأقصى الذي لم ولن تتوقف محاولات زعزعة جذوره من قبل سلطات الاحتلال بكل الوسائل الممكنة من حفريات بل واستخدام مواد كيماوية لإضعاف أساساته وذلك لإقامة بناء الهيكل المزعوم الذي نسج اليهود المعاصرون حوله أسطورة كبيرة لتعطيهم الحجة في هدم واحد من أعظم مساجد الله لطمس الهوية الإسلامية , والعربية في مدينة السلام . بعد هذه الزيارة العظيمة المباركة تأتي مرحلة التسوق في أسواق القدس العتيقة التي تعتبر أبرز معالم المدينة المقدسة ، والتي تظهر تاريخا عريقا منذ أيام الفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين. من أشهر هذه الأسواق سوق العطارين وهي سوق مسقوفة وفي سقفها توجد نوافذ لإدخال أشعة الشمس من خلالها. كذلك هناك سوق اللحامين وهي مسقوفة أيضا ولكنها مظلمة بالرغم من وجود النوافذ في سقفها. ومن الأسواق المشهورة أيضا سوق البازار التي تباع فيها الخضروات والفاكهة بمختلف أنواعها وتحتوي على رصفات جميلة بديعة تسر الناظرين ، وسوق باب العامود وسوق الباشورة وسوق القطانين وغيرها من الأسواق التي يتواجد فيها كثير من البضائع المختلفة. وتحاول سلطات الاحتلال طمس هذه الأسواق ومعالمها وذلك باتباع عدة سياسات من شأنها التضييق على أصحاب المحلات لإغلاقها، منها مثلا فرض الضرائب الباهظة التي لا يستطيع أصحاب المحال تسديدها مما يؤدي إلى مصادرتها، أيضا من الوسائل المتبعة للقضاء على رونق هذه الأسواق ما تقوم به بلدية القدس من إهمال هذه الأسواق من ناحية عوامل النظافة اللازمة ، مما يؤدي إلى تراكم القمامة والروائح الكريهة التي تسبب مكاره صحية وتعمل على تكاثر القوارض والجرذان وبالتالي إلى إتلاف البضائع. إضافة إلى الصورة القبيحة التي تصبح عليها هذه الأسواق أمام المتسوقين. فبدلا من الروائح الجميلة المنبعثة من البخور وأسواق العطارة أصبحت الروائح الكريهة تنفذ إلى المنطقة لتنفير المتسوقين من متعة زيارة هذه الأسواق وبالتالي إلى المخاسر الفادحة لأصحاب الدكاكين الذين لا يجدون مفرا غير إغلاقها لتفادي هذه المخاسر .

لا شك بأن مساعي سلطات الاحتلال كبيرة جدا لطمس معالم المدينة عربيا وإسلاميا ، وملئها بالمستوطنات اليهودية ، وتغيير البنية الديموغرافية فيها، لذلك فإن سلطات الاحتلال تحاول دوما التحرش بسكان المدينة والتضييق عليهم لإجبارهم على الرحيل عنها . وهذا بالطبع مخطط مدروس لصرف نظر العرب والمسلمين عن واحدة من أعظم المدن المقدسة ، ومحاولة منهم أن يمحوا هذه المدينة من ذاكرتنا ولإقناع العالم بأننا مجرد ضيوف على مدينة مهبط الأنبياء ، وأنهم أصحابها الحقيقيون.

في كل أسبوع وبعد كل صلاة جمعة كانت جدتي تقوم بالتسوق في هذه الأسواق القديمة المميزة التي يتجلى فيها قدم وعراقة هذه المدينة الطاهرة ، وكانت تجد متعة كبيرة في التنقل بين محالها التي تبعث في النفس الفخر والإعتزاز بالأصالة والعراقة والتراث الإسلامي المبهر. ولكن للأسف الشديد فإن عدم التدخل السريع لإنقاذ هذه الأسواق من عبث أيدي سلطات الإحتلال سيؤدي الى دمارها ، وإلى أن تؤول إلى طي النسيان وبذلك سيمحى تاريخ عريق بأكمله .

أما محطتنا الثالثة بين الأهل فتكون في منطقة الشيخ جراح. حيث يقطن الأخوال هناك، ومنطقة الشيخ جراح هي أحد الأحياء المشهورة في مدينة القدس . وهي تقع في الجانب الشرقي لمدينة القدس وقد وقع هذا الحي تحت الاحتلال الصهيوني عام 1967م . أما اسمه فقد استمده من اسم الأمير حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي طبيب القائد صلاح الدين الأيوبي . ومنذ سنوات وهذا الحي يتعرض لهجمات استيطانية كغيره من مناطق القدس . حيث تحاول بعض الجماعات اليهودية إقامة حي يهودي هناك ، فالمخطط قائم لتهويد هذا الحي وما تبقى من القدس العربية. حيث تم طرد العديد من السكان الفلسطينيين الأصليين من منازلهم في الشيخ جراح ، وإسكان عائلات يهودية مكانهم . وقد تم في هذا الحي السيطرة على ضريح الشيخ سعدي أحد المعالم الإسلامية فيه وتحويله إلى معلم يهودي حيث حول إلى قبر شمعون الصديق.

بالطبع كنا نقضي أوقاتا جميلة في دفء العائلة في حي الشيخ جراح ، وهناك تكون الأمور مختلفة قليلا عما هي عليه في قرية العيسوية حيث اللهجة الفلسطينية لأهل المدينة التي تختلف في بعض المفردات البسيطة، بالإضافة إلى الاختلاف في لفظ بعض الحروف. فمثلا في القرية يلفظ حرف القاف كافاً بينما في المدينة يلفظ هذا الحرف همزة . وهذا كان موضع تهكم وممازحة للجدة التي ترعرعت في قرية العيسوية ، فقد كنا أحيانا نطلب منها أن تتحدث باللهجة المدنية لتخلق حوارا وسيناريو كوميديا ما زلنا نتحدث عنه إلى يومنا هذا ، فقد كانت تقلب حرف الكاف إلى همزة مما يؤدي بالصغار إلى الضحك عاليا ، فمثلا كانت تلفظ كلمة كهرباء أهرباء اعتقادا منها بأن اللهجة المدنية لا تحتوي على حرف الكاف فتتعالى ضحكاتنا صغارا على ذلك مما يبعث المسرة في قلبها ، وفي الشيخ جراح حيث يقطن أهل المدينة لم يكن الثوب الفلاحي يظهر بشكل بارز هناك ، حيث كانت السيدات كبيرات السن يلبسن ملابس سوداء ويضعن على رؤوسهن مناديل بيضاء يعلوها غطاء أسود. ولم يكن الفرق شاسعا بين معيشة القرية ومعيشة المدينة فقد تلاشت الفروق إلى حد كبير بين قرى ومدن فلسطين وبخاصة في مدينة القدس .

وكما كانت لنا جدتنا في قرية العيسوية كانت لنا أيضا جدتنا في الشيخ جراح والتي لم تختلف صفاتها كثيرا عن جدتنا ابنة القرية ، فكلتاهما كانت تحمل قلبا يمتلئ بالحب والدفء ، ووجها بشوشا يمتلئ بالنور . لقد تمسكت هذه الجدة بهويتها الإسلامية العربية الأصيلة فلم تقبل أن تحصل على الهوية الصادرة عن الكيان الصهيوني ، مضحية بامتيازات كثيرة كانت تعتبرها خيانة للإسلام والعروبة والأرض والتراث .

في الشيخ جراح كنا نقيم لعدة أيام بين الأهل والأحبة . كان للمكان رائحته المميزة ، وشوارعه العتيقة التي تنقش في الذاكرة أصالة وعراقة وتراثا . وكان للطفولة هناك منافذ لإطلاق كل طاقاتها ، فالمكان فسيح يحتوي على كل ما يشبع شقاوة الأطفال . كانت الأيام في الشيخ جراح تسير على وتيرة جميلة ، ففي الصباح كنا نصحو على صوت بائع الكعك مروجا لألذ وأشهى كعك في المدينة والذي كانت تنفذ رائحته إلى حواسنا بالرغم من المسافة الكبيرة التي تفصلنا عنه ، وكان ينافسه في الصباح بائع اللبن الطازج ، كان صباح الشيخ جراح مشرقا بشمس دافئة ونسمات هواء عليلة وقد كانت الأوقات تمر بسعادة بين جمال المكان وعطف و حنان الأهل ، كانت المحلات التجارية والدكاكين في الشيخ جراح تحمل رمزا وصورا جميلة كانت وما تزال تؤثث غرفات ذاكرتنا بأناقة وروعة منقطعتي النظير ، بحيث لا يمكن نسيان أثرهما الرائع على وجداننا ، فقد كانت هذه الدكاكين المكان الذي نتطلع اليه لشراء كل ما لذ وطاب لمذاق طفولتنا البريئة .

هكذا كانت تمضي أيامنا متنقلين بين العيسوية والشيخ جراح ، أيام جميلة ، سعيدة ، نعتبرها من أروع أيام حياتنا ، فقد استطاعت ان تنقش في الذاكرة حنينا وشوقا ودفئا لا يمكن للأيام ولا السنين محوها ، إلى أن آن الأوان لترك مدينة الأحبة ، مدينة السلام ، مدينة الآباء والأجداد حيث صدر قرار الترحيل من قبل سلطات الاحتلال بعد رفضها لنا في الحصول على ما يسمى بلم الشمل الذي يصرح لنا من خلاله الإقامة الدائمة في القدس ، فما كان علينا إلا أن نلملم شتاتنا مرة أخرى لنغادر المدينه إلى شتات آخر لينتهي اللقاء مع الأحبة تماما كما بدأ ، بالدموع ، ولكنها هذه المرة دموع الفراق والألم. لنعود أدراجنا إلى بلد المحبة والخير الأردن الذي أصبح يحتل في القلب مكانة عظيمة، وأصبحت ذكرياته تحتل ركنا جميلا في الذاكرة ، وكلنا أمل بأن اليوم سيأتي لتستعيد الأمة العربية كرامتها المهدورة وتسترد أراضيها المنهوبة وتحافظ على أماكنها المقدسة المسلوبة ، فإلى ذلك اللقاء الذي ندعو الله أن لا يطول.

الأحد، 21 أكتوبر 2012


النتائج الأولية للانتخابات:فتح تفوز بمعظم بلديات الضفة

النتائج الأولية للانتخابات:فتح تفوز بمعظم بلديات الضفة
تاريخ النشر : 2012-10-20
كبر الخط صغر الخط
رام الله - دنيا الوطن
اظهرت النتائج الاولية لفرز الاصوات من عمليات الفرز المتواصلة لاصوات الناخبين تقدم كتلة حركة فتح في العديد من المواقع.

وحسب تلك النتائج فقد تقدمت حركة فتح في بيت لحم واريحا والخليل وقلقيلة ورام الله والبيرة وبيتونيا.

اما في نابلس فتشير النتائج الاولية الى تقدم القائمة التي يقودها المحامي غسان الشكعة بـ 10 مقاعد بينما حصلت فتح على خمسة مقاعد.

وحصلت فتح في قلقيلية على 10 مقاعد اما في رام الله فقد حصلت كتلة ابناء البلد (فتح) على 10 مقاعد، وفي بيت لحم حصلت كتلة فتح لتي تتراسها فيرا بابون المحاضرة في جامعة بيت لحم على 8 مقاعد من اصل 15 مقعدا.

وحصلت كتلة فتح في البيره "الاستقلال والتنمية" على 11 مقعدا ، فيما حصلت كتلة اليسار البيره للجميع على 4مقاعد.

وأهدى عماد قراقرة الناطق باسم كتلة فتح في البيره الفوز إلى الرئيس أبو مازن ،وإلى روح الزعيم الراحل الشهيد ياسر عرفات.
وقال لـ "دنيا الوطن" ان الجماهير تتجه نحو ضريح الشهيد أبو عمار للاحتفال بهذا الفوز الثمين ،وللتأكيد على تمسكها بالثوابت التي أرساها الشهيد أبوعمار.

وقال قراقرة أن نسبة التصويت في هذه الانتخابات بلغت 48% ،مشيرا إلى نسبة التصويت في الانتخابات الماضية بمشاركة حماس بلغت 46% .

وحصلت فتح في بيتونيا على 11 مقعدا ، فيما حصلت "بيتونيا للجميع" على مقعدين.

وفي طولكرم 

اشارت النتائج الاولية لفرز معظم الاصوات الانتخابية في مدينة طولكرم، الى فوز قائمة الاستقلال والتنمية وهي تحالف يضم حركة فتح والجبهة الديمقراطية بثمانية من مقاعد المجلس البلدي، وان قائمة المستقلين فازت بثلاثة مقاعد، وقائمة وطن فازت بمقعدين، وقائمة بلدنا بمقعدين.

ونظمت حركة فتح احتفالات صاخبة في شوارع طولكرم، وجابت عشرات السيارات شوارع المدينة، فيما انصار قائمة الاستقلال الالعاب النارية، ورددوا الهتافات المؤيدة لحركة فتح.

وفي اريحا

فازت كتلة الاستقلال والتنمية (قائمة حركة فتح) بانتخابات المجلس البلدي لمدينة اريحا بعد ان حصلت على 12 مقعدا من اصل 15 مقعدا وفقا لنتائج اولية وغير رسمية .

واظهرت نتائج الفرز حسم قائمة فتح لماراثون انتخابات مجلس بلدي اقدم مدن العالم في هذا الاستحقاق الذي تنافست فيه ثلاث قوائم ، حيث حصلت قائمة ابناء اريحا على مقعدين فيما حصلت قائمة قمر اريحا على مقعد واحد .

واهدى النائب عن محافظة اريحا الدكتور صائب عريقات نجاح الانتخابات للرئيس محمود عباس وللشهداء والجرحى والمعتقلين وقال في تصريحات صحفية:" القوائم كانت بالامس تتنافس واليوم اصبحت كتلة واحدة لخدمة الجميع ، مشيداً بالديمقراطية التي اساس النهوض والازدهار والتقدم ".

وقال اسحق الشيش الفائز في كتلة الاستقلال والتنمية لـ " القدس " ان شاء الله ان نحافظ على برنامجنا الانتخابي لخدمة كافة المواطنين ولمدينتنا التي تستحق وقفة جادة تتناسب مع قيمتها الكبيرة .

وفي النويعمه والديوك فازت قائمة الاستقلال والتنمية لحركة فتح بالمجلس القروي بعد حصولها على 8 مقاعد من اصل 9 .

وشدد رئيس المجلس المنتخب للنويعمه والديوك حسام دريعات لـ " القدس " على اهمية اجراء الانتخابات لانها تعزز التواصل بين ابناء المجتمع للنهوض بالامكانات والطاقات والتطور.

وفي جنين
أظهرت النتائج الأولية للانتخابات المحلية لبلدية جنين، أمس، فوزا كبيرا لقائمة "جنين تستحق"، برئاسة رئيس البلدية الأسبق، وليد أبو مويس، على قائمة "الاستقلال والتنمية"، المشكلة من قبل حركة فتح وعدد من فصائل منظمة التحرير، بانتظار الإعلان الرسمي للنتائج النهائية من قبل لجنة الانتخابات المركزية.

وأشارت النتائج، إلى حصول قائمة "جنين تستحق"، على 3867 صوتا، تشكل تسعة مقاعد من مقاعد المجلس البلدي، وكتلة "الاستقلال والتنمية"، برئاسة رجل الأعمال راغب نادر العارف، على 2312 صوتا، تشكل خمسة مقاعد، بينما حصلت قائمة "جنين للجميع"، برئاسة عبد الناصر أبو عزيز، على 704صوتا، تشكل مقعدا واحدا، بينما لم تجتز القائمة المشكلة من المبادرة الوطنية، نسبة الحسم بحصولها على 434 صوتا، ولم تحصل على أي مقعد من مقاعد المجلس البلدي ألـ 15.

وقال المتحدث الرسمي باسم قائمة "جنين تستحق" طارق الشيخ ، والمكونة من عدة شخصيات وطنية معظمها من كوادر حركة فتح، "إننا نهدي هذا الفوز للرئيس أبو مازن، ونحن جزء أصيل من النسيج الاجتماعي والسياسي لهذا الشعب، وخضنا هذه الانتخابات لتعزيز موقف الرئيس الذي يؤكد على الدوام أننا شعب يستحق الحياة والدولة".

وأضاف الشيخ، "إن هذا النصر بإجراء الانتخابات المحلية، بالرغم من كل التعقيدات والظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي واكبت العملية الانتخابية، يشكل انتصارا للرئيس الذي ينشد المصالحة الوطنية ويسعى لتحقيقها، والآن تجاوزنا مرحلة مهمة في تاريخ الظروف القاهرة التي تثقل كاهل المواطن الفلسطيني، وأثبتنا للعالم أجمع أن ما قاله الرئيس عندما طالب العالم بالاعتراف بدولة فلسطين من على منصة الأمم المتحدة، أننا شعب يستحق الانعتاق من نير الاحتلال، وإقامة دولته المستقلة.

وبلغت نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع في محافظة جنين، وفقا لما أكده منسق لجنة الانتخابات المركزية في المحافظة، مصطفى الزرعيني، 4ر50%، وفي المدينة، 47%.

وقال الزرعيني، إن العملية الانتخابية في المحافظة، سارت بشكل جيد جدا، ولم تسجل أية مخالفات، باستثناء وجود ملصقات القوائم الانتخابية على المركبات، وتمت مطالبة أصحاب هذه المركبات بإزالتها.

وأفاد الزرعيني، أن هناك 23 تجمعا سكانيا لا توجد فيها انتخابات، بسبب التوافق على المرشحين والقوائم الانتخابية، بينما لم تجر الانتخابات في عشرة تجمعات سكانية، بسبب عدم تقديم قوائم انتخابية، أو بسبب رفض لجنة الانتخابات المركزية بالشكل القانوني، على أن يتم إجراء الانتخابات في التجمعات السكانية العشرة في الرابع والعشرين من الشهر القادم.

وفي بيت لحم
اظهرت النتئائج الاولية للانتخابات المحلية في محافظة بيت لحم لعدد من مجالسها تقدم حركة فتح وقوائم اليسار الفلسطيني وذلك في ثماني مجالس محلية جرت الانتخابات فيها من اصل 34 مجلسا جرى تاجيل اثنين منها وحسم الباقي نظرا للتوافق الذي جرى فيها حيث اعلن عن فوزها بالتزكية

وبالنظر الى النتائج الاولية الغير رسمية فقد تبين ان الكتلة التابعة لحركة فتح والتي تتراسها فيرا بابون المحاضرة في جامعة بيت لحم قد فازت بثمانية مقاعد من اصل 15 مقعدا فيما تمكنت كتلة بلدنا التي يترأسها المحامي طوني سلمان بالحصول على ثلاثة مقاعد، بينما حازت كتلة ابناء بيت لحم وهي تحالف الجبهة الشعبية وحزب الشعب برئاسة المحامي روك روك على مقعدين فيما حازت الكتلة التي يتراسها النقابي جورج حزبون على مقعدين.

وفي مدينة بيت ساحور
حاز التحالف الذي يضم قوى الجبهتان الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب وحركة فدا على ستة مقاعد فيما حصلت كتلة حركة فتح بقيادة هاني الحايك على ستة مقاعد وكتلة المستقلين على مقعد واحد.

وفي مدينة بيت جالا 
حاز تحالف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحزب الشعب على خمسة مقاعد وحازت كتلة فتح على ثلاثة وكتلة بيت جالا للجميع على ثلاثة وبيت جالا المستقلة على اثنين.

وفي محافظة طوباس  فازت كتلة البلد بزعامة عقاب ضراغمة " مستقلة محسوبة على فتح ب7 مقاعد وقائمة منظمة التحرير 5 مقاعد وقائمة العهد مستقلين 3 .

وفي سلفيتكفر الديك: حصلت كتلة ابناء البلد تحالف ال الديك على 6 مقاعد ، فيما حصلت كتلة التنمية على 4 مقاعد، وكتلة كفر الديك للجميع التابعة للمبادرة الوطنية على مقعد واحد

وفي بلدة الدوحة
حصلت الكتلة التابعة لحركة فتح برئاسة خالد محبوب على تسعة مقاعد والكتلة التابعة للجبهة الشعبية برئاسة عدنان رمضان على مقعدين وكتلة المستقيلين برئاسة شاهين شاهين على مقعدين.

وفي قرية دار صلاح
حصلت الكتلة المكونة من تحالف الجبهة الشعبية والقيادة العامة واعضاء فتح الذين تناقضوا مع موقف الرحكة الرسمي على ستة مقاعد وكتلة فتح الرسمية حازت على ثلاثة.

وفي قرية بتير
حصلت الكتلة التابعة لحركة فتح على خمس مقاعد والكتلة التابعة للجبهة الشعبية على اربعة مقاعد ، اما في بلدة بيت فجار فقد حازت حركة فتح على 11 مقعد وكتلة تحالف الجبهة الشعبية والمبادرة على مقعد وكتلة جبهة النضال على مقعد، وفي بلدة زعترة حازت الكتلة التابعة لحركة فتح على ستة مقاعد فيما حصلت الكتلة الفتحاوية الغير رسمية على خمسة مقاعد والكتلة التابعة للجبهة الديمقراطية على مقعدين.

هذا وقد بلغ عدد اصحاب حق الاقتراع في محافظة بيت لحم مع عناصر الامن 43492، فيما بلغ عدد المقترعين 25502 اي ما نسبته 65,5%، وقد جرت الانتخابات في جو من الهدوء والنظام من دون ان يسجل اية حوادث تعكر صفوها باستثناء احداث صغيرة جدا جرى التغلب عليها في الحال.
وفي تفوح
حصلت فتح على 5 مقاعد ، و3 لكتلة تفوح اولا و3 لكتلة تفوح المستقلة .

وفي بيت أولا
 حصلت فتح على4 مقاعد و 4 مقاعد لكتلة بيت اولا مستقلة و3 مقاعد لكتلة بيت أولا موحدة.

وفي بيت أمر
 حصلت كتلة ابناء البلد على مقعدين  ، فيما حصلت كتلة بيت أمر للجميع 2 بيت أمر المستقلة 1 كتلة الوفاء 2 وفتح 6 مقاعد.

وفي يطا
حصلت كتلة يطا للجميع على 7 مقاعد و6 لكتلة يداً بيد المحسوبة على فتح.

وفي صوريف
حصت فتح على 10 مقاعد، وكتلة الوحدة 5 مقاعد.

وفي الشيوخ
 5 مقاعد لفتح و5 مقاعد لكتلة شهداء الشيوخ ومقعد واحد لكتلة الشيوخ موحدة

وفي بيت كاحل
 3 مقاعد لحركة فتح و 2 لكتلة العطاء والبناء و2 لكتلة بيت جبرين و1 لكتلة فلسطين بلدنا و1 لكتلة الصفا و1 لكتلة بلدنا و 1 لكتلة الزهور.

وحصلت فتح على 7 مقاعد في بلدية بدو قضاء القدس.

وحصلت فتح على 7مقاعد في بيرزيت مقابل 4 لليسار و2 للمستقلين،وحققت الفوز بـ5 مقاعد في عين يبرود مقابل 4 لليسار،و8مقاعد في بيت سيرا مقابل مقعد للمبادرة الوطنية.

وحصلت في زعترة على 8مقاعد من اصل13.

وحصلت فتح في يتما قضاء نابلس على 4مقاعد فيما حصلت الديمقراطية على 4 مقاعد ومقعد واحد للمستقلين، واكتسحت فتح كافة المقاعد في دير الحطب.

وأعلنت لجنة الانتخابات أن نسية التصويت بلغت  54.8% ووصل عدد المقترعين نحو 277 الف من اصل 5005 الف ناخب.

وتراوحت أعلى نسبة تصويت في محافظة سلفيت بنسبة 76.3% والخليل 47.3%.
تجدر الاشارة الى ان دنيا الوطن ستوافيكم بالنتائج النهائية فور اعلانها من قبل لجنة الانتخابات عصر اليوم الاحد.



إقرا أيضا