السؤال القلق في غزة .. الى أين ذاهبون؟؟
تحول هائل في العلاقة بين حركتي فتح وحماس فالقصة كما أثبتت الأحداث المتسارعة ليست قصة رواتب بقدر ما أن الهدف منها استعمال وسائل الضغط على الحركة الاسلامية التي تحكم قطاع غزة، تحول هائل ودراما تيكي مفاجيء لم يتوقعه أحد فلا شيء تغير فلسطينياً، فالحركة تحكم القطاع منذ عشر سنوات أي منذ خطاب "حفرت قبرها بأيديها" وشكلت حكومات علنية وتجبي ضرائب وتحكم المعابر ولديها لجنة لمتابعة الوزارات، تمارس عملها بعد تشكيل حكومة الوفاق منذ ثلاث سنوات ولا جديد في الأمر فما الذي حدث؟
أثناء حكم الحركة لغزة وفشل كل حوارات المصالحة لم تمر العلاقة بين الطرفين بهذا التحول الكبير ، من مفاوضات وتبادل عناق وولائم في العواصم الى لغة حادة ذات طابع انذاري، فقبل خمسة أشهر فقط كان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ضيفاً كبيراً لدى حركة فتح في مؤتمرها الذي عقد في رام الله فما الذي تغير واستدعى اتخاذ اجراءات والتهديد باجراءات غير مسبوقة كما قال الرئيس أمس في مؤتمر سفراء السلطة في البحرين ضد الانقسام .
لماذا لم تتخذ هذه الاجراءات منذ عشر سنوات مثلاً؟ كان يمكن أن تحشر حركة حماس فالجميع يعرف أن قطاع غزة بيد السلطة وأن حماس طردت السلطة ولكنها لم تطرد ولايتها على القطاع، كان بامكان السلطة ألا تحول رواتب منذ البداية وكان بامكانها اغلاق البنوك ووقف تحويل الوقود والتجارة الى الدرجة التي اعتقد البعض في البدايات أن السلطة ستعلنها اقليم متمرد كل هذا لم يحدث مسبقاً ،هذا الأمر ما يجعل البحث في المستجدات السياسية لمحاولة فهم هذه الاجراءات التي كان بامكان السلطة اتخاذها لاجبار حركة حماس على التراجع مبكراً وقبل أن تتضخم لديها المؤسسة وجيش الموظفين وكل ما حدث بغزة من مأسسة للانقسام وثلاثة حروب مدمرة.
الاجابة ربما تتعلق بالبيئة السياسية الطارئة في الأسابيع الأخيرة والتي تتحرك بتسارع كبير منذ ما قبل القمة العربية ويبدو أن الأمر يتعلق باغلاق ملفات ما قبل المؤتمر الدولي المنوي عقده سواء لجهة تبعية غزة للسلطة أو لأخذ حماس الى هذا المربع وخصوصاً بعد ما أظهرته من مرونة في الوثيقة الجديدة لكن ليس هذا ما بات يقلق الناس هنا في غزة بل أن الحيرة والخوف هو الذي يدفع بالسؤال القلق الى أين نحن ذاهبون؟ أو بصيغة أخرى ما الذي سيحدث؟ المستقبل بالنسبة للناس غامض هذا الغموض ممزوج بثلاثة حروب جعل أسئلة القلق أسئلة خوف على لسان كل مواطن الخشية من الحرب هي دافع الخوف الأكبر.
الجميع يتمنى أن تمر هذه الموجة بسلام لأنها تحمل من الألغام ما يمكن أن ينفجرفي غزة التي أدمنت الانفجارات في وجه ساكنيها وكل احتمالات التصادم الأخير غير الظاهر تفتح على كل السيناريوهات، فحتى اللحظة تصدر من رام الله تصريحات شبه انذارية وفي غزة يلتبس الأمر بين استعداد للمرونة وبين تصلب يمكن قراءته من بعض التصريحات وكل توجه من هذين يفتح على سيناريو مختلف فلم نبدأ بالتفاصيل التي تخفي كل شياطين الأرض وواضح أن رام الله لا تريد الخوض بالتفاصيل وهنا معضلة فتحت بازار المبادرات حتى لدى الأفراد العاديين على شبكات التواصل الاجتماعي كأبرز تعبير عن القلق وليس عن الشعور بالمسئولية.
نحن أمام خيارين لا ثالث لهما اما أن تقبل حركة حماس بما هو مطروح وتجنب غزة وشعبها مزيداً من الاجراءات الصعبة والتي سيكون لها نصيب من الخسارات التي ستحدثها هذه الاجراءات وهوالسيناريو الذي تريده رام الله وغالبية الناس هنا في القطاع ومعظم الفصائل وأما السيناريو الثاني وهو أقرب للواقع ارتباطاً بمعرفتنا بحركة حماس يقوم على رفض المبادرة التي يمكن أن تعتبرها تهدف لانهاء كل ما بنته والتسليم بعجزها ما يعني مزيداً من الاجراءات التي تبدأ بعد الخامس والعشرين من هذا الشهر وتؤدي الى مزيد من الاختناق في قطاع غزة والتي ستبدو بنظر الكثيرين هنا أن حركة حماس مسئولة عنه وعليها أن تقبل بالمبادرة وحتى تخرج الحركة من هذا الموقف يمكن أن تذهب نحو خيار الصدام مع اسرائيل على سبيل اثبات نفسها كرقم هام في المعادلة القائمة لا تقبل الاملاءات وتضع رام الله في موقف أضعف كما الحروب السابقة وإن كانت هذه المرة مختلفة لأن البيئة الاقليمية تغيرت تماماً في غير صالحها.
هذا السيناريو المخيف يمكن رؤيته في عيون الغزيين الذين تسكنهم الحيرة والخوف والذي يمكن ألا يحدث فيما لو دفع الجميع باتجاه مساعدة حركة حماس مع ابداء ما يكفي من المرونة فهي من ارتكب خطأ عام 2007 بابعاد غزة عن السلطة وهي من تصحح هذا الخطأ وهذا يستدعي تنازل كبير أساسه أن تسأل نفسها واذا ما قامت الحرب ماذا بعد الحرب؟ الاجابة وحدها يجب أن تدفع لخيار التفاهم..!!
خاص نبـأ برس|| نسمح بإعادة النشر شرط ذكر المصدر.. يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص.
Atall
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق