حماس المعزولة عالميا والمشلولة اقتصاديا: لماذا تخسر غزة؟
- واشنطن- نشرت مجلة تايم الاميركية في عدده الاخير تقريرا حول الاوضاع في غزة في ظل حكومة "حماس" جاء فيه :
عندما بسطت الحركة الإسلامية المعروفة باسم (حماس) سيطرتها أول الأمر على غزة في العام 2006، منحت عائلة أحمد عياش، طالب السنة الثانية في كلية الهندسة في الجامعة الإسلامية التي تسيطر عليها حماس، منحت كامل تأييدها ودعمها للحركة. ومثل العدد الوافر الصلب من الناخبين الفلسطينيين اعتقدوا بأن الإسلاميين سيقدمون حكومة نظيفة، على عكس حركة فتح التي يعصف الفساد فيها، والتي كانت قد حكمت غزة لعدة أعوام. ثم تقدمت والدة عياش بطلب لوظيفة معلمة، فعرضت عليها الوظيفة مباشرة: وبالنسبة لمسؤول حماس الذي قابلها، فإن كل ما همّه هو أن زوجها كان يعرف أناساً في الحكومة الجديدة. ولأنها صاحبة مبدأ، رفضت والدة عياش الوظيفة بسبب، حسبما يقول "انها كانت عبر الواسطة". والواسطة هي الكلمة العربية لمفردة "الصلات". وفي غزة، رمزت هذه الكلمة إلى كل شيء كان خاطئاً في الإدارة القديمة، وإلى شيء ادعت حماس بأنها تعارضه. ويتذكر عياش أن هذا كان أحد شعارات الحركة في وقت الانتخابات: إنهاء الواسطة.
وكان عياش قد فقد ثقته في الإسلاميين في وقت مبكر. وفي الأعوام الستة التي مضت منذئذ، انضم إليه العديدون من الغزيين الآخرين الذين يشتكون من أن سياسات حماس الرعوية تحابي القلة بينما تترك الأغلبية تعاني. وتقول صفاء أبو العيش -23 عاماً- المهندسة التي لم تستطع العثور على وظيفة منذ حصولها على الشهادة الجامعية من الجامعة الإسلامية في هذا العام: "لدى بعض المنازل أربعة أو خمسة أفراد في العائلة يعملون، في حين ليس هناك أحد يعمل في عوائل أخرى. وهذا ليس عدلاً". أما أولئك الذين يتوافرون على وظائف، فلديهم شكاوى أخرى. وتقول إنصاف بشبش -66 عاماً- وهي موظفة استقبال في نفس الجامعة، إن اسمها مدرج منذ ثمانية أعوام في قائمة الانتظار لرحلة حج إلى مكة برعاية الحكومة. وتضيف أن بعض الناس يذهبون للحج في كل عام تقريباً، وتضيف مستدركة: "إذا كنت تعرف أحداً ما قوياً، فإنهم ينقلون اسمك إلى المقدمة".
ربما تكون مثل هذه الشكاوى، المدمرة لأي حزب سياسي، منطوية على احتمالات قاتلة بالنسبة للإسلاميين. ولما أصبحت حماس محاصرة من جانب إسرائيل والغرب اللذين يعتبرانها مجموعة إرهابية، ومقطوعة عن الغالبية الفلسطينية في الضفة الغربية، فإن الحركة لا تملك سوى النزر اليسير لتعرضه فيما وراء أرصدتها الجهادية -بالإضافة إلى الوعد بحكم نظيف. وعليه، فإنه يكون مفاجئاً بالكاد أننا نرى الحركة وهي تخسر الأرضية في معقلها المنيع بسرعة. وتخلص دراسات حديثة لمستطلعين بارزين لآراء الناخبين إلى أنه في حال أجريت انتخابات في غزة اليوم، فإن حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، لن تعود إلى السلطة ثانية. وقد وجد استطلاع أجراه المركز الفلسطيني للسياسة وأبحاث المسوحات في حزيران (يونيو) الماضي، أن حماس ستحوز 28 % فقط من أصوات الناخبين، وهو هبوط حاد عن نسبة 44 % من الأصوات، والتي كانت قد كسبتها في انتخابات العام 2006.
أما الشيء غير المبشر بشكل خاص للإسلاميين، فهو الانحدار الحاد في دعم الحركة في صفوف الشباب الغزيين: ويتكون ثلثا السكان ممن هم دون سن 25 عاماً. وفي مسح أجري في آذار في أعقاب إشراقة الاحتجاجات في ميدان التحرير في القاهرة، والتي أفضت في نهاية المطاف إلى تنحي دكتاتور مصر، حسني مبارك، قال أكثر من 60% من الغزيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و27 عاماً، إنهم سيؤيدون هم أيضاً أيّ احتجاجات عامة للمطالبة بتغيير النظام.
وبعد وقت قصير من إجراء ذلك الاستطلاع، احتشد 10.000 شخص للإعراب عن مطلب اكثر اعتدالاً - أن تنهي حماس الشقاق الدموي مع حركة فتح، الحزب العلماني الذي كانت قد هزمته قبل ستة أعوام. وقد دفعت حماس في ذلك الحين بأشرار لتفريق المظاهرات. ويقول شادي حسن -22 عاماً- الذي يعيش في مخيم للاجئين ويعيش من بيع السجائر: "لقد خرجنا لنقول إن الشعب ينبغي أن يكون موحداً، فهاجمونا... إننا نختنق، ونحتاج إلى تغيير النظام".
لكن تلك الاحتجاجات الحاشدة لم تذهب بلا طائل، فقد أعلنت حماس وفتح في الحال عن أنهما كانتا في طور المصالحة. ويتعهد اتفاقهما بعقد انتخابات جديدة مع حلول أيار المقبل، لكن الإسلاميين ربما لا يتطلعون بتوق إلى التصويت. وسوف تحتاج حركة حماس إلى شيء ما درامي لإعادة كسب الشارع في غزة. وقد تحصل على دفعة قصيرة الأمد من صفقتها المفاجئة لإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي ظلت الحركة تحتفظ به رهينة منذ صيف العام 2006، في مقابل أكثر من 1000 أسير فلسطيني في سجون إسرائيل. لكن من غير المرجح أن تخفض النشوة المرافقة للإفراج عن الأسرى من مشكلات الخبز اليومي، والتي يحمل العديد من الغزيين حركة حماس المسؤولية عنها.
*نشر هذا التقرير تحت عنوان: Globally Isolated and Economically Crippled: why Hamas is hosting Gaza
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق