مخطط تقسيم المنطقة
يشملنا نحن الفلسطينيين أيضاً
جاك خزمو
يهدف
مخطط الشرق الأوسط الجديد الذي يتحدث عنه كثيرون في مراكز صنع القرار في
المجتمع الدولي الغربي، وخاصة في الولايات المتحدة، الى تجزئة وتقسيم
عالمنا العربي، ومنطقة الشرق الأوسط بأسرها، الى دويلات صغيرة متصارعة فيما
بينها تكون كل منها بحاجة إلى من يدعمها ويساندها، وبالتالي تكون تحت إمرة
وهيمنة الغرب... أي أن الاستعمار الجديد في القرن الحادي والعشرين يعود
الينا عبر وسائل وطرق جديدة متطورة عبر خلافاتنا، أو الفتن الدينية العديدة
والمتنوعة.
الرئيس
الاميركي السابق جورج بوش سعى الى تحقيق حلم "الشرق الأوسط الجديد". لكن
حلمه لم يتحقق لانه أدرك خطورة ذلك على حلفائه وأصدقائه والموالين له، فجاء
الرئيس باراك اوباما الذي مد يده للعالم الاسلامي مصافحاً من أجل فتح صفحة
جديدة، بينما اليد الأخرى تطعنه من الخلف.. فها هو يتخلى عن حلفائه
الأساسيين، ويتركهم يعانون أشد أنواع العذاب والمعاناة لأنهم باعوا مصالح
بلادهم لصالح مصالح الولايات المتحدة، وهذا هو مصير كل من يبيع نفسه لسيد
انتهازي وصاحب مصالح، فإنه يدوس على عمليه حال غياب الحاجة اليه.
وتقسيم
الدول لا يعني تقسيم سورية أو العراق أو السعودية أو ليبيا أو تركيا فقط..
فالتقسيم يشمل الجميع ومن دون أي استثناء.. والشعب الفلسطيني مقسّم بسبب
ظروف ترحاله وتشرده وتعدد أماكن تواجده وما يعانيه الآن من صعوبات، وهناك
أيضاً انقسام سياسي ليزيد المعاناة، وليخلق الكثير من الصعوبات الاضافية
لهذا الشعب.
شعبنا
يعيش في داخل فلسطين التاريخية في أربع مناطق سياسية الآن: فلسطينيو عام
1948، أو من هم داخل الخط الاخضر الذين يستطيعون حمل جواز السفر
الاسرائيلي، وفلسطينيو حزيران 1967 الذين تم تقسيمهم الى ثلاث مجموعات:
فلسطينيو الضفة، فلسطينيو القطاع، وفلسطينيو القدس العربية... وكل مجموعة
من هؤلاء تحت حكم نظام سياسي يختلف عن الآخر... في الضفة هم تحت حكم السلطة
الوطنية، وفي القدس هم في حكم "محيّر" غير واضح، وهم الفئة القابلة
للترحيل في أية لحظة، وفي القطاع هم تحت حكم حركة "حماس".. هذا الوضع
الفلسطيني الحقيقي والواقعي يصعّب جهود تحقيق الوحدة الوطنية، ويضعنا في
وضع أكثر صعوبة إذا كان قادة كل مجموعة أو فئة هم أنانيون يعملون من أجل
مصالحهم. ولم نتحدث عن الشتات، فمعاناتهم تختلف من منطقة إلى أخرى.. وهناك
مخططات لتوطين فلسطينيي الشتات في الدول التي يتواجدون فيها ضيوفاً من أجل
شطب أو مصادرة أو الغاء حق العودة الذي أقرته الأمم المتحدة في قرارها
الدولي رقم 194.
انطلاقاً
مما ذكرناه، فإن مخطط الشرق الأوسط الجديد يشملنا، وهناك أرضية خصبة
لتطبيقه علينا قبل الشعوب الأخرى. ولذلك نرى أن الخلاف بين حركتي "حماس"
و"فتح" هو أكبر مصيبة، ويخدم هذا المخطط. فالقطاع منفصل جغرافياً وسياسياً
عن الضفة الغربية.. والزيارات التي يقوم بها مسؤولون عرب ومن العالم
الاسلامي للقطاع، تأتي لدعم التقسيم، ويقال، وهذا بالطبع هو أمر مؤكد، أن
توحيد الضفة والقطاع أمر صعب في الفترة الحالية رغم الجهود التي تبذل لذلك.
ولا
بدّ من التنويه إلى أن اقامة حكم سواء في الضفة أو في القطاع، لن يكون
لصالح شعبنا إذا لم يكن حكماً موحداً للمنطقتين. فإذا ظن فصيل ما انه مرتاح
وحقق "انجاز" كبيراً من خلال حكم القطاع أو الضفة، فهو مخطىء، لأنه يبقى
ضعيفاً، ولن يكون قوياً إلا بالوحدة الوطنية، هذه الوحدة هي ليست لمصلحة
أحد دون الآخر، فهي مصلحة الشعب لا بل مصدر قوة للجميع.
هناك
خوف من أن الذين يزورون القطاع الآن من مسؤولين وقادة في العالم، يساهمون
إلى حد كبير في تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد، لذلك علينا أخذ الحيطة
والحذر، وألا نسمح لهؤلاء بالضحك السياسي علينا وتمرير مخطط التقسيم من
خلال اعتبار قطاع غزة هو الدولة الفلسطينية، والتعامل معه على هذا الأساس،
وترك الضفة لتصارع الاحتلال وحدها للحصول على الاستقلال لتشكل كياناً آخر.
لا
بدّ من الحذر والوعي والتصرف بكل حكمة واتزان، ولا بدّ من العمل على افشال
هذا المخطط التقسيمي الذي يُعد لنا، ويطبق علينا ونحن نتفرج عليه. نحن
نناضل ونتصدى لمخطط قطع التواصل بين شمال وجنوب الضفة، ونثير حملة ضد
الاحتلال الاسرائيلي وفي الوقت نفسه نقبل بالفصل بين الضفة والقطاع... أو
نتفرج عليه.
الوحدة
الوطنية هي المطلوبة الآن. وكذلك مطلوب من كل فصيل وكل مسؤول فلسطيني شريف
أن يفشل مؤامرة تقسيمنا الى دويلات، واضعافنا أكثر مما هو حال ضعفنا الآن.
لنكن واعين، ولنسقط مؤامرة فصل القطاع عن الضفة والى الأبد.. ومن لا يتصدى لهذه المؤامرة، فهو شريك فيها.. وسيندم في نهاية المطاف!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق