الثلاثاء، 28 أغسطس 2012

لماذا نتعاطف مع العلويين


لماذا نتعاطف مع العلويين

 
23.07.2012, 10:40
طباعةإرسل المادة إلى صديقكضف إلى البلوك
христиане ливан религия арабская страна христианство
© EPA

الفواصل العرقية والطائفية في الشرق الاوسط تصبح ركيكة.بقلم ميخائيل بويكو

بقلم ميخائل بويكو
لروس المدافعون عن نظام الاسد هم في موقف لا يحسدون عليه. فدفع الحساب على البعثيين السوريين سيكون كبيرا. لو نذكر انه بعد شهرين من غزو صدام حسين للكويت دخلت دبابات حافظ الاسد الى بيروت الشرقية. وفي 13 من تشرين الاول/اكتوبر عام 1990 سحقت الكتائب السورية الجيش اللبناني و احتلت القصر الرئاسي ومبنى وزارة الدفاع ودوائر حكومية اخرى. يذكر ان لبنان كان ثمن انضمام الاسد الى الائتلاف ضد العراق. وقد دعمت الانظمة العربية المصدرة للنفط هذه الصفقة وراء الكواليس. وهكذا تم القضاء على الديمقراطية المتعددة الديانات والطوائف الوحيدة في الشرق الاوسط وكان على لبنان تحمل الاحتلال السوري لمدة 15 عاما (1990-2005).
من الملاحظ ان مؤيدي و معارضي نظام الاسد في روسيا نادرا ما تدور نقاشاتهم في المجالين الايديولوجي والاخلاقي. هناك نقاشات في ضوء العلاقات الدولية والتي تدعى "بالسياسة الواقعية" او realpolitik . وهو مبدأ قديم جدا ياخذ منبعه من مكيافيلي عبر بسمارك حتى كيسنجر و اتباعه. ففي عام 1939 عبر فرانكاين روزفلت رئيس الولايات المتحدة الامريكية آنذاك عن جوهر السياسة الواقعية حين قال: "قد يكون سوموسا بالفعل ابن كلب لكنه ابن كلب خاصتنا".
السياسة الواقعية تملأ الفراغ الايديولوجي بسهولة. فبعد تفكك المعسكر الاشتراكي اصبحت السياسة الواقعية هي المسيطرة على الاذهان في روسيا. فخلال الناقشات عن الاسد يمكنك سماع: اهو ابن كلب خاصتنا و ان كان خاصتنا فلاي درجة هو خاصتنا اليس ممكنا ان يكون ابن كلب اكثر من اللازم؟ بالطبع هناك عوامل سياسية خارجية مهمة مثل القاعدة البحرية في ميناء طرطوس وسوق بيع الاسلحة الروسية وهو الخامس في العالم من حيث الحجم. لكن نظام الاسد هو من بقايا الحرب الباردة لذا فهو محكوم عليه بالفشل. فالاكثرية السنية ستتفوق في المستقبل لا محالة. من الممكن ان ياتي الاسلاميون للحكم. ان الرهان على من هو مكتوب له بالفشل والوفاء للحلفاء لا يتلائم كثيرا مع مبدأ الميكافيلية في السياسة الواقعية.
لكن هناك عامل آخر يجبرنا على التعاطف مع الاسد. وما ناسف له هو ليس الدكتاتورية العلمانية بل هم العلويين الذين لن يكون لهم اي دور ريادي في سوريا مستقبلا.
اذا نظرنا الى الشرق الاوسط من منظار الديموغرافيا نجده اقليم متجانس ذو حدود افتراضية. ولولا بعض العوائق لاصبح كتلة واحدة عربية تطل من ورائها الخلافة. من هذه العوائق هي اسرائيل التي هي الجسم غريب في المنطقة العربية والعديد من الفواصل العرقية والطائفية (العلويين واليزيديين والدروز والمارونيين والاكراد وغيرهم). من الجدير بالذكر ان المنطقة فيها ظاهرتين ديمغرافيتين وهما:
1. نسبة الولادات (نسبة الخصوبة) لدى المسيحيين اقل مما لدى المسلمين.
2. نسبة الولادات (نسبة الخصوبة) لدى الشيعة والاسماعيليين والطوائف التي من الصعب تصنيفها مثل العلويين والدروز اقل مما لدى السنة.
هذا ما يتسبب في ما يدعى "بتاثير كوسوفو" في سوريا اي حين تتحول اقلية ما (في حالتنا هم العرب السنة) الى الاكثرية.
نادرا ما يذكر ان السبب الرئيسي الذي اضعف نظام الاسد هو الديمغرافيا. فقد بدا النظام بالترنح عندما اصبح العرب السنة يكونون الاكثرية من سكان سوريا. وهذا ما زعزع سياسة الصفوة العلوية من الكبح و الموازنة.
ان الفواصل العرقية والطائفية في الشرق الاوسط تصبح اكثر رقة، ويمكن ان ناخذ لبنان مثالا على ذلك حيث كان اكثرية السكان بداية القرن العشرين من المسيحيين اما اليوم فقد اصبح المسيحيون هم الاقلية والتي بدات تفقد وزنها وتاثيرها.
رغم قلة المعلومات التي توردها وسائل الاعلام حول حياة الاقليات في البلدان العربية التي اغلب سكانها من العرب السنة يمكننا تصور الحال بانفسنا. اكثيرا نسمع عن الاقباط و عما يتعرضون له من تفرقة وعنصرية؟ حيث يكون الاقباط 8-9% من سكان مصر واليوم هم من اكثر اقليات الشرق الاوسط اضطهادا. فقد يكون هذا الحال هو مصير العلويين و الدروز في سوريا.
لكن يوجد سيناريو آخر لتطور الاحداث. ففي زمن حكم الانظمة الدكتاتورية العلمانية البغيضة كان الاتجاه الاسلامي شيئا ممنوعا وبالتالي اصبح مرغوبا فان غلبة الاتجاه الاسلامي في اغلب الدول العربية ستؤدي الى فعل معاكس حيث ستؤدي الى فقدانه للثقة مثلما حصل للانظمة الماركسية فيما مضى.

ليست هناك تعليقات: