الأحد، 28 أغسطس 2016

سيناريوهات التدخل السعودي – التركي في سوريا


لا يزال القرار السعودي الّذي أعلن عنه العميد أحمد عسيري المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي قبل أسبوعين بأن المملكة تستعدّ للمشاركة في أي عملية برية ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في ، محور جدل وتحليل ونقاش كبير في مختلف وسائل الإعلام.
فبعد وصول الأكراد إلى الجدود التركية السورية وبدأ حلم إنشاء “إقليم كردستان سوريا” الجديد، ومع تقدّم القوّات النظامية السورية رفقة الميليشيات الشعية تحت غطاء جوي من قبل الطيران الروسي في جبهات حلب ومحاصرتهم للمدينة، سارعت المملكة العربية السعودية رفقة حلفائها إلى الإعلان عن نيّتها قيادة جيش إسلامي يتدخّل برّيّا في سوريا بدعوى قتال تنظيم الدولة.
ساعات بعد الإعلان السعودي حتّى انطلقت التهديدات “الإيرانية السورية الروسية” تجاه هذا التدخل البري المحتمل “السعودي- التركي- العربي”، ما دفع البعض إلى القول بأنّ حربا عالمية ثالثة مؤكدة ستندلع إن حدث آي تدخّل عسكري خارجي في سوريا.
نتائج الحرب آيلة لصالح الأسد وحلفائه وتركيا في وضع هزيل
نتائج معارك ريف اللاذقية وحلب والجنوب السوري، خاصة بعد الدخول الروسي على خط المعارك ورفع مستوى الدعم والمشاركة الإيرانية، وضعت جميع الدول الداعمة أمام واقع مختلف، حتّى باتت الأخيرة تدرك جيّدا أن نتائج الحرب آيلة لمصلحة الرئيس السوري  وحلفائه إذا ما بقي الوضع على حاله، زد على ذلك سقوط تل رفعت وتقدم الميليشيات الإنفصالية الكردية باتجاه الحدود التركية وسقوط أغلب المدن المحاذية لتركيا عسكريّا في قبضة قوات أوجلان السورية وهو ما أحدث زلزالا سياسيّا داخل الأوساط التركية.
لقد انحدر الخطاب التركي تجاه الملف السوري بشكل كبير خلال الأشهر الماضية وخصوصا بعد التدخل الروسي، ووصلنا إلى درجة أن ، ثاني أكبر جيش في الناتو، والتي تمتلك حدودا طويلة مع سوريّة يصل طولها إلى 870 كم، قد قزمت هدفها بمنع سقوط قرية لا تتجاوز مساحتها 12 كم هي عزاز، فيما جرى تجاوز كل الخطوط الحمراء الأخرى ابتداء من حماه، وصولاً إلى تل أبيض، وغربي نهر الفرات، وعفرين … وإلى الآن، وحتى هذه اللحظة، ظهرت هزيلة أمام الزحف الكردي في شمال سوريا.
الرئيس التركي ، وفي آخر تصريحين له، هاجم الولايات المتحدة الأمريكية وخيّرها بين تركيا أو الأكراد، ثم أعلن أن أي تدخل عسكري يجب أن يؤمّن له منطقة حظر جوي لأنّه يعلم جيّدا أنّ  ما جاءت لسوريا إلّا لتدمير نظامه بشتّى السّبل وهو ما كشفته تقارير إعلاميّة أجنبيّة.
ووفقا لبعض الآراء، يبدو أن أردوغان ومعسكره في وضع هزيل حتى الآن، في انتظار القادم القريب. وكما كتبت صحيفة “الغارديان”، تبدو تركيا الأقل حضورا وتأثيرا في الصراع السوري مقارنة بالأطراف المؤثرة الأخرى (روسيا وإيران).
التدخل البري في سوريا سيناريو متوقع
القرار السعودي الأخير وإن رآه البعض صعب التطبيق في الوقت الراهن بسبب تغيّر موازين القوى في سوريا لصالح روسيا وتخلّي المعسكر الأمريكي عن حلفائه خشية الصدام المباشر مع نظيره الروسي وفق ما كشف عن ذلك وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، دفع المحلل الإستراتيجي لصحيفة “هآرتس” العبرية، تسبي بارئيل، إلى القول إنّ “المشكلة الأساسية في القتال البري هي احتمال المواجهة المباشرة بين القوات السعودية وقوات الأسد، والإحتكاك العسكري مع الجيش الروسي والقوات الإيرانية، وعلى الرغم من أن سوريا هي دولة كبيرة من ناحية المساحة، إلا أن المساحات التي تدور فيها المعارك آخذة بالتقلص؛ ممّا يزيد من احتمال اندلاع حروب بين القوات الأجنبية. وأضاف أن الهدف الإستراتيجي (السعودي – التركي) هو إنهاء الاحتكار الروسي في سوريا”.
من ناحيته، رأى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية فارس الفايز أن التصريحات حول التدخل البري في سوريا، سيناريو متوقع، استنادًا إلى تصريحات مسؤولين أمريكيين سابقة في هذا الشأن، حيث أعلن السناتور لينزي غراهام في مؤتمر صحافي في سبتمبر الماضي، عن استعدادات تجري لدخول مائة ألف مقاتل إلى سورية لمحاربة تنظيم الدولة.
وحول أسباب التدخل البري في سوريا، أكّد الفايز أن “السعودية تريد تجنب الهزيمة السياسية في سوريا، خاصة بعد الدعم الروسي لبشار الأسد، إضافة إلى مواجهة المد والمحور الإيراني الذي بات يتمدد في المنطقة”.
من جهتها تعلم المملكة العربية السعودية جيّدا، أنّ قرارها الأخير بالتدخل لم يكن متسرّعا بل كان نتيجة خطط تمّ رسمها والتخطيط لها منذ أشهر إن لم نقل منذ سنوات رفقة حلفائها وعلى رأسهم تركيا.
 ثلاثة أماكن حدودية ربّما ينطلق منها التدخل البري 
ولا شك أنّ أي عمل عسكري ميداني ضد سوريا سينطلق من ثلاثة أماكن حدودية وفق ما ذهب إليه الخبير العسكري والإستراتيجي اللبناني عمر معربوني.
حيث قال “معربوني” في مقال له في موقع بيورت برس اللبناني “سيناريوهات  (السعودي – التركي) في سوريا” إنّ:
1- الحدود التركية – السورية في المنطقة الممتدة من جرابلس حتى اعزاز، وهي منطقة بأغلبها يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية ما سيكون ملزمًا لتركيا أن توجه ضربات جدية للتنظيم وهذا ما لن تفعله تركيا، وعليه فقد تكون مناطق سيطرة الوحدات التركية هي المكان الذي ستدخل منه القوات التركية ما سيعرضها في كل الأحوال لضربات الطيران الروسي وإسقاط طائراتها بواسطة منظومات الدفاع الجوية السورية والروسية، وكذلك امكانية حصول اشتباكات جوية ما يأخذ المسألة على كل الإحتمالات.
2- الحدود السورية – الأردنية، وهو الإحتمال الأكبر لتدخل قوات سعودية حيث يمكن من خلال الطريق البري بين السعودية والأردن أن يتم تأمين المسائل اللوجستيةضافة الى استخدام القواعد الجوية والعسكرية الأردنية في أي تقدم بري، وهو ما سيضع هذه القوات كما حال القوات التركية في الشمال تحت الضربات الجوية الروسية والسورية ويعرض كذلك للصدام مع القوات البرية السورية.
3- فتح جبهة الشمال اللبناني للضغط مجددًا على المنطقة الحدودية التي تؤدي شرقًا نحو حمص وشمالًا نحو طرطوس، من خلال إطلاق عملية سيطرة على جغرافيا المنطقة عبر آلاف المقاتلين السوريين واللبنانيين اللّذين يتواجدون في المنطقة وشارك الكثير منهم في المعارك داخل سوريا، وهو أمر اشار له معهد واشنطن منذ أيام.. إضافة الى امكانية السيطرة على الطريق الرابط بين دمشق وبيروت وقطع التواصل بين دمشق والضاحية وقطع اوصال مناطق تواجد حزب الله بين البقاعين الشمالي والغربي.
الحد من النفوذ الإيراني والروسي في المنطقة
لكن وفي قراءة أخرى مختلفة، قلل الخبير العسكري الأردني اللواء السابق فايز الدويري، من مصداقية وإمكانية التسريبات التي نشرها موقع “سي إن إن” بالعربية، التي تحدثت حول التدخل العسكري البري في سوريا، بقيادة السعودية وتركيا، عبر قوة برية يصل عددها إلى 150 ألف مقاتل معظمهم من القوات السعودية والمصرية والتركية والسودانية والأردنية.
 وقال الدويري “لا أرى في الأفق أي إمكانية لتكوين القوة العسكرية البرية بقيادة السعودية وتركيا، لذلك أستبعد الإقدام على هذه الخطوة الكبيرة، من قِبل السعودية وتركيا تجاه تنظيم الدولة في سوريا”، معتبرًا أن كل ما يقال ويتناقل ما هو إلا مخططات على الورق، وزوبعة في فنجان سرعان ما تهدأ وتختفي.
وأشار الخبير العسكري الأردني أن الهدف من وراء هذا التحرك العسكري تجاه سوريا وتنظيم الدولة إن تمّ، هو الحد من النفوذ الإيراني والروسي في المنطقة، المتوسع في ظل الهزائم التي تلحق بالتنظيمات العسكرية المقاتلة في سوريا، لذلك تنبهت السعودية وتركيا لهذا الخطر الجيوإستراتيجي، وتحركتا لمنع أي تثبيت أو ترسيخ للوجود الإيراني أو الروسي بالمنطقة”.
وأردف الدويري قائلاً: “في ظل وجود أكثر من 39 فصيلاً شيعيًا إلى جانب  وروسيا وحزب الله، في سوريا، كل ذلك كان مدعاة للتحرك المشار إليه، خوفًا من ضياع المكتسبات التي حققتها السعودية وتركيا لصالح المعارضة السورية ضد نظام بشار الأسد، الأمر الذي سيضر بالأمن التركي والسعودي والأردني أيضًا”.
وحول تخلي الأردن عن مبدأ الحل السياسي في سوريا بعيدًا عن أي حل عسكري، قال الدويري: “الأردن لم يتخل عن الحل السياسي في سوريا، بل على العكس هو يدعو إليه، ولكن بما أن الأردن بلد يشارك في تحالف دولي ضد تنظيم الدولة، فإنه حتما سيشارك في هذه الحملة العسكرية إذا تمت وانطلقت، فالأردن لن يستطيع التملص من الالتزامات الدولية في هذا الملف، خاصة إذا كان التحرك تحت المظلة الأمريكية”.
وألمح الدويري إلى وجود ضبابية وعدم وضوح في الموقف السعودي حول كيفية التدخل العسكري البري في سوريا، فالناطق الإعلامي باسم التحالف العربي العميد أحمد عسيري، قال إن التدخل سيكون عبر قوة برية قوامها 150 ألف مقاتل، في حين خرج وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مؤخرًا، وقال إن شكل التدخل سيكون عبر قوات خاصة فقط، فهذا التباين في التصريحات يشير إلى عدم وضوح في الرؤية حول الملف.
التدخل البري سيجر المنطقة إلى حرب وصراع كبيرين
وعزا الدويري هذا التباين إلى صعوبة القرار والخطوة العسكرية في المنطقة، لأن مثل هذه خطوة ليست بالسهلة، وستجر المنطقة إلى حرب وصراع كبيرين، علاوة على عدم وجود أي إشارات أمريكية إيجابية تجاه التدخل العسكري البري في سوريا، وهذا ما يربك المشهد حتى الآن.
وحول السيناريوهات المتوقعة من قِبل تنظيم الدولة في حال تم التدخل البري في سوريا، نوه الدويري إلى “أعتقد أن التدخل البري سيعمل على هزيمة تنظيم الدولة وتشتيت عناصره في الدول المجاورة، لا القضاء عليه، لذلك أتوقع إقدام التنظيم على القيام بأعمال إرهابية عبر تفجيرات هنا وهناك للإنتقام من هزيمته وإخراجه من سوريا”.
أسباب الرهان على الجيشين الأردني والمصري
وكان رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور قد أكّد على أن أي قرار بالمشاركة في قوات برية للتدخل في سوريا لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية سيعلن عنه إن تقرر ذلك مع مجموعة الدول المنخرطة في تمرينات عسكرية مع السعودية.
وحول وجود قرار رسمي بالمشاركة في التدخل البري في سوريا، إلى جانب السعودية وتركيا، بين النسور عدم اتخاذ قرار للآن في هذا الشأن، دون أن ينفي أو يؤكد قبول مشاركة الأردن في ذلك، لافتا إلى أنه إذا كان هناك خطط موجودة للدخول إلى سوريا فهذا لا يعلن عنه إلا إذا تقرر، ولم يقرر ولا يمكن إخفاؤه.
وتعوّل المملكة العربية السعودية على الجيش الأردني في هذا التدخّل لأنّ يحتلّ في المرتبة السابعة بين أقوى الجيوش العربية، وفي المرتبة 67 عالميًا وفق تصنيف موقع “globalfirepower”، ناهيك عن خبرته في قتال التنظيمات الجهادية داخل وخارج البلاد على غرار مشاركة قوات خاصة أردنية إلى جانب الجيش الأمريكي وقوات الناتو في احتلال أفغانستان وقتال القاعدة وطالبان.
ويبلغ عدد قوات الجيش 100 ألف مقاتل، وعدد الإحتياط 65 ألف مقاتل. أما من يصلحون لأداء الخدمة فعديدهم 2,8 مليون شخص من إجمالي عدد السكان 6,5 ملايين نسمة.
كما أنّ الجيش الأردني يمتلك 1048 دبابة، و2881 مدرعة، و324 مقاتلة، و118 هليكوبتر، و39 قطعة حربية. وتبلغ ميزانية الدفاع الأردنية 1,3 مليار دولار.
المملكة العربية السعودية كان تطمع بمشاركة حليفها المصري في هذا التدخل البري المرتقب خاصّة وأنّ مصر بدأت تبحث عن استعادة دورها الإقليمي وقيادة المنطقة بعد عقود من الغياب، فبحسب تصنيفات موقع “globalfirepower”، فإنّ عدد المنتسبين إلى الجيش والقوات المسلحة المصرية يبلغ 468 ألف جندي وضابط، وعدد قوات الإحتياط 479 ألفًا. أما من يصلح لأداء الخدمة العسكرية فيصل عددهم إلى نحو 35 مليون شخص.
كما أنّه في عدّة الجيش المصري 4487 دبابة، و9646 مدرعة، و863 ماتلة نفاثة، 200 طائرة هليكوبتر، و221 قطعة بحرية، و4 غواصات. وتبلغ ميزانية الدفاع المصرية 4,1 مليارات دولار.
خيبة أمل من الجانب المصري وشروط إماراتية
هذا الطموح السعودي اصطدم على أرض الواقع بإعلان مصر موقفها من التدخل البري في سوريا بالرفض، حيث اعتبر وزير الخارجية المصري، سامح شكري أن الحل العسكري في سوريا أثبت خلال السنوات الماضية عدم جدواه، وأن الحلول السلمية هي المثلى، مؤكدًا إن العمل من خلال الأمم المتحدة والمبعوث الدولي هو الوسيلة المثلى لتحقيق وحدة سوريا.
من جهتها وافقت دولة الإمارات العربية المتحدة بالمشاركة في هذا التدخل البري لكن تحت راية الولايات المتحدة الأمريكية لأنّها تعلم جيّدا أنّ أيّ تحرّك فردي أو جماعي غير محسوب سوف تكون عواقبه وخيمة على جنودها اللّذين سيكونون تحت مرمى القوات السورية والميليشيات الشيعية بالإضافة إلى الطائرات الروسية.
ولهذا السبب قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش إنّ وجود “قيادة أمريكية لهذه (القوة)” سيكون شرطا مسبقا للإمارات للمشاركة في هذا التدخل البري.
سيناريوهات بديلة إذا ما فشل تطبيق التدخل البري
أمام صعوبة التدخل البري “الإسلامي” في سوريا، تملك السعودية وحلفائها خيارات أخرى بديلة لعلّ أهمّها التوافق على دعم المعارضة السورية المسلحة المعتدلة بأسلحة نوعيى، وذلك إمّا بتزويدها بأسلحة متطورة مضادة للطائرات، وإما القيام بمهاجمة المطارات.
لكن حتى الآن الفيتو الأمريكي لا يزال موجودًا بقوة على هذا الخيار، ما يعني أنّه يجب أن يكون هناك قرار سياسي مستقل بتأمينها من دول أخرى أو عبر السوق السوداء، وهو قرار له تداعيات سياسية كبيرة، لكن لا بد من تحمّل المخاطر إذا كان الهدف في النهاية تحييد سلاح الجو، أو رفع خسائر الطرف الذي يستخدمه.

هل يتآمر السيسي مع إسرائيل لاستبدال دحلان بعباس و يتمّ اغتيال الأخير؟


في مقال جديد للكاتب الأمريكي آلان هارت على موقع “كلير انفورميشن هاوس” ترجمه موقع “إيوان 24″، بعنوان “هل يتآمر السيسي مع إسرائيل لاستبدال دحلان بعباس؟”، تساءل الكاتب عن المجهود الكبير الذي يبذله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لصالح القيادي الفتحاوي المفصول وعرّاب الإنقلابات وداعم الثورات المضادّة محمّد دحلان لأجل إيصاله إلى كرسيّ الحكم في فلسطين.

وهذا نصّ المقال:
ليس سرا أن رئيس مصر عبد الفتاح السيسي، المصاب بجنون العظمة على غرار ترامب وطاغية قلما يوجد له نظير، سعيد لقيامه بأعمال قذرة لصالح إسرائيل. وأنه قد يكون يسعى في الوقت الحالي إلى تمهيد الطريق لمحمد دحلان ليخلف محمود عباس كرئيس للسلطة الفلسطينية، وهو ما يكاد يكون من المؤكد مكسبا ثمينا للمخابرات الأمريكية والإسرائيلية (ولكنه ليس عميلا مستديما).

بعد توقيع اتفاقية أوسلو في واشنطن العاصمة في العام 1993، تم اختيار دحلان من قبل الأمريكيين لرئاسة جهازالأمن الوقائي “الفلسطيني” في غزة. وعن طريق التسليح والتمويل والتدريب من قبل الأمريكيين، تحول إلى قوة حركة فتح المكونة من 20000 مقاتلا، وهو ما جعل دحلان واحد من أقوى القادة الفلسطينيين.

وقد تم اتهام قواته بشكل منتظم بتعذيب معتقلي حماس طوال فترة التسعينات، وخلال هذه الفترة كان يُلقب قطاع غزة باسم “دحلانستان” بسبب قوة الرجل.

وباعتباره رئيسا لجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني، تعامل دحلان بانتظام مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ومسؤولي المخابرات الاسرائيلية.

وقد عقد الرئيس جورج “دوبيا” بوش نفسه ما لا يقل عن ثلاثة اجتماعات مع دحلان، وبعد أول لقاء، أشاد بوش علنا بدحلان بوصفه “قائدا جيدا وصلبا”. كما ذهب الرئيس إلى أبعد من ذلك واصفا دحلان بأنه “رجلنا”. وقد أثبت دحلان ذلك.

وفي العام 2007، قال دحلان “نعم” لطلب أمريكي بإعداد قواته من أجل هجوم شامل على حماس لتدميرها بالقوة.

وحتى الآن، يعتقد صانعو السياسة الأمريكيين (والعديد من الأوروبيين) أنه كان يجب تدمير حماس بسبب فوزها في انتخابات 2006 للمجلس التشريعي الفلسطيني. حيث حصلت حماس على 74 مقعدا من أصل 132، بفارق أكثر من 29 مقعدا عن حركة فتح الحاكمة، ومضى زعيمها اسماعيل هنية نحو تشكيل الحكومة. ولم يكن بالطبع ثمة سبيل بأي حال من الأحوال أن تسمح إدارة بوش لها بالبقاء على قيد الحياة.

ولسوء حظ دحلان وقادته الأمريكان، علمت حركة حماس بخطة القضاء عليها، فقامت بشن ضربة استباقية مما دفع قوات جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني وزعمائه إلى الخروج من قطاع غزة.

وبعد هذه التطورات، تم إصدار تحليل صادق وممتع من قبل ديفيد وورمسر الذي كان قد شغل منصب مستشار نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني لشؤون الشرق الأوسط. حيث قال إنه يعتقد أن حماس لم يكن لديها نية للسيطرة على قطاع غزة حتى اضطرتها فتح إلى ذلك. حيث صرح قائلا “يبدو لي أن ما حدث لم يكن انقلابا من حماس بل محاولة انقلاب من فتح تمت مصادرتها قبل أن تحدث.”

كما قال: “انخرطت إدارة بوش في حرب قذرة في محاولة لدعم انتصار ديكتاتورية فاسدة (السلطة الفلسطينية التي يقودها الرئيس محمود عباس)”.

وقال وورمسر أيضا أنه انزعج بشدة من نفاق إدارة بوش قائلا “هناك هوة كبيرة بين دعوة الرئيس للديمقراطية في الشرق الأوسط وهذه السياسة، انهما متناقضان بشكل مباشر”.

ولم تحل هزيمة دحلان المخزية في قطاع غزة بينه وبين دعم ادارة بوش له. ففي أكتوبر 2007 ، تمت الإفادة بخضوع عباس لضغوط شديدة في محاولة لاقناعه بتعيين دحلان نائبا له. ونقلت الصحف عن مسؤولين في حركة فتح قولهم إن الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي يودون رؤية دحلان كخليفة لعباس في رئاسة السلطة الفلسطينية.

ولم يك عباس سوى واحد فقط من كثير من الفلسطينيين الذين اعتقدوا،كما أعتقد، أن دحلان هو الذي وضع مادة السم التي قتلت ياسر عرفات لصالح الموساد.

وانطلاقا من هذا المعتقد، وخوفا من أن يصبح الضحية التالية لدحلان، أعطى عباس أوامره بطرد دحلان من حركة فتح. وكان ذلك في يونيو 2011. وبعد ثلاثة أشهر، تمت مداهمة منزل دحلان من قبل الشرطة الفلسطينية وتم اعتقال حراسه الشخصيين.

وفي وقت لاحق، تم نفي دحلان من فلسطين وأقام في دبي. (ويحمل دحلان وزوجته جليلة وأطفالهما الأربعة الجنسية الصربية، ويحمل دحلان نفسه أيضا الجنسية المونتينيغرية).

اليوم، وبمساعدة الحقيقة القائلة بأن الغالبية العظمى من الفلسطينيين المحتلين والمضطهدين مرضى ومتعبون من العجز والفساد السائد في السلطة الفلسطينية، يسعى محمد دحلان للعودة. والمروج الرئيسي له هو السيسي رئيس مصر.

وفي شهر نوفمبر الماضي، وخلال اجتماع في القاهرة، عرض على عباس خطة “خارطة طريق” لتنقية الساحة السياسية الفلسطينية. وكان مطلب السيسي الرئيسي هو المصالحة بين عباس ودحلان في مقابل استمرار العلاقة مع السلطة الفلسطينية. وتشير كل المؤشرات إلى أن السيسي يريد دحلان ليكون خليفة عباس.
ويبدو بالنسبة لي أن هناك سؤالان يتعلقان بالأمر:
الأول هو: لماذا يريد السيسي أن يكون دحلان هو الرئيس المقبل للسلطة الفلسطينية؟
الإجابة القصيرة هي: لأن هذا هو ما يريده قادة إسرائيل.
والسؤال الثاني هو: لماذا يريد قادة إسرائيل أن يخلف دحلان عباس؟
الإجابة القصيرة هي: أنهم يأملون وربما يعتقدون أنه سيكون مستعدا لاستخدام القوة لإجبار الفلسطينيين على قبول فتات الأجندة الصهيونية ؛ مساحات معزولة على 30-40 % من الضفة الغربية مما يسمونها بالدولة.
وتوقعي هو أنه حتى إذا لم تؤد المؤامرة العربية بقيادة السيسي والرشوة إلى استبدال دحلان بعباس كرئيس للسلطة الفلسطينية، فسوف يتم بالتأكيد اغتياله إذا حاول فرض شروط الإستسلام للصهيونية على الفلسطينيين.