أثار قرار حكومة حماس في قطاع غزة فرض رقابة على الإنترنت وحجب المواقع الإباحية ردود فعل متباينة. البعض اعتبره "بداية للمس بالحريات السياسية والفكرية"، بينما ترى فيه حماس "خطوة لحماية المجتمع من الاختراق الأخلاقي".
"منع أي شيء متاح سيُلفت النظر.. وكل ممنوع مرغوب"، هكذا يصف خالد عبد المنعم أحد مهندسي برمجيات الكمبيوتر في غزة لـ DW عربية قرار وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في حكومة حماس في غزة الحجب الإلزامي للمواقع الإباحية على الإنترنت. ويقلل عبد المنعم من تأثير القرار موضحا أن متصفحي الإنترنت في العالم في عصر ثورة التكنولوجيا والاتصالات أصبحوا في قرية صغيرة. ويُشدد الخبير في تكنولوجيا المعلوماتية بأن المتصفح له حرية الدخول إلى المواقع كيفما شاء.
ويعرب خالد عبد المنعم عن اعتقاده بأن "الرقابة الذاتية للمتصفحين وفق العادات والتقاليد والدين هي من تحكم المتصفح، بينما القيود والحجب تُشعرك بعدم الحرية"، منوها إلى أن مشتركي الإنترنت في غزة منذ سنوات بإمكانهم إذا شاؤوا التقدم بطلب لشركات تزويد الإنترنت وحجب المواقع الإباحية. وقد لاحظت DW عربية من خلال عدة لقاءات أجرتها مع مواطنين في غزة تباينا في آراء المستطلعة آراؤهم بين مؤيد ومعارض، مع تنويه المتصفحين والمتخصصين إلى وجود ايجابيات وسلبيات للقرار.
نص قرار حكومة حماس في قطاع غزة
حماية الشباب من الوقوع في الرذيلة
القرار بات إلزاميا. "كل شركات تزويد الخدمة على الإنترنت في قطاع غزة عليها أن تلتزم بقرار الحجب. وإلا ستتعرض إلى المساءلة القانونية"، هذا ما نص عليه بيان وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في حكومة حماس أسامة العيسوي. ويؤكد مدير عام التراخيص في الوزارة كمال المصري أن القرار جاء في إطار سياسة الوزارة لتشجيع ونشر استخدام الإنترنت ووسائل التكنولوجيا الحديثة بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن و"لحماية المجتمع خاصة الشباب والأطفال والمراهقين من الوقوع في الرذيلة وشبكات المخدرات والإسقاط والتجسس".
ويتحدث مدير عام التراخيص في الوزارة عن آلية الحجب موضحا أن وزارة الاتصالات أبلغت شركات مزودي الإنترنت بحجب المواقع الإباحية "حسب معايير فنية متعارف عليها محليا ودوليا دون التدخل في المحتوى"، مؤكدا أن وزارته تتابع تنفيذ القرار. ويحذر المصري من أن " الوزارة ستستخدم لضمان فرض القرار جميع الوسائل القانونية ضد أي جهة تحاول الالتفاف على هذا القرار".
بطء في الإنترنت وحجب لمواقع غير إباحية
قرار حجب المواقع الإباحية وفرض الرقابة والفلترة على الإنترنت نتجت عنه مشاكل فنية متعددة وفق ما أشار متصفحون في غزة لـ DWعربية، منها حجب مواقع محلية وعربية ودولية وإخبارية ورياضية لا علاقة لها بالإباحية كموقع عرب 48 والرسالة نت وروسيا اليوم وغيرها. ويشير مستخدمو الإنترنت والصحفيون بشكل خاص إلى مشاكل كبيرة تُعيق عملهم في التصفح والتحميل. واللافت البطء الشديد في الإنترنت وفق الطالب في جامعة الأقصى محمود أبو موسى الذي يعترض على القرار بالقول" بكفي انو بيقطعوا الكهربا طول النهار كمان ملاحقينا على النت..الموضوع سياسي ملهش علاقة بالدين".
نافذة باللون الأحمر تظهر لمن يحاول زيارة مواقع إباحية
ويقلل المهندس خالد عبد المنعم من شأن قرار الحجب مشيرا إلى أن الراغبين في زيارة وتصفح المواقع الإباحية والمشبوهة "لا يخفي عليهم البرامج المنتشرة لفك الحجب". ولا تنفي وزارة الاتصالات في حكومة حماس وفق وكيلها المساعد سهيل المدوخ وجود تلك المشاكل وتلقي الشكاوى. ويشير أن المشاكل الفنية تم ويتم معالجتها وفق تصنيف المواقع لدي شركات تزويد الإنترنت. يشار هنا أن نافذة تحذير باللون الأحمر تظهر للمتصفح عند زيارة المواقع الإباحية والمشبوهة تفيد "أن الموقع حُجب وفق قرار وزاري".
"نوع من التمسح بالدين"
قرار حكومة حماس بفرض الرقابة وحجب المواقع الإباحية قوبل بسيل من التعليقات وردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والتويتر من كافة شرائح المجتمع في قطاع غزة. الصحفية عبير أيوب تعتبر قرار الحجب "نوعا من التمسح بالدين"، مضيفه "الأصل في الامتناع عن الحرام كونه متاحا يبتعد الإنسان عنه طواعية لا كرها.. فالاختيار حق إنساني والله منحه لعباده ولا يستطيع إنسان أن يمنع آخر عن ممارسه حقه في الاختيار بين الحلال والحرام". وتضيف قائلة "وإلا لحجب الله شجرة التفاح عن آدم أو شل يد قابيل قبل أن تقتل هابيل".
تعليق آخر من أحد متصفحي الإنترنت كان لافتا لكن لم يشأ صاحبه أن يذكر اسمه مكتفيا بحرفي (س.ع) لاسمه قائلا "حماس تريد أن تُحكم سيطرتها على الإنترنت كما تسيطر على قطاع غزة.. وهذا (القرار) مقدمة لحجب لمواقع فتح والمعارضة اللي بتهاجم سياسة القمع وتكتيم الأفواه اللي بتمارسها (حماس) في غزة".
يرى المدافعون عن القرار أنه يحمي الأطفال من الوقوع في براثن بعض المواقع الإباحية
قرار متأخر ... لكنه إيجابي
في المقابل لقي تنفيذ القرار ترحيبا من بعض المواطنين، إذ يصفه عصام شاور بـ "الإيجابي لكن المُتأخر"، متوقعا هجوما شرسا ضد القرار الذي سيوصف في وسائل الإعلام "بحجب ومصادرة الحريات الثقافية وحرية الرأي"، وفق تعبيره. كما يوضح المواطن الغزي سالم منصور لـ DWعربية أن القرار"ايجابي ويحمي العائلات وصغار السن الذين تظهر لهم في كثير من الأحيان وأثناء تصفحهم روابط وإعلانات منبثقة لمواقع إباحية ومشبوهة".
ويتفق المواطن أبو محمد الشنطي مع سالم منصور بأن القرار "يُنبه ويحذر ويمنع المراهقين من الوقوع بالمحذورات السلبية وأخطارها". ويشير مدير عام التراخيص كمال المصري إلى أن "نية قرار الحجب قديم نُفذ بعد تلقي الوزارة شكاوى من قبل الأهالي والمُرشدين التربويين في المدارس حول ضرورة وسرعة حجب المواقع لحماية المجتمع الفلسطيني من محاولات الاختراق الأخلاقي".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق